أحزننى أن تصل العلاقة بين المجلس القومى للرياضة واتحاد الكرة إلى هذه الدرجة من التصادم، فالاثنان فى مركب واحد وهو مركب الرياضة المصرية وفوز أى فريق مصرى بأى بطولة يصب فى النهاية فى صالح المجلس القومى للرياضة وقياداته، وللحق فإن المجلس لم يتأخر يوما عن اتحاد الكرة فى أى طلبات أو احتياجات بل كان سباقاً دائما فى تلبية طلبات اتحاد الكرة حتى أن مساهماته حسب ما علمت بلغت خلال السنوات الماضية ما يقارب 70 مليون جنيه مصرى، وهو مبلغ كبير جداً ولكنه يؤكد مدى عمق العلاقة بين الجانبين، ولعل الجميع يذكر بكل الخير للمهندس حسن صقر مرافقته للمنتخب الوطنى فى بطولتى الأمم الأفريقية فى غانا وأنجولا بل إنه صرف مكافآت للفريق الوطنى الأول رغم عدم تأهله لكأس العالم وذلك تقديراً للجهد الكبير الذى بذله اللاعبون والجهاز الفنى كما أنه لا يستطيع أحد أن ينكر أن جزءاً كبيراً من إنجازات الكرة المصرية تحقق مع اتحاد الكرة الحالى وما قبله بأربع سنوات، ولكن دعونا نتوقف قليلاً وبهدوء شديد لنحلل الأزمة لعلنا نصل إلى أساس الخلاف، والبداية تكون من الاختصاصات المخولة للمجلس القومى للرياضة، وهى طبقا للقرار الجمهورى بتشكيلة تعطيه الصلاحيات الكاملة التى يتمتع بها وزير الشباب والرياضة فى كل ما يخص الرياضة المصرية من رقابة ومساءلة وأيضاً الدعم والمساندة، وكما أسلفنا فإن المجلس القومى لم يتأخر أبداً فى مسألة الدعم المادى والمعنوى بل إن الرجل تحمل مصاعب جمة خلال أزمة مباراة الجزائر وواجه بشجاعة نادرة سهاماً شديدة كانت موجهة صوب الاتحاد المصرى لكرة القدم، ويذكر أيضا للرجل أنه فصل تماما بين اتحاد الكرة وأى مهاترات من أجل توفير وتهيئة المناخ المناسب لمنتخب مصر من أجل الفوز ببطولة الأمم الأفريقية فى أنجولا وهو ما تحقق بالفعل ولن ينسى أحد أبدا ذلك المشهد الخالد للكبار علاء وجمال مبارك ومعهما حسن صقر وهم يحتفلون فى سعادة وفرحة طاغية بفوز مصر ببطولة الأمم فى أنجولا كما أنه سيظل مشهدا خالدا فى تاريخ مصر عندما شرف اللاعبون والجهاز الفنى واتحاد الكرة باستقبال بث على الهواء مباشرة من مطار القاهرة للسيد الرئيس مبارك لبعثة مصر وزاد على ذلك باستقبالهم فى اليوم التالى بمقر الرئاسة وتم منحهم جميعا أوسمة ومكافآت مالية تقديرا من الدولة للجهد الكبير الذى بذله الجميع وإن لم تخنى الذاكرة فهذه هى المرة الأولى وقد تكون الأخيرة فى تاريخ مصر التى يستقبل فيها رئيس الجمهورية فريقاً رياضياً مرتين متتاليتين فى 48 ساعة تقديرا من الرئاسة والقيادة المصرية. إذن الدولة لم تقصر أبدا فى واجباتها تجاه اتحاد الكرة وقياداته وتجاه اللاعبين وجهازهم الفنى، لذلك كان ينبغى على اتحاد الكرة أن يقوم هو الآخر بواجباته كاملة تجاه من ساندوه وعاونوه فالعلاقة بين الطرفين لا تقوم على التنافس فهذا لن يكون ولا يصح مطلقاً ولابد وأن يعرف كل إنسان حدوده وصلاحياته وبالتأكيد فإن حدود سمير زاهر ورفاقه تنحصر فى إدارة اتحاد الكرة أما صلاحيات حسن صقر فهى إدارة الرياضة المصرية بالكامل لذلك أشعر أن هناك من أوعز لزاهر بأن صقر يتربص به، أو أنه لا سمح الله مثلا غيران من نجاحاته لذلك اهتزت العلاقة بينهما بشدة فى الفترة الأخيرة لدرجة أن المسؤول الأول عن الرياضة فى مصر لم يعد يعرف أى أخبار عن اتحاد الكرة حتى فى القرارات الحاسمة مثل عقوبة الفيفا ضد مصر فى أحداث الجزائر، وهذا ليس عنى بل إننى قرأته فى الصحف على لسان مدحت البلتاجى المدير التنفيذى للمجلس القومى للرياضة!! وهو بالتأكيد أمر يثير الدهشة، فالدولة لن تحاسب سمير زاهر بل ستحاسب رئيسه وهو حسن صقر، والرجل مطالب بتقديم تقارير رسمية عن كل هذه الأحداث، خصوصا أنه وكما سبق أن أوضحت تصدى بشجاعة نادرة لكل محاولات الهجوم على اتحاد الكرة بل وبسط حمايته كاملة نظرا لأن البطولة الأفريقية كانت على الأبواب ولم يكن من الممكن أن تتم إثارة المشاكل فى ذلك الوقت، ولكن هذا بالتأكيد لا يمنع الرجل من ممارسة صلاحياته الرقابية على كل الاتحادات الرياضية فى مصر بما فيها اتحاد كرة القدم لذلك لا أرى داعيا لكل الضجة المثارة حول قرار صقر بإحالة ملاحظات يراها الرجل من وجهة نظره مخالفات لنيابة الأموال العامة، فهذا واجبه وإن لم يفعله لوجب حسابه بل لعلها فرصة لزاهر ورفاقه أن يردوا عمليا على كل الملاحظات أو المخالفات أو حتى الاتهامات الموجهة لهم بعيداً عن التشنج والعصبية من الجميع فكما قلت إننا لسنا فريقين متنافسين ولكننا فريقان وكل منا يعمل من ناحيته لإدراك النجاح وكما أن لاتحاد الكرة السلطة الكاملة فى الرقابة والحساب للعاملين فيه فإن المجلس القومى للرياضة له كل الحق فى ممارسة نفس السلطات. لذلك أرجو أن يهدأ الجميع ويضعوا الأمور فى نصابها الطبيعى، فالقضية الآن أصبحت قضية رأى عام وبالتأكيد سيستفيد منها الجميع وأولهم اتحاد الكرة الذى يحرص على بقاء صورته نقية ونظيفة أمام الجميع، كما أرجو ألا يزج أحد بأسماء الكبار فى مثل هذه المسائل لأن الكبار لديهم مهام كبيرة أهم بكثير من اتهام فلان أو علان طالما أن هناك جهات رقابية وتنفيذية، وبطبيعة عمل الكبار ومناصبهم فهم لا يتدخلون أبدا فى مثل هذه الأمور لأنهم كبار ويعرفون الأصول ويطبقونها على أنفسهم قبل غيرهم لذلك كان من العيب جدا أن يخرج علينا البعض ليقول إن هذا القرار أو غيره جاء بأوامر فوقية أو بتعليمات من الكبار فهذا تقليل من قدرهم ومكانتهم وهى كبيرة جدا لدى الرأى العام فى كل أنحاء مصر. آن الآوان أن نعطى لجماهير الأهلى حقها تماما طبعا بصرف النظر عن بعض الصغائر التى نراها أحيانا فى المدرجات ولكن وبصراحة شديدة ما نراه فى المدرجات في الفترة الأخيرة من جماهير الأهلى يدعو للإعجاب بل والانبهار ولعلك صديقى القارئ جربت مرة أن تشاهد مباراة للأهلى متأخرا بعض الشىء لترى الظاهرة الأغرب لأنك لن تصدق أبداً أن الأهلى مثلا قد يكون مهزوما وبأكثر من هدف، ومع ذلك نرى تلك الجماهير وهى تشجع وتغنى وتهتف فى المدرجات حتى اللحظة الأخيرة وكأن فريقها فائز!! ولعلى لا أنسى أبداً مشهد تلك الجماهير والأهلى خاسر من الإسماعيلى فى القاهرة 3/صفر وهى تهتف باسم لاعبيها الواحد تلو الآخر وتصرخ عليهم وكأنهم فازوا وتطلب منهم الفوز فى المباراة التالية. أيضاً لا أحد ينسى افتتاحية الموسم وهزيمة الأهلى على ملعبه أمام حرس الحدود فى كأس السوبر ومع ذلك ظلت الجماهير فى المدرجات تشجع وتهتف لحسام البدرى فى بداية مهمته، وكأنه فاز بالبطولة ومعه كل اللاعبون، أيضاً اللاعبون أنفسهم فلم تسمح هذه الجماهير لأى لاعب بأن يفقد الثقة بنفسه فوقفت بجوار النجم أبوتريكة حتى عاد إلى مستواه وساندت أحمد حسن وظلت خلف شريف إكرامى وناشدت عماد متعب البقاء وآزرت كل الشباب الواعدين ومشت خلف الفريق فى كل أنحاء مصر مشجعة ومحفزة له حتى نجح فى النهاية بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف ورغما عن ارتباط هذه الجماهير الجنونى بمانويل جوزيه فإنها نسيت ذلك تماماً واعتبرت أن حسام البدرى هو رمز الأهلى الجديد لذلك كان وقوفها خلفه مثار احترام الجميع وتقديرهم وأولهم البدرى نفسه الذى لم يصدق ما تفعله هذه الجماهير الوفية للأهلى أولا معه ومع اللاعبين، لذلك كان لزاما على الجميع أن يرفع القبعة لهذه الجماهير تحية وتقديراً على كل ما بذلوه طوال الأعوام الماضية مع الفريق، ولكن تبقى كلمة أو همسة عتاب لهذه الجماهير لأن كل ما يقدمونه ويفعلونه ينتهى إلى هجوم غاضب عليهم نظراً لبعض التصرفات التى لا تليق أبداً بكل ما يفعلونه وطبعاً أقصد ما حدث فى لقاء الزمالك الأخير، وقبله ما كان يحدث من صواريخ وشماريخ أشعلت المدرجات ناراً وصارت تنافساً بينها وبين جماهير الفرق الأخرى لدرجة أننا أحياناً كنا نشعر بأننا فى حرب الصواريخ وليست مباراة لكرة القدم وإن كنت أيضاً اعترف بأن ظاهرة الشماريخ قد بدأت فى الانحسار تماماً إلا أن القليل منها مازال متواجداً مما يهدد هذه المسيرة الناجحة للجماهير الوفية وأيضاً ما حدث لهم الآن بالغاء الدخلات الجميلة والرائعة والتى كان ينتظرها الجميع لأنها كانت عبارة عن تابلوهات فنية رائعة حرموا منها وحرمنا معهم فقط لوجود بعض المتشددين لذلك أطلب منهم أن يكون الموسم القادم مثالياً فى كل شىء وكما نجح الأهلى فى تغيير جلده وإعادة الفريق إلى عصره الذهبى يجب عليهم أن يتخلصوا من هذه الشوائب وأنا على ثقة تامة من قدرتهم على ذلك. تصور لو أن لك صديقاً أو أباً مريضاً بمرض عضال واحتار الأطباء فى أمره وأجمعوا أنه لو بقى على قيد الحياة فسيكون هذا فضل من الله ورحمة!! وتصور لو أن الله ساعدك فى إيجاد الطبيب الماهر الذى أعاد هذا الغالى جداً عليك إلى شبه حالته الطبيعية فأصبح كالحصان يجرى ويرمح، يأكل ويشرب ويستعيد كامل عافيته بل إنه دخل فى سباق مع الأصحاء فكسبهم الواحد تلو الآخر ولكن لسوء حظه جاء السباق الأخير فكان من هو أكثر منه صحة وانتظاماً فكسب السباق منه عن جدارة واستحقاق ماذا سيكون شعورك هل ستحمد الله وتشكر فضله على عودة صديقك أو والدك إلى شبه وعيه وصحته وتبدأ معه من جديد حتى ينجح المرة القادمة فى كسب السباق الأخير أم ستستغنى عن هذا الطبيب الماهر الذى أعاد إليه وعيه وقوته وستحمله مسؤولية خسارة آخر سباق؟! طبعاً أتحدث عن نادى الزمالك وحسام حسن فالمؤكد أن كل الزملكاوية كانوا أصيبوا باليأس من حالة فريقهم بل إن البعض وهذه حقيقة خشى على الزمالك من الهبوط للدرجة الثانية بعد أن وصل إلى المركز الثالث عشر فى سباق الدورى العام وخسر من كل الفرق الصغير قبل الكبير حتى جاء حسام حسن فعرف الداء وبدأ من الصفر مع الفريق فأصبح ذا كيان وشخصية وعادت إليه صحته ونضارته واجتاز العقبات الواحدة تلو الأخرى ونافس على اللقب حتى الأسابيع الأخيرة ولم يخسر سوى مرة واحدة فى الدورى العام وتوقع له الجميع الفوز ببطولة كأس مصر خصوصاً بعد العرض المبهر فى نهاية المسابقة أمام الأهلى والذى نجح فى التعادل بصعوبة بالغة فى الثوانى الأخيرة بعد أن تقدم الزمالك عليه ثلاث مرات.. نعم قد تكون هناك أخطاء فى مباراة الكأس وقد يكون أساء التقدير فى مباراة من أصل 19 مباراة تولى فيها قيادة الفريق ولكن هل معنى ذلك أن تنقلب عليه بعض جماهير الزمالك وتتهمه بأنه السبب الرئيسى فى خروج الفريق من مسابقة كأس مصر وأنه لم يفعل شيئاً للفريق!! فإن كان حسام حسن لم يفعل ولم يقدم شيئاً للفريق فمن الذى ساهم فى كل هذه الانتصارات ومن الذى أعاد الزمالك فريقا مخيفاً للجميع بما فيهم الأهلى والذى عمل له مليون حساب سواء فى الدورى أو الكأس، ونصيحة أقولها لمجلس إدارة الزمالك وجماهيره أن الزمالك لن يستطيع أن يقدم الموسم المقبل ما قدمه هذا الموسم إلا بعد أن يتم تدعيم الفريق بعدد من اللاعبين المتميزين وذلك حتى يستطيع أن يقدم عروضاً جيدة ويحقق ما تحلم به جماهير الزمالك، أما ما حدث هذا العام فكان مزيجاً من الروح القتالية والإعداد النفسى الذى قدمه حسام حسن على أكمل وجه ولكن لا يمكن أبداً أن يستمر دون لاعبين قادرين على تحقيق البطولات.