في عدد 5/9 من (بريد الأهرام) وصف د. منصور حسن عبد الرحمن مقاطعة حزبي التجمع والناصري لانتخابات الرئاسة بالانتحار ، وفند قول المقاطعين بأن ما يجري هو تمثيلية ، بقوله إن "الحياة كلها مسرح وكل منا يؤدي دورا والمجد للممثلين على خشبة المسرح وليس للجالسين في مقاعد المتفرجين" . وفي الأيام السابقة ل "الانتخاب" إمتلأ البريد بخطابات تعير عن سعادتها بما سيجري . وكل من كان يسعى للظهور في هذه الصفحة وجدها فرصة لكي يكتب مؤيدا ، تماما كما أرى في الصحافة الأمريكية : الخطاب المؤيد لإسرائيل فرصته في النشر تقترب من ال 90% بينما فرصة الخطاب المهاجم لها يمكن ألا تتجاوز ال 2% . على أية حال ، أرسلت إلى البريد الخطاب التالي تعليقا على ما جاء في خطاب القارئ ، قلت فيه : أولا: البون شاسع من ناحية بين مسرح الواقع ومسرح التمثيل ، ومن ناحية أخرى بين التمثيلية الجادة والتمثيلية الهزلية. في مسرح الحياة الواقعي السيناريو رباني في علم الغيب يصعب توقع أحداثه ، ولا يوجد فيه كومبارس لأن لكل منا دور بطولة يلعبه في محيطه. أما في مسرح التمثيل ، فالسيناريو معروف والنهاية محسومة والأحداث يسهل توقعها. كما أن الأدوار تتراوح فيه بين البطولة والكومبارس . وما يفعله ممثل الكومبارس هو اللعب في محيط البطل والتخديم عليه. ثانيا: التمثيلية الجادة تعكس طبيعة مشاهديها ، وكذلك التمثيلية الهزلية. ولا أظن أن المشاهد الجاد الذي يستمتع مثلا بفيلم "عطر إمرأة" يمكنه أن يتحمل مشاهدة فيلم "بوحة". وهو من نوعية الأفلام الذي يعتبر مجرد حضورها إهانة للذات. ثالثا: إذا كان المجد للممثلين وليس للمتفرجين الجالسين ، فكيف يعترض د. منصور على مقاطعة التجمع والناصري ، وهما حزبان تنتمي إليهما قلة قليلة من الناخبين ، بينما لا يثير حفيظته مقاطعة ممثلي الغالبية الساحقة من الشعب الذين لا ينتمون لأي من الأحزاب المتواجدة ولايؤمنون بمصداقية أي منها، والذين تم تهميشهم وإقصاؤهم إلى مقاعد المتفرجين بفضل الصياغة الخبيثة لتعديل المادة 76 من الدستور. إن التغييب القسري لهؤلاء الممثلين أدى إلى إنتفاء عنصر المنافسة الحقيقية ، وهو الوحيد الذي كان يمكن أن يحول الإنتخابات من مسرحية تمثيلية هزلية إلى مسرحية واقعية جادة. [email protected]