شهور قليلة تفصل المصريين عن الانتخابات الرئاسية المقبلة، والمفترض إجراؤها في منتصف عام 2018، في الوقت الذي يتهم فيه سياسيون السلطة الحالية، بالبحث عن سبل عديدة وطرق مختلفة، للإطاحة والتخلص من مرشحي الرئاسة المحتملين. إذ قالوا إن "السلطة تعمل بكل ما أوتيت من قوة على استخدام أذرعها المختلفة للوصول لهذا الهدف، فتارة تستخدم الأذرع الإعلامية، وأخرى تلجأ للبرلمان، وثالثة تعتمد على الشخصيات الموالية لها والتي تحركها وقتما شاءت؛ لتحقيق ذلك المبتغى في النهاية". وشهدت الفترة الماضية، حملات تم شنها ضد المرشحين المحتمل خوضهم سباق انتخابات الرئاسة 2018، تستهدف تشويه وتلويث سيرة بعضهم، وإلصاق التهم والتشهير بآخرين أمام الرأي العام، ومن بينهما الحصول على تمويلات من الخارج، أو الانتماء لجماعات متطرفة، والحصول على تمويل منها، وغيرها من اتهامات. واقترح أحد المحسوبين على السلطة، إدخال تعديل على قانون الانتخابات الرئاسية، وذلك من خلال إضافة شرط حسن السيرة والسمعة، لمنع أي شخص ذو سمعه ملوثة ومثارة حوله الشبهات بالانتماء لجماعه أو تنظيم إرهابي أو المتعاطفين معهم، دون أن يكون مدرج على قوائم الكيانات الإرهابية ولم يصدر ضده حكم نهائي أو بات للترشح. الدكتور يحيى القزاز، القيادي السابق بحركة "كفاية" قال ل "المصريون"، إن "النظام الحالي يسعى جاهدًا إلى البحث عن سبل عديدة وطرق مختلفة للتخلص من خصومه السياسيين، ومن أي أحد يفكر في خوض انتخابات الرئاسة المقبلة". وفي تصريح إلى "المصريون"، أوضح القزاز، أن "مصطلح حسن السيرة والسمعة لفظ مطاط وغير واضح، ويمكن تفسيره حسب الهوى"، وتساءل: "كيف سيتم التحكم في هذا الأمر، وما هي الأساليب والطرق التي يمكن من خلالها التعرف على سيرة أحد المرشحين وسمعته". وأضاف: "الرئيس الأسبق حسني مبارك في بداية حكمه كانت سمعته جيدة وسيرته حسنة إلى حد ما، لكنها في أواخر عهده أصبحت سيئة ومطعون فيها، ووصل به الحال إلى ما هو عليه الآن، بل تم توجيه تهم كثيرة له، ما بين وسرقه واختلاس واستغلال نفوذ وغيرها". وأشار إلى أن "الطريقة السليمة والصحيحة للحكم على المرشحين من واقع صحيفة الحالة الجنائية للمرشح وما ورد بها، أما ما دون ذلك فهو من باب العبث". وقال القزاز إن "مقدم المقترح كان عليه وهو أستاذ قانون، أن يفسر المصطلح تفسيرًا لا لبس فيه، والابتعاد عن الكلمات الفضفاضة، والتي يمكن إخراجها على تفسيرات متعددة". ورأى أن "هناك كثيرين يحاولون التقرب من النظام الحالي بشتى الطرق، بغض النظر عما إذا كانت مقترحاتهم بها فائدة أم لا"، مشيرًا إلى أن "القانون تم وضعه ولا يجوز الآن إضافة تعديلات أخرى عليه". بينما قال المحامي طارق نجيدة، إن "شرط حسن السير والسمعة في المرشح الرئاسي ليس بالأمر الجديد، فالقضاء والفقه الإداري أجمعا من قبل على أن كل من يتقلد منصب تنفيذي أو نيابي يجب أن يتوافر فيه حسن السير والسمعة". وأضاف ل"المصريون": "الاقتراح يعد جزءًا من سلسلة قضايا غير ذات أهمية يتم إثارتها بهدف افتعال حالة غير موجودة، والإيحاء بأن هناك حياة قانونية في مصر، وأن الانتخابات الرئاسية قائمة على أسس قانونية سليمة". وأشار إلى أن "شرط حسن السير والسمعة يقوم على أساس استبعاد كل من أثير حوله الشبهات أو الشك، دون اشتراط أن يكون قد أدرج على قوائم الإرهاب أو صدر حكم قضائي نهائي وبات ضده، كما حدث مع المطربة سما المصري واستبعادها في الانتخابات الماضية طبقا لمفهوم الثقة والاعتبار". وطالب الدكتور صلاح فوزى، رئيس قسم القانون الدستوري، بجامعة المنصورة بإجراء تعديل على قانون الانتخابات الرئاسية الصادر برقم 22 لسنة 2014 في مادته الأولى الخاصة بالشروط الواجب توفرها في المرشح للانتخابات الرئاسية، بإضافة شرط حسن السيرة والسمعة، وذلك بما يمنع أي شخص ذو سمعه ملوثة ومثارة حوله الشبهات بالانتماء لجماعه أو تنظيم إرهابي أو المتعاطفين معهم، دون أن يكون مدرج على قوائم الكيانات الإرهابية ولم يصدر ضده حكم نهائي أو بات. وقال فوزي في تصريحات صحفية، إن "القضاء والفقه الإداري مجمع على ضرورة توافر هذا الشرط ويؤكد ذلك حكم صادر في الدعوى رقم 7841 لسنه 69 ق الصادر في 19 سبتمبر 2015، جاء فيه: "لما كانت كل من نصوص قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون مجلس النواب لم يشترط فيهم السيره الحميدة وطيب الخصال ضمن الشروط اللازم للترشح لكن ذلك يعد شرطًا عامًا متطلباً فى كل من يتقلد منصب تنفيذى أو نيابى باعتباره من الشروط المقترحة فى كل شخص وبدون توافر هذه الصفة تختل الأوضاع وتضطرب القيم فى جميع مناحى العمل". وشدد على أن الأمر لا يحتاج فى التدليل عليها صدور أحكام قضائية خاصة بها إنما يكفى فى هذا المقام وجود شبهات أو دلائل تلقى بظلال الشك على الشخص المترشح حتى يتهم بسوء الخصال".