كم يبلغ عدد الإرهابيين الأجانب داخل سيناء ؟ وكيف تسللوا اليها ؟ وما هى جنسياتهم ؟ وما حجم المخاطر التى تنجم عن وجودهم داخل الحدود المصرية ؟ وكيف يتم الإستعداد للقضاء على هذه العناصر الإجرامية ؟!! وما السيناريوهات والإحتمالات المستقبلية لوجودهم فى هذه المنطقة . هذه التساؤلات تدور فى أذهان الكثيريين منا خاصة فى ضوء التصريحات التى تصدر عن المتحدث العسكرى بين الحين والآخر ومن خلال البيانات الصادرة عن العملية سيناء 2018 ؟ وقد أجابت على هذه التساؤلات دراسة مهمة للغاية صدرت مؤخراً بعنوان " تأثير موجة الإرهابيين الأجانب على الأمن القومي المصري " والتى أعدتها د. ايمان رجب الخبير في الأمن الإقليمي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية .والتى كشفت النقاب عن الكثير من الحقائق والمعلومات المثيرة حول هذا الملف . الدراسة أكدت أن شمال سيناء تعد من المناطق الجذابة لهذه العناصر، خاصة في ظل استمرار نشاط العناصر الإرهابية المنتمية لتنظيم "ولاية سيناء" هناك (أنصار بيت المقدس سابقا) والذي أعلن عن ولائه لتنظيم داعش منذ نوفمبر 2014، وكذلك في ظل مخططات تنظيم داعش التي تهدف إلى التخلي عن فكرة السيطرة على الأرض وتقوية أذرع إقليمية (خارج سوريا والعراق) موالية له شبيهة بتلك الخاصة بتنظيم القاعدة في الجزيرة العربية وفي بلاد الرافدين. وأشارت إلى أنه حتى فترات قريبة لم تتوافر معلومات رسمية عن عدد الإرهابيين الأجانب الموجودين في شمال سيناء، باستثناء بعض البيانات التي كان يتم الإعلان عنها من فترة لأخرى حول القبض على أو تصفية عناصر تحمل جوازات سفر أجنبية انضمت إلى "كتائب الفرقان" أو لأنصار بيت المقدس في الفترة السابقة على إعلان الأخير عن مبايعته لتنظيم داعش،حيث استغلت تلك العناصر حالة السيولة التي كانت موجودة في مصر في الفترة التالية على ثورة 2011 وعلى وصول الإخوان للسلطة في يونيو 2012.ومن ذلك بيان المتحدث العسكري في 8 أغسطس 2015 الذي كشف عن أنه كان من بين 250 عنصرا إرهابيا تم تصفيتهم في شمال سيناء من يحملون جوازات سفر تركية وفلسطينية وسورية. وأشارت تقديرات حينها إلى أن تنظيم "ولاية سيناء" كان يعتمد على أبناء شمال سيناء أكثر من اعتماده على الإرهابيين الأجانب. ووفقا للدراسة المشار اليها فإن عدد الإرهابيين الأجانب الذين خرجوا من سوريا والعراق حتى نهاية 2017 بحوالي 5400 إرهابي، واتجهوا للتمركز في منطقة الساحل والصحراء خاصة النيجر ومالي، وفي دول شمال إفريقيا خاصة في شمال سيناء التي تظل من المناطق ذات الجاذبية لهذه العناصر، فضلا عن جاذبيتها للإرهابيين في ليبيا، لا سيما مع تكرار محاولات اختراق الحدود المصرية الغربية مع ليبيا من قبل بعض هؤلاء الإرهابيين. وتشير تقديرات مجموعة "صوفان جروب" The Soufan Group والتي اهتمت برصد تدفقات الإرهابيين الأجانب إلى سوريا والعراق وكذلك الموجة العكسية لخروجهم منها، إلى أن إجمالي عدد الإرهابيين الأجانب في شمال سيناء يتراوح بين 500 إلى 1000 عنصرا حتى نهاية 2017. وفيما يتعلق بالمعلومات الرسمية المتداولة عن هذه القضية، تكشف بيانات المتحدث العسكري عن سير العملية الشاملة "سيناء 2018" منذ انطلاقها في 9 فبراير 2018 عن أن التنظيم الإرهابي الرئيسي النشط في شمال سيناء لا يعتمد على عناصر مصرية فقط، وإنما يضم في صفوفه عناصر أجنبية، مثل البيان رقم 6 الذي أشار إلى القبض على "عدد 400 فرد من العناصر الإجرامية والمشتبه بهم، منهم جنسيات أجنبية، واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم"، وبيان رقم 7 الذي أشار إلى "القبض على عدد 153 فرد من المطلوبين جنائيًا والمشتبه بهم منهم جنسيات أجنبية، واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم". وكشفت الدراسة أنه رغم أن هذه البيانات لا تتضمن تحديدًا لجنسية هذه العناصر، فإن تحليل الإصدارات المرئية التي يصدرها تنظيم "ولاية سيناء" مثل فيديو "ملة إبراهيم" الصادر في يناير 2018 تكشف عن وجود عناصر فلسطينية في صفوف التنظيم وتتولى مناصب قيادية فيه. كما أن بعض المعلومات التي كشفت عنها مؤسسات الدولة في الربع الأخير من 2017 تفيد بنجاح بعض الإرهابيين الليبيين في اختراق الحدود المصرية وتنفيذ عمليات داخل حدود الدولة. وتعد حالة عبدالرحيم المسماري الليبي الأصل مثالًا جيدًا على ذلك، حيث نجح في الدخول إلى مصر عبر الحدود مع ليبيا برفقة 14 عنصرا إرهابيا في أغسطس 2016 ، وتنقلوا في الظهير الصحراوي لمحافظات قنا وسوهاج وأسيوط ثم استقروا في منطقة الواحات في يناير 2017، ثم نفذوا عملية الواحات في أكتوبر 2017. فى المقال القادم – ان شاء الله – نستعرض من واقع هذه الدراسة المتميزة تأثير هذه العناصر الإرهابية على الأمن القومى والسيناريوهات المحتملة لمستقبل الإرهابيين الأجانب فى هذه المنطقة الغالية من أرض مصر .