هو العلامة واسع العلم والمدارك محمد بن أبى بكر بن سعد بن جرير الزرعى الدمشقى، وكنيته "أبو عبد الله شمس الدين"، وكان أبوه "قيمًا" على مدرسة الجوزية بدمشق، فضلًا عن أنه كان أيضًا من أجلّ العلماء، لذا عرف ابنه محمد واشتهر باسم "ابن قيم الجوزية" أو"ابن القيم". ولد محمد بن أبى بكر فى 7 صفر سنة 691 ه ، الموافق لمثل هذا اليوم عام 1292م، وتتلمذ على يد عدد كبير من خيرة علماء عصره، يأتى فى مقدمتهم أستاذه الأكبر العلامة الشيخ تقى الدين ابن تيمية. قال عنه بعض علماء السلف أنه ما تحت أديم السماء أوسع منه علمًا، فقد كتب ما لا يقع تحت حصر، وصنف تصانيف عديدة فى شتى أنواع المعرفة، واهتم بالبحث فى جميع فروع العلم، وهضم كل أنواع المعرفة، وهضم كل الثقافات التى ازدهرت فى عصره، وجمع من الكتب ما ظل أبناؤه وأحفاده يبيعون فيها بعد موته زمنًا طويلًا. ومؤلفات ابن القيم تزيد عن المائة مؤلف، غير ما اندثر ولم يصل إلينا، ونذكر من أشهر مؤلفاته: زاد المعاد فى هدى خير العباد - إعلام الموقعين عن رب العالمين - تهذيب سنن أبى داود - مدارك السالكين طريق الهجرتين وباب السعادتين - أخبار النساء - علم البيان شفاء العليل فى القضاء والقدر شرح أسماء الكتاب العزيز- بدائع الفوائد الصواعق المنزلة على الجهمية والمعطلة حادى الأرواح إلى بلاد الأفراح نزهة المشتاقين إلى روضة المحبين الداء والدواء - تحفة المودود فى أحكام المولود - عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين - إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان - الفتح القدسى - التحفة المكية - شرح الأسماء الحسنى - تفسير الفاتحة - كتاب الروح - روضة المحبين ونزهة المشتاقين - تفسير أسماء القرآن الكريم .. وغير ذلك من عشرات المؤلفات العظيمة. ومن تلاميذ ابن القيم: ابن كثير، ابن رجب الحنبلى، شمس الدين النابلسى. قال عنه الحافظ ابن كثير: كان ملازمًا للاشتغال ليلًا نهارًا كثير الصلاة والتلاوة حسن الخلق كثير التودد، لا يحسد ولا يحقد، ثم قال: لا أعرف فى زماننا من أهل العلم أكثر عبادة منه وكان يطيل الصلاة جدًا ويمدّ ركوعها وسجودها. وقال الحافظ ابن حجر: كان جرىء الجنان واسع العلم عارفًا بالخلاف ومذاهب السلف". وقال الذهبي في المختصر: عنى بالحديث ومتونه، وبعض رجاله، وكان يشتغل فى الفقه، ويجيد تقريره وتدريسه. وقال ابن رجب: وكان رحمه الله ذا عبادة وتهجد، وطول صلاة إلى الغاية القصوى، وتأله ولهج بالذكر، وشفف بالمحبة، والإِنابة والاستغفار، والافتقار إلى الله، والانكسار له، والإطراح بين يديه على عتبة عبوديته، لم أشاهد مثله فى ذلك، ولا رأيت أوسع منه علمًا، ولا أعرف بمعانى القرآن والسنة وحقائق الإيمان منه، وليس هو المعصوم، ولكن لم أرَ فى معناه مثله". وقال القاضى برهان الدين الزرعى عنه: ما تحت أديم السماء أوسع علمًا منه. وقال عنه الشوكانى: العلامة الكبير المجتهد المطلق المصنف المشهور. وقد توفى رحمه الله فى 12 رجب سنة 751ه، الموافق 15سبتمبر سنة 1362م.