أول تعليق من وزير المالية على تقرير «فيتش» بشأن الاقتصاد المصري    قبل تطبيقه رسميًا.. 11 تيسيرًا بقانون التصالح في مخالفات البناء (تفاصيل)    جانتس: لم يصلنا رد حماس بعد والمجلس الحربي سيناقش الرد فور وروده    سام مرسي يقود إبسويتش للدوري الإنجليزي بالفوز على هيدرسفيلد ... آرسنال يتخطى بورنموث بثلاثية ويحتفظ بصدارة الدوري الإنجليزي    لاعب تونسي سابق: إمام عاشور نقطة قوة الأهلي.. وعلى الترجي استغلال بطء محمد هاني    مدرب سيدات سلة الأهلي: كأس مصر هديتنا إلى الجماهير    محمد يوسف ل«المصري اليوم» عن تقصير خالد بيبو: انظروا إلى كلوب    بطلها صلاح و«العميد».. مفاجأة بشأن معسكر منتخب مصر المقبل    ارمي السكينة وهسيبك تمشي.. المتهم بقتل طالب كفر الشيخ يكشف في اعترافاته آخر كلمات المجني عليه    حريق بمنزل وسط مدينة الأقصر    لقطات من حفل شيرين عبدالوهاب بمهرجان «ليلة عمر» بالكويت    لمحبي الفسيخ والرنجة..نصائح ذهبية عند الشراء    الصحة تنشر قوافل علاجية تزامناً مع احتفالات عيد القيامة المجيد.. اعرف الأماكن    الشعب الجمهوري: تحالف القبائل العربية فرصة لجذب الاستثمارات لسيناء    استقبال 180 شكوى خلال شهر أبريل وحل 154 منها بنسبة 99.76% بالقليوبية    «الإسكان»: دفع العمل بالطرق والمرافق بالأراضي المضافة لمدينتي سفنكس والشروق لسرعة توفيق أوضاعها    وزير الرياضة يتفقد المدينة الشبابية بشرم الشيخ    سيدات بايرن يثأرن للرجال بإسقاط ليفركوزن.. ويتوجن بالبوندسليجا    استعدادًا لفصل الصيف.. محافظ أسوان يوجه بالقضاء على ضعف وانقطاع المياه    جزر البهاما.. وصول السفينة السياحية " Seabourn Quest" ميناء الإسكندرية- صور    نَزِّله وداس عليه| أهالي ضحية أتوبيس الحضانة في المنوفية يطالبون بحقه    جدول امتحانات الثانوية العامة 2024 والثانوي الأزهري    «حاول إنقاذها».. مصرع طالبة ثانوي وعمها غرقًا في المنيا    رئيس الأعلى للإعلام يهنئ البابا تواضروس الثاني بمناسبة عيد القيامة المجيد    ما حكم أكل الفسيخ وتلوين البيض في يوم شم النسيم؟.. تعرف على رد الإفتاء    بالفيديو| أيتن عامر تغني "عيونه دار".. وتامر حسني: إيه الحلاوة دي    التنمية المحلية: عدم إصدار تراخيص المباني الجديدة وشهادات المطابقة دون اشتراطات الكود الهندسي    الصحة تنشر رقم الخط الساخن للإبلاغ عن حالات التسمم بالفسيخ.. تعرف عليه    خريطة القوافل العلاجية التابعة لحياة كريمة خلال مايو الجارى بالبحر الأحمر    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    محافظ المنوفية يحيل 37 من المتغيبين بمستشفيات الرمد والحميات للتحقيق    توفيق عكاشة: شهادة الدكتوراه الخاصة بي ليست مزورة وهذه أسباب فصلي من مجلس النواب    دفاع طفل شبرا الخيمة يتوقع أقصى عقوبة لطفل الكويت معطي التعليمات    إيقاف حركة القطارات بين محطتى الحمام والعُميد بخط القباري مرسى مطروح مؤقتا    روسيا تسقط مسيرتين أوكرانيتين في بيلجورود    حسين هريدي: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    أبرزها متابعة استعدادات موسم الحج، حصاد وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    دعاء يحفظك من الحسد.. ردده باستمرار واحرص عليه بين الأذان والإقامة    الباقيات الصالحات مغفرة للذنوب تبقى بعد موتك وتنير قبرك    السيسي يعزي في وفاة نجل البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني    المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة "ابدأ" .. الليلة مع أسامة كمال في مساء dmc    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    مستشار الرئيس للصحة: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    موسم عمرو وردة.. 5 أندية.. 5 دول.. 21 مباراة.. 5 أهداف    اليوم.. إعادة فتح البوابة الإلكترونية لتسجيل استمارة الدبلومات الفنية 2024    ما حكم تهنئة المسيحيين في عيدهم؟ «الإفتاء» تُجيب    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    مصرع 14 شخصا إثر وقوع فيضان وانهيار أرضي بجزيرة سولاويسي الإندونيسية    حملات لرفع الإشغالات وتكثيف صيانة المزروعات بالشروق    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    بايدن يتلقى رسالة من 86 نائبا أمريكيا بشأن غزة.. ماذا جاء فيها؟    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اتهامات لمبارك بسرقة لبرنامج "الوفد" الانتخابي..ومخاوف من حملة اعتقالات واسعة في صفوف المعارضة بعد الانتخابات..وسؤال عن الديمقراطية: ظاهرة سياسية أم ثقافية..واتهام استطلاعات الرأي في مصر ب "الدعاية الانتخابية"
نشر في المصريون يوم 30 - 08 - 2005

بعد مرور أكثر من أسبوعين علي بدء الحملة الانتخابية وبعد أن تأكد للمعارضة سواء المشاركون في الانتخابات أو المقاطعين أنه لم ولن تحدث مفاجئات تقلب الموازين في الانتخابات بدؤوا في التشهير بالانتهاكات التي ارتكبها مرشح الوطني أملا منهم أن تعرقل أو تؤخر"وقوع البلاء" حيث بدأ الوفد في تصعيد مناداته بعرض مبارك علي لجنة الأحزاب لادعائهم بسرقته برنامجه الانتخابي في الوقت الذي يتهمه أيمن نور بتجاوز سقف الإنفاق للدعاية الانتخابية وفي الوقت الذي تضاعف "كفاية" فيه مساعيها لإثبات تزوير الاستفتاء علي المادة 76 أمام القضاء وبالتالي إلغاء الانتخابات أو تأجيلها وقد أبدى المحللون في الصحف المصرية مخاوفهم من أن يتعرض مصير الحركات السياسية الإصلاحية المعارضة التي ظهرت مؤخرا في الشارع المصري إلي نفس المصير الذي تعرض له الشيوعيين أيام عبد الناصر ، أو للتيار الإسلامي أيام السادات ، ولم تخلو الصحف أيضا من الحديث عن الديمقراطية والجدل التنظيري حولها. نستفتح جولتنا اليوم من صحيفة الأهرام ، ولكن هذه المرة لن نستفتح بمقال ولكن بثلاث جمل من نهاية مقالة مطولة ل "فهمي هويدي" يقدم فيها عرضا لأفلام الصيف السياسية في العالم العربي والتي اكتفى بعرض أربعة منها لم يكن لمصر نصيب فيها معلقا علي ذلك بقوله " ليست هذه كل أفلام الصيف السياسي العربي‏‏ ، لأننا شاهدنا أفلاما أخري‏ ، لكنها جاءت من النوع الهابط الذي ربما يمكن عرضه خارج المهرجان‏!"‏ ونبدأ جولتنا من جريدة "الوفد" المعارضة حيث يطالب وجدي زين الدين بعرض مبارك علي لجنة الانتخابات لسرقته برنامج الوفد الانتخابي ويشكك أيضا في مصداقية الحملة الانتخابية ويبدأ متسائلا " هل فعلاً يعتزم النظام إجراء انتخابات رئاسية نزيهة وفي حيدة تامة؟.. لا نعتقد ذلك أبداً فقد طفح الكيل وزاد، ولم يعد أمام الناس خيار إلا الصبر حتي يقضي الله أمراً كان مفعولاً.. فالنظام في مصر لايزال يمارس عملية التزوير علي عينك ياتاجر وبدون أدني حياء ولا خجل.. نعم لقد بدأ التزوير قبل أن يدلي الناخبون بأصواتهم، فماذا زور؟!.. إنه يخدع نفسه وليس الجماهير الواعية المدركة التي تعرف الثمين من الردئ.." وأضاف " لقد سرق القائمون علي أمر الحزب الوطني برنامج الوفد الانتخابي، والذي تم اعداده منذ عام 1978.. فعندما فوجئ الحزب الوطني بأن مرشحه يخوض انتخابات الرئاسة بدون برنامج انتخابي، تشمر قادة الحزب لإعداد برنامج انتخابي، هذا البرنامج ليس من بنات أفكارهم، وإنما وجدوا برنامج حزب الوفد المعلن بين جماهير الأمة، وأقدموا علي سرقته ونسبوه إلي أنفسهم.. إذا كانت هذه بداية ليوم الانتخابات فما بالنا إذن يوم أن يقوم الناخب بإدلاء صوته يوم 7 سبتمبر.. فهل يضمن الناخب أن يطمئن الي أن صوته وصل لمن يريد؟.. لا نعتقد ذلك أبداً، خاصة أن كل يوم يمر تزداد أزمة عدم الثقة في الانتخابات رغم لغة الخطاب الإعلامي التي بدأت تتغير فقط عند الحزب الوطني. والسؤال الآن الذي نعرضه علي اللجنة الرئاسية العليا المختصة بشئون الانتخابات هو ماذا فعلت تجاه ما نشرته »الوفد« مؤخراً بشأن كل وقائع السرقة التي قام بها الحزب الوطني من برنامج الوفد؟!.. أليس في ذلك تزوير علني للحقائق، وجريمة انتخابية يستحق الحزب الوطني عليها العقاب؟!.. أم أن ذلك شئ عادي في ظل انتخابات رئاسية قادمة لا تتمتع بأدني شيء من الحيدة أو النزاهة؟!!" ونستكمل جولتنا من جريدة "نهضة مصر" حيث يتساءل محمد الشبة عن مصير الحركات السياسية المصرية التي ظهرت في الشارع خلال العام الأخير فيقول " حتى نكون صادقين مع أنفسنا علينا أن نتعامل مع حقائق علي الأرض وكلام له أهميته يدور حاليا بين أوساط. هناك مخاوف وهواجس حقيقية في رأس قيادات هذه الحركات تقول بأن النظام يصبر عليهم، وينتظر حتي يغسل يده من انتخابات الرئاسة ليستدير لهم بعد ذلك ويتفرغ لشن حملة "قص الريش"، ويقصدون أن الحكومة ستشن حملة اعتقالات واسعة تشمل كل الرؤوس "التي أينعت" خلال فترة النقاش حول تعديل الدستور والدعاية الانتخابية، وذلك حتي يخلو الجو للحكومة وللحزب الوطني للتربيط "والتستيف" و"التقفيل" لحملة الانتخابات البرلمانية القادمة. وأقول إن المخاوف "حقيقية" بالفعل ويجب أن تؤخذ في الاعتبار لأن سوابق النظام المصري مع المعارضة في كل عصر كان يجري فيها التعامل بهذا الأسلوب باستمرار، عبدالناصر يستميل الشيوعيين ثم يستخدمهم ثم يعتقلهم، السادات يطلق العنان للتيار الإسلامي، ثم عندما يستشعر خطرهم يزج بقياداته في السجون ولكن الشبه يستدرك قائلا " لكن هذه العقلية السلطوية التي تؤمن بمبدأ من ليس معي فهو ضدي يبدو هذه الأيام أنها في طريقها للاختفاء، وهناك مظاهر عديدة تؤكد هذا الاتجاه، من بينها سلسلة التعهدات التي قطعها خلال الأيام الأخيرة مرشح الحزب الحاكم علي نفسه، والتي بدأت بالتزامه إلغاء قانون الطوارئ، ثم الوعد بإصلاح دستوري واسع، ووضع ضوابط علي صلاحيات وممارسات السلطة التنفيذية، وقد ظهرت بوادر مشجعة في هذا الاتجاه بإطلاق سراح 7 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وسط حديث عن قرب الإفراج عن أبرز قيادات الجماعة وأكثرهم شعبية وتأثيرا الدكتور عصام العريان، وأنا لست مع القائلين بوجود صفقة سرية بين النظام والجماعة لضمان تأييدهم أو سكوتهم عن معارضة مرشح الحزب الوطني للرئاسة، لأن المنطق الأمني القديم يرجح الإبقاء علي هذه القيادات في السجن لحين انتهاء الانتخابات، ولكن الإفراج عنهم في عز حملة الرئاسة في الوقت الذي تعلن فيه الجماعة صراحة أنها ضد ترشيح الرئيس مبارك، يعني علي الأقل أن هناك حسن نية أو اتجاها ما للمصالحة وتحقيق انفراجة سياسية "تطمئن" التيارات السياسية بأنه ليس هناك نية للتربص، أو الاستمرار في منهج القمع وتغييب الناس في السجون، وإذا نظرنا إلي وجه آخر للصورة سوف نجد الأمن مشغولا بقضية أكثر خطورة وهي ملاحقة الإرهابيين في سيناء في معركة ضارية يسقط فيها ضحايا من أبناء الشرطة، ولا أظن أن الأجهزة الأمنية مستعدة في هذه الظروف لفتح جبهات جديدة. أما العامل الآخر المهم الذي يرد علي مخاوف الحركات السياسية من مخاطر تصفيتها، فهو أن الحالة المصرية برمتها والتجربة الديمقراطية الوليدة موضوعة علي أجندة كل جهات المراقبة الدولية والمحلية، وأنه لم يعد من المتصور عودة زوار الفجر، وإذا عادوا بعد انتخابات الرئاسة، فسوف أعتذر عن هذا التفاؤل "الساذج".. ومؤكد سيكون لنا كلام آخر!" ونبقى مع الجريدة نفسها حيث يتناول تحليل الوعود والتصريحات التي يتباري مرشحو الرئاسة في إطلاق لاكتساب ثقة ورضاء الجماهير والتي منها : - تأكيد مرشح الحزب الوطني: "لن أسمح بإلغاء نسبة ال 50% للعمال والفلاحين ما دمت حياً". وعلي هذا التصريح يعقب " إن المادة 87 من الدستور سواء 1964 أو 1971 تنص علي أن "يحدد القانون الدوائر الانتخابية التي تقسم اليها الدولة، وعدد اعضاء مجلس الشعب المنتخبين، علي الا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوا، نصفهم علي الاقل من العمال والفلاحين، ويكون انتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر السري العام. ويبين القانون تعريف العامل والفلاح. ويجوز لرئيس الجمهورية ان يعين في مجلس الشعب عددا من الاعضاء لا يزيد علي عشرة". قد يكون لهذا النص ما يبرره في ظروف زمن الانشاء (الظلم/ عدم تكافؤ الفرص/ التحولات الاجتماعية وغيرها من الأسباب) لكن ما هو مبرر استمرارية هذا النص حتي الآن (أكثر من أربعين عاماً) هل مازالت أسباب التخصيص موجودة؟ إذا كانت الإجابة بنعم فهي دليل علي فشل سياسة الكوته في تحقيق مكاسب لأصحابها نظراً كونهم غير مؤهلين للمطالبة بها . ويضيف قائلا " إن التغيرات السياسية والاقتصادية التي مرت بها مصر خلال الأربعين عام الماضية أحدثت تغيرات عميقة في الخريطة الاجتماعية للشعب المصري وتغير الهرم الاجتماعي في مصر بحيث أصبح مغايراً تماماً للهرم الاجتماعي في الستينات صعدت فيه فئات (العمال والفلاحين) وانخفضت فيه أخري (موظفي الحكومة) فهل نعدل المادة 87 برفع "العمال والفلاحين" ونضع بدلا منها "موظفي الحكومة"؟ " إن تقسيم الأمة الي معسكرين فئة العمال وفلاحين من جهة والفئات الأخري من جهة ثانية كرس ثقافة الحقد والضغينه والصراعات السياسية غير الحميدة إن نائب الشعب يجب أن يمثل الشعب كله بجميع فئاته والوطن بكل دوائره. إن النائب يجب أن يتمتع بما يؤهله من القيام بدوره الرقابي والتشريعي فاذا كان العمال والفلاحون يمثلون اكثر من 50% من مجموع الشعب كما يدافع اصحاب الرأي المؤيد لهذا التخصيص فإن أفضل وسيلة لتحقيق هذه النسبة في المجالس التشريعية هي أن نوفر لأصحابها حرية اختيار من يمثلهم وليس تخصيص نسبة من المقاعد لهم ". ونعود إلي صحيفة "الأهرام" الحكومية حيث العودة إلي الحديث عن الديمقراطية حيث يرصد د.سليمان عبد المنعم ثقافتها عند الشعب المصري بادئا بتساؤل مهم : هل الديمقراطية نتاج لارادة السلطة او هي نتاج لوعي الشعب؟ في الحالة الأولي تتوقف الديمقراطية وجودا وعدما علي قرار السلطة وتصبح بالتالي محض ظاهرة سياسية‏..‏ أما في الحالة الثانية فالديمقراطية تبدو نتيجة طبيعية وتلقائية لوعي الناس وتغدو بالتالي ظاهرة ثقافية بالأساس‏..‏ لكن في هذه الحالة الثانية سيصبح السؤال‏:‏ وكيف يصنع وعي الناس الديمقراطية؟ هل هي التربية؟ أم المعرفة؟ أم مؤسسات التعليم؟ وهل يمكن للمظاهرات في الشوارع ان تنقل الديمقراطية من وعي الناس الي ارادة السلطة؟ ويعود عبد المنعم قائلا " لقد رأينا في مصر السبعين مليونا مظاهرات لم تتجاوز أحيانا بضع مئات أو آلاف‏!‏ قد يري البعض أنه خوف الناس من بطش السلطة‏..‏ لكنه حتي في المظاهرات التي لم تتعرض لها السلطات الأمنية لم يزد العدد كثيرا علي ذلك‏!‏ بل اننا كنا نري الناس الذين تغص بهم شوارع القاهرة ينظرون للمظاهرات في استغراب وفضولية وعدم اكتراث ثم يمضون لحال سبيلهم وكأن المسألة برمتها لاتعنيهم‏!!‏ انها مشاهد خلقت لدي البعض إحباطا من سلوك الجماهير ودعت البعض الآخر للتشكك فيما اذا كانت المظاهرات والمطالب الديمقراطية داخلة حقا ضمن دائرة تطلعات المصريين‏(‏ أشارت لذلك بعض التقارير الأمريكية‏).‏ وفي الحالتين فنحن بصدد قضية جديرة بالانشغال تعود بنا الي سؤال البدء‏:‏ هل الديمقراطية ظاهرة سياسية تهبط علينا من نصوص الدساتير والقوانين أم انها ظاهرة ثقافية واجتماعية بالأساس تصعد من وعي الناس كنتاج لنظام تربية وسلوك؟ دعونا نقرر ابتداء أن للظواهر الاجتماعية جذورها وسيرورتها وفقا لنظام سببي لايستعصي علي الفهم‏..‏ والديمقراطية تتوقف في نشأتها وتعميقها علي سلوك ووعي الناس من ناحية وعلي ارادة السلطة من ناحية أخري‏.‏ إن الوعي والمشاركة والايجابية هي حلقات ثلاث يستحيل تصور الديمقراطية بدونها‏.‏ فالوعي أولا يفترض اقتناع الناس بقيمة وجدوي الديمقراطية‏.‏ والمشاركة ثانيا تعني اقبالهم علي العمل الحزبي‏.‏ والايجابية ثالثا تعني مشاركتهم في الانتخابات‏.‏ هكذا نصل الي ديمقراطية تستند الي الاستعداد والتثقيف والوعي والتجارب والمشاركة والايجابية والشعور بالمسئولية‏..‏ ان كل ذلك هو ما يمكن ان نطلق عليه التنمية الديمقراطية‏..‏ أجل‏..‏ فمثلما هناك تنمية اقتصادية واجتماعية فهناك أيضا تنمية ديمقراطية هي وحدها الكفيلة بأن تنتقل بظاهرة الانتخابات من مجرد كونها آلية سياسية لاختيار ممثلي الشعب الي صيرورتها ثقافة حقيقية تعبر عن ضمير وارادة هذا الشعب‏.‏ وبدون ثقافة الديمقراطية فنحن لا نضمن مثلا ألا تكون اصوات الناس تعبيرا عن سطوة المال فتذهب اصواتهم لمن يمكنه أكثر التأثير عليهم ماليا‏..‏ او تكون اصواتهم استجابة للأكثر قدرة علي دغدغة مشاعرهم لاسيما في مجتمعات تنتشر فيها الأمية ويتدني مستوي المعرفة‏..‏ او تصبح اصواتهم ايثارا للسلامة لأنهم وهم المسالمون السائرون الي جوار الحائط لم يتعودوا علي توظيف وعيهم وارادتهم لأجل اختيار الأكثر جدارة بأصواتهم‏.‏ ولربما لكل هذا قيل يوما علي لسان المسرحي البريطاني الساخر جورج برنارد شو إن الديمقراطية هي الآلية التي تضمن لنا بألا نكون محكومين بصورة أفضل مما نستحق‏!!‏ وقد تكون جملة برنارد شو السابقة قاسية لكنها لاتخلو من حقيقة‏..‏ وقد يبدو تدني ثقافة الديمقراطية في
المجتمع المصري محبطا لكنه ينبغي أن يكون محفزا لنوع جديد من النضال الثقافي والعمل الدءوب والمثابر لأجل تنمية ديمقراطية تسري في جنبات هذا الوادي‏.‏ ولنتذكر أنه لو كانت الديمقراطية غاية في حد ذاتها ومحض ظاهرة سياسية منعزلة عن سياقها الاجتماعي والثقافي لكان بوسع مجتمعات كثيرة ان تتحول بين ليلة وضحاها الي دول ديمقراطية عظمي متي قررت صياغة دستور ليبرالي جديد وتنظيم انتخابات حرة‏..‏ وفي فرض كهذا فليس أسهل من اختطاف الديمقراطية وسرقتها في وضح النهار‏!!‏ لكن الديمقراطية هي في الجوهر وكما يقول السياسي الفرنسي بيير مانديس فرانس حالة عقلية‏..‏ نحن اذن محتاجون لأن نصنع هذه الحالة العقلية التي تجعل من الديمقراطية سلوكا اجتماعيا يمارسه الناس كما يأكلون ويشربون ويتحركون ويتناسلون ولايجب النظر للديمقراطية كفاكهة موسمية يهفو اليها الناس في مواسم الانتخابات فقط‏.‏ ان الديمقراطية تتحول في هذه الحالة وهنا مكمن الخطورة الي ظاهرة عابرة تنافسية واحتفالية يصعب معها وفيها احداث التغيير المجتمعي المطلوب ودفع حركة التقدم في المجتمع‏.‏ ويضيف عبد المنعم " أنه لكي تتحول الديمقراطية الي ظاهرة ثقافية وسلوك مجتمعي فانه لابد من العمل علي تهيئة وتطوير البنية التحتية لها في شتي المجالات‏:‏ في نظم العربية‏..‏ والمؤسسات التعليمية‏..‏ والادارة‏..‏ والعلاقات الاجتماعية‏..‏ والفن‏..‏ والابداع‏.‏ ان التنمية الديمقراطية في هذه المجالات تعني‏:‏ تطوير النظم التربوية لكي تصبح أكثر اعتمادا علي قيم الحوار‏(‏ الحقيقي لا الشكلي‏)‏ وحرية التفكير وغرس روح الفريق والعمل الجماعي‏..‏ هذه قيم مطلوبة لكي تكون بديلا عما هو سائد من أنظمة التلقين والحفظ التي ثبت أنها تقضي بالضرورة علي نزعة الاستقلال الشخصي وروح المبادرة وتكرس التبعية والميل لطاعة السلبية العمياء‏..‏ ولنتذكر ان الخطابة أشهر المسابقات التي سادت مدارسنا وجامعاتنا كانت تعبيرا مبالغا فيه عن الفردية واعلاء لثقافة الصياح والزعيق‏!‏ بينما كانت المسابقات الثقافية الجماعية الأخري أقل اثارة واهتماما‏!!‏ ونستكمل جولتنا في الصحف الحكومية من جريدة " الجمهورية" حيث يرض السيد نعيم لظاهرة استطلاعات الرأي التي انتشرت في مصر هذه الايام حيث يقول " إن الذي شجع علي ذلك بالتأكيد هو وجود عشرة مرشحين لانتخابات الرئاسة القادمة.. الكل فيها يتنافس لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الاصوات. ولأنه من المعروف انه لا توجد عندنا في مصر أجهزة أو مراكز لقياس الرأي العام في مختلف القضايا والاحداث.. فان ما يحدث حالياً هو اجتهادات ومحاولات بدائية لاقتحام هذا المجال الذي يعتبر من المجالات الحيوية للغاية في الدول الأوربية والولايات المتحدة الامريكيةوعدد من الدول الاسيوية خاصة عندما يكون هناك انتخابات رئاسية يتنافس فيها أكثر من مرشح فتصبح استطلاعات الرأي ذات أهمية ودلالة في تحديد مصير المرشح ومدي قبول الناخبين له بل وفرصته الحقيقية في التأهل أم عدم التأهل لتبؤ المنصب الرئاسي وهي استطلاعات في الغالب تتميز بالمصداقية وتكون نتائجها مطابقة إلي حد كبير مع النتائج الرسمية للمرشحين فيما بعد. وذلك لارتفاع مستوي وعي الناخب وقدرته علي تكوين رأي واضح ومحدد عن المرشح لم يتم بلورة هذا الرأي بين ليلة وضحاها بل شكلت مجموعة المتغيرات والمواقف والاحداث الداخلية والخارجية فكر الناخب بحيث يقرر من سيختار ومن يستحق ان يحكمه طوال عدة سنوات قادمة صوته عن اقتناع ويقين انه قادر علي حل مشكلاته ومتاعبه. ولا يقتصر التصويت في استطلاعات الرأي في أمريكا مثلا علي شخص المرشح للرئاسة فقط بل يشمل عدة استطلاعات أخري للرأي حول أداء المرشح من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسة الخارجية وهكذا تأتي النتيجة معبرة عن كافة جوانب وقدرات ومؤهلات المرشح ومن هنا تحدد شعبيته ومدي قبول الناس له.. كما تحدد هذه الجوانب الملامح العامة للرأي العام. في مصر وجدنا مع بدء الحملة الانتخابية لمرشحي الرئاسة نشاطاً ملحوظاً بل وغير عادي لدي مواقع الانترنت العربية والمصرية بالذات حول استطلاع رأي الناس فيمن يختاروا من المرشحين للفوز بالانتخابات. حتي قيل ان الانترنت أشعل حرب الرئاسة في مصر وهي مبالغة بالتأكيد الان هذه الاستطلاعات تفتقر غالباً إلي المصداقية والشفافية المطلوبة وأكثر المواقع المصرية علي الشبكة الدولية للمعلومات تخضع في هذه الاستطلاعات لتوجهات فكرية وسياسية معينة فنجد المواقع الحكومية تعطي أغلب الاصوات لمرشح الحزب الوطني الديمقراطي وهناك مواقع أخري حزبية أو مستقلة أو حتي معارضة لكل شيء تعطي أعلي نسب التصويت لمرشحين آخرين ليست لهم أي شعبية أو رصيد جماهيري في مصر. وأصحاب هذه المواقع يجلسون إناسا بشكل دائم ومستمر للتلاعب في نتائج التصويت بما يضمن تحقيق النسبة الأعلي لمرشحهم.. وهكذا نجد انها مجرد عملية اعلانية لتحقيق مزيد من الدعاية للمرشح وتفتقد حس الناخب واختياره الحقيقي لأنه يكاد يكون مغيباً تماماً عن حقه في التصويت لدي هذه الاستطلاعات. ومن لا يصدق فليدخل علي عدة مواقع من هذا النوع ويري مؤشرات التصويت في انتخابات الرئاسة لصالح من بشدة وضد من بنفس الشدة وربما أكثر. ويضيف " لكن علي كل حال فان التجربة الأولي دائماً تكون حافلة بالسلبيات لكنها في النهاية خطوة ايجابية لتعميم الفكرة وتطبيقها علي العديد من القضايا الهامة في مصر وبالتأكيد بعد عدة سنوات وعشرات التجارب.. سننجح في النهاية في تقديم استطلاعات حقيقية أكثر نضجاً ومصداقية بحيث يعمل لها المرشحون ألف حساب.. وحساب!"

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.