من خلال حديث إذاعي يجدد الفكر ويثير الألم تحدث العالم الجليل الدكتور أحمد خورشيد الأستاذ في علوم الزراعة عن جهوده في البحث العلمي حيث أجري تجربة فريدة من نوعها، فقد قام بزراعة مساحة من الأرض بأشجار "حب العزيز" وقام بتجربة جديدة في استخلاص زيت من هذه الأشجار يفوق في جودته زيت الزيتون وأضاف أن لهذا الزيت طعما جميلا ومقبولا ومن الممكن زراعته في الأراضي الصحراوية بكميات قليلة جدا من المياه، ثم أردف الدكتور خورشيد قائلا إن مخلفات نبات حب العزيز بعد الاستخلاص لها استخدامات عديدة أخري تدخل في المخبوزات وتدعم الدقيق وما يفيض عنها يصلح لأن يكون علفا حيوانيا، ما أجمل هذه التجارب والبحوث التي أكدت تفوق علمائنا ونبوغهم، وهناك مئات وربما آلاف الأبحاث كل مبحث منها يحل مشكلة قومية وللأسف الشديد فإن هناك عشرات المجلدات تقبع في مخازن وأروقة البحث العلمي في مصر قد تلتهم هذه الاختراعات العتة أو السوس! إنها مأساة البحث العلمي في مصر علماء يسهرون يفكرون ويجهدون عقولهم دون أدني اهتمام بجهودهم الرائعة، أليس من الأجدر الاهتمام بما يقدمه العلماء نحن نعاني من مشكلات عديدة أهمها رغيف الخبز، واللحوم وأنبوبة البوتاجاز.. إلخ، وقد صارت هذه الهموم هي الحديث اليومي لنا جميعا. ويذكر لنا التاريخ اهتمام محمد علي بالزراعة وجاءت الثورة في 52 ليكون هناك توجه للاهتمام بالصناعة.. وشاء لنا إهمالنا لشئوننا ولسوء الإدارة أن نفقد تفوقنا الزراعي واهتز برنامجنا الصناعي بدليل انتشار منتجات الصين في بيوتنا وحياتنا، وكنا في الماضي نفخر كثيرا بنجاحنا الزراعي ولعلنا نتساءل: أين القطن المصري العظيم الآن؟ إن هناك بداية لبذرة لجينات علمية جديدة وهي مبادرة الرئيس مبارك بدخول مصر العصر النووي، ذلك نواة لاستغلال هذه الطاقة لأجل خدمة الوطن والمساهمة في حل مشكلاته. ولعل آخر ما قرأناه عن الدكتور النشائي صاحب علم الناتو عن تقديمه مشروعا عصريا للنشوء بالمملكة الأردنية الهاشمية، وهناك كل علمائنا بالخارج الذين ذاعت خبرتهم ونجاحاتهم وقدرتهم في دول العالم الخارجي واحتفت بهم واستثمرت نبوغهم، وتقول بعض الإحصائيات إن هناك أكثر من 340 ألف عقلية عربية مهاجرة إلي دول متعددة في العالم لم تحاول دولنا الاستفادة منها بالرغم من البذخ والإمكانيات المادية التي تمتلكها بعض الدول العربية.. التي اهتمت بالبنايات والقصور وأغفلت الاهتمام بالبحوث العلمية.. هل لأننا استعمرنا فكريا من آخرين! في الوقت الذي نجد فيه دولة ماليزيا وهي تحقق إنجازاتها المتوالية ومن بعض نجاحاتها أنها صارت أكبر مصدًّر لزيت النخيل في العالم.. ونتساءل كيف حققت ذلك؟! نجد أن هناك قصة تقول إن هناك احتفالا أقيم بالقصر الجمهوري للرئيس وكان من ضمن الاحتفال زرع شجيرات جديدة في مداخل القصر للزينة، وبعد فترة بسيطة نمت تلك الأشجار ليكتشف بعض العلماء أنها تعطي نوعا من الزيت وبعد الاهتمام وإقامة التجارب تم استخراج زيت النخيل ليصدًّر لكل العالم بعد تفعيل ونجاح التجربة.. إلي جانب نجاحات عديدة أخري لماليزيا بفضل قبولها الاهتمام بالبحث العلمي، ويحكي لنا الدكتور خورشيد أنه لدي زيارته لمدينة جورجيا قدموا له مشروب الشاي محلي بمادة سكرية "سكر" بواسطة ورق شجرة السيفيا وهي شجرة يهتمون هناك بزراعتها ولا يستخدمون سواها وليس للسكر الموجود لدينا أي وجود لديهم، فلماذا لا نأتي بتقاوي هذه الشجرة التي يمكن أن تحل لنا مشكلة استيراد كما كبير من السكر. ويذكر لنا الدكتور خورشيد كيف غامر بأن أحضر معه بعض شتلات هذه الشجرة من جورجيا وكانت مغامرته في أنه بقي بالمطار ومعه الشتلات حتي لا يعرض نفسه لمساءلات تنقله بها بين أكثر من مطار، تحمل ذلك عشقا لقيامه بتجربة زراعة هذه الشجيرات في مصر ونجحت تجربته في المعهد القومي رغم الحيز الضيق.. ولم يهتم أحد بهذا الحصاد العلمي.. للأسف لم نهتم بإفراز علمائنا واستثماره، إنها مأساة البحث العلمي فهل من رصد ميزانية للبحث العلمي يدعمها رجال الأعمال والدولة أو نقترض من الدول الصديقة لنحقق لشعبنا السعادة والرفاهية وحل مشكلاته من الغذاء وتوفير العدالة الاجتماعية التي غابت من قاموس الإنسان المصري؟ آخر العمود (الملوك حكام علي الناس.. والعلماء حكام علي الملوك".