يواجه البرلمان 4 "ألغام" قانونية وهى "العدالة الانتقالية، التظاهر، الكنائس، والصحافة والإعلام"، والتى تأتى في ثياب مشروعات قوانين تتعلق بالحقوق والحريات، أثارت مناقشتها جدلاً بالبرلمان والشارع على حد سواء، مؤخراً. ووفق خبراء ورصد مراسل الأناضول، يثير مشروع قانون "العدالة الانتقالية" قلقًا من إمكانية التصالح مع جماعة الإخوان المسلمين لدى مؤيدي السلطة، ومخاوف من استغلال المعارضين، لاسيما الإسلاميين، لتعديلات قانون "التظاهر" في العودة باحتجاجات واسعة. وتثار مخاوف أخرى مع مشروع القانون الخاص ببناء الكنائس أغلبها يتعلق بمناوشات طائفية محتملة، فيما تتصاعد انتقادات من الصحفيين لتأخر تمرير "قانون الصحافة والإعلام الموحد"، المعلن عنه حكومياً قبل نحو 3 أشهر. ومشروع القانون في مصر، يحق للحكومة أو النواب أو جهات حقوقية تقديمه، ويمرر برلمانياً بتصويت الأغلبية، بعد عرضه على لجنة فرعية معنية بالمجلس معنية به للنقاش، وحال الموافقة المبدئية عليه ترفع اللجنة مذكرة بالقانون لرئيس المجلس لمناقشته في جلسة عامة، ثم طرحه للتصويت. ويستلزم مشروع تعديلات قانون التظاهر لتمريره تصويت أغلبية الحضور في الجلسة البرلمانية، بما لا يقل عن ثلث أعضاء مجلس النواب (البرلمان) البالغ عددهم 596 عضواً، أما مشروعات قوانين الصحافة والكنائس والعدالة الانتقالية فيتوجب لتمريرها موافقة أغلبية ثلثي الأعضاء، باعتبارها من القوانين "المكملة للدستور"، حيث ينص الدستور على أن القوانين المكملة له تستلزم موافقة ثلثي أعضاء البرلمان. وتستشرف "الأناضول" خلال هذا التقرير آراء خبراء تحدثت إليهم حول مستقبل تلك القوانين وآثارها المتوقعة. 1- العدالة الانتقالية منذ أكثر من شهرين أعلنت الحكومة عن تقديم مشروع قانون "العدالة الانتقالية" للبرلمان، الذي تنص المادة 241 من الدستور على إصداره في دور الانعقاد النيابي الحالي، والذي بدأ في يناير الماضي وينتهي في سبتمبر المقبل. وأبرز ملامح مشروع قانون العدالة الانتقالية، وفق تصريحات صحفية لبرلمانيين، تتضمن إنشاء مفوضية للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية مقرها القاهرة، تسعى إلى تقديم تعويضات لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وتشكيل لجان رسمية للتحقيق وتوثيق أحداث تلك الانتهاكات، وإعادة ما تهدم من البناء السياسي والاجتماعي والحقوقي. وتربط تقارير محلية "العدالة الانتقالية"، الذي يكفل المحاسبة والمصالحة الوطنية وتعويض الضحايا، بما شهدته مصر من سقوط ضحايا عقب الإطاحة بمحمد مرسي، من منصبه كأول رئيس مدني منتخب في 3 يوليو 2013، وإمكانية التصالح مع جماعة الإخوان، التي تم حظرها وإعلانها "إرهابية" فيما بعد، غير أن مشروع القانون لم ينص صراحة على الجماعة. مشروع قانون "العدالة الانتقالية"، وفق طارق فهمي أستاذ السياسة العامة بجامعة القاهرة، "يحمل ألغامًا لاعتبارات متعلقة ليس بموضوع المصالحة فحسب ولكن بفتح ملف مسكوت عنه منذ 3 يوليو (2013)، سواء في الضحايا والتعويضات والمحاسبة وغيرها". وذهب سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع السياسي، إلى أن النظام سيمرر مشروع القانون "عبر مؤيديه بالبرلمان لتخويف معارضيه من عودة الإخوان، فضلاً عن محاولته تقسيم الجماعة (الإخوان) بالحديث عن إمكانية العفو عن البعض والمصالحة معه دون الآخر". 2- الصحافة والإعلام مشروع قانون الصحافة والإعلام الموحد، المعني بتشكيل هيئات إعلامية وصحفية وتنظيم حقوق وواجبات الصحفيين والإعلاميين، دخل حيز المناقشات بقوة عقب إعلان الحكومة منتصف مايو الماضي، الموافقة عليه مبدئياً لعرضه على البرلمان. وأبرز ملامح مشروع القانون (يتضمن ما يقرب من 230 مادة)، وفق تصريحات لمجدي العجاتي وزير الشؤون القانونية والبرلمانية، تشكيل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، سيتم بواقع ما بين 13 و15 عضوا لكل منها بناء على اختيار عدد من الجهات بينها رئاسة الجمهورية والبرلمان والكوادر الأكاديمية، ونقابة الصحفيين ومجلس الدولة. ويرى الأكاديمي سعيد صادق أن "مشروع القانون كله ألغام للسلطة خاصة أن الصحفيين والإعلاميين سيرفضون أي تقييد ضدهم أو مساس بحرياتهم أو حتى تأخير تمرير القانون". وقال خالد البلشي، عضو مجلس نقابة الصحفيين بمصر للأناضول، إن "قانون الصحافة والإعلام الموحد من القوانين المهمة والمكملة للدستور ولكن لم ينص الدستور على أن تمرر في دور الانعقاد الأول مثل قانون دور بناء العبادة (الكنائس)، والعدالة الانتقالية". 3- بناء الكنائس نص الدستور في المادة 235 على إصدار قانون لتنظيم ترميم وبناء الكنائس، في دور انعقاد البرلمان الحالي، بديلاً عن القانون السابق، الصادر عام 1998 الذي احتفظ بقرار ترميم الكنائس للمحافظين وبنائها لرئاسة الجمهورية، وسط تدخلات أمنية. وأبرز ملامح مشروع القانون، الذي وافقت عليه الكنائس الثلاث الرئيسية بمصر (وهي الأرثوذكسية، الكاثوليكية، الإنجيلية)، تتمثل في تحديد مدة لا تتجاوز 4 أشهر ليبتّ فيها المحافظ في ترخيص بناء كنيسة، على أن يُطبق على الكنائس نفس ما يسري على المباني في شأن الارتفاعات، والترميمات والتوسيعات، وفق تصريحات صحفية لمجدي العجاتي، أمس الإثنين. الطرح الذي قاله العجاتي، لم يذكر شيئا عن شق الموافقة الأمنية، التي كانت موجودة من قبل ويتماشى مع بيان الكنيسة المصرية، عقب لقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بالبابا تواضروس الثاني، الخميس الماضي، بأن قانون الكنائس سيخرج قريباً بصورة "مرضية". وحول قانون الكنائس، قال الأكاديمي سعيد صادق إنه "سيواجه متطرفين ومتعصبين سيزعمون أن النظام يخضع للكنيسة ويستجيب لها". 4- تعديل قانون التظاهر صدر قانون التظاهر بقرار رئاسي في ديسمبر 2013، عقب مظاهرات شهدت مواجهات أمنية، ويوجب القانون إخطار من يريد التظاهر لوزارة الداخلية بمكان وموعد المظاهرة، وللوزارة الحق في أن ترفض، تضمن القانون عقوبات بالسجن والغرامة على المخالفين له، وأقره مجلس النواب عقب انعقاده (يناير الماضي) رغم انتقادات حقوقية محلية ودولية. وتسبب القانون في سجن الآلاف وفق مؤسسات حقوقية، وتحدثت الحكومة عن تعديله في شهر يونيو الماضي. وأبرز ملامح مشروع تعديلات القانون، وفق تصريحات صحفية منذ أيام لجورج إسحاق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان (حكومي)، تتمثل في تغيير موعد الإخطار لوزارة الداخلية بتنظيم تظاهرة قبل موعدها ب48 ساعة، وليس بأسبوع كما هو النص الحالي، ولجوء الداخلية إلى المحكمة حال رغبت في إلغاء التظاهرة بدلاً من أن تقرر بنفسها وبشكل نهائي، وألا يتجاوز محيط التظاهرة 50 متراً، وليس 300، إلى جانب إلغاء كافة العقوبات بالسجن واستبدالها بغرامات مالية، وهو التعديل الأبرز. ويرى سعيد صادق أن "قانون التظاهر كان دائماً لغماً للنظام، وأفقده مؤيديه الذين اعترضوا على القانون وسجنوا بسببه، فضلاً عن أنه مثار انتقادات خارجية لمصر"، غير أنه لم يستبعد أن "يتم استغلال التعديلات التي ستسمح بهامش حرية أكبر، في زيادة الاحتجاجات". فيما أعرب هيثم الحريري، عضو مجلس النواب، للأناضول، عن تمنيه بأن تمرر مشاريع تلك القوانين، موضحاً: "لكن ضيق الوقت قد يحول دون تمريرها جميعاً".