منذ قيام ثورة 25 يناير 2011، وحتى هذه اللحظة والوضع مضطرب تارة، ومتأزم أخرى، وكثير من الناس لم يعد لديهم أمل فى أن الأوضاع من الممكن أن تستقر فى القريب العاجل، وإن كنا نأمل فى انتخابات الرئاسة التى بدأت بالفعل، لأن الكثيرون لم يعد لديه الإدراك الكامل بمن هو الحاكم الفعلى للبلاد، ودخلنا فى مراحل عدة أشبه بالمتواليات العددية وكل مسئول يلقى بالتبعة على الآخر ولا أحد يريد تحمل المسئولية وحدث الانفلات الذى حذرنا منه كثيرًا فى كثير من الأماكن، وأصبح الهرج والمرج وانعدام الاحترام سيد الموقف فى كل الحالات، لذلك لم يعد أمامنا إلا الصبر حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية وإعلان رئيس للدولة، وعندها فقط نتمنى أن ينصاع الجميع إلى القانون طوعًا أو جبرًا لأن الوضع لم يعد من المقبول السكوت عليه أو تجاهله بهذا الشكل، والذى يبدو للكثير بأنه مشهد عبثى وكارثى بامتياز تقف خلفه جماعات المصالح القديم منها بما تملك من الثروات التى نهبت من هذا البلد أو أصحاب المصلحة الحاليين وخوفهم على تضرر مصالحهم ومن ثم هم يغضون الطرف عما يحدث جهارًا نهارًا. الجميع يتساءل، والكل منقسم على الكل، وموجة التشكيك والتشويه غير مسبوقة تحدث الآن خاصة مع تداعى الأحداث المأساوية والمتكررة من ماسبيرو إلى أحداث العباسية الأخيرة والتى لا يعرف أحد لها مبررًا مقنعًا على الإطلاق، اللهم إلا فى غالبية الأحيان يظهر من يقول إنه اعتداء للبلطجية على المتظاهرين أو المعتصمين، وهذا ليس مبررًا على الإطلاق لأنه فى كل مرة تراق الدماء من الثوار ولا أحد يقبض على البلطجية بشكل كامل. لذلك يجب على الجميع القبول بنتيجة الانتخابات، طالما أنها ستجرى فى جو من الحرية والديمقراطية وعلى مرأى ومسمع من الجميع ونحن نثق فى حسن اختيار الشعب لقائده فى المرحلة القادمة، وعلى جميع السلطات أن تخضع لحكم الشعب والديمقراطية، وألا تحاول جهة من الجهات أو سلطة من السلطات أن تهيمن على الأوضاع أو تضغط للحصول على بعض المكاسب الضيقة لمنتسبيها على حساب الوطن وبقية أفراده، فالكل فى هذا البلد شركاء كاملو الحقوق وعليهم كل الواجبات تجاه هذا الوطن. يلى ذلك وبعد تسليم مقاليد الأمور إلى الرئيس الجديد، إعادة هيكلة مؤسسات الدولة كاملة، فكل مؤسسة يجب أن تكون هى المهيمنة على منتسبيها، فلا يصح أبدًا أن كل مواطن له بعض المطالب الفئوية أن يحشد بعضًا من زملائه ومحبيه ويتجهوا إلى المدير المسئول أو رئيس العمل أو حتى الوزير المختص ليمنعوه من تأدية عمله أو تحطيم أثاث مكتبه أو التطاول عليه بحجة حق التظاهر لأى سبب كان، لأنه سيكون هناك فى ظنى تعامل جديد مع القانون بحيث يطبق بكل قوة وحزم وعلى الجميع سواء، لأن ما يحدث الآن هو شىء مهين ومسىء لسمعة هذا البلد وحكامه الحاليين وشعبه العظيم الذى تحمل دائمًا مغامرات حكامه فى السابق، وأصبح اليوم غير قابل بالمرة لتحمل أى شخص يريد أن يغامر بهذا الوطن. من أجل ذلك، يجب علينا جميعًا - نحن المصريين - أن ندقق فى اختيار رئيس الجمهورية القادم بكل تجرد وشفافية وبدون تعصب لأحد من المرشحين وإن كنت على المستوى الشخصى، لا أفضل أى واحد من النظام السابق، هذا النظام الكئيب والذى لا نريده أن يتبوأ السلطة مرة أخرى حتى لا يعيدنا إلى عصور الظلام والاستبداد مرة أخرى، لأن ما فعلوه بالشعب والوطن يحتاج إلى سنوات طويلة من التدقيق والفحص والتحقيق أيضًا للوقوف على نفسية وسيكولوجية هؤلاء ومعرفة كيف ولماذا فعلوا بنا ما فعلوا. كل ما نتمناه فى هذه الأيام هو أن يوفى المجلس الأعلى للقوات المسلحة كما وفى من قبل بانتخاب رئيس للجمهورية فى انتخابات شفافة ونزيهة، حتى نبدأ أولى خطوات الحرية والديمقراطية الحقيقية، وحتى يستعيد المواطن المصرى كرامته وعزته بين الأمم وإن كان هذا سيغضب البعض، ولكن حينما سيثبت لهم نجاح التجربة المصرية فى الديمقراطية والعدالة والحرية سيتغيرون من تلقاء أنفسهم أو يغيرون، لأن هذه هى سنة الله فى الأرض. [email protected]