بدأت في 2017.. القصة الكاملة ل رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    وظائف في القليوبية برواتب مجزية.. اعرف التفاصيل    وزير التعليم لأولياء أمور ذوي الهمم: «أخرجوهم للمجتمع وافتخروا بهم»    جولد بيليون: 2.3% زيادة في أسعار الذهب العالمية خلال الأسبوع المنقضي    «القباج» تستقبل وزير التمويلات الصغرى والاقتصاد التضامني بدولة السنغال    رئيس الوزراء: نستهدف فى 2030 الوصول لقيمة صادرات تتجاوز ال145 مليار دولار    إسرائيل تعلن اغتيال قائد لواء رفح في حركة الجهاد جنوب غزة    إحصاء أسبوعين، جيش الاحتلال يدمر 1400 مبنى ومنشأة برفح الفلسطينية    مدرب نهضة بركان يوجه رسالة خاصة ل«جوميز»: احترم منافسك وانظر لترتيبك في الدوري    المؤبد لعاطلين في اتهامهما بقتل «سمر دربكة» وحرق جثتها بالخانكة    سقوط 3 تشكيلات عصابية تخصصت فى سرقة السيارات والدراجات النارية والكابلات بالقاهرة    مصرع شخصين وإصابة 6 آخرين في حادث تصادم بالشرقية    إصابة المخرج محمد العدل بجلطة في القلب    الأحجار نقلت من أسوان للجيزة.. اكتشاف مفاجأة عن طريقة بناء الأهرامات    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة النجيلة البحرية الإثنين    أستاذ الطب الوقائي: الإسهال يقتل 1.5 مليون شخص بالعالم سنويا    توريد 189 ألف طن قمح بكفر الشيخ    وزير النقل يتفقد «محطة مصر»: لا وجود لمتقاعس.. وإثابة المجتهدين    طلاب الإعدادية الأزهرية يؤدون امتحاني اللغة العربية والهندسة بالمنيا دون شكاوى    غرة ذي الحجة تحدد موعد عيد الأضحى 2024    ضباط وطلاب أكاديمية الشرطة يزورون مستشفى «أهل مصر»    جامعة كفر الشيخ الثالث محليًا فى تصنيف التايمز للجامعات الناشئة    ب5.5 مليار دولار.. وثيقة تكشف تكلفة إعادة الحكم العسكري الإسرائيلي لقطاع غزة (تفاصيل)    نانسي صلاح تهنئ ريم سامي بحفل زفافها .. ماذا قالت؟    جوري بكر تتصدر «جوجل» بعد طلاقها: «استحملت اللي مفيش جبل يستحمله».. ما السبب؟    مفتي الجمهورية: يجوز التبرع للمشروعات الوطنية    الصحة الفلسطينية: ارتفاع حصيلة الحرب العدوانية على غزة إلى 35386 شهيداً    «الري»: بحث تعزيز التعاون بين مصر وبيرو في مجال المياه    معهد القلب: تقديم الخدمة الطبية ل 232 ألف و341 مواطنا خلال عام 2024    قمة كلام كالعادة!    وزارة الدفاع الروسية: الجيش الروسي يواصل تقدمه ويسيطر على قرية ستاريتسا في خاركيف شمال شرقي أوكرانيا    صحة غزة: استشهاد 35386 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر الماضي    "النواب" يناقش تعديل اتفاقية "الأعمال الزراعية" غدا الأحد    اليوم.. 3 مصريين ينافسون على لقب بطولة «CIB» العالم للإسكواش بمتحف الحضارة    بعد تخفيض الأسعار.. إم جي 6 في مواجهه GAC إمباو –جراف    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    تشكيل الشباب أمام التعاون في دوري روشن السعودي    موناكو ينافس عملاق تركيا لضم عبدالمنعم من الأهلي    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    متاحف مصر تستعد لاستقبال الزائرين في اليوم العالمي لها.. إقبال كثيف من الجمهور    فيلم شقو يحقق إيرادات 614 ألف جنيه في دور العرض أمس    "الإسكان": غدا.. بدء تسليم أراضي بيت الوطن بالعبور    محمد صلاح: "تواصلي مع كلوب سيبقى مدى الحياة.. وسأطلب رأيه في هذه الحالة"    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    "الصحة" تعلق على متحور كورونا الجديد "FLiRT"- هل يستعدعي القلق؟    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    فانتازي يلا كورة.. تحدي الجولة 38 من لعبة الدوري الإنجليزي الجديدة.. وأفضل الاختيارات    "الصحة": معهد القلب قدم الخدمة الطبية ل 232 ألفا و341 مواطنا خلال 4 أشهر    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    «طائرة درون تراقبنا».. بيبو يشكو سوء التنظيم في ملعب رادس قبل مواجهة الترجي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    أسعار الدواجن اليوم السبت 18 مايو 2024.. 83 جنيهًا للفراخ البيضاء    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كأس العالم مؤامرة صهيونية
نشر في المصريون يوم 06 - 07 - 2010

"أنا أجزم بأن كأس العالم مؤامرة صهيونية".. هذا ما أكده لي صديقي العزيز، الذي رفض بشدة متابعة مباريات البطولة، مقدمًا دليله وبرهانه على المؤامرة باختيار هذا التوقيت تحديدًا، والذي جاء بعد أيام من المجزرة الإسرائيلية لأسطول الحرية، بهدف جذب انتباه الشعوب نحو أحداث البطولة، وشغلهم عن متابعة ودعم القضية الفلسطينية، ولذلك فإن كأس العالم هو أيضًا مؤامرة صهيونية، تنضم إلى قائمة طويلة من المؤامرات ضد العرب والمسلمين.
دعك يا عزيزي من أن موعد بطولة كأس العالم محدد سلفًا منذ ما يزيد عن أربع سنوات، فالأزمة هنا لا تتعلق فقط بربط المجزرة الإسرائيلية بكأس العالم، وإنما تتعدى ذلك إلى ثقافة عامة ترى في كل ما يجري حولنا من أحداث هي مؤامرات تحاك بنا، وأيدي تتحرك في الخفاء حتى لا نتمكن من النهوض أبدًا، وهو ما بات يعرف بنظرية المؤامرة، والتي تحظى بالقبول والممارسة عادة ممن يفسر الشبهات والأفكار من منطلق عقائدي، وتنتشر بشكل خاص في أوساط الإسلاميين واليساريين، حيث يتحدث المؤيدون لها عن أسرار وافتراضات وتاريخ كامن خلاف ما يبدو على السطح من أمور، فمع وجود مناخ حكومي فاسد يتستر أكثر مما يعلن، وفي ظل غياب ثقة بالآخر سواء أكانت الأنظمة الحاكمة أو دول الخارج، ومع انعدام المعلومات وتضارب التفسيرات المعلنة، تصبح نظرية المؤامرة هي الحل الأنسب والأسهل، فهي ترجع أسباب التخلف الحضاري التي نعيشها إلى مؤامرة كبرى، نلعب فيها نحن دور الكومبارس من دون أن ندري، وبالتالي يسهل تفسير الأحداث الجارية في ضوء هذه النظرية، فمثلاً يمكن اعتبار الظهور المفاجئ للدكتور "محمد البرادعي" مؤامرة أمريكية أو حكومية، تهدف إلى سحب البساط من تحت أقدام الحركات الاحتجاجية الناشئة، ومن تحت أقدام الإخوان المسلمين أيضًا، بحيث يحدث ارتباك في الساحة السياسية يصب في النهاية لصالح تدعيم موقف النظام الحاكم.
دعنا في البداية نتفق أن من حق أي أمة قوية تأمين مصالحها والسيطرة على الآخر، تارة بالسياسة، وتارة أخرى بالتمدد خارج حدودها كما تفعل أمريكا الآن، نظرية القوة تعتبر أن الأقوى دائمًا هو من يفرض تاريخه وثقافته وإستراتيجيته على الأمم الأضعف، وقراءة التاريخ خير دليل على ذلك، فمع صعود الإمبراطورية الرومانية والفارسية، كانت تلك الحضارات هي مصدر الأساطير والفلسفة والقوة العسكرية التي اجتاحت الأرض، وصنعت لنفسها مجدًا عظيما لا تزال آثاره ظاهرة حتى اليوم، وهكذا ميزان القوة يمضي للأمام فارضًا على الآخرين ما يعتقدون أنه مؤامرة، وحين كان المسلمون هم القوة السائدة، اعتقدت ممالك أوروبا أن المسلمين يحيكون ضدها المؤامرات للاستيلاء على بلادهم وثرواتهم وتبديل عقائدهم، وبالتالي فإن كل جديد لم يعهد به الناس، أو كل ما يخالف ما اعتادوا عليه يصفونه بالدخيل، أو يردونه إلى نظرية المؤامرة، فحتى الحكومات الديكتاتورية والمتسلطة تعتبر كل ما يخالف محاولاتها في السيطرة والنفوذ أنه مؤامرة من أعدائها في الداخل والخارج، ضد مصالح الدولة وأمن البلاد، كما يحدث ذلك أيضًا على المستوى الفردي وعلى مستوى المجتمع، فمناهج التعليم مؤامرة، وأنفلونزا الطيور مؤامرة، وحتى خروج مصر من كأس العالم فهو أيضًا مؤامرة، وأصبحت تلك النظرية هي الشماعة السهلة التي نعلق عليها أخطاءنا وعجزنا.
عندما نرفض منطق المؤامرة كطريقة للتفكير فإن ذلك لا يعني أن كل أحداث الواقع تقع بعفوية وطبيعية، إلا أن البحث في تفسير الأشياء تفسيرًا علميًّا يحتاج إلى جهد وبحث ومعرفة دقائق الأمور، هناك من يصنع الأحداث، وهناك من يؤثر في الحدث، وهناك من يعجز عن التأثير في الحدث ولكنه يستطيع فهمه وتحليله، ولكن الأسوأ على الإطلاق أن نجمع بين العجزين..عجز التأثير وعجز التفسير، لا يمكن لأي متابع للأحداث أن ينكر وجود تخطيط وتدبير يحركان كثيرًا من الأحداث السياسية والتاريخية، لا ينبغي أن يفترض بالآخرين أنهم يستهدفون الخير العام للبشرية، ففكرة المصالح الخاصة هي التي تحرك سياسات الدول، ولكن من غير المتصور أن كل حدث في أية بقعة في العالم له ارتباط بنظرية المؤامرة على العرب والمسلمين، سنويًا تصدر في العالم العديد من الدراسات الاقتصادية والتنموية والثقافية والعلمية حول المنجزات الحضارية لشعوب العالم، وتأتي الدول لعربية دائمًا في المؤخرة، فنحن المنطقة الوحيدة في العالم التي لا تطبق فيها الديمقراطية، ومعظم الأخبار السيئة والسلبية من صنع أيدينا، والعالم ينظر إلينا كنوع من التسلية، ونموذج على كل السلبيات مثل الفقر والجهل والقمع والفساد والتطرف وغيرها.
هل فكر أحدكم لماذا تنجح المؤامرات علينا دائمًا؟ لماذا تعد مجتمعاتنا أرضًا خصبة لتفعيل ونجاح هذه النظرية؟ لماذا يوجد لدينا هذه القابلية العجيبة للتآمر علينا؟، ثم دعني أقترب أكثر وأسأل: هل تنجح نظرية المؤامرة في مجتمعاتنا لأننا قوم أبعد ما نكون عن التفكير العلمي المنظم؟ أم لأننا في مجملنا شعوباً وأنظمة نكره عناء البحث في الأسباب، ونرى أن التاريخ قد كتب مسبقاً ولا داعي لعناد القدر؟ أم تنجح لأننا مؤمنون بأن القدر هو الذي سيعيد لنا حقوقنا المسلوبة، ويثأر لنا ممن ظلمنا؟.
وأخيرا يبقى أن نتساءل عن السبب في غلبة ثقافة نظرية المؤامرة في أوساط الإسلاميين بشكل خاص، ومدى ارتباط ذلك بالمنهج وطريقة التفكير، فهل لذلك علاقة بالتاريخ الإسلامي، أو بفهم القرآن الكريم والسنة النبوية؟ هذا ما سوف نحاول الإجابة عليه في الأسبوع القادم إن شاء الله.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.