هل الحرية في قلعة الرأي «عوراء» تري بعين واحدة فتختار بعض الزملاء وتشد الرحال تضامناً معهم وهو حق لهم لا خلاف عليه بينما تغض الطرف عن زملاء آخرين وكأنهم ليسوا أعضاء بالنقابة تتركهم يصارعون الملاحقات الفضائية والإرهاب الفكري ومحاولات قمع أقلامهم هذه الأسئلة وأسئلة أخري كثيرة تطرح نفسها حول موقف مجلس النقابة المتناقض ومكيالها غير المنصف الذي تكيل به دون معيار منطقي أو ثابت يفسر تجاهلها لحقوق زملاء ومبالغتها في الدفاع عن زملاء آخرين. أحياناً يتحمس أعضاء بالمجلس ويصدرون البيانات تضامناً مع رئيس تحرير صحيفة خاصة أو معارضة يلاحق قضائياً، ويلتزمون الصمت وكأن علي رءوسهم الطير تاركين زميلاً آخر عضواً بلا مظلة نقابية يواجه معاركه الفضائية منفرداً.. والمؤسف أن تضامن أعضاء النقابة قد نجده في قمة توهجه مع رئيس تحرير معارض وخافت تماماً لدرجة العدم مع زميل بنفس الصحيفة يمارس المهنة لكنه ليس ضمن شلة أو محسوب علي تيار سياسي ما. الأمثلة كثيرة تستعصي علي الحصر فعلي سبيل المثال صدر تقرير عن ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الإنسان.. يرصد الدعاوي القضائية التي تلاحق الصحفيين في الفترة من 1 يناير إلي مارس 2009 ومازالت منظورة أمام القضاء حتي الآن أكد أن 57 صحفياً مثلوا أمام القضاء متهمين في 28 دعوي قضائية 26% من الدعاوي اتهامات سب وقذف، وتصدر ياسر بركات رئيس تحرير الموجز الصحفيين الملاحقين قضائياً تلاه في المرتبة الثانية بالتساوي الزميلان محمد علي إبراهيم رئيس تحرير الجمهورية وعادل حمودة رئيس تحرير الفجر واللافت أن 26% من الدعاوي ضد الصحفيين مقامة من سياسيين وحزبيين وبرلمانيين فيما قال التقرير إن المواطن المصري كان الأكثر تسامحاً مع الصحفيين والأقل ادعاء. هذه الإحصائية المعلنة مؤخراً تطرح تساؤلات مشروعة هل رئيس تحرير الجمهورية وجد التضامن من نقابة الصحفيين ولجنة حرياتها وأعضاء مجلسها بما يعادل ما لاقاه الزميل حمودة وهل ذهب أحد أعضاء المجلس لحضور التحقيقات مع بركات، ولماذا لم تنتفض النقابة وأعضاؤها لمواجهة تزايد قيمة التعويضات التي تهدد الصحفيين عندما صدر حكم ضد الزميلين عبدالله كمال رئيس تحرير روزاليوسف وكرم جبر رئيس مجلس الإدارة رغم أن المقال مثار الدعوة انتقد رجال الأعمال الهاربين إلي الخارج بالقروض التي تمثل مدخرات الشعب فيما بلغ قيمة التعويض التي قضت به المحكمة ربع مليون جنيه. طرحنا الأسئلة علي شيوخ المهنة لتفسير التناقض في موقف النقابة التي ينبغي أن تكون مظلة لجميع أعضائها دون تفرقة وبحثاً عن أسباب ما هو كائن، فقال محمد علي إبراهيم رئيس تحرير الجمهورية، خلال الخمس سنوات الماضية أقيمت ضدي 12 دعوي قضائية في قضايا رأي حصلت علي براءة في عدد منها مثل الدعوي التي أقامها ضدي سعد الدين إبراهيم وآخرون حكم ضدي فيها بالغرامة وكذلك الدعوي التي أقامها المستشاران محمود مكي وهشام البسطويسي وكانت الغرامة 50 ألف جنيه ومازالت هناك دعاوي منظورة منها 3 دعاوي أقامها أمام النائب جمال زهران كسبت أحداها واللافت أنه لم يحضر معي عضو واحد من مجلس نقابة الصحفيين في أي من هذه الدعاوي كما لم يتصل بي أحدهم لإعلان التضامن حتي «ولو من باب العشم» علي عكس ما يحدث مع بعض رؤساء تحرير الصحف الخاصة والحزبية التي يسارع أعضاء المجلس للتضامن معهم. وفسر إبراهيم ذلك بأن أعضاء المجلس تسيطر عليهم انتماءاتهم السياسية ومنهم من له موقف معاد للصحف القومية، وبعضهم حول النقابة لجبهات سياسية ويسارعون بالتظاهر علي النقابة حتي مع أصحاب الملاهي المختلفين مع محافظ طنطا وغير ذلك من المظاهرات التي لا علاقة لها بالمهنة حتي تحول سلم النقابة والنقابة نفسها لحزب معاد للدولة. وأضاف إبراهيم أن أعضاء المجلس يزايدون انتخابيا بمن فيهم المنتمون للصحف القومية وبالتالي امساك العصا من المنتصف ويخشون اظهار مواقف مؤيدة لزملائهم بالصحف القومية حتي لو أن الحق معهم وذلك حتي لا يتعرضوا لابتزاز المعارضة وهذا يتطلب موقفا من الصحف القومية فهي تملك اظافر وانياباً قادرة علي الدفاع عن نفسها وكذلك لديها 75% من اصوات الجمعية العمومية لمواجهة من لا يؤدي دوره النقابي بموضوعية دون انحيازات. واستطرد إبراهيم: أعضاء مجلس النقابة يدافعون عن إبراهيم عيسي وعادل حمودة وغيرهما بالصحف الخاصة التي تملك دفع التعويضات حيث يملكها رجال أعمال وعدد العاملين بها محدود ويتجاهل الزملاء بالصحف القومية مستنكرًا تحول الصحف الخاصة إلي ما اسماه ب«صحافة الرقابة علي الصحف القومية لالزام الجميع بتبني رأيهم» متسائلاً لماذا يرفض الزملاء بالصحف المعارضة أن يكون لدي زميل صحفي رأي وقناعة بأن الدولة هي الأقوي وبأهمية دورها في المنطقة طالما يطالبوننا بأن نقبل أراءهم المعارضة؟! ويري سعد هجرس مدير تحرير «العالم اليوم» أن النقابة ترتكب خطأين الأول التضامن مع أي زميل ظالمًا أو مظلومًا وبذلك تحولت من نقابة إلي عصابة تساند الحق والباطل فهناك في المجتمع الصحفي مثل أي فئة مبتزين ومرتشون وفاسد وظالم. والخطأ الثاني بحسب هجرس هو تجاهل النقابة للتضامن مع زملاء يتعرضون لملاحقات وتعسف بسبب رأيهم ومواقفهم وذلك لسبب ليس مهنية. ويري صلاح عيسي رئيس تحرير القاهرة أن القانون ينظم مسألة التضامن النقابي مع الزملاء، حيث اشترط أن يتم استدعاء الزميل للمثول أمام النيابة من خلال النقابة ومن حق الزميل رفض الإدلاء بأي أقوال بدون حضور النقيب أو من ينوب عنه بالمجلس طالما متهم في جريدة نشر، وهناك نوع ثان من القضايا التي تقام فيها دعاوي مباشرة فلا تعلم النقابة بالدعوي وهنا علي الزميل أن يطلب من النقابة إرسال محاميها واحد أعضاء مجلسها وبعض الزملاء لا يخطر النقابة. وأضاف عيسي: بعض الزملاء يرفض أن يصدر له بيان فهو لا يريد أن يصعد أو يروج إعلاميا لقضية منظورة أمام القضاء ومثال رئيس تحرير «روزاليوسف» فكثير من القضايا يمثل فيها أمام القضاء، لكنه لا يتحدث عنها إعلاميا ويفضل عدم النشر وهناك من يسعي للنشر لكن تضامن النقابة إعلاميا يجب أن يكون في القضايا التي يواجه فيها الصحفي سلطة وليس أحاد الناس لأن من حق أي مواطن اللجوء للقضاء ضد صحفي. ورفضت فريدة النقاش رئيس تحرير الأهالي أن يكون هناك انتقائية في مواقف النقابة مع الزملاء، مضيفًا: بل هناك سوء إدارة للنقابة ناجم عن صراع سياسي جذري بين أعضاء المجلس تجلي في صورة مساندة بعضهم للمثفقين معهم سياسيا وتجاهل معارضيهم، مؤكدة أن تضامن النقابة مع جميع الزملاء يجب أن يكون علي قدم المساواة وذلك يكسبها أرضا جديدة في الحياة السياسية وتؤكد مصداقيتها في دفاعهم عن حرية الرأي والتعبير. ورأي سعيد شعيب رئيس مركز «صحفيون متحدون» أن المواجهة تكون من خلال تعديل القوانين للضرب بقبضة من حديد علي أيادي المتجاوزين للمهنة وتجار الإعلانات وضبط جداول القيد بالنقابة لمنع دخول من ليسوا مهنيين ومنح المهنيين حقهم في القيد لإعادة تصحيح الجمعية العمومية التي غلب عليها الصحفيون العشوائيون ممن دخلوا النقابة بدفع المبالغ المالية لرؤساء التحرير ومن يمنحون أصواتهم لأعضاء المجلس علي أسس قبلية وعشائرية أو لخطوط تليفونية بين مؤيد ومعارض وكذلك العقوبات التي توقع علي الصحفيين فالأحكام تصدر بحكم المؤبد للحزب الوطني والمعارض له. وطالب شعيب الجمعية العمومية باتخاذ موقف للمطالبة بتشريعات جديدة تحمي الصحفيين لوضع حد أقصي للتعويض حتي لا تترك للسلطة التقريرية للقاضي فتأتي فوق احتمال وقدرة الصحفي علي الدفع، لافتًا إلي أن علي المجلس الدفاع عن حريات جميع الزملاء بلا انتقائية أو حسابات سياسية. من جانبه، كشف ياسر بركات أنه ملاحق ب52 دعوي قضائية مشددا علي أن مجلس النقابة لم يرسل ولو لمرة واحدة أحد أعضائه للتضامن معه أو حضور التحقيقات، مضيفًا النقابة تدار بشكل شخصي، «فضلاً عن الذي يمسك لجنة لاحريات صديق لفلان ولذلك يصدر من أجله بيان وينظم وقفة احتجاجية».. و«فلا ليس صديقه فلا يسأل عنه أحد» وهذا شيء مخٍز فالنقابة المفترض فيها أن تدافع عن كل زميل. وتساءل بركات ما سر تضخيم أعضاء النقابة لبعض المشكلات الفردية الصغيرة وتجاهل زملاء يواجهون خطورة السجن؟ مضيفًا: الإجابة أنهم يسيرون النقابة وفقا للتحالفات السياسية والحسابات الانتخابية ولذلك من الآن أراجع مواقفي فالعمال لديهم القدرة علي الاختيار الصائب لممثليهم النقابيين، بينما قادة الرأي يسيئون الاختيار ولذلك أدعوا كل من أعرفه لأن يحسن الاختيار في الدورة المقبلة وسيكون له موقف انتخابي.