إن أعمال السادة هي الأعمال التي تباشرها سلطة الحكم في الدول من أجل الحفاظ على كيان الدولة من أرض وشعب وسلطة بمواجهة أخطار خارجية ، أو مواجهات داخلية عامة، كتنظيم سلطات الدولة ونظام الحكم ، والعلاقة بين السلطات ، والنظام النقدي ، والأعمال المتعلقة بالدفاع، وعقد المعاهدات ، وإعلان الحرب والصلح والتنازل ، وتنظيم القوات المسلحة وتدريباتها، وإعلان الأحكام العرفية وإنهائها ، وكذلك الإجراءات والتدابير التي تتخذ في حالات الحرب والكوارث قضت محكمة القضاء الإداري المصري بتاريخ 21/4/1948 بأن أعمال السيادة هي الأعمال التي تتصل بالسياسة العليا للدولة والإجراءات التي تتّخذها الحكومة بما لها من السلطة العليا للمحافظة على سيادة الدولة وكيانها في الداخل أو الخارج. وجاء ذكر أعمال السيادة في حكم محكمة القضاء الإداري المصري بتاريخ 26/2/1951م بأنها "الأعمال التي تصدر من الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة، فتباشرها بمقتضى هذه السلطة العليا لتنظيم علاقاتها بالسلطات العامة الأخرى داخلية كانت أو خارجية، أو تتّخذها اضطرارا للمحافظة على كيان الدولة في الداخل أو للذود عن سياستها في الخارج، ومن ثم يغلب فيها أن تكون تدابير تتّخذ في النطاق الداخلي أو في النطاق الخارجي، إما لتنظيم علاقات الحكومة بالسلطات العامة الداخلية أو الخارجية في حالتي الهدوء والسلام. وإما لدفع الأذى والشرّ عن الدولة في الداخل أو في الخارج في حالتيّ الاضطراب والحرب". وفي حكم صادر بتاريخ 2/5/1978 قالت محكمة القضاء المصري ما يلي: "ثمة معايير كثيرة يضعها الفقه والقضاء لتعريف أعمال السيادة التي يمتنع على محاكم مجلس الدولة النظر في الطلبات المتعلّقة بها، واستقرّت هذه المحاكم على أن أعمال السيادة هي تلك التي تصدر عن الحكومة باعتبارها سلطة حكم لا سلطة إدارة فتباشرها بمقتضى هذه السلطة العليا لتنظيم علاقتها بالسلطات العامة الأخرى داخلية كانت أو خارجية أو تتّخذها اضطرارا للمحافظة على كيان الدولة في الداخل في الداخل أو الذود عنها في الخارج ومن ثم يغلب عليها أن تكون تدابير تتّخذ في النطاق الداخلي أو النطاق الخارجي إما لتنظيم علاقة الحكومة بالسلطات العامة الداخلية أو الخارجية في حالتي الهدوء والسلام وإما لدفع الأذى والشرّ عن الدولة عن الدولة في حالتي الاضطراب والحرب فهي تارة تكون أعمالاً منظّمة لعلاقة الحكومة بالمجلس النيابي أو منظمة للعلاقات السياسية بالدول الأجنبية، وهي طوراً تكون تدابير تتّخذ للدفاع عن الأمن العام من اضطراب داخلي أو لتأمين سلامة الدولة من عدو خارجي، وهذه وتلك أعمال وتدابير تصدر عن سلطان الحكم لا عن سلطة الإدارة، والضابط فيها معيار موضوعي يرجع إلى طبيعة الأعمال في ذاتها لا إلى ما يحيط بها من أمور عارضة". ويعتبر هذا الحكم الصادر من محكمة القضاء الاداري التي أكدت فيه أن ترسيم الحدود البحرية بين مصر والدول ضمن أعمال السيادة التي لا يختص القضاء بنظرها، وتنأى عن رقابة القضاء. جاء ذلك في دعوى طالبت ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص حملت رقم 70526 لسنة 70 قضائية، حيث قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى على سند أن تلك الاتفاقيات تدخل ضمن أعمال السيادة التي تخرج عن اختصاص القضاء. . يعتبر أول حكم قضائي يصدر من مجلس الدولة ذاته يؤكد فيه عدم اختصاصه بنظر الاتفاقيات الدولية ترسيم الحدود بين الدولة من أعمال السيادة أنه من المبادئ القضائية المستقرة في أحكام مجلس الدولة الصادرة من القضاء الإداري والإدارية العليا تؤكد أن ترسيم الحدود بين الدولة من أعمال السيادة التي لا يحق للقضاء نظرها. إن ما صدر اليوم هو عدول لمبدأ شاذ أصدرته محكمة القضاء الإداري والإدارية العليا في قضية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وما يؤكد ذلك سريان الاتفاقية وإقرارها من قبل مجلس النواب وتوقيع رئيس الجمهورية عليها. أن عدم اختصاص القضاء بنظر الاتفاقيات هو مبدأ قضائي مستقر في مصر والقوانين الدولية، وأن حكم اليوم يؤكد على ذلك المبدأ، أما حكم ترسيم الحدود بين مصر والسعودية فهو المخالف، متوقعا صدور حكم نهائي من المحكمة الدستورية العليا ليؤكد على مبدأ عدم اختصاص كافة المحاكم بنظر الاتفاقيات وأنها من أعمال السيادة التي استقر عليها القضاء في أحكامه. يذكر أن المحكمة الدستورية العليا، سبق أن أوقفت كافة الأحكام المتعلقة بترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، لحين فصلها في مدى اختصاص المحاكم بنظر الاتفاقيات من عدمه. و المحكمة الادارية تقضى بعدم اختصاص القضاء بمراقبة تعيين الحدود بين مصر وقبرص أما أعمال السيادة فهي تلك التي تقوم بها جهة الإدارة باعتبارها سلطة حكم، وتتمتع في هذا المجال بحرية واسعة وبسلطات تقديرية لا يمكن للتشريعات العادية تقييدها أو تنظيمها، إلا أن ذلك لا يعنى مطلقاً، لان أعمال السيادة تقع خارج إطار النظام القانوني للدولة، ففي الدولة الديمقراطية الجديدة لا يوجد عمل قانونى خارج النظام القانوني للدولة، الذى يستند في نهاية الأمر إلى الدستور، وكل عمل قانونى داخل هذا النظام لابد له من سند قانونيا داخل هذا النظام. والسند القانوني لأعمال السيادة هو الدستور مباشرة. أما اليوم وفى ظل الأنظمة الديمقراطية فلا توجد إرادة تعلو على النظام القانوني ولا يوجد أي عمل قانونى لا يجد سنده داخل إطار النظام للدولة والذى يستند في النهاية إلى الدستور، الذى هو كما وصفته ديباجة الدستور نتاج إرادة الشعب المصري السيد في الوطن وهكذا فإذا كانت أعمال الإدارة بالمعنى الضيق تستند في نهاية الأمر إلى التشريع الذى يسبغ عليها المشروعية، فإن أعمال السيادة تستند إلى الدستور. فأعمال السيادة لا توجد أصلاً إلا بمقتضى نص في الدستور ويعنى هذا بوضوح أنه لابد من وجود نصوص دستورية صريحة تحدد أعمال السيادة. جاء في قرار للمحكمة الدستورية العليا أن ((إن الحكمة من استبعاد أعمال السيادة من ولاية القضاء هي أنه تتصل بسيادة الدولة في الداخل والخارج ولا تقبل بطبيعتها أن تكون محلاً للتقاضي لما يحيط بها من اعتبارات سياسية تبرر تخويل السلطة التنفيذية سلطة تقديرية أوسع مدى وأبعد نطاقا تحقيقًا لصالح الوطن وسلامته دون تخويل القضاء سلطة التعقيب في هذا الصدد لأن ذلك يقتضي توافر معلومات وعناصر وموازين تقدير لا تتاح للقضاء ، فضلاً عن عدم ملاءمة طرح هذه المسائل علنا في ساحات القضاء. وجاء في قرار آخر (( إن نظرية أعمال السيادة تقوم على أن السلطة التنفيذية تتولى وظيفتين إحداهما بوصفها سلطة حكم والأخرى بوصفها سلطة إدارة، وتعد الأعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم من قبيل أعمال السيادة، والأعمال التي تقوم بها بوصفها سلطة إدارة أعمالاً إدارية. إذا كانت التشريعات المختلفة للدول لم تتناول أعمال السيادة بالتحديد إلا أن المحاكم من خلال الاجتهاد القضائي تلمست بعض الأعمال المنسوبة للحكومة وقالت عنها إنها من أعمال السيادة ، إما من خلال بيان أوصافها، أو من خلال تسميتها بأسمائها، ومنها : 1- الأعمال المنظمة لعلاقة السلطة التنفيذية بالسلطة التشريعية : تعد مسائل دعوة الناخبين للانتخاب، ودعوة البرلمان للانعقاد واقتراح مشاريع القوانين من أعمال السيادة . 2- الأعمال القضائية : تعد أعمال السلطة القضائية وما يلحق بها من أعمال الادعاء العام والضابطة العدلية من أعمال السيادة ، و المبدأ السائد في الفقه والاجتهاد هو عدم مسؤولية الدولة عن أعمال السلطة القضائية ، وإن كان يوجد ميل في الفقه والاجتهاد الإداري الحديث وخاصة في فرنسا يقول بمسؤولية الدولة عن أعمال السلطة المشروعة استنادًا إلى مبدأ العدالة الذي يقول : إّنه ليس من العدل في شيء أن يكون هناك شخص مضرور ولا يستطيع أن يراجع القضاء للمطالبة بالتعويض . 3- عقد المعاهدات الدولية : يعد إبرام المعاهدات والاتفاقات الدولية والانضمام إليها عملاً من أعمال السيادة ، إلا أن مضمونها أو موضوعها ليس بالضرورة أن يكون دائمًا متصلاً بالسيادة، إلا أن الاتفاقية المتعلقة بتنظيم إقامة الجيوش وإجراء المناورات العسكرية المشتركة تعد من أعمال السيادة . 4- إعلان حالة الطوارئ : تعد مسألة إعلان حالة الطوارئ أو الأحكام العرفية في الظروف الاستثنائية التي تتعرض لها البلاد من الأعمال السياسية السيادية التي يمتنع فيها على القضاء أمر النظر فيها ، إلا أن الفقه والاجتهاد مجمع على أن الإجراءات التي تتخذ في سبيل تنفيذ الأحكام العرفية إنما هي إجراءات إدارية وليست سياسية وتخضع لرقابة القضاء. – جاء في قرار للمحكمة الدستورية المصرية أنه ((ليس صحيحًا إطلاق القول : إن جميع الاتفاقيات الدولية أيًا كان موضوعها من الأعمال السياسية إن مبدأ الشرعية يجب أن يسود في جميع تصرفات الإدارة، وإذا ما وجدت نفسها أنها بحاجة إلى مخالفة القانون عليها أن تستعين بالسلطة التشريعية لإصدار النص اللازم والمبرر لتصرفاتها حيال الأمر الواقع لا أن تتجاوز قواعد القانون، لأن القانون وجد ليحكم في الظروف العادية وفي الظروف الاستثنائية، ولا مجال لتبرير أعمال الإدارة سواء كانت سلطة إدارية أم سلطة حكم المشوبة بعيب مخالفة القانون لأن إيجاد مثل هذا التبرير يؤدي إما إلى الفوضى أو إلى الاستبداد فإذا ما وجد القضاء أن الوسائل أو الأعمال أو التصرفات التي قامت بها الحكومة تتناسب مع طبيعة الخطر الحال والداهم المهدد لكيان الدولة وأركانها قرر إعلان عدم الاختصاص ، سواء بالاستناد إلى حالة الضرورة أو بالاستناد إلى فكرة أعمال السيادة.