نسيم الهواء العليل فى محروسة مصر وليلها الساحر لا يُكدِّر صفوَه إلا أمران اثنان، ثالثهما الطرف أو التيار الثالث، الأول عارض، يزول مع استشارة طبيب أو صيدلى، وهو كآبة سحابة دخان محارق قش الأرز، والآخر: لازم جازم، لا يزول حتى مع استشارة طبيب أو صيدلى حازم، وهو صداع بل شقيقة برامج الهواء "التوك شوز"، التى باتَت كالنيران الصديقة، لا تصيب إلا أهلها.. والإعلام فى مصر "زَى الجَمَلْ، يِمْشِى ويِحْدِفْ لِوَرَا، يِبَيِّنْ عيُوبِ النَّاسْ، وعْيُوبُهْ ما يَرَى". الإعلام المصرى بات عبئًا على مصر المحروسة، حيران القلب مُسَهَّده، ويُقِيمُ الليلَ ويُقْعِدُه أو لا يُقْعِدُه، منه الداء، وبه الدواء، وفى الدواء سم قاتل، وأحيانًا زعاف!. وعلى طريقة اقتراح القريح واجتراح الجريح، تبدأ القضية الإعلامية من لا شىء، تنفخ فيها الفضائية إلى أن تصير شيئًا أو بعض شىء، ولأن النائحة الثكلى ليست كالمستأجرة، فكلما ازداد الإعلامى فى الصريخ والعويل والإثارة، فرحت الإدارة، وزادت الرواتب والجرايات بمئات الألوف فملايين الجنيهات. الآن فقط عرفتُ لماذا فَرِحَت الخالة نوسة عندما استضافتها الست هالة، وأخذت تصرخ: عندنا فضائية؟!. وفى فاصل إعلامى مصرى مؤسف قد لا نعود بعده، أو قد لا تعود مصر من بعده، يبارك الإعلام المصرى تدشين دخول الثورة المصرية مرحلة المسلسل التركى. قصصتُ عليكم من قبلُ مقامات بل مقالات وحكايات عن: غزوة الصناديق، والشاطر خيرت، وعمر والصندوق الأسود، والزند وعكاشة، وتهانى والشياطين 13، وبدر وإلهام، وحمدين وأخواتها، وعمرو خالد وحزب المَكَنَة، والواد أبو حمالات ورسّام القفا، والمستشار الزنَّان، وغيرها. ولأن الحكايات لا تنتهى، كما أن الجريمة لا تفيد، أقصُّ عليكم قصة عصام وبراقش. الست براقش عاملة فيها زعلانة، استضافت "عصام بك" فى برنامجها، واختلفا فى الحديث، وتهاوشا، ووقفت له ع الواحدة، واختصمته إلى النائب العام، واشترطت الاعتذار على الهواء "بيت الطاعة تَعْنِى" وإمّا القضاء، وكفى الله المصريين شر القضاء؛ ولأن "نفس عصام سَوَّدَت عصاما، وعلَّمته الكرَّ والإقداما"،حاول أن يسع بجميل خطابه ثورتَها، فتَمَنَّعت براقش وأَبَتْ، وتعب عصام منها، فأنذرها بأنها جَنَتْ على نفسها. وهذا بالطبع لم يعجب براقش، ولأنها -فى نفسها- ستّ أخواتها، نادتهن، وجمعتهن من سائر البيوتات بل الفضائيات، وأخذن يتصايحن فى كل فضائية، على طريقة حرب الشبابيك، وإن شئت حرب النجوم: الاعتذار أو القضاء، يا عصام. وللقصة بقية تأتى فى حصاد اليوم أو النشرات الإخبارية، وعجبى!. ولمن فاته أول القصة، فبراقش هى كل إعلامى أو إعلامية، أصابتها شهوة الشهرة، وقد تجنى بشهرتها على أهلها، قد ترى براقش أو تسمعها فى العاشرة مساءً أو فى "النهار" أو عند بلوغك "المحور" باتجاه "التحرير" أو فى أى فضائية، ولو كانت إسلامية، وأعيذك بالله من أن تَصِير إمَّعًا أو إِمَّعَة أو مَطِيَّة. براقش: لا تَعِظِينِى وتُعَظْعِظِى!. [email protected]