نبيل الهلالى قديس اليسار المدافع الأول عن الإسلاميين.. وأحمد سيف الإسلام تولى الدفاع عن شباب التيار الإسلامى بعد 30 يونيو "الدماطى" عضو حزب التجمع يدافع عن مرسى.. و"قناوى" على دربه قانونيون: العلاقات الإنسانية القوية بين المحامى والمتهم المختلف معه سياسيًا تدفعه للدفاع عنه عقب عزل جماعة الإخوان المسلمين، فى صيف 2013، يعيش المجتمع المصرى فى حالة انقسام ما بين مؤيد ومعارض للقرارات التى يتخذها النظام بعد هذا التاريخ، وقد وصلت ذروة الانقسام إلى الشماتة فى الموت، فالفريق الإسلامى يظهر فرحته فى موت المؤيدين لنظام ما بعد 3 يوليو، ويواجهه شماتة من المؤيدين للاسلامين، وكان آخر هذه الحلقة عقب رحيل المفكر اليسارى رفعت السعيد الأب الروحى لحزب التجمع، فلم يخف المنتمون إلى جماعة "الإخوان المسلمين"، شماتتهم فى وفاة غريمها اللدود، بالنظر إلى مواقفه تجاه الجماعة التى ناصبها العداء طوال مسيرته السياسية. وحفلت تعليقات أنصار الإخوان بالشماتة تجاه السعيد، وكان أقصاها تعليق الناشط الإخوانى الهارب، أحمد المغير، الذى عبر عن استيائه لوفاته وفاة طبيعية، قائلاً عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك: "الواحد بيحس بالعار والخزى وانعدام الحيلة كل ما يسمع خبر موت مجرم كافر زى رفعت السعيد آمن مطمئن فى فراشه!!". وبالرغم من الجفاء الشديد بين التيارين الإسلامى واليسارى فى مصر، الإ أن هناك عدد من المحامين اليسارين على مر التاريخ، دافعوا عن الإسلاميين فى المحاكم المختلفة، آخرهم محمد الدماطى المحامى اليسارى والأبرز فى هيئة الدفاع عن الرئيس الأسبق محمد مرسى. وفى إطار ذلك كله ترصد "المصريون"، أهم المحامين المنتمين للفكر اليسارى الذين دافعوا عن الإسلاميين. الدماطى.. من حزب التجمع إلى الدفاع عن "مرسى" يعتبر محمد الدماطى، واحدًا من أهم اليساريين المدافعين عن رموز التيار الاسلامى، بل هو الأهم فى الوقت الحالى نظرًا لكونه المحامى الأبرز فى هيئة الدفاع عن الرئيس الأسبق محمد مرسي. ويُعرف عن الدماطى، ميوله الماركسية اليسارية حيث إنه انضم لحزب التجمع مبكرًا، واتهمه اليساريون بالتخلى عن مبادئه وأفكاره والاتجاه إلى جماعة الإخوان، وظهر جليًا بعد انضمامه لحملة الدكتور محمد مرسى لانتخابات الرئاسة ودفاعه المستميت عنه، ولم يتوقف الأمر على ذلك بل اتجه إلى الدفاع عن مرسى بعد عزله من كرسى الرئاسة صيف 2013، ما أثارغضب اليساريين وزملائه فى حزبه السابق التجمع، والذين هاجموه بضراوة متهمينه بالانضمام إلى الإخوان والدفاع عن الإرهاب، فكان رده ودفاعه عن نفسه بأنه يدافع عن أبرياء بغض النظر عن انتمائهم وأنه يثق فى براءتهم. وأضاف الدماطى، فى تصريحات إعلامية سابقة "دائمًا عندما أحضر جلسات التحقيق مع الإخوان أطالب بتسجيل أنى رجل يسارى ومنتمى إلى أفكارى ومتمسك بها وأخالف جماعة الإخوان المسلمين فى كثير من الأفكار! لذا هم يعتبروننى خارجًا عن أفكارهم ولست واحدًا منهم ولكن أدافع عنهم لإيمانى الكبير بقضيتهم وأنهم ظلموا". ودلل الدماطى، على أنه لا ينتمى لجماعة الإخوان بكونه كان عضوًا ومستشارًا قانونيًا لحزب التجمع وجريدة الأهالى التابعة للحزب لمدة تزيد على 15 عامًا، مضيفَا وبالتالى لا يمكن أن أكون عضوًا فى جماعة الإخوان أو حزب الحرية والعدالة، ولكن كونى أترافع عن هؤلاء فهذا شرف مهنتى ولا يمكن أن يكون كل مدافع عن فصيل هو من ذات الفصيل فعندما أترافع عن اليسار أو الوفد أو حزب التجمع هذا لا يعنى انتمائى له، فالمدافع عن الحريات يدافع عن كل فئات المجتمع. وتعود علاقة الدماطى بالإخوان إلى عام 2006، حين قرر انضمامه إلى هيئة الدفاع عن نائب مرشد الجماعة خيرت الشاطر فى القضية المعروفة إعلاميًا "بتكوين ميليشيات إرهابية"، وتوثقت علاقة الدماطى بالإخوان عام 2008، حين تم ترشيحه على قوائم الإخوان فى نقابة المحامين. الهلالى.. "قديس اليسار" المدافع عن الإسلاميين ولد أحمد نبيل الهلالي، المعروف ب"قديس اليسار المصري" فى أغسطس عام 1922، وحصل على شهادة فى القانون عام 1949، وعمل فى المحاماة. وهو نجل آخر رئيس للوزراء فى العهد الملكي، أحمد نجيب الهلالي. وعُرف أحمد نبيل الهلالى، بالدفاع عن حقوق الفلاحين والعمال والحريات، وأبرزها قضايا المعتقلين الإسلاميين فى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، وانضم الهلالى منذ 1948 إلى الحركة الشيوعية المصرية، وكان أحد أركان الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني. وقد اعتقل الهلالى، مرتين خلال عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، الأولى عام 1959واستمر سجنه خمس سنوات، ثم عام 1965 أربع سنوات. وقد آمن بوجود الآخر، فكان فى مقدمة المطالبين بضرورة إنشاء حزب للإخوان المسلمين. وقد اختلف الهلالى، مع التيار الإسلامي، لكنه لم يتخل عن دفاعه عنهم ومساندتهم وكشف جرائم التعذيب التى تعرضوا لها، مؤمنًا بضرورة الدفاع عن حقوق كل إنسان، أيًا كانت عقيدته الوطنية أو اعتقاده السياسى أو منطلقه الإيديولوجي. وقد تصدى الهلالى للدفاع عن عدد من أعضاء الجماعة الإسلامية، أبرزهم صفوت عبدالغنى الذى كان متهمًا فى قضية اغتيال الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق, واعتبرها واحدة من أهم القضايا التى ترافع فيها ونال جميع المتهمين البراءة بعد دفاع مستميت استمر16 ساعة. "سيف الإسلام" يسارى مدافع عن الإخوان أحمد سيف الإسلام، واحد من أهم الحقوقيين المدافعين عن حقوق الإنسان دون النظر إلى فكره أو عقيدته، هو محام وحقوقى وناشط يسارى، شارك فى تأسيس مركز هشام مبارك للقانون عام 1999، وتولى إدارته منذ إنشائه، وهو أيضًا أحد مؤسسى تجمع المحامين الديمقراطيين. أعتقل أربع مرات، اثنتين فى عهد السادات واثنين فى عهد مبارك، كان أول اعتقال له لمدة يومين سنة 1972، على إثر مظاهرات الطلبة من أجل تحرير سيناء، وكان آخر اعتقال أيضًا ليومين سنة 2011، وبينهما كان اعتقاله سنة 1973 بعد مشاركته فى الاحتجاجات على خطاب السادات وتأخره فى اتخاذ قرار بالحرب مع إسرائيل، وأفرج عنه مع زملائه قبل حرب أكتوبر بأيام، بعد أن قضى 8 أشهر فى السجن ويقر أحمد سيف، بأنه لم يتعرض خلالها لضرب أو تعذيب. أما أطول فترات اعتقال أحمد سيف فكانت سنة 1983، حيث قضى خمس سنوات فى سجن القلعة الذى يصفه سيف بأنه كان أبشع بكثير من سجن طرة فى التعذيب، بتهمة الانتماء إلى تنظيم يساري، حيث قُبض على 16 شخصًا، أُفرج عن 11 منهم وبقى سيف وأربعة من زملائه، وكان من بين الاتهامات التى وجهت إليهم حيازة سلاح، وقد تعرض سيف أثناء هذه الفترة للضرب والتعذيب بالكهرباء والعصى وكسرت قدمه وذراعه، وتقدم وقتها ببلاغ للتحقيق فى تلك الواقعة ولكن لم يحقق أحد فيه. ودفعت تجربة الاعتقال والتعذيب، أحمد سيف الإسلام إلى تكريس أنشطته للدفاع عن حقوق الإنسان، وكان أحد المحامين المدافعين عن13متهمًا فى تفجيرات طابا سنة 2004 المنتمين لكتائب عبدالله عزام، والصادر ضدهم أحكام بإعدام 3 منهم والسجن المؤبد لآخرين. وفى يونيو 2014، عقد الحقوقى سيف الإسلام مؤتمرًا بمركز هشام مبارك، للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، وقد كان المؤتمر الحقوقى الوحيد بعد 30 يونيو للدفاع عن المعتقلين، والذى حضره العديد من أسر معتقلى التيار الإسلامي، ولم يمنعه (العكاز) الذى كان يستند إليه من إلقاء كلمته التى أكد فيها وقوفه إلى جانب كل معتقلى الرأى فى مصر وكل المظلومين مهما كانت توجهاتهم السياسية. قناوى .. عضو "تمرد" يدافع عن الإخوان أحمد محمود قناوى، هو محام يساري، ومرشح سابق لعضوية "نقابة المحامين"، وعضو المكتب السياسى لمبادرة "الفريق الرئاسي" والتى يتزعمها الدكتور عصام حجى المستشار العلمى السابق لرئيس الجمهورية، وكان من النشطاء المعارضين ل"نظام حكم الإخوان"، وجمع أكثر من 11 ألف استمارة "تمرد" واعتصم ضد جماعة الإخوان، قبل أن يعلن ندمه على هذا الأمر. انتقد قناوى، الحديث عن إجراء تعديل على مواد الدستور، عقب حادثة تفجير "كنيسة البطرسية"، معتبرًا أن كل التعديلات ستتعلق بالحريات، وستكون نوعًا من شرعنة القمع . وأشار قناوى، إلى أن زيادة مساحةالقمع، وتطبيق محاكمات عسكرية بدون مبرر ستكون بمثابة هدية إلى الإرهابيين. وقد انتدب قناوى، للدفاع عن الرئيس المعزول محمد مرسي، موضحًا أن سبب ذلك هو أن مواقفه السياسية تختلف عن جماعة الإخوان، مشيرًا إلى أنه يدافع عن مرسى من خلال مستندات القضية، التى يراها فى صالحه، وأشار قناوى، إلى أن وجود قفص زجاجى للمتهمين يسىء للعدالة والقضاء فى مصر. الدافع الإنسانى وراء الدفاع عن المختلفين فكريًا وفى إطار ذلك يقول أسعد هيكل المحامى بالنقض والحقوقى، إن المحامين ثلاثة أنواع فى الدفاع عن المختلفين معهم سياسيًا، وهى إما بهدف الحصول على أتعاب نظير ذلك بغض النظر عن الاتجاه الفكرى، وهذا النوع من المحامين هم الكثرة الغالبة من المشتغلين بالمحاماة. والنوع الثانى: "هناك نوع آخر من المحامين وهم الذين تنتدبهم المحكمة فى حال عدم وجود محام للمتهم فى قضايا الجنايات كما حدث فى بدايات نظر قضايا الإخوان حين امتنع محاميهم عن الدفاع عنهم فطلبت المحكمة من نقابة المحامين ندب محام للدفاع عن كل متهم، وهذا النوع من المحامين غالبًا ما يقبل الانتداب والمرافعة بدافع الحصول على قيمة الأتعاب التى تقدرها له المحكمة عند الحكم فى الدعوى. ويضيف هيكل، أما النوع الثالث من المحامين، فهم الذين يقبلون الدفاع عن أى متهم مهما كان اتجاهه السياسى، وهذا النوع من المحامين قليل، ويعد انطلاقًا من مبادئ حقوقية، كحق كل متهم فى محام يترافع عنه وحق كل متهم فى محاكمة عادلة وغير ذلك من المبادئ، لكن أحيانًا ما تكون العلاقات الإنسانية بين المحامى والمتهم المختلف معه سياسيًا قوية، رغم هذه الخلافات فيكون الدافع للمرافعة هو دافع إنسانى بحت.