لم تهتم المعارضة المصرية صحفا و أحزابا بمحنة المعارض أيمن نور ، رغم ان بطبيعة عمله يعتبر نقطة من المفترض أن يلتقي عندها "تضامن" كامل الطيف السياسي المصري معه في محنته. فالرجل صحفي ، عضو نقابة الصحفيين المصريين ، و محامي مقيد بجداول نقابة المحامين ، و رئيس حزب سياسي مرخص له من قبل الدولة .. و معارض سياسي ، و يعتبر بحسب نتائح الانتخابات الرئاسية الأخيرة "وصيف الرئيس" و هو الأحق في تقديري بمنصب "النائب" لرئيس الجمهورية .. ! و مع ذلك تقاعست كل هذه الجهات في التضامن مع "زميل" سواء على المستوى المهني أو على المستوى السياسي .. و كان مثيرا للدهشة أن تكتب صحف المعارضة و تهتم فقط ب"العلقة" الساخنة التي تلقاها فاروق جعفر من قبل مشجعي و بعض أعضاء مجلس إدارة نادي الزمالك ..! و اهتمت الصحف "التنويرية " بالدفاع ليس عن العدالة التي انتهكت اجراءتها و ترك الناس يستضعفهم النظام ، و يسومهم سوء العذاب .. و ليس عن 30 ألف معتقل سياسي في سجون النظام منذ ما يقرب من ربع قرن بلا محاكمات .. و ليس عن شهداء الديمقراطية الذين سقطوا تحت أقدام و مصفحات الأمن المركزي ، و رصاص الشرطة الطائش .. و لا عن القضاة الذين ضُربوا و أهينوا .. و إنما اهتموا بالدفاع عن "فيلم الأسانسير" .. و عن الزمالك و الأهلي و الكرة المصرية ، و الفن و الطبل و الزمر المصري ! و في الوقت الذي كان فيه "الليبرالي " أيمن نور يخضع لمحاكمة سياسية ، و ينتظر من يدافع عنه ، كان "الليبرالي " وحيد عبد المجيد مشغولا في صحيفة سيادة اللواء عبدالله كمال ، بتبرير الغاء ديك تشيني زيارته لمصر ، و لم يدخر وسعا في إثبات أن الغائها لا علاقه له بفضيحة التزوير الرسمي العلني و المسجل بالصوت والصورة للانتخابات البرلمانية المصرية ، بل إنه في وقت متزامن مع أقصى درجات محنة أيمن نور ، كان عبد المجيد مشغولا في صحيفة "مرشدي المباحث" بانتقاد مخرجة فيلم "منتهى اللذة " ! و تجاهل أن ينتقد "مخرج" فيلم حبس زميله الليبرالي "أيمن نور" ! و الحال فإن القوى السياسية المصرية تعاني من الكثير من الأمراض ، التي تفرق أكثر مما تجمع فيما بينها .. مثال آخر نسوقه في هذا الإطار : إذا قالت المعارضة أن ثمة مشاورات بين الأحزاب الرئيسية المصرية ، تذكر الوفد و الناصري و التجمع .. و تتجاهل حزب العمل ! رغم إن حزب العمل كان و لا يزال أقوى تلك الأحزاب التي تسمى "احزاب شرعية " .. و اول من فتح ملفات فساد كبار رموز السلطة و دفع ثمنها من حرية و مستقبل صحافييه و أعضائه .. و أول من خرج في مظاهرات في الشوارع قبل حركة "كفاية" غير ان الناس بتنسى و لايزال كل يوم جمعة حتى الآن ، ينظم المظاهرات الاحتجاجية ضد النظام و فساد رموزه في الجامع الأزهر .. و يكاد يكون هو الوحيد من بين القوى السياسية المصرية الذي تنتظم مظاهراته أسبوعيا ! فيما لا تزال الأحزاب "الرئيسية" تناضل من "منازلهم" .. فضلا عن أن تجاهل حزب العمل .. أو دعوته أحيانا على استحياء .. يعد ارضاء للنظام و عدم استفزازه لأنه يحمل ضغينة خاصة لحزب العمل و صحيفة الشعب ! و يعد تسليما لإهدار 14 حكم قضائي لصالح الحزب و صحيفته ! و الطريف : إنه عندما كانت تذكر الصحف أن القاضي الذي سينظر قضية "نور" ، هو ذاته الذي سبق له الحكم على سعد الدين ابراهيم .. كانت ذات الصحف "المعارضة " تتجاهل عن عمد ذكر أن القاضي ذاته هو الذي حبس مجدي حسين و زميله صلاح بديوي !! لماذا يتجاهل الأخرون على هذا النحو الاستفزازي ؟1 لا ندري ! و لكن ما نعلمه أنها الغيرة السياسية و المهنية .. و هي مثل "غيرة النسوان" تشعل النار و الفتن بين الإخوة لأسباب "تافهة" .. فهل يستقيم حال المعارضة بمثل هولاء ؟ [email protected]