■ هناك دائماً أمور أهم وأبقى من أى حسابات أو مطامع أو مصالح شخصية.. ولا ينبغى مطلقاً أن نسمح لأنفسنا بالانسياق وراء حياتنا اليومية المعتادة بكل ما فيها من هموم ومشكلات وصراعات وأحلام وسباقات، وننسى غايات وقضايا كانت-ولا تزال- تستحق أن نمنحها بعض أوقاتنا وبعض اهتمامنا وبعض حروبنا.. وواحدة من تلك القضايا كانت بالنسبة لى هى التفتيش عن الدور السياسى والقومى، الذى يمكن أن تقوم به وتلعبه الرياضة المصرية لمصلحة مصر.. وبدأت بالفعل أفتش عن واحد من تلك الأدوار.. ولم أجد أفضل من الصراع الموجع والمخيف الذى تواجهه مصر الآن فيما يخص مياه النيل.. ففى بلدان حوض النيل بدأت إسرائيل مؤخراً حرباً جديدة ضد مصر بقصد حرمان مصر من الماء.. وهى حرب تستخدم فيها إسرائيل كل ما هو مسموح أو ممنوع من أسلحة وسياسات وأوراق وأدوار.. ولأن النيل فى مصر هو حياة مصر ومستقبلها.. فلم تغفل مصر عن تلك الحرب إلا أن كل إدارة أو وزارة مصرية بدأت مواجهة تلك الحرب فيما يخصها فقط.. فالخارجية تعيش الحرب الدبلوماسية.. والرى تأمل فى نجاح مفاوضاتها وإقرار اتفاقاتها التى تحمى حصة مصر من الماء.. و«المقاولون العرب» تبنى فى تلك البلدان مشروعاتها الهندسية المتعددة والمختلفة.. وهو ما جعلنى أفكر فى الرياضة كرابط يجمع بين كل هذه الجهود والمحاولات.. وهنا أشكر المهندس حسن صقر، رئيس المجلس القومى للرياضة، والمهندس إبراهيم محلب، رئيس شركة المقاولون العرب، فالمهندس إبراهيم محلب تحمس ووافق أن يمدنى بقائمة بكل المشروعات التى قامت أو تقوم «المقاولون العرب» حالياً بإنشائها فى دول حوض وادى النيل.. مع وعد بألا تكتفى «المقاولون العرب» ببناء مستشفى أو مدرسة أو كوبرى فى أدغال تلك البلدان الفقيرة.. وإنما ستحرص عبر علاقات الشركة مع حكومات تلك البلدان ومسؤوليها على تخصيص أراضٍ صالحة لتحيلها المقاولون العرب إلى ملاعب تبنيها مصر وتقدمها للأطفال والفقراء.. ومن ناحيته أكد حسن صقر أنه سيرسل للأطفال الفقراء هناك أدوات رياضية وملابس وكرات للعب كهدية من مصر.. وأن يسافر نجوم الكرة المصريون ليقوموا بأنفسهم بتسليم هذه الهدايا للأطفال.. ولم يبق إلا التنسيق مع وزارة الخارجية وأعرف أن أحمد أبوالغيط أبداً لن يتأخر عن ذلك.. والتنسيق مع وزارة الإعلام وأثق أن أنس الفقى سيمنح الأولوية لتغطية كل هذه الجهود والزيارات.. والتنسيق مع وزارة الرى، وأن يشارك نصر علام فى كل ذلك.. وأكد لى هادى فهمى فى حوار طويل معه أن «بتروسبورت» ستشارك فى هذا المشروع باسم وزارة البترول لتقدم مع المجلس القومى للرياضة هدايا الرياضة واحتياجاتها لكل هؤلاء الأطفال والفقراء الأفارقة كالتزام قومى وسياسى ورياضى من سامح فهمى.. وقد بدأت أعيش هذا المشروع كل يوم أو كل ساعة مدركاً قيمته وضرورته.. أجمع تفاصيله وأبنى حقائقه وأقنع شركاءه.. ولكن دون أن أنسى درساً تعلمته من جير لونستيد، مدير أكاديمية نوبل للسلام، حين التقيته فى مكتبه فى أوسلو، وقال لى إن الرياضة أبداً لن تحل أى مشكلة سياسية أو عسكرية أو اقتصادية.. ولكنها قد تخلق الأجواء المناسبة واللازمة للاتفاق.. وقد تساعد فى تخطى الكثير من الحواجز التى تعجز عنها السياسة والدبلوماسية أو حتى السلاح. ■ فى غمرة انشغالنا بكأس العالم للشباب لكرة القدم، التى تستضيفها بلادنا.. وقعت ثلاثة أخطاء لم يعد من اللائق نسيانها أو تخطيها وتجاوزها.. الأول: يخص التنظيم العشوائى الذى أدى إلى أن المئات ممن صدقوا الإعلام المصرى واقتنعوا بدعوته وبضرورة الحضور حفاظاً على المظهر الحضارى لمصر، واشتروا تذاكر افتتاح البطولة.. ولكن تم منعهم من دخول الملعب، لأن المهندس محمد صبرى، أمين شباب الحزب الوطنى بالإسكندرية، نجح باقتدار وعبقرية فذة فى حشد 15 ألف شاب داخل 150 أتوبيساً ذهبت بهم إلى استاد الجيش المصرى ببرج العرب.. ومعهم دخل الكثيرون جداً دون تذاكر ودون تنظيم ودون حق.. والخطأ الثانى: كان هذا الإصرار الغريب من اتحاد الكرة على صرف مكافآت للاعبى منتخب الشباب بعد الفوز على ترينداد وتوباجو فى المباراة الأولى.. وهو المبلغ الذى تمت سرقته من سيارة أحمد الحسينى، إدارى المنتخب، حين تركها أمام اتحاد الكرة فى الجزيرة.. ولا أقصد بالخطأ هنا إهمال موظف ترك 400 ألف جنيه فى سيارته، ليأتى ببضع أوراق.. وإنما أقصد هذه اللهفة وهذا الإلحاح والإصرار على صرف المكافآت لمنتخب لا يزال يشارك فى بطولة ولا تزال أمامه مبارتان لتقرير مصيره فيها.. وهو خطأ فادح وفاضح أيضا، لأن هذا القرار بصرف مكافآت الفوز فى المباراة الأولى باتت له معانٍ كثيرة أولها أن كأس العالم كلها بالنسبة لاتحاد الكرة لم تكن إلا تلك المباراة الأولى التى حضرها السيد الرئيس.. ووفقاً لأى مقاييس عسكرية أو رياضية فإن المكافآة التى ينالها الجندى أو اللاعب تعنى أن الحرب انتهت والبطولة أيضاً.. كما أنه بافتراض أن المبلغ لم تتم سرقته.. وانتهت رحلته فى جيوب اللاعبين صغار السن قليلى الخبرة والتجربة.. فهل سيبقون فى معسكرهم المغلق أم سيخرجون منه بهذا المال سواء لأهاليهم أو للترفيه؟!.. وهل سيحتفظون بتركيزهم.. ولماذا أصلاً تخرج المكافآت من اتحاد الكرة مجمعة؟!.. وهل هذا يعنى أنها لم تكن مكافآت للاعبين وحدهم، وإنما سيقاسمهم فيها كثيرون جدا حتى وإن لم يجر إعلان أسمائهم.. أما الخطأ الثالث فهو هذا التركيز وهذه الحفاوة بتصريحات بلاتر عن نجاح مصر فى تنظيم البطولة، وأن ذلك دليل على قدرة بلادنا على استضافة كأس الكبار أيضاً.. ومن المؤكد أن بلاتر لم ينس صفر المونديال بعد، ولكنه رجل مجامل.. وسبق أن قال نفس الكلام فى كل دولة أفريقية زارها.. ولكننا نحن الذين نسينا.. أو استهوانا أن ننسى.. وبالتالى صدقنا أننا ننظم أهم وأجمل بطولة فى العالم.. بل صدقنا أن العالم كله يتابع البطولة بمنتهى الإعجاب والاحترام.. وصعب جداً فى هذا المناخ أن نتحدث عن أخطائنا أو حتى نراها لنحاول إصلاحها. ■ لم أخف يوماً أننى لست من السعداء بتجربة أندية الوزارات والهيئات والشركات.. وأراها تجربة لن تعيش طويلاً.. وإن عاشت فلن تسفر إلا عن ملاعب مهجورة ولعبة يمارسها موظفون ولا يراها أحد من الناس.. ولكننى فى المقابل أرفض النغمة المطالبة بإلغاء هذه الأندية حتى لا تموت الأندية الشعبية.. فالأندية الشعبية بدأت تموت ليس بسبب أندية الشركات، وإنما بسبب ضيق أفق وقلة حيلة من يديرون تلك الأندية.. والمشكلة الآن أن حسن فريد ومحمد مصيلحى ونصر أبوالحسن وكامل أبوعلى يريدون منا كلنا الاقتناع بأن عثراتهم وأزماتهم الدائمة ليس لها سبب إلا أندية الهيئات والشركات.. وهذا ليس صحيحاً على الإطلاق.. فلم أشهد أحداً منهم يدير ناديه بسياسة مختلفة وجديدة تسمح بالابتكار وتدبير الموارد.. لم أشهد أى رئيس منهم جاء بجنيه واحد من أى فكرة جديدة استثمر فيها شعبية ناديه.. إنما هى نفس القواعد.. نفس اشتراكات الأعضاء وإيرادات بعض المباريات وحصيلة البث التليفزيونى لثلاث أو أربع مباريات ومنح وعطايا المجلس القومى للرياضة أو السيد الوزير المحافظ. ■ الحكومة التى قادها الحزب لتحشد الآلاف أمام الرئيس فى افتتاح كأس العالم للشباب.. والحزب الذى تقلصت رؤيته للرياضة لتصبح مجرد دورة رمضانية على كأس السيد الرئيس كالعادة.. لم يمنحا أى اهتمام حقيقى أو حتى احترام للرياضة فى مصر، وبالتالى لم يكن هناك مكان أو مجال لمشروع قانون جديد للرياضة بين 14 مشروع قانون ستتقدم بها الحكومة لمجلس الشعب خلال الدورة البرلمانية الجديدة.. رغم أن الرياضة فى مصر باتت تحتاج لهذا القانون وإعادة تنظيمها من جديد.. سواء للاستثمار فى المنشآت أو الأندية الخاصة أو لوضع ضوابط وروابط لما نعيشه من فوضى واضطراب.. وبعيداً عن هذا القانون.. متى سنضع الحدود الفاصلة بين السادة المحافظين ورئيسى المجلس القومى للرياضة أو الشباب.. فوكيل وزارة الشباب بالإسكندرية تم تجميده بقرار من المحافظ عادل لبيب دون أن ينجح حسن صقر فى حمايته.. ورئيس مركز شباب الجزيرة تمت إقالته بقرار من محافظ القاهرة، ولم يقبل صفى الدين خربوش هذا القرار.. فباتت الرياضة بالإسكندرية تبحث عمن يديرها.. وباتت هناك صفة مزدوجة لرئيس مركز شباب الجزيرة، سابق ومقال حسب المحافظ، وحالى وباقٍ حسب رئيس المجلس القومى للشباب- وحالات أخرى كثيرة ومماثلة فى مختلف محافظات مصر. ■ كان هارون تونى، الرئيس الجديد لنادى هليوبوليس، رائعاً وهو يقرر فى أول لحظة له على مقعد الرئيس دعوة مجلس إدارة النادى للموافقة على منح فؤاد سلطان الرئاسة الشرفية لهليوبوليس.. وذلك على الرغم من المنافسة الشرسة التى كانت بين الاثنين ومعهما حسن عرفة طيلة الشهور الماضية.. فقد كان هذا القرار دليلاً جديداً على أن هارون تونى رجل محترم، وأن هليوبوليس نادٍ راقٍ ومحترم.. أما نجاح هارون تونى نفسه فكان دليلاً على أن هليوبوليس انحاز لأبنائه، ولم يكن فى حاجة لوزراء أو مسؤولين كبار.. وإن كنت حزيناً لأنه لم تنجح أى امرأة فى هليوبوليس رغم أنه كان بينهن من تستحق أن تشارك فى إدارة النادى العريق.. تماماً مثلما جرى فى نادى الزهور أيضاً.. ولا أعرف لماذا يظل النساء يصرخن طول الوقت طلباً للمساواة وبحثاً عن المكانة المفقودة والحقوق الضائعة.. وحين تأتيهن الفرصة للاختيار يمنحن الثقة كلها للمرشحين الرجال ويحجبنها عن أى امرأة. ولماذا يتخيل الرجال فى قرارة أنفسهم أن النساء عاجزات عن التفكير والإدارة والاختيار والقرار.. وحزين أيضاً على عدم توفيق صديق فى غاية الاحترام والتهذيب اسمه شاهر الشافعى.. ولكننى رغم الحزن أهنئ أصدقائى الأعزاء فى هليوبوليس.. عمرو السنباطى وسيف أبوالنجا ومحمد المنشاوى وميدو رزق وكريم سالم وعمرو يكن.. تماماً مثلما أهنئ أصدقائى فى «الزهور» بقيادة الفريق زاهر عبدالرحمن.. وشركاء السلاح ورفقاء الحرب على الفساد فى نادى الزهور طيلة السنوات القليلة الماضية.. طلال عبداللطيف ومحمد الدمرداش وإيهاب الشريطى وعمرو طاحون ووائل السرنجاوى.. وأشكرهم على كل الجهود التى تقاسمناها فى الماضى للحفاظ على النادى الجميل.. وأشكر بشكل خاص محمد الدمرداش، الذى نجح فى إقناع الصديق العزيز على المصيلحى، وزير التضامن الاجتماعى، بضرورة الاستعانة بالرياضة فى كل البرامج الاجتماعية ووضع برامج وطموحات جديدة تقودها نادية علاء الدين، ليس فقط باعتبارها نائبة لرئيس مجلس إدارة بنك ناصر، وإنما كامرأة قديرة صاحبة حلم ودور ورسالة. ■ رغم عدم اقتناعى بجواز الجمع بين ممارسة العمل الإعلامى العام وممارسة نفس العمل فى نفس الوقت فى وسائل إعلامية تملكها الأندية الرياضية فإن التجربة الحاصلة فى مصر شهدت استثناءات كثيرة لهذه القاعدة.. وأصبحنا نجد كثيرين يعملون فى صحفهم أو قنواتهم وفى نفس الوقت يعملون مع اتحاد الكرة أو الأهلى أو الزمالك ولا يفقدون، رغم ذلك، اتزانهم أو وقارهم ولا احترام ولا تقدير الناس لهم.. ولكن الذى لا يجوز فيه الاستثناء هو أن نجد مسؤولاً عن لعبة، ويعمل فى نفس الوقت لدى أحد أطراف هذه اللعبة.. فمجدى عبدالغنى على سبيل المثال لا يليق به أن يمارس التحليل الكروى فى قناة الأهلى.. ويبقى فى نفس الوقت عضواً بمجلس إدارة اتحاد الكرة ورئيساً للجنة شؤون اللاعبين.. وعلى الرغم من احترامى لمجدى عبدالغنى وتقديرى الشخصى له واعتزازى بصداقته.. فإننى أرفض بقاءه فى الموقعين فى وقت واحد.. ففى ذلك مجال لإثارة كثير من الشبهات لا داعى أو ضرورة لها.. لأن الأهلى لم يعد الآن بالنسبة لمجدى عبدالغنى مجرد نادٍ سبق أن لعب له ولا يزال يحبه وينتمى إليه.. وإنما أصبح جهة يتعامل معها عبدالغنى ويتقاضى منها أجراً.. وكان من الخطأ أن يحدث ذلك، ومن الخطأ الفادح أن يستمر. ■ أتمنى أن يعاوننى الصديق العزيز.. محمد الدمرداش، نائب وزير الإسكان، فى دعوتى لكل شركات الإسكان والعقار الكبرى فى مصر.. داماك وسوديك وأوراسكوم وطلعت مصطفى وغيرها.. بأن تتولى كل شركة منها المساهمة فى بناء وتجهيز ملعب للبسطاء على الأراضى التى يتفاوض عليها الآن حسن صقر مع مختلف محافظى مصر.. وقد تعهد حسن صقر لكل أصحاب تلك الأراضى فى مدن مصر وقراها، الذين سيقررون التنازل عن مساحات من أراضٍ يملكونها بألا تنتقل الملكية للمجلس القومى للرياضة، وتبقى ملكاً لأصحابها ولكن مع حق انتفاع لمصلحة الشباب والرياضة، ويكتفى المجلس القومى للرياضة بالإدارة الفنية وصيانة كل هذه الملاعب. [email protected]