تشهد الدورة البرلمانية القادمة مناقشة العديد من القوانين أبرزها قانون العدالة الانتقالية والتظاهر وبناء الكنائس الموحد والصحافة والإعلام، حيث أكد العديد من الخبراء على أهمية مناقشة تلك القوانين في الدورة البرلمانية القادمة وإلا سيأخذ على الحكومة والبرلمان تعطيل تلك القوانين وستكون السبب الرئيسي في إسقاط شرعية المجلس. العدالة الانتقالية منذ أكثر من شهرين أعلنت الحكومة عن تقديم مشروع قانون "العدالة الانتقالية" للبرلمان، الذي تنص المادة 241 من الدستور على إصداره في دور الانعقاد النيابي الحالي، والذي بدأ في يناير الماضي وينتهي في سبتمبر المقبل. قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن قانون العدالة الانتقالية يجب أن يحظى بالاهتمام الكافي والعمل على تطبيقه. وأضاف فهمي في تصريحه ل"المصريون" أن عدم تطبيق قانون العدالة الانتقالية بحجة أن جزءًا منه يخدم المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين سيكون هناك مشكلة كبيرة في حق الدولة والبرلمان. وأوضح أن تطبيق القانون مهمة المجلس والكتلة البرلمانية الأكبر داخل البرلمان، مشيرًا إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يرى أهمية تطبيق تلك القوانين. وفي سياق متصل، يرى الدكتور أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن عدم إدراك قانون العدالة الانتقالية في الدورة البرلمانية القادمة سيؤدي إلى فقد البرلمان شرعيته. وأوضح دراج في تصريحه ل"المصريون" أن مجلس النواب سيسعى إلى تمرير القانون لكي لا يضع نفسه في المواجهة مع الشارع. تعديل قانون التظاهر صدر قانون التظاهر بقرار رئاسي في ديسمبر 2013، عقب مظاهرات شهدت مواجهات أمنية، ويوجب القانون إخطار مَن يريد التظاهر لوزارة الداخلية بمكان وموعد المظاهرة، وللوزارة الحق في أن ترفض، تضمن القانون عقوبات بالسجن والغرامة على المخالفين له، وأقره مجلس النواب عقب انعقاده يناير الماضي رغم انتقادات حقوقية محلية ودولية وأبرز ملامح مشروع تعديلات القانون، تتمثل في تغيير موعد الإخطار لوزارة الداخلية بتنظيم تظاهرة قبل موعدها ب48 ساعة، وليس بأسبوع كما هو النص الحالي، ولجوء الداخلية إلى المحكمة حال رغبت في إلغاء التظاهرة بدلاً من أن تقرر بنفسها وبشكل نهائي، وألا يتجاوز محيط التظاهرة 50 مترًا، وليس 300، إلى جانب إلغاء كافة العقوبات بالسجن واستبدالها بغرامات مالية، وهو التعديل الأبرز. ويستلزم مشروع تعديلات قانون التظاهر لتمريره تصويت أغلبية الحضور في الجلسة البرلمانية، بما لا يقل عن ثلث أعضاء مجلس النواب والبالغ عددهم 596 عضوًا، أما مشروعات قوانين الصحافة والكنائس والعدالة الانتقالية فيتوجب لتمريرها موافقة أغلبية ثلثي الأعضاء، باعتبارها من القوانين المكملة للدستور، حيث ينص الدستور على أن القوانين المكملة له تستلزم موافقة ثلثي أعضاء البرلمان. ويرى الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن قانون التظاهر أفقد النظام الحالي الكثير من مؤيديه الذين اعترضوا على القانون وسجنوا بسببه وأوضح أن العمل على تعديل القانون يرجع إلى الانتقادات الخارجية التي وجهت له، مشيرًا إلى أن التعديلات التي طرأت على القانون ستستغل من جانب البعض والتي من شأنها زيادة الاحتجاجات. الصحافة والإعلام مشروع قانون الصحافة والإعلام الموحد، المعني بتشكيل هيئات إعلامية وصحفية وتنظيم حقوق وواجبات الصحفيين والإعلاميين، دخل حيز المناقشات بقوة عقب إعلان الحكومة منتصف مايو الماضي، الموافقة عليه مبدئياً لعرضه على البرلمان. وأبرز ملامح مشروع القانون يتضمن ما يقرب من 230 مادة، وفق تصريحات لمجدي العجاتي وزير الشؤون القانونية والبرلمانية، تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، سيتم بواقع ما بين 13 و15 عضوًا لكل منها بناء على اختيار عدد من الجهات بينها رئاسة الجمهورية والبرلمان والكوادر الأكاديمية، ونقابة الصحفيين ومجلس الدولة. من جانبه، قال الدكتور حسن عماد مكاوي، عميد إعلام القاهرة سابقًا، إن قانون الإعلام الموحد سيتيح مزايا وضمانات جديدة لتنظيم المهنة إذا ما تم تطبيقه، مشيرًا إلى أنه سيعمل على تنفيذ الدستور بتشكيل المجلس الوطني للإعلام والهيئة الوطنية له والهيئة الوطنية للصحافة. وأضاف "مكاوي" في تصريحات ل"المصريون" أن القانون سيمنح الهيئة الوطنية للإعلام السيطرة على مجموعة هيئات مثل هيئة الهندسة الإذاعية والإنتاج وغيرها، موضحًا أنه يتعلق بالتخطيط المركزي والمتابعة والمحاسبة والتطوير لتجويد الخدمة وتيسير الإدارة. ولفت عميد كلية الإعلام الأسبق بالقاهرة إلى أن القانون سيكفل حياة كريمة لصحفيين ضد أعباء الحياة مؤكدًا ضرورة أن تكون مصادر التمويل للمؤسسات الإعلامية والصحفية مصرية خالصة دون أي شراكة أو دعم أجنبي أو عربي. وأشار إلى أن تمرير القانون من خلال مجلس النواب يعد انتصارًا كبيرًا لكرامة الصحفيين وحرياتهم، مؤكدًا أن أبرز مميزات تطبيقه عدم وجود عقوبات سالبة للحريات في قضايا النشر بمشروع القانون، فالعقوبات الواردة ليس لها علاقة بجوهر حرية الرأي والتعبير، موضحًا أن أغلبها غرامات تتعلق بمخالفة الإجراءات التنظيمية للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. وأردف أن المجلس الأعلى سيعاقب المؤسسة الإعلامية، أما النقابات ستعاقب الأفراد في المؤسسات، والقانون لا يتضمن أي عقوبات حبس للصحفيين ولا الإعلاميين سوى بجرائم متعلقة بأمن الدولة. وتابع لأول مرة يتم تنظيم عمل الفضائيات الخاصة، والمواقع الإلكترونية لسد الفراغ التشريعي والحد من التجاوزات حيث لم يكن لها تشريعات خاصة من قبل، مع ضمان حقوق وواجبات الصحفيين والإعلاميين. بناء الكنائس نص الدستور في المادة 235 على إصدار قانون لتنظيم ترميم وبناء الكنائس، في دور انعقاد البرلمان الحالي، بديلاً عن القانون السابق، الصادر عام 1998 الذي احتفظ بقرار ترميم الكنائس للمحافظين وبنائها لرئاسة الجمهورية، وسط تدخلات أمنية. وأبرز ملامح مشروع القانون، الذي وافقت عليه الكنائس الثلاث الرئيسية "الأرثوذكسية، الكاثوليكية، الإنجيلية"، تتمثل في تحديد مدة لا تتجاوز 4 أشهر ليبت فيها المحافظ في ترخيص بناء كنيسة، على أن يُطبق على الكنائس نفس ما يسري على المباني في شأن الارتفاعات، والترميمات والتوسعات. ويرى الدكتور أحمد يحيى، أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة عين شمس، أن قانون بناء الكنائس سيحد من أزمة الفتنة الطائفية في مصر ويسهم في انتشار السلم الاجتماعي، مشيرًا إلى أن هناك خلافًا فيما يتصل ببناء دور العبادة الذي اقتصر على سلطة الرئيس في البت فيه. وأضاف يحيى ل"المصريون" أن أعداد المسيحيين في تزايد مستمر ولابد لهم من قانون يسمح لهم ببناء دور العبادة وتطويرها، موضحًا أن تمريره يؤدي إلى استيعاب أعداد المصلين المتزايدة والقضاء على شعورهم بالتفرقة العنصرية التي قد يستخدمها البعض في تأليب قطبي الدولة على بعضهم. وتابع أن الدولة بالإضافة إلى تمرير القانون تحتاج إلى زيادة الوعي السياسي والديني لدى الجمهور، مؤكدًا أن ذلك كفيل بالقضاء على جذور الفتنه الطائفية التي تشتعل من حين لآخر باستغلال فئات وشرائح ذات وعي تعليمي وسياسي أقل.