أصابتنى الدهشة من إستمرار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بعابدين برئاسة المستشار هشام إبراهيم فى نظرالدعوى رقم 1426 لسنة 2016 والتى تطالب بفرض الحراسة القضائية على نقابة الصحفيين والتى تم تاجيلها لجلسة 25 يوليو للنطق بالحكم. سبب الدهشة أن هذه الدعوى كان من الواجب على المحكمة حفظها بمجرد أن وصلتها , نظراً لأنه من غير المتصور أن هيئة المحكمة الموقرة لا تعلم أن المادة 77 من الدستور المصرى الصادر فى 2014تنص صراحة على عدم جواز فرض الحراسة على النقابات أو تدخل الجهات الإدارية فى شئونها . حيث تنص المادة حرفياً على أنه : «ينظم القانون إنشاء النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطى، ويكفل استقلالها ويحدد مواردها، وطريقة قيد أعضائها، ومساءلتهم عن سلوكهم فى ممارسة نشاطهم المهنى، وفقا لمواثيق الشرف الأخلاقية والمهنية. ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة واحدة. ولا يجوز فرض الحراسة عليها أو تدخل الجهات الإدارية فى شئونها، كما لا يجوز حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائى، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المتعلقة بها». وحتى بإفتراض أن هيئة المحكمة لا تعلم بهذا النص الدستور الصريح والواضح , فإنه من غير المتصور أن تكون على غير علم بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار أحمد الشاذلى، نائب رئيس مجلس الدولة، فى 14 يونيو 2015، والذى أقرت به مبدأ جديدا، بعدم جواز فرض الحراسة القضائية على النقابات المهنية نهائيا، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، بفرض الحراسة القضائية على النقابة العامة للصيادلة. وذكرت المحكمة فى حيثيات حكمها، أن: «المشرع الدستورى المصرى حرص على أن يكون التنظيم النقابى قائما وفقا لمقاييس ديمقراطية يكون القانون كافلا لها، وأنه أقر فى نصوص وعبارات واضحة لا لبس فيها استقلال النقابات وعدم جواز تدخل الجهات الإدارية فى شئونها، وعدم جواز فرض الحراسة عليها». وأشارت المحكمة إلى أنه «بموجب النص الدستورى المشار إليه أصبح محظورا نهائيا على السلطة التشريعية ذاتها أن تقرر أى قانون يبيح فرض الحراسة القضائية على النقابات، كما لم يعد جائزا لجهات الإدارة أن تتسلط عليها أو تتدخل فى شئونها بما يعوقها عن إدارة نشاطها، ولا تحل نفسها محل المنظمة النقابية فيما تراه ميسرا لمصالح أعضائها، ولا أن تفرض وصايتها عليها، أو تقرر عقابها بإنهاء وجودها». وأوضحت المحكمة، أن «هذا لا يعنى تحلل النقابة من أية رقابة بل يجب أن تفرض هى أشكالا من الرقابة الذاتية فى حدود أهدافها ليكون تقييم أعضاء النقابة لممثليهم القائمين على الإدارة فيها موضوعيا وواقعيا»، مؤكدة أنه «طالما أطلق الدستور الصادر فى 2012 والمعدل فى 2014 فى المواد 76 و77 منه حرية التنظيم النقابى المهنى، فقد بات واجبا الالتزام بالإطار الدستورى دون الحاجة إلى صدور تشريع من السلطة»، مشددة على أن النصوص الدستورية لا شك فى صلاحيتها للتطبيق المباشر، ويجب على الوزارة المنوط بها تنفيذ حكم فرض الحراسة على نقابة الصيادلة، أن تنصاع لأحكام الدستور الواجبة التطبيق مباشرة». ولهذه الأسباب نسأل : بأى منطق تنظر المحكمة الموقرة قضية مخالفة للدستور المصرى المطبق حالياً ؟ كما أنه سبق أن صدر حكم بات ونهائى بشأنها من محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة ؟ ولماذا يتم شغل وقت المحاكم بمثل هذه القضايا التى يجب رفضها بمجرد تقديمها نظراً لأنها بنيت على أسباب مخالفة للدستور ؟ ولماذا لا يتم استغلال وقت مثل هذه الجلسات التى تستمر لعدة أشهر فى القضية الواحدة للقضاء على ظاهرة بطء التقاضى التى تعانى منها الغالبية العظمى من المواطنين فى مصر ؟ . والسؤال الأهم الذى أتمنى أن أجد له إجابة : هل هناك ضغوط وتدخلات سياسية عليا تتم فى الخفاء لإستمرار نظر مثل هذه القضايا المخالفة للدستور واستخدامها ككارت ضغط على بعض النقابات المؤثرة شعبيا وفى مقدمتها بالطبع نقابة الصحفيين ؟!!.