قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن السلطات المصرية بعدما انتهت من سحق جماعة الإخوان المسلمين بدأت في ملاحقة كل من يخالفها، حتى أنها أخذت تلفق الاتهامات وتصنف النشطاء الليبراليين وممثلي العمال على أنهم إسلاميون خطرون. وأضافت أنه قبل 10 أيام اعتقلت الشرطة كنديين يساريين أحدهما مخرج أفلام منافية تمامًا لتعالم الإسلام عن السياسة الجنسية وأعلنت أنهم أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين. وأشارت إلى أن الكنديين أحدهما طبيب من جذور فلسطينية تم اعتقالهما في أحد النقاط الأمنية أثناء سيرهما للفندق الذي يقيمان فيه بعد بدء حظر التجوال ووجهت لهم النيابة اتهامات بالمشاركة في هجمات على أحد أقسام الشرطة والتورط في جرائم عنف دموية "مع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين التي ينتميان لها". وفي السويس قامت قوات الجيش والشرطة بفض اعتصام عمال الصلب بالقوة واتهمت منظمي الإضراب بالإنتماء لجماعة الإخوان المسلمين والتخطيط لزعزعة استقرار البلاد. وقالت الصحيفة إن إضراب عمال السويس لم يكن له صلة حتى بالأحداث السياسية التي تشهدها البلاد وإنه بدأ قبل عدة أسابيع يحمل مطالبًا تتعلق بالتعويضات والرعاية الطبية وطرد نحو عشرة عمال، إلا أن الجيش قام بفض الاعتصام بالقوة وألقى القبض على اثنين من منظميه، وأصدر بيانًا يتهم فيه عناصر إسلامية مندسة من "تجار الدين" بمحاولة تسميم اجتماعات العمال "باسم الدين". وبحسب الصحيفة فإن فيديو عملية فض اعتصام العمال بالسويس يظهر أن قوات الجيش والشرطة كانت تستهدف الملتحين. وتابعت الصحيفة قائلة إنه عندما تحدث الصحفي حامد البربري، مراسل جريدة الجمهورية بالبحيرة، عن تفاصيل مقتل زميله برصاص قوات الأمن عند إحدى نقاط الأمن متهمًا الجيش بتعمد إطلاق النار على زميله، تم تلفيق تهمة حيازة سلاح له لمعاقبته على ما يبدو، كما اعتقلت قوات الشرطة 5 من العاملين بموقع "إسلام توداي" بتهمة وصف استيلاء الجيش على السلطة مؤخراً ب"الانقلاب العسكري"، بل إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما نفسه لم يسلم من الاتهامات، فبعد انتقاده لحملة القمع الموجهة ضد الإسلاميين وقراره بإلغاء التدريبات العسكرية المشتركة مع الجيش المصري، اتهمت تهاني الجبالي، المستشار السابقة بالمحكمة الدستورية العليا وأحد المقربين من قادة الجيش، الرئيس الأمريكي بإقامة علاقات مع جماعة الإخوان المسلمين بدعوى أن أخاه الكيني نصف الشقيق "مسئول استثمارات الجماعة بإفريقيا". ومؤخراً انضمت حركة 6 إبريل لقائمة المستهدفين من المحاكمات حيث وجهت النيابة لاثنتين من أعضاء الجماعة البارزين وهما أسماء محفوظ وإسراء عبد الفتاح، تهمة التجسس والتخابر لصالح جهات أجنبية والعمل لصالح قوى غربية لزعزعة استقرار مصر وهو الاتهام الذي كانت تواجهه الحركة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك والمجلس العسكري الذي خلفه، وهي الاتهامات التي نفتها الحركة مرارًا وتكرارًا. ونائب الرئيس السابق، محمد البرادعي، الذي استقال احتجاجًا على حمام الدماء الذي سال أثناء فض اعتصامات الإسلاميين لم ينج من الملاحقات القضائية حيث تم تحديد 19 سبتمبر القادم ليكون موعد بدء محاكمة البرادعي بتهمة "خيانة الأمانة". وامتدت الحملة القضائية لتطال حتى منظمي حركة "تمرد" التي دعت للتظاهرات التي أطاحت بحكم الرئيس المعزول محمد مرسي ووضعت جنرالات الجيش على رأس السلطة، حيث فتحت النيابة تحقيقاً في اتهامات موجهة لهم ب"إشاعة الفوضى في البلاد"، وذلك بعد انتقادهم علناً لقرار الإفراج عن الرئيس المخلوع حسني مبارك. وأشارت الصحيفة إلى أن انتهاكات الشرطة والملاحقات القضائية المسيسة ليست أمرًا جديدًا في مصر وأنها لم تتوقف في عهد مرسي، ولكن منذ الانقلاب العسكري بدأت السلطات تتعامل بثقة أنها ستفلت من العقاب أكثر حتى مما كانت تفعل في عهد مبارك قبل ثورة 2011، وخاصة بعدما عاودت الحكومة الجديدة العمل بقانون الطوارئ الذي أسقط كل حقوق المواطنين في مواجهة جهاز الشرطة. فيما اتخذت قيادات الشرطة من مزاعم الحكومة الجديدة بأنها تقاتل العنف الإسلامي مبررًا لانتهاكاتهم قائلين إنهم كانوا على حق منذ البداية وأن الإسلاميين وليس الشرطة هم من قتلوا المتظاهرين في ثورة الخامس والعشرين من يناير. وقالت هبة مورايف، ممثلة منظمة هيومن رايتس ووتش بالقاهرة، إن الاختلاف الآن هو أن "الشرطة تشعر للمرة الأولى منذ عامين ونصف، منذ ثورة يناير 2011 أنها صاحبة اليد العليا وأنها ليست في حاجة لأن تخشى المساءلة العامة أو الاستجواب". وأضافت مورايف للصحيفة الأمريكية أنه بعد الإطاحة بمرسي ارتكبت الشرطة المصرية انتهاكات ضخمة على نطاق غير مسبوق، وأشارت إلى أنه حتى خارج إطار الإسلاميين فإن "أي شخص يشكك في الشرطة الآن فهو خائن، وهذه هي الحماية التي لم تمتلكها الشرطة حتى في 2010" حيث كان الانتقاد العلني مقبولاً ويتم التحقيق في بعض الشكاوى على الأقل. وبحسب الصحيفة فإن الشرطة تعتقل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين على أساس إنتماءاتهم بدون أدلة معروفة علنا عن ضلوعهم في جرائم بعينها، كما تستمر السلطات المصرية في احتجاز الرئيس المعزول محمد مرسي في مكان غير معلوم بمعزل عن العالم الخارجي.