منها سم النحل.. أفكار طلاب زراعة جامعة عين شمس في الملتقى التوظيفي    إزالة عدد من مخالفات البناء بالقاهرة الجديدة    أسعار النحاس اليوم الجمعة 17-5-2024 في السوق المحلي    نحو دوري أبطال أوروبا؟ فوت ميركاتو: موناكو وجالاتا سراي يستهدفان محمد عبد المنعم    لاعبو الأهلي يؤدون صلاة العشاء باستاد رادس بتونس (صور)    اليوم، أولى جلسات محاكمة الفنانة انتصار بتهمة الشهادة الزور    اليوم، انطلاق امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 بالجيزة    سرقة محتويات مكتب تموين العجمي بالكامل    عمرو دياب يشعل حفل زفاف ريم سامي (فيديو)    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    خبير اقتصادي: إعادة هيكلة الاقتصاد في 2016 لضمان وصول الدعم لمستحقيه    ماسك يزيل اسم نطاق تويتر دوت كوم من ملفات تعريف تطبيق إكس ويحوله إلى إكس دوت كوم    "الذهب في الطالع".. خبير اقتصادي: يجب استغلال صعود المعدن الأصفر    خالد أبو بكر: مصر ترفض أي هيمنة إسرائيلية على رفح    «الغرب وفلسطين والعالم».. مؤتمر دولي في إسطنبول    الاحتلال يحاول فرض واقع جديد.. والمقاومة تستعد لحرب استنزاف طويلة الأمد    وزارة الصحة الفلسطينية: شهيد و6 إصابات جراء غارة إسرائيلية على منزل بجنين    فيضانات تجتاح ولاية سارلاند الألمانية بعد هطول أمطار غزيرة    محكمة الاستئناف في تونس تقر حكمًا بسجن الغنوشي وصهره 3 سنوات    وسط حصار جباليا.. أوضاع مأساوية في مدينة بيت حانون شمال غزة    مسؤول: واشنطن تُجلي 17 طبيبًا أمريكيًا من غزة    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    خالد بيومي: هذه نقاط قوة الترجي.. وأنصح كولر بهذا الأمر    اللجنة المشرفة على انتخابات نادي مجلس الدولة تعلن التشكيل النهائي(صور)    بالأسماء.. كولر يستقر على تشكيل الأهلي أمام الترجي    موعد مباراة الأهلي والقنوات الناقلة بنهائي دوري أبطال أفريقيا.. معلق وتشكيل اليوم وتاريخ المواجهات    أزمة في المنتخب الأولمبي قبل الأولمبياد (مستند خاص)    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    استعدادات المواطنين لعيد الأضحى 2024: البحث عن أيام الإجازة في القطاعين الحكومي والخاص    "دلوقتي حالًا".. مباشر جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 thanwya في محافظة القاهرة    إصابة 6 أشخاص بطلقات نارية في معركة خلال حفل زفاف بأسيوط    سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه في بداية الأسبوع والعملات العربية والأجنبية السبت 18 مايو 2024    حظك اليوم برج الجدي السبت 18-5-2024 مهنيا وعاطفيا    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    «اللي مفطرش عند الجحش ميبقاش وحش».. حكاية أقدم محل فول وطعمية في السيدة زينب    حظك اليوم برج الدلو السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    "الدنيا دمها تقيل من غيرك".. لبلبة تهنئ الزعيم في عيد ميلاده ال 84    عايدة رياض تسترجع ذكرياتها باللعب مع الكبار وهذه رسالتها لعادل إمام    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    ارتفاع سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 18 مايو 2024    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    "الصدفة خدمتهما".. مفارقة بين حارس الأهلي شوبير ونظيره في الترجي قبل نهائي أفريقيا    الأرصاد تكشف عن موعد انتهاء الموجة الحارة التي تضرب البلاد    انطلاق قوافل دعوية للواعظات بمساجد الإسماعيلية    هل يمكن لفتاة مصابة ب"الذبذبة الأذينية" أن تتزوج؟.. حسام موافي يُجيب    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    علماء الأزهر والأوقاف: أعلى الإسلام من شأن النفع العام    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    فريق قسطرة القلب ب«الإسماعيلية الطبي» يحصد المركز الأول في مؤتمر بألمانيا    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التغيير الكاذب .. يوسف القعيد
نشر في المصريون يوم 12 - 07 - 2005

الكذبة الأولي: الصحف المصرية القومية وهو تعبير يستخدم للدلالة علي الصحف الحكومية. ولأن كلمة الحكومة ثقيلة علي الأذان. ربما تسبب حالة من الرعب للإنسان العادي. قيل الصحف القومية نسبة إلي القوم. أي الشعب المصري. ولكنها في الحقيقة صحافة الدولة المصرية. صحافة الرجل الواحد. كان ميلادها عند التأميم - عام 1961 - الذي نسميه تنظيم الصحافة. وليس جعل ملكيتها للدولة المصرية. حتي وصفها بالقومية خطأ. فكونها صحفاً قومية يعني أن يكون هدفها التعبير عن تضاريس المجتمع المصري بكل من فيه. رجال ونساء. أغنياء. ومن يعيشون تحت خط الفقر. مسلمين وأقباطاً. ويهود - إن وجدوا أصلاً في المجتمع المصري الراهن - كل هذا لا يحدث. إنها صحافة الرجل الواحد. وتكتب من أجل القاريء الواحد. وربما كان أصدق رؤساء تحرير هذه الصحف. صبري أبو المجد عندما كان رئيساً لتحرير مجلة المصور في زمن السادات وجزء كبير من زمن مبارك. عندما كان يحمل عشر نسخ من المجلة صباح الأربعاء من كل أسبوع. ويذهب بها إلي قصر الرئاسة ليسلمها إلي من يجده هناك. كان يذهب مبكراً جداً. فكان لا يجد في استقباله سوي موظفي الدرجة السابعة مثلاً. حيث يترك النسخ العشر من المجلة التي لم توزع بعد. ويعود إلي المؤسسة في انتظار إن كانت هناك ملاحظات علي العدد قبل طرحه في الأسواق. وعندما لا ترد إليه أية ملاحظات يضطر للسؤال. وفي النهاية لابد من طرح العدد الذي لا يكون فيه سوي الرئيس وأخبار الرئيس ومذكرات الرئيس. قلت أن هذا الرجل كان الأكثر شجاعة. لأن الجميع كان يفعل هذا في السر. ومازال مثل هذا السلوك يشكل القاعدة السلوكية الجوهرية لهم جميعا. الكذبة الثانية: إن اللجنة العامة لمجلس الشوري هي التي تقرر هذه التغييرات ثم تعرضها علي المجلس في جلسته العامة. والحقيقة أنها تغييرات الظرف المغلق. الذي يصل إلي رئيس مجلس الشوري من مؤسسة الرئاسة. لعرضه علي اللجنة العامة والأغلبية المطلقة فيها للحزب الوطني الديمقراطي. الذي لا يحقق أي تواجد. حقيقي في الشارع المصري. ولكن له الأغلبية المطلقة في مثل هذه المجالس. من أجل السيطرة علي الأمور بالدرجة الأولي. وهذا الظرف المغلق الذي لا يفتح سوي بمعرفة رئيس المجلس فيه كلمة السر التي لابد وأن تطاع. ومن الأخبار المتناثرة في سماء القاهرة حول حكايات المجلس خبران. الأول. أن أول من اتصل بأسامة سرايا رئيس تحرير الأهرام الجديد حاملاً له البشري والتهنئة كان الدكتور مفيد شهاب وزير شئون مجلس الشوري. وإن كان في السياق نفسه قد قيل أن الرئيس مبارك استقبل عبد المنعم سعيد مقابلة غير معلنة. لأنه من المفترض أنه لا علاقة بين الدولة والتغييرات الصحفية. ثم قيل في اليوم التالي. أنه جري اتصال تليفوني بين مبارك وأسامة سرايا. كانت آخر كلمة فيه: اطمئن يا أسامة. لكن المؤكد أن صفوت الشريف استقبل كل القيادات الجديدة للصحافة المصرية في مكتبه بمجلس الشوري. مساء الأحد السابق علي إقرار التغييرات. لقد فعل صفوت مثلما يفعل رئيس الوزراء المكلف عندما يستقبل الوزراء الذين سيدخلون الوزارة معاً واحداً واحداً. كان كل ما يعني صفوت الشريف في هذه اللقاءات بالدرجة الأولي. أولاً: إشعار كل واحد أن صفوت هو الذي أتي به وهو الذي دافع عنه. ضد خصومه حتي يضمن ولاءه الشخصي له. وليس لمصر ولا لمبارك. إن القضية الجوهرية التي تشغل صفوت في أي مكان يتولاه. أن يكون الولاء له شخصياً. وليس حتي للمؤسسة التي يتولاها. كان يتحدث عن ضرورة التنسيق. بين رؤساء التحرير. ورؤساء مجالس الإدارات في المؤسسات الأربع التي سيطبق فيها وهي: الأهرام، الأخبار، الجمهورية، روزاليوسف. لقاء صفوت مع القيادات الصحفية الجديدة لقاء استباقي قبل أن يقر المجلس التغييرات. وهذا معناه أن إقرار المجلس لها إقرار شكلي لا قيمة له. من حيث الشكل ولا من حيث المضمون. وطبعاً لم يجرؤ أحد من أعضاء اللجنة العامة ولا المجلس علي إثارة هذه القضية ربما أنهم لم يعلموا بما حدث. لأن الصحف لم تكن قد نشرت ذلك. ولا يجب أن ننسي أن هذه التغييرات هي الأولي من نوعها وفي حجمها الكبير التي تجري بعد ولاية صفوت الشريف لمجلس الشوري الذي انتقل إليه بعد العمل وزيراً للإعلام أكثر من ربع قرن. ومن طبيعة صفوت أن يعطي المكان الذي يعمل فيه فعالية أكثر من الدور الذي من المفترض أن يقوم به هذا المكان. الكذبة الثالثة: إن ما جري تغيير انتظرته الصحافة المصرية أكثر من ربع قرن. إن ما جري كان استجابة لضرورة مفروضة علي الجميع. لم يكن هناك مخرج ولا مفر. والمعروف في القاهرة أن الرئيس حاول تفادي هذا التغيير بكل ما أوتي من قوة. ولكن التطورات كانت أقوي من رغبة الرئيس نفسه. ولها ما جري في دار الشعب عندما عزل الصحفيون والعمال والإداريون رئيس مجلس الإدارة. ورئيس التحرير. وعينوا بدلاً منه رئيس تحرير. مثلما حدث في كوميونه باريس. إبان الثورة الفرنسية. وقد اضطرت الدولة. إلي الاعتراف بالرئيس الذي عين بمعرفة العاملين في المؤسسة. وهذا إجراء لم يحدث من قبل ولا في أي عهد من العهود. الثاني ما جري في دار الهلال. حيث أنزل العاملون في المؤسسة رئيسها من مكتبه بالقوة. وعندما استقل سيارة المؤسسة. كادوا أن ينزلوه منها وأن يفتكوا به. لولا أن قال لهم. إنه ذاهب إلي صفوت الشريف من أجل تقديم استقالته فتركت له السيارة لكي توصله فقط. ومن مكتب صفوت الشريف إلي منزله حيث مكث به أياماً لعل أحدا في الدولة يتحرك. وعندما لم يتحرك أحد. نظم ذهاب بعض العاملين إليه في منزله من باب حفظ ماء الوجه. حتي يبدو أنه عاد إلي العمل. بناء علي طلب الجماهير التي طردته من العمل. وإن كان يمكن القول أن دار الشعب مؤسسة علي الهامش فلا يمكن ترديد نفس الكلام عن دار الهلال. التطور الثالث: كان حجز قضية إبراهيم نافع للحكم فيها. وهي القضية المرفوعة من محمد عبد اللاه. ولأول مرة كان الهدف من رفعها هو إنهاء خدمة إبراهيم نافع. وكانت قد حجزت للحكم فيها صباح الثلاثاء. وهو اليوم التالي لليوم الذي أجريت فيه التغييرات الصحفية. وهناك العديد من القضايا التي رفعت ضد هذه القيادات وسحبها رافعوها. ولم تنفذ ولم تهتم الدولة المصرية بها. ولهذا يقال أنه نما إلي علم الدولة المصرية. أن الحكم هذه المرة. كان سينص علي أن تعيد هذه القيادات ما حصلت عليه من مرتبات ومكافآت بعد وصولها إلي سن الخامسة والستين من العمر. القضية لم تكن لتبرير اللجوء إلي التغييرات. فالقيادات السابقة لن ترد شيئاً. ولن يجبرها أحد علي شيء. هل نسينا أنهم جميعاً كانوا أعضاء في مجلس الشوري المصري. من باب تسليحهم بالحصانة. في مواجهة آية أحكام قضائية يمكن أن تصدر ضد أحدهم. وحتي يتولوا الدفاع عن الدولة المصرية وعن شخص الرئيس بكل قوتهم. وهم لا يبالون بأية أحكام يمكن أن تصدر ضدهم. التطور الرابع. كان المقال الذي كتبه إبراهيم سعده. وفيه ضمنا استقالته من عمله. ومن المعروف أن من يريد أن يستقيل من عمله. أن يكتب هذه الاستقالة ويرسلها إلي الجهة المعنية. وهذه الاستقالة إما أن تكون مسببة أو غير مسببة. أما كتابة مقال يعرض فيه النية بالاستقالة. فالأمر أقرب إلي لعبة منه إلي أي شئ آخر. ويقال في مصر أن مقال إبراهيم سعده لم يكن ليعرف طريقه إلي المطبعة. لولا رضا القيادة العليا عنه. ولكن يقال أيضاً أن المقال أبلغ إلي مقر الرئاسة قبل طباعته. ولكن اللجنة التي تقرر أمور مصر. وهي لجنة ثلاثية. رأت عدم إزعاج الرئيس بهذه الحكاية. وأنهم يمكنهم معالجتها وعدم نشر المقال. ولكن الذي حدث أن سعده سلم مقاله وهرب إلي مكان لا يمكن الاتصال به فيه. لكن لو حاول الرئيس الاتصال. كان لابد وأن يرد. رواية أخري سمعتها. أن مقال سعده. ضايق مبارك كثيراً. وأن مبارك هو الذي اتصل به بعد قراءة المقال. هو الذي طلب منه الاستمرار في العمل. لحين إجراء التغييرات. وأن مبارك هو الذي قال لسعده وليس صفوت الشريف. نحن الذين نغير. ونحن الذين نصرف الناس وليس من حق أحد الانصراف من تلقاء نفسه. وإلا أصبحت فوضي. مع أن الأمر أكثر من الفوضي الآن في مصر. ليس في الصحافة وحدها. ولكن في كل نواحي الحياة المصرية. طبعاً من العوامل التي أدت إلي التغيير الخطأ الذي وقع في حديث الرئيس مبارك للسياسة الكويتية عندما نشرته الأهرام. الكذبة الرابعة: بالنسبة للتغيير من المعروف أن هناك أسماء تطرح علي الرأي العام منذ أكثر من ثلاثة أشهر. ويقال أن طرح هذه الأسماء من باب بالونات الاختبار من أجل رصد ردود الأفعال "لنا مقال سابق يدور كله حول بالونات الاختبار هذه". وأن كل هذه الأمور تمت بعيداً عن الرئيس. كان الاجتهاد هذه المرة يدور من خلال لجنة السياسات. وأن الابن عندما كان يعرض اسماً علي الوالد. كان الوالد يطلب رؤية صاحب هذا الاسم علي الطبيعة. ويكون القرار بعد الرؤيا. وحدث هذا مع أكثر من شخص. ولن أدون أي أسماء. ذهبت فعلاً. وأسماء أرسلت بياناتها فعلاً إلي لجنة السياسات. لأن جميع الأطراف ستكذب الأمر من أوله إلي آخره. طارت الأسماء في الهواء. والمصدر لجنة السياسات. ومع أن عمر هذه اللجنة بدأت قبل سنوات قليلة جداً بحوالي مائة وعشرين عضواً فقط. إلا أن عضويتها تصل إلي آلاف الآن. ولكن ما أن حانت ساعة التغيير حتي اتصل الرئيس مبارك بنفسه بالقيادات السابقة طالباً منهم ترشيح من يرونه صالحاً لقيادة العمل بعدهم. واحد من هذه القيادات قال أن مبارك وعده خلال الاتصال أنهم - أي القيادات - سيكرمون تكريماً كبيراً. وسيمنحون أعلي وسام في مصر في احتفال كبير يقام من أجل هذه المناسبة. وقيادة أخري ادعت أنه طلب من مبارك في هذه الاتصالات تأجيل هذه التغييرات حتي نهاية سبتمبر القادم من أجل انتخابات نقابة الصحفيين. حتي يمكن ضمان مجييء نقيب موال للدولة المصرية. بدلاً من ذهاب النقابة إلي المعارضة. وتكون النتيجة ما شاهده الجميع عندما تحولت سلالم النقابة مؤخراً إلي مكان للتظاهر لكل من ليس لديه مكان لكي يتظاهر فيه. وأن مبارك وعد هذه القيادة بوضع هذه الفكرة تحت النظر عن إقرار مبدأ التغييرات. المهم أن كل واحد من المنصرفين وجد أن لديه الفرصة الكاملة لاختيار من سيأتي بعده. والمعروف أن هذه القيادات التي ظلت في إماكنها أكثر من مبارك نفسه. البعض منهم عين في زمن أنور السادات. ظلت تحافظ علي مواقعها وذلك بعملية شديدة البساطة وهي القضاء التام علي أي موهبة صحفية يمكن أن تظهر في الصفوف التي تعمل معهم. كان كل رئيس مجلس إدارة وكل رئيس تحرير. يدخل المبني صباحاً. ويصيح بأعلي صوت: ارفع رأسك يا أخي الصحفي فقد مضي عهد الاستبداد. لا تسأل عن أي عهد استبداد مضي. فكل عهد يمضي فهو عهد استبداد. هكذا تعلمنا الشخصية المصرية. علي مدار عقودها التاريخية للأسف الشديد. يقال أنه عندما كان هناك من يصدق هذا الكلام ويرفع رأسه فعلاً. فإن رئيس التحرير كان ينادي علي مسرور السياف الذي يخرج من صفحات ألف ليلة وليلة. لكي يقطع هذا الرأس المرفوع. وهكذا لم يبق أحد في المؤسسات سوي أصحاب الرؤوس المحنية. فما بالك ماذا يمكن أن يرشح هؤلاء عندما يطلب منهم ترشيح قيادات تأتي من بعدهم؟! لقد بحثوا كلهم. ودون اتفاق عن الجودة المتوسطة. واختاروها. لا تنس أنهم تركوا الصحافة المصرية القومية وديونها تصل إلي أكثر من سبعة مليارات جنيه. وأن هذه الدفعة. أو هذا الجيل من قيادات الصحافة المصرية سيدخل التاريخ باعتبارهم جيل أصحاب المرسيدس. الأحدث موديل. واحد منهم كان يرأس مؤسسة شديدة الفقر. وعليها من الديون ما لا يمكن أن يتصوره إنسان. وكان لابد من المرسيدس له. هل تعرف ماذا فعل؟ لقد رهن المؤسسة كلها مقابل ثمن السيارة. عند إجراء عملية الرهن. اتضح أن أوراق ملكية المؤسسة غير موجودة. لأن المؤسسة كانت منحة من السلطات البريطانية كنوع من المكافأة علي الدور الذي لعبته المؤسسة في الوقوف مع الإنجليز. حتي لو كان ذلك ضد الأماني المشروعة للشعب المصري. لا أعرف حتي الآن. كيف حلت مشكلة وثائق الملكية هذه. ولكن المؤسسة رهنت للبنوك مقابل أن يركب رئيس مجلس الإدارة سيارة عيون وهو الاسم الشعبي لأحدث أنواع المرسيدس. مثل غيره من رؤساء المؤسسات الغنية. وما حدش أحسن من حد . الكذبة الخامسة ولن تكون الأخيرة: ولو كان هذا الذي جري تغييراً. لكانت أبسط الأمور أن طلب من رؤساء الصحف المصرية
المغادرين تقديم إقرارات ذمة مالية عند الانصراف. وأن يطلب من القيادات الجديدة. تدوين إقرارات ذمة مالية. لقد قال لي مسؤول مصري ليلة هذا التغيير نحن نعرف أن المنصرفين سرقوا كما لم يسرق أحد من قبل. وأن الذين في الطريق سيحاولون السرقة. ولكن من المؤكد أن الأمور ستكون نسبية. ولذلك ستكون السرقات أكثر من قليلة. وقبل أن يتوحشوا ويصبحوا لصوصاً كباراً سيكونون قد تركوا مواقعهم. إن النية تتجه إلي سن تشريع يقول أن أي رئيس تحرير لا يجب أن يبقي في مكانه أكثر من مدتين فقط. أليس هذا مطلبا من الرئيس فلماذا لا يطبق علي رؤساء التحرير أولاً؟! مع العلم أنه لم يتكلم أحد عن طبيعة هذه المدة ماذا تكون بالضبط؟ سنتان؟ ثلاث؟ أربع؟ ست؟ اللهم أعلم ورسوله والمؤمنون. تبقي قصتان عن القيادات الجديدة. القصة الأولي عن رئيس تحرير جريدة الجمهورية الجديد. محمد علي إبراهيم. وكان رئيس الإجيبسيان جازيت من قبل. وكل من عرفه يقول انه علي خلق. ولكن ما جري معه من قبل. يقول الكثير. فقبل عام. وصل إلي الجريدة الصحفي السيد هاني ودخل علي محمد علي إبراهيم. وقال له أنه حلم أي رأي في المنام. أنه - أي محمد علي إبراهيم - قد أصبح رئيساً لتحرير جريدة الجمهورية. في اليوم التالي كان مكتب محمد ومكتب السيد. أي صاحب الحلم والذي جاء الحلم من أجله. قد أغلقا بالضبة والمفتاح بعد تدمير محتوياتهما. واضطر محمد علي إبراهيم. لضرب السيد هاني أمام سمير رجب حتي يصير بريئاً من الحلم. حتي الحلم أصبحت هناك عقوبة عليه. والآن بعد أن تحقق الحلم. أليس من حق السيد هاني أن يحول مكتبه إلي مكتب لقراءة الأحلام. وتفسيرها أو أن ينام كثيراً. لعله يحلم لمحمد علي إبراهيم بأشياء أكثر من رئاسة تحرير جريدة الجمهورية. الدرس الجوهري للقيادات الجديدة. أن سمير رجب لم يتمكن بكل ما فعله من إيقاف حركة التغيير. وأن نبوءة السيد هاني كانت أكثر من صادقة وأكبر من دقيقة. إن السيد هاني مفروض أن يؤجر لحظات نومه للآخرين. ويحصل علي الأجر قبل أن ينام. لعله يحلم لهم برئاسات تحرير أخري قادمة في الطريق. هو طبعاً سمير رجب رشح محمد علي إبراهيم لرئاسة التحرير. ليس استجابة لحلم السيد هاني. ولكن لأن عدوان محمد علي إبراهيم علي السيد هاني في مكتبه بسبب الحلم جعل سمير رجب يدرك أن محمد علي إبراهيم رجله. وقد أثبت ذلك بنفسه. وأمامه وعلي الملأ وعلي رؤوس الأشهاد. القصة الثانية.. أن رئيس تحرير من لجنة السياسات عندما وصل إلي المؤسسة بعد تعيينه. كان قد استأجر فيديو من شركة تصوير. لكي يصور لحظة دخوله المؤسسة. من الباب الخارجي. وحتي باب مكتبه. وهو يحيي الجماهير التي كانت في انتظاره. وعندما لم ير أحداً من الجماهير كان يحيي الهواء. والله العظيم وكتابه الكريم هذا حدث. أجدادنا قالوا: اللي يعيش يشوف أكثر. ومن قبل قال هيرودوت: وفي مصر شاهدت أموراً كثيرة ولكني لم أنطق.. كانت بطولة هيرودوت في أنه لم ينطق.. وأنا عن نفسي حاولت طوال كتابة هذا المقال ألا أنطق. وما قلته أقل ألف مرة مما جري. ولهذا لن أتكلم عن رئيس تحرير جديد أرسل لنفسه تلغرافات تهنئة بأسماء وهمية. ورئيس تحرير آخر أرسل لنفسه باقات الزهور بأسماء لا وجود لها في أرض الواقع. إن نقيبا سابقا ورئيس تحرير سابق عندما يروي هذه الحكايات. تبدأ كل جملة في جمله بكلمة، تخيل؟! ويبدو أن الواقع أصبح أكثر خيالاً من الخيال نفسه. ----- صحيفة الراية القطرية في 12 -7 -2005

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.