يشهد سوق الدواء ارتفاعا حادا في الأسعار خلال الشهرين الماضيين، حيث ارتفعت أسعار 203 أصناف من العقاقير الطبية الخاصة بأمراض الكبد والقلب والروماتزم، حيث ضمت القائمة 24 عقارا كانت أسعارها تحت 10 جنيهات قبل ارتفاع سعرها لتسجل زيادة وصلت إلى 46 جنيها، ينما زادت بعض الأدوية، مرتفعة السعر، مثل إيكوسينس 50 جي إم ، من 170 جنيها إلى 200 جنيه، وإيكوسينس 100 إم إل من 135 جنيها إلى 155 جنيها. "قلبي اتحرق من وقت ماعرفت ارتفاع أسعار الأدوية الخاصة بالقلب" هذا ما قاله علي محمود، مصاب بمرض القلب، مضيفا أن أسعار أدوية القلب زادت بنسب مرتفعة جدا ولا أستطيع شرائها، والبدائل التي تعتبر أرخص نوعا ما لا تأتي بالنتيجة المطلوبة. عجز المرضى وتضيف "ع،ع، أ" ربة منزل، أنها تعالج من مرض نفسي، وأن أسعار بعض الأدوية التي تحتاجها زادت بشكل كبير، ما يجعلها غير قادرة على شرائها، داعية الجهات المعنية بذلك بالتدخل لوضع حل لهذا الغلاء، الذي يكتوي بناره الفقراء. ومن وجهة نظر محمد رحيم، موظف، فإن أزمة ارتفاع أسعار الأدوية أفضل بكثير من أن تختفي الأصناف من الصيدليات، مشيرا إلى أنه تعرض قبل ذلك لمشكلة كبيرة بسبب نقص الأدوية الخاصة بأمراض القلب، عند مرض والده. ويتفق الدكتور، سمير صدقي، صيدلي، مع الرأي السابق، قائلا "أنا مؤيد لارتفاع الأسعار بهذه الأدوية لأن من الأفضل أن تنتج شركات الأدوية هذه الأنواع وتوزعها على الصيدليات بسعر عال أفضل من أن تمتنع عن إنتاجها وبالتالي سيلحق ضررا كبيرا بالمريض. زيادة حتمية ويضيف صدقي أنه توجد أدوية لابد من ارتفاع أسعارها مثل أنواع "القطرات" التي سعرها جنيه ونصف، وأصبح سعرها 5 جنيهات، فهذا سعر مقبول للجميع والفرق بسيط. ويرى صدقي أن سبب ارتفاع سعر الأدوية هو أن الشركات المنتجة المحلية تعتمد على استيراد المادة الخام بسعر مرتفع، ما يعرضها للخسارة بسبب زيادة سعر الدولار. بينما يقول محمد نجم الدين ميلاد، صيدلي، إنه ضد ارتفاع أسعار الأدوية، موضحا أنه بعد زيادة أسعار الأدوية كثير من المرضى سيأتون لشراء بعض الأدوية ولايشترون شيئا بعد علمهم بالزيادة، بسبب ظروف المواطنين الاقتصادية الصعبة، خاصة وأن بعض الأصناف ذات الأسعار المرتفعة ليس لها بديل فيضطر المريض لشرائها وهو مجبر. ارتفاع منطقي ويتفق معه أيضا حاتم عويس، صيدلي، الذي يرى أن زيادة أسعار هذه الأدوية منطقية، وأن أدوية القطاع العام لابد من زيادتها حتى يتم الإنتاج بجودة عالية، ويرى أن ارتفاع قيمة الدولار نتج عنه زيادة في سعر المواد الخام، حيث يتم استيرادها بنسبة 90%، وهذا هو السبب وراء ارتفاع هذه الأسعار، لذا فالأدوية الأقل من 5 جنيهات لابد من زيادتها وأنه في انتظار زيادة باقي أسعار الأدوية لأن 11 شركة تابعة للقطاع العام خسرت 80 مليون جنيه العام الماضيي، ولابد من تعويض هذه الخسائر حتى لا تضطر للإفلاس. ويرى الدكتور صابر عطا، نقيب صيادلة الفيوم السابق، أن شركات الأدوية الخاصة مصممة على أن تحافظ على أربحاها بصفة مستمرة، وتقوم برفع أسعار الأدوية حتى تحقق الربح المطلوب، لكن شركات القطاع العام حالاتها الإنتاجية متدهورة، ونتيجة لذلك فهي ليس في مقدروها المنافسة مع شركات القطاع الخاص، وكان يمكنها أن تكسر احتكار هذه الشركات للأدوية إذا حسنت من إنتاجها. ويضيف عطا أن الشركات الاستثمارية ليس من حقها رفع أسعار الأدوية لأنها تحقق أرباحا كبيرة بشكل دائم، مشيرا إلى أن الخروج من أزمة ارتفاع أسعار الأدوية واحتكار بعض الشركات لها، من خلال تقدم مصر في صناعة المواد الخام، حتى نسيطر على ارتفاع الأسعار، بسبب ارتفاع قيمة الدولار في مقابل الجنيه المصري. أزمة الدولار ويقول أيضا الدكتور ربيع السوداني، نقيب الصيادلة بالفيوم. إن السبب وراء ارتفاع أسعار الدواء هو ارتفاع سعر الدولار، الذي نشتري به المادة الخام من الخارج، وغالبا المستثمرون يجدون صعوبة في الحصول على الدولار حتى من السوق السوداء، مشيرا إلى أن بعض الشركات تتوقف عن الإنتاج بسبب التسعيرة الجبرية على بعض الأدوية، التي لم تتغير منذ أن كان سعر الدولار 3 جنيهات، موضحا أن 200 صنف من أدوية الكبد والقلب والعظام وإصابة الجلطات ناقصا في سوق الدواء لهم بدائل وحوالي 180 صنف ليس لهم بدائل على الإطلاق. ويرى السوداني أن تحريك سعر الأدوية المنتجة في شركات القطاع العام قليلا أفضل من أن يلجأ المستهلك المصري لشراء الدواء المستورد الذي يصل سعره لحوالي 10 أضعاف المصري، إذا توقفت هذه الشركات عن الانتاج. وتضيف الدكتور منال كامل، مدير فرع الشركة المصرية لتجارة الأدوية بالفيوم، أن الأدوية سلع استراتيجية مهما يزداد سعرها لايستغني عنها المواطن على الإطلاق وتوجد أسباب ضرورية تدفع الشركات المنتجة للأدوية لزيادة الأسعار بشكل مفاجيء، فهذا الارتفاع ليس من فراغ، ومن أهم هذه الأسباب ارتفاع أسعار المواد الخام، إضافة إلى اشتراطات الصحة والسلامة المهنية التي تطالب وزارة الصحة بمراعاتها، والتي تكون كلفتها عالية جدا، وتزيد تكلفة المنتج، وبالتالي يقل هامش الربح، ويكون أمام هذه الشركات إما رفع الأسعار أو الإفلاس. خسارة الشركات ويضيف الدكتور سامح محفوظ، المدير الصيدلي للشركة المتحدة للصيادلة بالفيوم، أنه من الأفضل أن تكون الأدوية موجودة في الأسواق ومرتفع سعرها حتى لا يحدث نقص في الأدوية، التي يحتاجها كثير من المرضى. ويرى محفوظ أنه على الرغم من العبء الذي يمثله ارتفاع أسعار الأدوية على المرضى، نظرا للظروف الاقتصادية الصعبة، إلا أن هذا الارتفاع خارج عن إرادة الشركات، فمن حقها رفع الأسعار بعد ارتفاع سعر الدولار، بجانب زيادة تكلفة العمالة والصيانة وارتفاع سعر السولار، وبالتالي رفع السعر يأتي للحفاظ على هامش ربح يحميها من الإفلاس.