كلما رأيت ممارسات حكومة جدو الببلاوي الموقرة يتبادر الى ذهني أغنية الفنان هاني شاكر " غلطة وندمان عليها " ..فما تقرُه الحكومة من قوانين حتما سيؤدي بالوطن الى ثورة ثالثة لامحالة. بالأمس تكلمنا عن قانون الحد الاقصى والادني أو إن شئت قلت " فضيحة الحد الادني والاقصى " والتي أثبتت أننا دولة بلا حكومة، واليوم يصدٍق الرئيس المؤقت على قانون التظاهر المشين الذي يمثل وصمة عار في جبين الحرية والكرامة الانسانية. إنني وأنا أقرأ بنود هذا القانون لم أتمالك نفسي من الضحك، حقا إننا نحيا في وطن بلا وطن، وتحكمنا سلطة بلا سلطة، لا أتصور مطلقا أن يخرج هذا القانون من جعبة الفاشية نفسها بشقيها الديني والعسكري، فالقانون هو إغتيال واضح وصريح لما يسمى ب " الحريات " ومن يعزف على وتر الارهاب ومكافحة أعمال العنف عليه أن يستدعي لنفسه غطاءا ثقيلا دافئا ليستر به عوراته الفكرية والايديولوجية. أقولها بكل ثقة..الدولة التي تقر مثل هذا القانون ليست دولة، وتفتقد لأحد أهم الاركان الاساسية في مقومات الدول المحترمه التي تسعى لإيجاد مكان لها بين منظومة الدول صاحبة المبادئ والأخلاق. أي عقل يصدق أنني حين انوي التظاهر أتقدم بطلب رسمي للشرطة للسماح بمظاهرة قد تكون احدى شعاراتها مناهضة للداخلية وللحكومة؟ أي عقل يجعل من خصمي حكما؟ أي قانون يجبر المعارض أن يستأذن السلطة في أن ينتقدها؟ ...حقا إننا في بلد العجايب.. في عهد مبارك الذي لازلنا نؤكد أنه أسوأ عصور مصر على الاطلاق كان التظاهر يتم بصورة أكثر إحتراما من الان بالرغم من التجاوزات والانتهاكات المعهودة، وما قامت ثورة 25 يناير الا انتقاما من تلك الممارسات القمعية التي لاتصلح إلا مع العبيد ونحن أخترنا أن نكون احرارا مهما كانت عبودية من يحكمنا... أما في العصر الراهن الذي نحياه، وبعدين ثورتين من المفترض أن يكون شعار الحرية والكرامة أحد أبرز الشعارات التي رفعت فيهما، نصطدم بقانون أقل مايقال عنه أنه قانون لعودة الدولة القمعية من جديد... بالله عليكم أي عاقل يمكنه أن يرضخ لهذا القانون؟ وكيف يمكن تطبيقه إذا؟ وهل سيتم اعتقال وتوقيف كل من يتظاهر بدون تصريح رسمي؟ أعتقد أننا أمام تشريع جديد ومحاولة خلق غطاء قانوني لحلقة جديدة من حلقات القتل والتشريد والاعتقالات التي تحولت الى قنابل موقوته قابلة للاشتعال في أي وقت.. أناشد أهل الحكمة – ان كان لديهم حكمه – ان يتحركوا فورا لانقاذ مصر من هذا العبث القانوني الذي يرسخ لعودة الدولة القمعية والبوليسية من جديد...ثم أين الاصوات التي صدعت رؤسنا طوال العامين الماضيين بالحريات والكرامة وحقوق الانسان؟ هل خرست الان؟ أم أخرست ؟ أم قبضت الثمن؟ للأسف أصبح وطننا مزاد لمن يدفع أكثر..وما أكثر القوادين في بلادي... نحن مقبلون على استحقاق جديد من العبودية والذل والإهانة، وما ردود الافعال المحلية والإقليمية والدولية إلا نذير شؤم أننا على مشارف كارثة جديدة قد تطيح بالأخضر واليابس...أري بأم عيني النموذج الجزائري يرسم خطاه فوق أرض بلادي....حقا أنه قانون ساكسونيا...لكننا لسنا ساكسونيين سيادة الرئيس...