بدا الرئيس مبارك في الاجتماع الذي عقده مع كوندليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية مريضا مجهدا ، بينما كانت هي في منتهي الحيوية ، وحاولت قراءة ماتخفيه في نفسها وهي تجلس مع الرئيس فقرأت كأنها تتعجب مما يقال عن إصرار مبارك الدخول إلي دورة جديدة للحكم منهكة وقاتلة مدتها ست سنوات ، صحيح البعض يتحدث عن أن الرئيس سيستمر سنتين فقط ويترك الحياة السياسية حين يبلغ الثمانين فعمره الآن جاوز السبعة والسبعين عاما وهي بالمقايس االمصرية والعالمية تعني غياب القدرة والتركيز والعافية التي تمكن من متابعة كل الملفات المتخمة بالمشاكل في بلد تعداد سكانه أكثر من 70 مليون نسمة ، وكل سنة يزيد بمعدل مليون نسمة ، بينما العاطلين فيه وصلوا إلي نسبة مرعبة ، تبلغ الحد الذي يجعلنا نقول إن سوق العمل لا تستوعب إلا 10% من الشباب الذين يدخلون إليه كل سنة . وهنا نجد سيناريوها تتحدث عن تفكير الرئيس في تفويض سلطاته وتعيين نائب للملف السياسي وآخر للاقتصادي وآخر للأمن وكل هذه السيناريوهات تفيض بها تقارير مراسلي الصحف الأمريكية والبريطانية في مصر . وتتحدث هذه التقارير نفسها عن أن سيناريو التوريث لايزال مطروحا بقوة وأنه لم يغلق كما كنا نعتقد – ذلك أن الرئيس يفكر في أن يدع رئاسة الحزب الوطني لجمال مبارك بينما يكتفي هو بمنصب الرئيس ، وحين ينسحب من الحياة العامة بعد سنتين يتقدم جمال كمنافس علي مقعد الرئاسة بوصفه رئيس الحزب الوطني . حزنت والله أن تصبح مصر بجلالة قدرها وتاريخها وبموقعها وموضعها كما يقول جمال حمدان تنتظر وهي مرتعدة الفرائص زيارة السيدة رايس في زيارتها الأولي لبلادنا الحبيبة ، وقبل مجيئها وهي تسرب الإملاءات والأخبار والفروض وكأنها سيد مطاع لا يرد له طلب ، ويسرب القائم بأعمال السفارة ا لأمريكية في مصر الأوامر الأمريكية المتصلة بكل شئوننا الداخلية . طالبت رايس بنزاهة الانتخابات الرئاسية وشفافيتها ومنح المعارضة فرصتها في الوصول إلي الإعلام ولم تنس أن تقول إنهم لم يتصلوا ولم يحاولوا بالإخوان المسلمين ، وهي ستلتقي من تسميهم الإصلاحيين الذين تدعمهم وهم أيمن نور رئيس حزب الغد وبهي الدين حسن ومني مكرم عبيد ومنير فخري عبدالنور عن الوفد وحاولت الاجتماع بحركة كفاية لكنها رفضت اللقاء، وفي تقرير باللغة الإنجليزية عن زيارة رايس يذكر أنهاوجهت الدعوة ل 700 شخصية مصرية للاستماع إلي كلمتها في الجامعة الأمريكية عن الديموقراطية والإصلاح في مصر ، إن هذا يذكرني بعصور الامتيازات الأجنبية التي تجعل الدول تري عينك عينك امتهان سيادتها وتبيت علي الضوي مكسورة العين مغلولة اليد لايمكنها سوي تقبل وفقط الإملاءات ، وهذه عصور الانحطاط والنهايات . المهم أفكر في كل الصراع الذي تخوضه القوي الوطنية مع السلطة في مصر فلا أجد محوره إلا حول مشاكل متصلة بنخب السلطة المغلقة التي لا تريد التفريط في مصالحها وهي تستخدم كل مااغتصبته من مراكز قانونية وسياسية لتوظفها لحماية هذه المصالح علي حساب الوطن والامة والناس ، وعادة هذه النخب الفاسدة ماتكون غاشمه فهي لاتعرف معني أن تعيش في سلام وأمان مع محيطها لأنها بالضرورة ضد هذا المحيط ومتناقضة معه فهي طفيل يعيش علي النهب والابتزاز وسرقة جهد الآخرين حولهم لذا فهم دائمون خائفون مرعوبون منافقون علي مستوي ، لهم وجهان ويعيشون شيزوفرينيا .. ماعلينا .. هذه النخب المشاكل التي تصطنعها وتجتمع وتناضل لأجلها لا شأن لها بعامة المصريين ، خد عندك مثلا ، حكاية الأزمة الرئاسية والانتخابات الشفافة وغيرها ، موقفهم الاستبدادي منها لحماية منطق التوريث المرفوض بالثلث عند الجميع ، وقوانين مباشرة الحقوق السياسية موقفهم فيها لإجهاض تعددية حقيقية ، هل تصدقون أن تقوم لجنة الأحزاب وهي لجنة غير شرعية بالتدخل في الشئون الداخلية للأحزاب من أجل معرفة مدي ديموقراطيتها وإذا لم تجدها ديموقراطية تحلها ، إيه الكلام التافه غير المنطقي والمقبول والذي تشرعه لجان وهيئات وأساتذة قانون كلهم مربوطون بمصير واحد أسود متناقض مع أشواق الناس للحرية . نعود لحكاية رايس وحديثها عن أن مصر بلد مهم والعالم كله ينظر إليه ، والمسئولون المصريون سيأخذون بجدية أن تكون الانتخابات الرئاسية القادمة شفافة ونزيهة وفي التقرير المشار إليه بالانجليزية والذي طالعته اليوم قالت رايس في اجتماعها بمبارك " مضي الزمن الذي كنا نتسامح فيه مع الأنظمة الديكتاتورية من أجل الاستقرار " ، وأقول لماذا نضع أنفسنا في موضع الرجعي المتمسك بالماضي والأفكار الاستبدادية المتخلفة وذلك الذي كأن علي راسه بطحة وكل العالم يتحدث عن مباذله السياسية ، أدعو المسئولين في هذا البلد أن يغادروا أو يغيروا فسمعة مصر لم تعد تحتمل وكرامتها لم تعد تقبل ، غادروا أو غيروا وكفاية فضايح .