صيادلة: الحكومة وشركات الأدوية مسئولان عن ارتفاع الأسعار ولا دخل لنا بها مع اقتراب حلول شهر رمضان الكريم ووسط ارتفاع أسعار السلع الغذائية في مصر ودون مراعاة لمستوى معيشة المواطن المصري البسيط، أشعلت وزارة الصحة سوق الدواء في مصر بعد قرارها برفع قيمة الأدوية التي يقل سعرها عن 30 جنيهًا بمقدار 2جنيه, رغبة منها في دعم استمرار إنتاج شركات الأدوية لعدد كبير من الأدوية التي ترتفع تكلفتها الفعلية عن سعر بيعها للمستهلك, والذي أدى إلى اختفاء نحو 500 ألف نوع من الأدوية من السوق؛ نتيجة لوقف الشركات إنتاجها وفقًا لوزارة الصحة. لكن زيادة فئة معينة من الأدوية بقرار من الحكومة لم يمنع الشركات من رفع غالبية منتجاتها بنسبة تتعدى 50% من قيمتها الأصلي بل لجأت الشركات إلى منع توريد أنواع معينة من الأدوية تمهيدًا لزيادة أسعارها بالإيحاء مع الأدوية الأخرى, ورصدت "المصريون" عددًا كبيرًا من الأدوية التي ترتفع قيمتها عن 30 جنيهًا وارتفعت أسعارها مع الزيادة، كما أن هناك أدوية تقل قيمتها عن 30 جنيهًا لكنها ارتفعت بنحو 50% وليس 20%. وقد ارتفعت أدوية الأنسولين, وأدوية الفيتامينات بنحو 50%، وأوكتا ثرون ارتفع من 45 إلى 54 جنيهًا, أسبوسيد بنسبة 50% من 2 إلى 4 جنيهات, لاستولين من 31 إلى 38 جنيهًا, ميكستارد طراطيش من 95 إلى114 جنيهًا, وبلفر من 205 إلى 270 جنيهًا. وفي إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء المواطنين وخبراء الأدوية في ارتفاع أسعار الأدوية وتأثيره على حياة المواطن المصري. الصيادلة: الحكومة وشركات الأدوية هما المسئولان عن ارتفاع أسعار الأدوية
في البداية، يقول الدكتور كرم فكري، دكتور صيدلي، إن زيادة أسعار الأدوية المحلية بنسبة 20% هو أمر ضروري لاستمرار شركات الأدوية في إنتاج هذه الأنواع التي تباع بتكلفة منخفضة جدًا ربما لا تساوي تكلفة تصنيعها, لكن من ناحية أخرى يجب أن يكون هناك رقابة كبيرة من الدولة على الشركات والتي لجأت إلى رفع سعر العديد من الأدوية التي تنتجها إلى 50%, فعلى سبيل المثال ارتفع سعر الأسبوسيد من 2إلى 4 جنيهات, وعلاج التخسيس كروماكسي من 48جنيهًا إلى 60 جنيهًا, بالإضافة إلى جميع أدوية الأنسولين ودواء الزنكال الذي ارتفع من 31 إلى 38 جنيهًا, وأدوية الفيتامينات. وأضاف كرم أن هناك عددًا كبيرًا من شركات الأدوية أحجمت على توريد أنواع متعددة من الأدوية بحجج واهية منتظرة معرفة وجهة الأسعار، مما أدى إلى عدم تواجدها بالسوق وارتفاع أسعارها, كما أن مجموعات مختلفة من الأدوية التي لا ينطبق عليها تسعيرة الزيادة, ارتفعت بالإيحاء وربما بنسب تفوق ال50%". فهناك عدد كبير من المرضى لجأوا إلى تخفيض كميات الأدوية التي يتعاطونها وبعضهم قام بالاستغناء عن بعد الأدوية التي أقل تأثيرًا على الجسم عند تركها؛ بسبب ارتفاع قيمة أسعار غالبية الأدوية, فهناك مرضى الضغط والسكر يوصف لهم علاج شهري للحفاظ على استقرار حالتهم يعانون بشكل كبير. وأكد فكري, أن مراقبة ارتفاع الأسعار المحددة بشكل جيد قد يضمن وصول العلاج المناسب بدلاً من استغلال الزيادة في أنواع كثيرة من الأدوية. ويشير الدكتور محمد نبيل شعبان، دكتور صيدلي بمحافظة الفيوم، إلى أن الأدوية التي يصل سعرها إلى أقل من 30 جنيهًا زادت بنسبة 20% فى حين زادت سعر الأدوية التى تباع بأقل من 10 جنيهات بمعدل 2 جنيه على كل نوع. وأضاف نبيل أنه بعد أن زادت أسعار الأدوية ومطالبة الصيدلي بها من الشركة خاصة الأدوية التي توزع وتباع بالزيادة حتى لو كان هذا الدواء من الدواء المخزن لدى الصيدلي، لافتًا إلى أن الصيادلة يختلفون فيما بينهم على سعر الدواء لنجد بعض الصيادلة يبيعون الأدوية بالسعر القديم قبل الزيادة وصيادلة آخرين يبيعون الأدوية بالسعر الجديد. وكشف نبيل أن ارتفاع أسعار الأدوية كان مقررًا له منذ فترة طويلة، معللاً قوله بأن هناك بعضًا من شركات الأدوية غيّرت من شكل الدواء، مستشهدًا بالأدوية التي ارتفع ثمنها 30جنيهًا بنسبة 20%. وأشار نبيل إلى أن شركات الأدوية كانت على علم مسبقًا بهذا الارتفاع في أسعار الأدوية لتكون مستعدة مسبقًا بهذا التغيير التى تحتاجه الأدوية فى تغيير شكلها ومحتواها. كما أكد نبيل أن هناك عوامل أخرى أدت إلى ارتفاع أسعار الأدوية، منها ارتفاع سعر المواد الفعالة في الدواء، فضلاً عن ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصرى الذي تخطى فى الأشهر السابقة ال11 جنيهًا بالسوق السوداء. وأكد نبيل أن الدولة اتخذت قرار الموافقة على ارتفاع أسعار الأدوية نظرًا لارتفاع المواد الفعالة التى يتم استيرادها أيضًا بسعر مرتفع؛ بسبب ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه المصري، مشيرًا أيضًا إلى نقص أدوية كثيرة من السوق الدوائي وارتفاع سعر المادة الفعالة بها فى نفس الوقت، مما أدى لارتفاع سعرها. وأوضح نبيل بأن الصيدلى أو شركات الأدوية أو الحكومة ليسوا متضررين من ارتفاع أسعار الأدوية ليكون المتضرر الوحيد فى النهاية هو "المواطن المريض الغلبان". وأضاف نبيل أن دور الحكومة يقتصر على توفير المواد الفعالة للأدوية دون أن تعتمد اعتمادًا كليًا على استيراد المواد الفعالة كما تفعل مع معظم المواد الغذائية بما يؤثر تأثيرًا سلبيًا على تصدير الأدوية للخارج بل على العكس تمامًا، حيث إن مصر من الدول التى تعتمد بشكل كامل على استيراد وليس تصدير المادة الفعالة للأدوية. وأكد نبيل أن الصيدلي لا يحصل على أي ربح من ارتفاع أسعار الأدوية، ليكون الرابح الأول والأخير شركات الأدوية؛ بسبب أن الصيدلي دائمًا ما يكون له نسبة محددة مهما ارتفع سعر الدواء لتكون شركات الأدوية مع الحكومة هما مَن يحملان زيادة أسعار الأدوية على المرضى والفقراء منهم الذين طالما يشتكون بصرخاتهم من مرضهم تارة ومن ارتفاع تلك الأسعار خاصة بعد جمع فاتورة الدواء بالكامل والاصطدام بالسعر النهائي للفاتورة وكثيرًا ما يصعدون الخلافات مع الصيدلي وكأنه هو المسئول فى حين الحكومة وشركات الأدوية هما المسئولان أولاً وأخيرًا عن تلك الأزمة. المواطنون: على الحكومة أن ترحم مرضانا ولا ترضى شركات الأدوية على حساب أرواحنا وكان للمواطنين وجهة نظر أخرى، فيقول سامي صلاح سالم، يعمل صانع مفاتيح بمنطقة وسط البلد: "لا أمتلك معاشًا حكوميًا ولا تأمينًا صحيًا وغالبًا ما أتجه للسلف لسد احتياجات أسرتي المكونة من طفلين ووالدتهم, وعندما يمرض أحد منهم تكون تكلفة علاجهم وشراء الأدوية كبيرة جدًا، بحسب سعرها القديم, فماذا سأفعل الآن بعد زيادة الحكومة لأسعار الأدوية. وأضاف سامي أن معظم المواطنين لا يستطيعون استكمال علاجهم، فزيادة أسعار الأدوية تجعلهم يعانون بشكل أكبر, فأنا أعرف أحد أقاربي يعالج والدته في مستشفى بأسيوط والطبيب رفض استكمال العملية المقررة لها بسبب عدم اكتمال قيمتها المقدرة بنحو 5 آلاف جنيه، فالمواطن البسيط لا يستطيع تحمل غلاء الأسعار، فالكثير وأنا أعرفهم لا يستطيعون الحصول على المأكل والمشرب, وقد شاهدت بنفسي رجلاً عجوزًا يأخذ أرجل الفراخ من المحل ليجهز بها أكلًا، وكنت أحسبه أنه يأخذها ليطعم بها كلبًا له. ويشير سامي إلى أن دخلي المالي يقل بسبب حالة الركود التي تسود السوق وعدم وجود بيع أو شراء, في المقابل الأسعار ترتفع والعلاج يرتفع, بل أن معظم الأطباء يتفقون مع صيدليات بعينية لصرف روشتاتهم مقابل نسبة معينة من الأموال وقد تكون أسعار الأدوية لديهم بسعر أغلى من صيدليات أخرى. وحذر سامي الحكومة من تهميشها للبسطاء الذين لا يستطيعون توفير الأكل والشرب لأنهم هم الأكثر تعرضًا للمرض وربما يودي بحياتهم لعدم قدرتهم على توفير العلاج المناسب والذي يرتفع سعره بشكل مستمر في حين لا يستطيع توفير مأكله ومشربه. وتشير الحاجة زينب عبد الله ربة منزل 60 عامًا ولديها4 أولاد: "زوجي متوسط الدخل وكان مهندسًا زراعيًا على المعاش وليس لدينا القدرة على تحمل نفقات الدواء وأنا مصابة بمرض السكر الذي ارتفعت أسعاره إلى نسبة بزيادة 50 جنيهًا. وأضافت زينب أن الحياة أصبحت غالية ولم يقتصر ارتفاع الأسعار على الدواء فقط ليرتفع سعر كل دواء من هذه الأدوية إلا الإنسان الذى أصبح هو الرخيص، موجهة رسالة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي: "صحيح أنا اختارتك لكن هذا لا يعنى أن تصبح الحياة بهذا الغلاء ولا يرضى الله هذا الغلاء.. حرام ياسيسي وأنت والحكومة"، لافتة أيضًا إلى نقص فى أدوية حساسية العين مثل قطرة "TEARS GURD" لحساسية العين، التى تعانى منها ابنتها الصغيرة. وأوضحت زينب أن لديها ابنة كبرى متزوجة ولديها طفل وتعيش حياة محدودة الدخل ولاتستطيع أن تدفع وتتحمل التكاليف الباهظة من اللبن الصناعى الذي زاد بدوره ليكون العبء على الأسرة الصغيرة، كما هو العبء على الأسرة الكبيرة، فضلاً عن التحمل والصبر على الابتلاء. وحمّلت زينب الحكومة والنظام، مسئولية ارتفاع الأسعار، متحدثة باسم كل الإنسانية والمرضى والفقراء أن تعطف الحكومة عليها ووزارة الصحة بالأخص بألا تستمع إلى شركات الأدوية لتحقيق أرباح على حساب المواطن الفقير الذى لا يتحمل سواء نفقات الطعام والتعليم موجهة اللوم بحديثها على النظام بقولها "يكفى علينا المرض". وتشير سلمى أحمد 25 عامًا طالبة حاصلة على بكالوريوس تجارة: "لا أشكو من مرض مزمن أو صعب الحمد لله لكن هذا لا يعنى أنني لدى بعض الاحتياجات فبمجرد شعورى بالحموضة أجد ارتفاع السعر لدواء الحموضة". وأضافت سلمى: "أعانى جفافًا في العين الذي سبب لي مشاكل في العمل أمام جهاز الكمبيوتر حتى اضطرت إلى استخدام قطرات حساسية العين التى ارتفع سعرها، مما أصبحت عبئًا على أكثر من معاناتي من المرض نفسه أثناء العمل". وأشارت سلمى إلى أنه قد وصل ارتفاع الأسعار إلى تراميسين العين كمرهم كان ثمنه رخيصًا ونستخدمه عند إحساسنا بتعب فى العين ونستسهل استخدامه، لافتة إلى ارتفاع سلعة دوائية أخرى وهو "الريفو" كمسكن شعبي اعتاد عليه الكثير من المصريين، فنرجو من الحكومة عدم تحميل المواطن المصري فوق طاقته.