عدلى: النظام يبدأ عهدًا جديدًا لمطاردة الحقوقيين.. راغب: عقاب لدورهم.. ورئيس مركز النديم: "الشباك الصغير اللى بيدخل للشعب طاقة نور الدولة بتقفله" "الدولة تستهدف بقرار منع الحقوقيين من السفر تكميم الأفواه"، هكذا علقت ماجدة عدلي، رئيس مركز "النديم"، على قرار منع نشطاء حقوقيين, آخرهم عايدة سيف الدولة مؤسسة المركز من السفر إلى الخارج. حقوقيون رأوا أن قرار المنع من السفر بحق العديد منهم يأتى في إطار سياسة التنكيل الذى ينتهجها النظام ضدهم لمعاقبتهم على دورهم في التصدى لممارسته القمعية. وقال المحامى والناشط الحقوقى, مالك عدلى، أحد الذين منعوا من السفر مؤخرًا، إن "الدولة تركت المجرمين وفلول رجال مبارك وبدأت عهد جديد من مطاردة الحقوقيين"، مضيفًا: "إذا كان من حق الدولة منع الحقوقيين من السفر للخارج فإنه كذلك من حق الحقوقيين أن يعرفوا أسباب منعهم من السفر". واعتبر عدلي في تصريح إلى "المصريون"، أن "قرارات المنع من السفر الغرض منها تحجيم الحقوقيين وعقابهم على دفاعهم عن الحقوق والحريات"، موضحًا أن "الفترة القادمة ستشهد قرارات منع من السفر بالجملة لكل من يغرد خارج السرب". وأشار الناشط الحقوقى، إلى أن هذه الإجراءات ليست بالغريبة على النظام الحالى الذى لا يجد حرجًا فى تحديد من يخرج فى وسائل الإعلام ومن يسافر إلى الدول الأخرى ومن يقوم بسحب أمواله من البنوك ومن يحرم منها بقرارات التجميد. وقال المحامى والناشط الحقوقى، أحمد راغب، أحد الذين منعوا من السفر فى الفترة الأخيرة، إن "قرار المنع من السفر ظاهره أنه إجراء قانونى احترازى، إلا أنه يستخدم فى الآونة الأخيرة استخدامًا سيئًا يشير إلى أنه عقاب للشخصيات الحقوقية على أداء ما تقوم به من أدوار للدفاع عن حقوق الإنسان". وأضاف راغب ل"المصريون"، أنه "حينما تقوم السلطات بمنع شخصية من السفر فإنها تخطره بأسباب المنع، موضحًا أنه لم يعرف حتى يومنا هذا ما الأسباب وراء منعه من السفر، حيث لم يسبق أن تم استدعاؤه من قبل النيابة أو توجيه أية اتهامات له. وأشار إلى أنه حاول الاستعلام من الجهات المختصة إلا أنهم رفضوا إخباره، لافتًا إلى أنه لم يحاول السفر ثانيةً منذ المرة الأخيرة، مؤكدًا أن ما تقوم به السلطات تجاه الحقوقيين يعد مخالفًا للقانون. وفى السياق السابق، وصفت ماجدة عدلي، رئيس مركز النديم، ما يحدث فى حق الحقوقيين من جانب السلطة القائمة بأنه "مهزلة"، موضحة أن الأمر يتعلق حتما بطبيعة عملهم، لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب. وأضافت "منع عايدة سيف الدولة من السفر لا ينفصل عن السياق العام الذى تتكرر فيه قرارات المنع بشكل ملحوظ بحق نشطاء وحقوقيين كأحمد راغب، وعزة سليمان وغيرهما"، وتابعت: "البلد معدش فيها منفذ هوا.. والشباك الصغير اللى بيدخل للشعب طاقة نور الدولة بتقفله". وأشارت إلى أن الدولة تستهدف بقرارها هذا تكميم الأفواه، داخليًا وخارجيًا، فضلاً عن ممارسات النظام القمعية تجاه المراكز الحقوقية، من تجميد الحسابات البنكية مما أدى إلى عجز المراكز عن دفع الإيجار، بحسب قولها. وتابعت: "مع الأسف النظام على درجة من تغييب العقل، والعالم لم يعد بحاجة إلى ناشط ليخبره عن أوضاع حقوق الإنسان فى بلد ما، فالإنترنت جعل العالم قرية صغيرة". وكشف تقرير مشترك صدر الأربعاء بين مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، عن توسع الأجهزة الأمنية بمشاركة أطراف قضائية، فى استخدام المنع من السفر بالمطارات المصرية. وأكد التقرير، أنه يتم استخدام المنع من السفر كأداة "غير قانونية وغير دستورية للتنكيل السياسى والمعنوى بالحقوقيين، بالإضافة إلى الأكاديميين والإعلاميين والمعارضين، عقابًا لهم على الانخراط فى العمل العام والتعبير الحر عن الرأى والدفاع عن حقوق مواطنيهم، وكأداة ابتزاز تستهدف جمع معلومات بطرق غير قانونية عن أقارب وأصدقاء الممنوعين من السفر". وقالت المنظمتان، إن "التوسع المتزايد فى استخدام المنع من السفر صار أحد أبرز آليات القمع فى مصر، وتحول إلى ردع وإرهاب غير مباشر للمصريين داخل البلاد وخارجها". التقرير الذى يغطى الفترة من يونيو 2014 وحتى سبتمبر 2016، وجاء تحت عنوان "ختم عبور"، ناقش مسألة غياب وجود قانون ينظم إجراءات المنع من السفر وكشوف الممنوعين، وتخويل هذه السلطة لقرارات وزير الداخلية التى لا ترتقى لمرتبة القانون. الجدير بالذكر، أن حالات المنع من السفر، امتدت إلى ما بعد الفترة الزمنية التى يغطيها التقرير، حيث إنه خلال شهر نوفمبر فقط، تم منع كل من المحاميين الحقوقيين مالك عدلى وأحمد راغب، والمدافعتين عن حقوق الإنسان عزة سليمان وعايدة سيف الدولة. وأضاف التقرير، أنه "على مدى 18 شهرًا، تحول المنع من السفر من إجراء احترازى يصدر بأمر قضائى وفقًا لضوابط صارمة ضد متهمين فى قضايا يخشى من هروبهم من العدالة، إلى عقوبة تعسفية تصدر بأوامر أمنية وقضائية على حد سواء ضد النشطاء السياسيين والحقوقيين، كوسيلة للتنكيل السياسي، وعقابًا لهم على تبنى آراء ومواقف لا تتفق مع التوجه العام للنظام الحاكم وأجهزته الأمنية، وذلك ضمن حزمة من الإجراءات الانتقامية ارتفعت وتيرتها على نحو غير مسبوق خلال العامين المنصرمين". وفى هذا الصدد، قال محمد ذارع عضو مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الممنوع من السفر: "من المخجل أن يتساوى القضاء مع الجهات الأمنية فى انتهاك الدستور، وتوظيف المنع من السفر كإجراء انتقامى ضد أصحاب الآراء المستقلة أو المعارضة". ويصنف التقرير الممنوعين من السفر إلى: ممنوعين بموجب "تعليمات أمنية"، وآخرين تم منعهم بموجب أمر قضائي- سواء بقرار من النائب العام أو قضاة التحقيق. واعتبر زارع، أن لجوء القضاء للممارسات نفسها التى تتبعها الجهات الأمنية يعكس بشكل واضح مدى التردى الذى أصاب السلطة القضائية لتتحول لأداة للتنكيل السياسى على حد قوله. أغلب حالات المنع من السفر، التى وثقها التقرير واقترب عددها من 80 حالة، شهدت ممارسات وإجراءات غير قانونية مصاحبة لإجراء المنع، منها على سبيل المثال تعرض الممنوعين لتحقيقات غير قانونية وتوقيفهم واحتجازهم لساعات، وتفتيش حقائبهم وإجبارهم على فتح حواسبهم وهواتفهم الشخصية وفحص محتوياتها. وأشار إلى أنه تتم مصادرة أوراق الممنوعين من السفر وما بحوزتهم من مطبوعات أو إصدارات، ناهيك عن مصادرة جواز السفر الخاص بهم- وإتلافه أحيانًا- وإجبارهم على التوجه لأحد مقار الأجهزة الأمنية، حيث يخضعون لتحقيقات جديدة ويتلقون رسائل التهديد والترغيب. وتابع: "مكالمة هاتفية من جهة أمنية بإدارة الجوازات غالبًا ما تقرر مصير المسافرين المطلوبين، فإما أن تسمح لهم بالمرور أو السفر مؤقتًا أو تقرر منع السفر أو الدخول لأجل غير مسمى، وبمكالمة أمنية أخرى يتلقاها الممنوع من السفر يتبين له كيف يمكنه استرداد جواز سفره المصادر". وبحسب الشهادات الموثقة فى التقرير، فقد تلقى معظم الممنوعين مكالمة تليفونية من جهة أمنية فى غضون ثلاثة أسابيع تطلب منهم الحضور إلى أحد مقار الأجهزة الأمنية الأمن الوطنى فى معظم الحالات- لاسترداد جواز السفر إلا أنه وفى بعض الحالات لم يتلق الممنوعون تلك المكالمة، مثلما حدث مع الحقوقى محمد لطفى المدير التنفيذى للمفوضية المصرية للحقوق والحريات وغيره ممن فشلوا حتى فى استصدار جواز سفر جديد. وأردف: "أما من تلقوا منهم تلك المكالمة، ونفذوا الاستدعاء غير الرسمى فقد تعرضوا لتحقيق مطول تحت مسمى دردشة تلقوا فيه رسائل التهديد والوعيد، وتم استجوابهم حول آرائهم السياسية- بما فى ذلك رأيهم فى الرئيس الحالى وبأسئلة حول زملائهم وأصدقائهم من العاملين فى المجال نفسه –السياسى أو الحقوقي- وانتهى اللقاء بتوصية بضرورة إخطار الأجهزة الأمنية قبل أى سفر للخارج بما فى ذلك غرض وجهة السفر والجهة الداعية والمضيفة، والزملاء المسافرين، وغيرها من المعلومات الكفيلة بمنع المسافرين من مجرد التفكير فى السفر حتى ولو رفع حظر السفر عنهم". وقال محمد عبدالسلام الباحث بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، إن الأجهزة الأمنية اعتبرت أن غياب التشريع المنظم لقرارات المنع من السفر يعنى إطلاق يدها فى التضييق على النشطاء السياسيين والحقوقيين والصحفيين والأكاديميين، واستخدام المنع من السفر كعقوبة للتعبير الحر عن الرأي، فى انتهاك واضح لحكم القانون والمواثيق الدولية.