لجنة مراقبة الأسواق تقود حملات تفتيشية مكبرة بطنطا    وظائف خالية ب الهيئة العامة للسلع التموينية (المستندات والشروط)    حزب الوفد ينظم محاضرة "تحديات الأمن القومي في عالم متغير"    ضبط 56 مركبا مخالفا ببحيرة البرلس    مدير سلاح الإشارة: تدعيم مركز مصر كممر رئيسي لحركة نقل البيانات في العالم    مرشحة رئاسة أمريكية اعتقلت في احتجاجات الجامعات المؤيدة لغزة.. من هي؟    أستاذ قانون دولي: الاحتلال الإسرائيلي ارتكب كل الجرائم المنصوص عليها بالجنائية الدولية    قرار عاجل من «كاف» بشأن نهائي الكونفدرالية بعد تأهل الزمالك    تحقق 3 توقعات لخبيرة الأبراج عبير فؤاد في مباراة الزمالك ودريمز الغاني    رئيس المعاهد الأزهرية: لا شكاوى في امتحانات الترم الثاني لسنوات النقل الثانوي    بالأسماء.. إصابة 12 في حادث انقلاب سيارة ميكروباص في البحيرة    اختيار بالإجماع.. كواليس فوز «قناع بلون السماء» بجائزة البوكر 2024    مصر محور للاتصالات بين الشرق والغرب    محمد أبو هاشم: هذا أقوى سلاح لتغيير القدر المكتوب (فيديو)    «الرقابة الصحية»: القطاع الخاص يقدم 60% من الخدمات الصحية حاليا    معبر رفح يشهد عبور 4150 شاحنة مساعدات ووقود لغزة منذ بداية أبريل    ملك أحمد زاهر عن والدها: أتعامل معه خلال التصوير كفنان فقط    بلينكن يشيد باتفاق أذربيجان وأرمينيا على ترسيم الحدود    محافظ الدقهلية: دعمي الكامل والمستمر لنادي المنصورة وفريقه حتي يعود إلي المنافسة في الدوري    بايرن ميونخ يغري برشلونة بجوهرته لإنجاز صفقة تبادلية    فرقة بني سويف تقدم ماكبث على مسرح قصر ثقافة ببا    برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم والتوافق بين أطياف المجتمع    الرئيس عباس يطالب أمريكا بمنع إسرائيل من "اجتياح رفح" لتجنب كارثة إنسانية    أون لاين.. خطوات إصدار بدل تالف أو فاقد لبطاقة تموين 2024    وزير السياحة السعودي: هجمات الحوثيين لا تشكل تهديدا لمنتجعات المملكة على البحر الأحمر    تحذيرات عاجلة لهذه الفئات من طقس الساعات المقبلة.. تجنبوا الخروج من المنزل    دعاء راحة البال والطمأنينة قصير.. الحياة مع الذكر والقرآن نعمة كبيرة    امتحانات الفصل الدراسي الثاني.. نصائح لطلاب الجامعات ل تنظيم وقت المذاكرة    منها تناول السمك وشرب الشاي.. خطوات هامة للحفاظ على صحة القلب    «حرس الحدود»: ضبط كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر قبل تهريبها    جدول امتحانات الصف الأول الإعدادي بمحافظة الأقصر    بروتوكول بين إدارة البحوث بالقوات المسلحة و«التعليم العالي»    ننشر أقوال محمد الشيبي أمام لجنة الانضباط في شكوى الأهلي    إعلام عبري: 30 جنديًا بقوات الاحتياط يتمردون على أوامر الاستعداد لعملية رفح    وكيل «صحة الشرقية» يتفقد مستوى الخدمات المقدمة للمرضى بمستشفى أبوكبير    رمضان عبد المعز: فوّض ربك في كل أمورك فأقداره وتدابيره خير    الرئيس العراقي خلال استقباله وزير الري: تحديات المياه تتشابه في مصر والعراق    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    إيرادات السبت.. شقو يتخطى 57 مليون جنيه في شباك التذاكر    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    وزير بريطاني يقدر 450 ألف ضحية روسية في صراع أوكرانيا    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    رفض والدها زواجه من ابنته فقتله.. الإعدام شنقًا لميكانيكي في أسيوط    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    بصلي بالفاتحة وقل هو الله أحد فهل تقبل صلاتي؟..الإفتاء ترد    الليلة .. سامى مغاورى مع لميس الحديدى للحديث عن آخر أعماله الفنية فى رمضان    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    موعد مباريات اليوم الثالث بطولة إفريقيا للكرة الطائرة للسيدات    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية في قرية جبل الطير بسمالوط غدا    تأجيل محاكمة 11 متهمًا بنشر أخبار كاذبة في قضية «طالبة العريش» ل 4 مايو    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    قضايا عملة ب 16 مليون جنيه في يوم.. ماذا ينتظر تُجار السوق السوداء؟    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    تقييم صلاح أمام وست هام من الصحف الإنجليزية    البوصلة    إعلان اسم الرواية الفائزة بجائزة البوكر العربية 2024 اليوم    حسام غالي: «شرف لي أن أكون رئيسًا الأهلي يوما ما وأتمناها»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"أوغلو" يضرب في العمق
نشر في المصريون يوم 10 - 11 - 2010

شهدت الأيام الماضية حدثًا في غاية الأهمية لعالمنا العربي، صحيح أن همومنا الداخلية قد غطت على ما سواها من أخبار، فأضحى الشغل الشاغل لنا هو الاهتمام بمشكلاتنا المحلية، ونسينا أن النظر خارج حدود الوطن، والتأمل في تجارب الآخرين ونجاحاتهم، هو أحد أهم عوامل البناء والنهوض لمجتمعاتنا، الحدث الذي استحق أن يكون الأبرز هو إطلاق النسخة العربية المترجمة من كتاب "العمق الاستراتيجي- موقع تركيا ودورها في الساحة الدولية"، هو ليس مجرد كتاب.. وصاحبه ليس مجرد مؤلف، بل هو دليل مجرب، ووصفة محددة الملامح، استطاع من خلالها الدكتور "أحمد داود أوغلو" أن يحول أفكاره من عالم النظرية، إلى عالم الواقع والتجربة، وتمكن من اختبار أفكاره على الأرض، وتحقيق رؤيته السياسية الدولية، فكان هو أول وزير خارجية يملك نظرية واضحة الملامح، لتحويل تركيا من مجرد دولة عادية تابعة للآخرين، إلى دولة مركز وتأثير ومشروع يطمح إلى جعلها من الدول الكبرى في العالم، بمعنى آخر؛ فإن الكتاب يقدم تفسيرًا للسياسات التي تنتهجها تركيا منذ سنوات، ويضع التصورات والأهداف التي تسعى إلى تحقيقيها في المستقبل.
"أوغلو" وضع كتابه هذا باللغة التركية، عندما كان أكاديميًا وأستاذًا للعلوم السياسية، وبنى مؤلفه على أبحاث معمقة حول موقع بلاده، وقدرتها على نسج علاقات مع جوارها تكسبها قوة إستراتيجية فقدتها طوال القرن الماضي، وإذا كان الكتاب في نسخته التركية الأولى قد صدر عام 2001، أي قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، ثم احتلال العراق وأفغانستان، فإن الفصل الأخير الملحق بالكتاب مكن أوغلو من مراجعة آخر المستجدات والتطورات على الساحة الدولية، وربط نتائجها بكل النظريات التي وضعها في كتابه.
لمع اسم "أحمد داود أوغلو" في السنوات القلية الماضية، نتيجة مجهوده الخرافي في صناعة المكانة المتميزة لتركيا على المستوى الدولي، ولمن لا يعرفه فهو من مواليد محافظة (قونيا) التركية عام 1959، تخرج من قسم العلوم السياسية بجامعة (البوسفور) في اسطنبول عام 1984، وحصل على درجة الدكتوراه في العلاقات الدولية عام 1990 حيث عمل أستاذاً في الجامعة الإسلامية في ماليزيا، ثم رئيساً لقسم العلوم السياسية بها إلى العام 1996، ومنذ ذلك الحين وهو يحاضر في عدة جامعات تركية، ويؤلف الكتب والأبحاث التي تتحدث عن كيفية تحقيق تركيا لمكانة دولية تليق بها، ومع وصول حزب العدالة والتنمية للحكم عام 2002 جاءته الفرصة المثالية من خلال تعيينه كمستشار سياسي لرئيس الوزراء "رجب طيب أردوغان"، ثم توليه حقيبة وزارة الخارجية التركية في العام الماضي.
لا تستطيع وأنت تقرأ صفحات الكتاب التي تقارب ال650 صفحة، من أن تفكر في كيفية اقتباس أفكار ونظريات "أوغلو" وتطويرها، بحيث تتناسب مع واقعنا، فهو يؤمن بأن التاريخ والجغرافيا لأي بلد هما العنصران الأساسيان اللذان تبنى عليهما الاستراتيجيات، وبالرغم من كون التاريخ والجغرافيا من الثوابت التي لا يمكن تغييرها، لكن المتغير الذي يجب العمل عليه هو طريقة قراءتنا لهما، ومن هنا تأتي الخطوة الأولى في نظريته التي تعتمد على فهم الواقع المحيط بدقة، وتحليله، وربطه بعاملي الزمان والمكان، فهو يرى أن ثمة علاقة بين النظم الدولية والحروب، إذ يشهد التاريخ المعاصر على بروز قواعد للعبة السياسة الدولية تتبلور وتصاغ بعد كل حرب كبرى، فتأسست عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى، ثم أقيمت الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، ويجوز أيضا تقييم فترة الحرب الباردة في ظل المفهوم ذاته باعتبارها حربًا عالمية استخدمت فيها أساليب ووسائل مختلفة، بيد أنه؛ وعلى خلاف ما كان يحدث عقب انتهاء الحروب الكبرى، لم يتأسس نظام دولي جديد إلى الآن، ولم تستقر التوازنات الدولية في مكانها بعد، وربما يصح القول بان العشرين عامًا الأخيرة تعتبر فترة تاريخية من الهدنة المؤقتة في مختلف القضايا، أكثر مما هي حقبة من السلام الدائم، وقد أدت هذه الهدنة إلى عدد من التطورات يمكن حصرها تحت عنوانين رئيسيين: الأول، ويمكن وصفه بحدوث تمزق دولي تجلى في تحللات وتفككات في البنية الفاعلة داخل مركز النظام العالمي، مع بداية عقد التسعينيات، وكلما امتدت فترة الهدنة، بذلت كل قوة دولية جهدها من أجل مركزة قوتها استراتيجيًا، لتكون على أهبة الاستعداد عند تبلور نظام دولي جديد. وأما التطور الثاني، فتجلى في احتفاظ فترة الهدنة بموضوعات وقضايا متأزمة وقابلة للانفجار، ويمكننا بالنظر من هذه الزاوية أن نشخص وقوع 3 تدخلات عسكرية ضخمة خلال هذه الفترة، في العراق ويوغوسلافيا وأفغانستان، وبالنظر إلى هذه التطورات مجتمعة، نجد أن الفترة المقبلة ستكون حامية بالفعاليات، شديدة الدينامية، في ظل البحث عن بدائل ائتلافية مختلفة، إلى أن يتم تشكيل نظام دولي جديد، ولذلك سيكون من مصلحة الدول خلال هذه الفترة التي قد تستغرق من عشرة إلى خمسة عشر عامًا، أن تمركز وتكثف من سياستها الخارجية على نحو يكسبها الفاعلية، لتبدأ بذلك تركيا مرحلة جديدة من قراءة الواقع، والتحرك في اتجاه الوصول لتلك المكانة المتميزة.
"أحمد داود أوغلو" هذا الأكاديمي المتديّن، الذي يخاطبه "أردوغان" ورئيس الجمهورية "عبد الله جول" بلقب «أستاذ»، هو العقل المفكر للرؤية التي تبنتها وانتهجتها حكومة حزب العدالة والتنمية منذ توليها السلطة عام 2002، وبالرغم من أنه ليس عضوًا في الحزب الحاكم، إلا أنه قدم لنا نموذجًا مختلفًا للأستاذ الجامعي، والأكاديمي الذي وهب حياته كلها من أجل وضع أفكار ونظريات في العلاقات الدولية، وكيفية تطوير المكانة الدولية لبلده، وظل يثابر في سبيل تحقيق هذه الأفكار، حتى جاءته الفرصة المواتية، وتمكن من تحويلها إلى واقع ملموس.
ولكن ما هي أهم تلك النظريات التي مكنت تركيا من الوصول لتلك المكانة؟ وكيف يمكن أن نفهمها ونطبقها على واقعنا الحالي؟ هذا ما سنتناوله بمزيد من التفصيل في الأسبوع القادم إن شاء الله.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.