انتحال لرجال دين مغاربة معروفين.. التكلفة تبدأ بكروت شحن قيمتها 300 جنيه.. والمقر "سري" بشرم الشيخ! السفير المغربي: إعلانات الشيوخ المغاربة انتحال لشخصيات عامة لا يعلمون بأنه يتم النصب بأسمائهم عمدة المغاربة فى مصر: ليسوا مغاربة بل مصريون وليبيون دجال واحد لكل 240 مواطنًا.. و15 مليار جنيه سنويًا فاتورة السحر والشعوذة "حماية المشاهد": لا بد من سن تشريع لتنظيم صناعة الإعلانات قانوني: لا توجد تصاريح لتأسيس ما يسمى بمراكز الرقية الشرعية.. و7 سنوات عقوبة ممارسة السحر
بالرغم من التقدم الهائل الذى وصل إليه العالم، ومن الثورة التى أحدثتها مواقع التواصل الاجتماعى وغيرها فى المجتمعات العربية، وتقدم العلم، إلا أننا نرى المتعلم والأمى يتساوون أمام السحر والدجل، المثقف والجاهل، الرجل والمرأة، الطفل والعجوز، طالما أن هناك مشكلة قد استعصى حلها بالطرق التقليدية، بات باب المشعوذ هو الأمل الأخير الذى قد يطرق عليه الجميع سعيًا لتحقيق آمالهم وأحلامهم. وفى محاولة منا للتواصل مع مَن يسمون أنفسهم معالجين روحانيين، أمثال الشيخة خديجة المغربية والشيخ حسن الكتاتنى، من خلال الأرقام المعلنة فى التلفاز من خلال عدد هائل من الإعلانات تعج بها القنوات الفضائية دون رقيب ولا حسيب عليها، ويبيعون من خلالها الوهم للناس، تكشف لنا أن الكثير من المصريين قد سقطوا فى براثن هؤلاء. تواصلنا مع أحد رجال الشيخة أم خديجة المغربية من خلال الأرقام المعلنة على شاشات القنوات الفضائية، والذى رد متسائلاً «أول مرة تكلمينا»، أجبته: نعم أول مرة وأريد جلب زوج لأننى تأخرت عن الزواج وأبلغ من العمر 35 عامًا، سألنى عن اسمى ومحل إقامتى، ثم قال إن الكشف تصل تكلفته إلى 300 جنيه يتم تحويلها على رقم الشيخة عن طريق «كروت شحن» فودافون أو اتصالات بالمبلغ، وإرسال البيانات مثل الاسم والعمر واسم الوالدة ومحل الإقامة وتاريخ الميلاد، وبعدها يتم التواصل مع الشيخة وعرض المشكلة وحلها تليفونيًا، لأن المقر فى شرم الشيخ. وعند الاستفسار عن كيفية الوصول إلى مقر المركز الخاص بهم للعلاج كما يطلقون عليه، أجابنى: "مقرنا فى شرم الشيخ" وعندما حاولت معرفة العنوان بالتحديد تهرب من الإجابة وأكد لى أنه عند وصولى لشرم الشيخ يمكننى التواصل معهم من خلال التليفون ليرسلوا مندوبًا يصطحبنى لمقرهم. بالمصادفة عند سؤالى لإحدى السيدات "ا. ف"، والتى تواجدت فى إحدى العيادات لإجراء الفحوصات الطبية لرغبتها فى الإنجاب، والتى تزوجت منذ 6 سنوات ولم ترزق بأطفال حتى الآن، أفصحت عن تجربتها مع الشيخة أم خديجة المغربية بعد أن أطل علينا الإعلان الخاص بها، لتقول: بعد أن سلكت كل السبل وجربت كل الحيل مع الأطباء فى مصر وفى الخارج بدأت أفكر تلقائيا أن هناك شيئا ما خارج عن إرادتى أنا وزوجي٬ وبالفعل قمت بهذه المحاولة أملاً فى الإنجاب. وتكمل: بالفعل قمت بالاتصال على أحد الأرقام المرفقة فى الإعلان التليفزيوني، وطلبوا منى إرسال مبلغ مالى قدره 300 جنيه حتى أتمكن من الوصول للشيخة لتعالجنى على الهاتف، وبالفعل أرسلت لهم هذا المبلغ فى شكل كروت شحن، وفوجئت بصوت رجل يحدثنى ولكن بدا عليه التحدث باللهجة الصعيدية، ولم ألاحظ عليه أنه يتحدث بلغة غير مصرية، فتسلل الشك إلى قلبى وعندما أصررت على أن يصلنى بالشيخة ادعى أنها خارج مصر فى الوقت الحالى وأنه يستطيع علاجى خلال أيام فى حال استكمالى الحديث معه، وإرسال مبالغ أخرى كما فعلت فى أول الاتصال. ليسوا مغاربة نفس الواقعة تكررت مع "نجاة ممو" عمدة المغاربة بالقاهرة، والتى حاولت التواصل مع أحدهم لمعرفة الحقيقة فى هذا الأمر الذى ساءها لأنه يسيء للمغاربة فى مصر، بحسب تعبيرها، والتى قدمت نفسها على أنها سيدة مطلقة وترغب فى الرجوع لزوجها، لتحكى تجربتها: "تحدثت للشيخ حسن الكتانى فى محاولة منى لمعرفة حقيقة هؤلاء الذين يبيعون الوهم للناس"، مضيفة: "أخبرته بأننى مطلقة وأريد أن يعيدنى زوجى على ذمته بعد طلاق سنتين، فأجابنى بلهجة مصرية، الأمر الذى أدهشنى وأكد شكوكى بالطبع بأنها مجرد عمليات للنصب والاحتيال، وعندما وجهت له بعض الكلمات باللهجة المغربية تهرب منى ولم يعرف معانى هذه الكلمات وطلبت منه التحدث بالمغربية باعتباره مغربى الجنسية فأجابنى بأن أجداده مغاربة، ثم أنهى المكالمة". واستكملت "نجاة"، فى حديثها مع "المصريون": "لو أن المغرب بلد السحر كما يقال عنه فإنه يعانى من ارتفاع نسبة الطلاق، حيث تعمل محكمة الأسرة من الثامنة صباحا حتى الثانية عشرة مساء، ولم تسافر المغربيات وتتزوج من مصريين حيث يتواجد بمصر 18 ألف مغربية 6 آلاف منهن مطلقات، فالأولى أن يستعن بهم لردهن لأزواجهن، موضحة أن اشتهار المغرب بالسحر يرجع إلى منطقة هناك تسمى "أغادير" يوجد بها حفظة القرآن وبها كتاتيب، لذلك يذهب إليها من يعانى من المس الجنى ليعالجه الشيوخ بالقرآن، بالإضافة إلى انتشار البحث عن الكنوز فى مصر والاستعانة بشيوخ من المغرب لإخراجها، الأمر الذى أذاع قدرة المغاربة واشتهارهم بالسحر. فيما ترى عزيزة، وهى مغربية مقيمة بمصر، أن أغلب الشيوخ الذين تترد أسماؤهم على القنوات مصريون وليسوا مغاربة، يستغلون جهل بعض المواطنين وفقرهم للنصب عليهم، مؤكدة أنها قابلت أحد المشايخ الذين يدّعون أنهم من المعالجين الروحانيين، وأنه مغربى الجنسية فى محافظة أسوان، وواجهته بأن يثبت أنه مغربى الجنسية، ثم اكتشفت أنه ليبى وينتحل صفة شخصية مغربية. وأضافت "عزيزة"، فى حديثها، أن الناس فقدوا إحساسهم وإيمانهم بالقدر والمكتوب وبدأوا يتوجهون إلى أن هناك بشرًا يمكنهم تغيير القدر، ورد المطلقة وزيادة الرزق وما إلى ذلك من ادعاءات ليس لها وجود، متابعة: أن أى تجارة ترتدى لباس الدين "رابحة" فالمشكلة لدينا هى مشكلة ضمير. 15 مليار جنيه سنويًا فاتورة السحر والشعوذة قال أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، إن هناك 15% من المصريين يتراوح معدل إنفاقهم ما بين 50 ألفًا إلى 2 مليون جنيه سنويًا، مضيفًا أن هناك شريحة تنفق من 30 ألفًا إلى 50 ألف جنيه سنويًا، بالإضافة إلى شريحة أخرى تنفق من 20 إلى 30 ألف جنيه فى العام، والشريحتان تمثلان 57% من سكان مصر، وهؤلاء ليسوا فقراء. ووفقا لدراسة قام بها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، فإنه وعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية السيئة التى تمر بها البلاد، فقد وصل إنفاق المصريين إلى حوالى 15 مليار جنيه سنويًا على قراءة الطالع وفك السحر والعلاج من الجان. وأكدت الدراسة، أن هناك 274 خرافة تسيطر على سلوك أهل المدن والريف، كما أكدت وجود 350 ألف شخص يزعمون قدرتهم على علاج الأمراض عن طريق تحضير الأرواح، و300 ألف آخرين يزعمون علاج الأمراض والمس من الجانى بالقرآن والإنجيل، كما كشفت الدراسة عن وجود حوالى مليون مصرى على الأقل يعتقدون أنهم ممسوسون بالجن. وأوضحت الدراسة، أن هناك دجالاً واحدًا تقريباً لكل 240 مواطنًا مصريًا، تتم الاستعانة بهؤلاء الدجالين لكشف الغيب، كما خلصت إلى أن 50٪ من النساء المصريات يعتقدن بقدرة الدجالين على حل مشاكلهن وأنهن الأكثر إقبالاً من الرجال وأن 63٪ من المصريين يؤمنون بالخرافات والخزعبلات ويمثل الفنانون والسياسيون والمثقفون والرياضيون منهم نسبة تصل إلى 11٪. وأكد مركز الدراسات الاقتصادية المصري، أن الإنفاق على أعمال السحر والشعوذة فى مصر يمثل المرتبة الخامسة فى حياة المواطن، لافتًا إلى أن الإنفاق على تعليم الأبناء يمثل 45% من إجمالى دخل الأسرة، و12% على المحمول و15% على الغذاء، وباقى النسبة يتم إنفاقها على السحر والشعوذة والدجل. وأضاف المركز، أن الإنفاق على السحر والشعوذة والدجل يزداد نسبته كلما كان مستوى الدخل أقل، وكلما ابتعدت الأماكن من الحضر، أى أن هذه النسب تزيد فى الريف والصعيد، حيث ينتشر الجهل والفقر، وهما العنصران الأساسيان لتغذية هذا النوع من الإنفاق. السفير المغربي: إعلانات الشيوخ المغاربة انتحال لشخصيات عامة كشف محمد سعد العلمي، سفير المغرب فى مصر، عن أن هذه الإعلانات التى يتم بثها على عدد من القنوات، تعد انتحالاً لبعض الشخصيات المغربية المعروفة، بالإضافة إلى صورهم وتقديمهم على أنهم معالجون مغاربة، وهم بعيدون كل البعد عن مثل هذه الممارسات، مؤكدًا أن الشخصيات التى يتم الإعلان عن أسمائهم هذه لا يعلمون بعمليات النصب بأسمائهم وغير موجودين بالقاهرة من الأساس. وأوضح "العلمى"، فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، أن معظم هذه الشخصيات علماء ورجال دين معروفون فى المغرب يتم استغلال أسمائهم فى هذه الأعمال، معتبرًا أن انتشار الإعلانات من هذه النوعية غير أخلاقي، ولا بد من إيقافها استنادًا لميثاق الشرف الإعلامى والأخلاقى للحد من هذه الظاهرة المسيئة. وأكد سفير المغرب بالقاهرة، أن المشعوذين بالمغرب لم يعد لهم وجود، واندثرت هذه الظاهرة بشكل كبير على مدار السنوات الماضية، وفقا لتطور المجتمع المغربى وانفتاحه، وبالتالى تقلصت هذه الممارسات وفى طريقها للانتهاء مع تطور الوعى المجتمعى وانتشار التعليم ووسائل التواصل الاجتماعى والإعلام، الذى يقوم بدوره فى التنوير للحد من هذه الموروثات والظواهر القديمة، قائلا: "السحر انتهى من المغرب". قانونى: 7 سنوات عقوبة ممارسة السحر ومن الناحية القانونية، يقول إيهاب راضى، المحامى، إنه لا يوجد قانون يسمح بتأسيس ما يسمى بمراكز "الرقية الشرعية"، وإن أجهزة الدولة الرقابية متغافلة عن مثل هذه المراكز، ولا بد أن تستفيق لهذه المراكز، حيث إن قانون مواجهة ظاهرتى الدجل والشعوذة تم إصداره عام 1960 لم يتم تغييره أو تجرى عليه أى تعديلات منذ ذلك الحين، مؤكدًا أن المراكز المسموح لها بممارسة العلاج فى مصر هى المراكز الطبية التى يوجد لديها تصريح من وزارة الصحة ونقابة الأطباء فقط. ولفت راضى، إلى أن القانون يعتبر ممارسة أعمال الدجل والشعوذة، جنحة عقوبتها الغرامة والحبس وإذا ما ارتبطت بجريمة النصب تزيد مدة العقوبة إلى ما يقرب من سبع سنوات، لذلك يجب العمل بالقانون للحد من هذه الظاهرة التى تمثل خطرًا على المجتمع ككل. فوضى الإعلانات ويرجع الدكتور حسن على، أستاذ الإعلام ورئيس جمعية حماية المشاهدين والمستمعين، سبب فوضى هذه الإعلانات إلى أن معظم القنوات التى تبث هذه الإعلانات المضللة، من خارج مصر وليست داخل البلاد، ومن خلال أقمار على نفس مدار القمر الصناعى المصرى "نايل سات"، لذلك يسهل التقاطها، مضيفًا أنه يمكن لأى شخص أن يتقدم لدفع رسوم بمدينة الإنتاج الإعلامى فى كل من الأردن ودبى لفتح قناة بمبالغ زهيدة. وأوضح علي، أن مجال صناعة الإعلام فى مصر من الملفات الخطيرة والمهمة والتى تحتاج إلى جهود كبيرة بدءًا من إعلانات الطرق والميادين والطرق السريعة، والتى تعج بالفساد، وعلاقتها بالتنسيق الجمالى والحضاري، وصولا إلى إعلانات الأدوية والأغذية والسحر والشعوذة المنتشرة على الفضائيات، مشيرا إلى أنه لا يوجد فى مصر قانون خاص بصناعة الإعلانات، بالإضافة إلى جهاز حماية المستهلك، الذى لا يمتلك الأدوات التى تمكنه من المتابعة والنقد للإعلانات الموجودة فى السوق لحماية المواطن المصرى فى غذائه ودوائه. وناشد بضرورة سن تشريع خاص بتنظيم صناعة الإعلانات فى مصر، وسرعة إعلان تشكيل المجلس الأعلى للإعلام والذى بدوره تنظيم العمل الإعلامى بكل أشكاله وصوره.