أثار قرار الرئيس مبارك بتكليف الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء، بمهام رئيس الجمهورية طوال فترة إجرائه عملية جراحية فى ألمانيا، الجدل من جديد حول ضرورة وجود نائب لرئيس الجمهورية يحل محل الرئيس فى حالات المرض أو الخضوع للعلاج، خاصة فى ظل ترك الدستور الأمر اختيارياً. واتفق عدد من أساتذة القانون الدستورى والعلوم السياسية على أن للرئيس الحق فى تكليف رئيس الوزراء بصلاحياته وفقاً للتعديلات الدستورية الأخيرة عام 2007، وإن كان لا يغنى ذلك عن أهمية وجود نائب لرئيس الجمهورية، مؤكدين أن الإعلان عن إجرائه عملية جراحية لأول مرة فى وسائل الإعلام المصرية الحكومية يعد «خطوة إيجابية». قال الفقيه الدستورى ثروت بدوى إن قرار الرئيس بتفويض رئيس الوزراء بدلاً منه «حق دستورى» إلا أنه يدل على أن الرئيس ليس لديه نية لتعيين نائب يحل محله فى جميع الصلاحيات. وأضاف بدوى أن مهام رئيس الجمهورية الموكلة لرئيس الوزراء تقف عن حدود تعديل الدستور أو حل مجلسى الشعب والشورى، وبالتالى فإن التفويض محدود، موضحاً أن الشخص الوحيد الذى يمكن أن تكون له صلاحيات تعديل الدستور أو حل المجلسين هو رئيس الجمهورية أو نائبه. من جهته، قال الدكتور مصطفى عفيفى، أستاذ القانون الدستورى، عميد كلية حقوق طنطا سابقاً، إن المطالبة بوجود نائب لرئيس الجمهورية أمر قديم يهدف لإتاحة فرصة لوجود شخص آخر يتولى مهام الرئيس فى حالة المرض أو عدم القدرة على إدارة البلاد. وأضاف أن تكليف الرئيس مبارك لنظيف بتولى مهامة أمر طبيعى وتمت تغطيته دستورياً وفقاً للنص المعدل عام 2007، وهو التعديل الذى تحايل على أهمية وجود نائب لرئيس الدولة، مشيرا إلى أن الرئيس كان دائماً يرفض تعيين نائب بحجة أنه يريد أن يعطى فرصة للشعب أن يختار رئيسه بعده وألا يفرض عليهم نائبه بحكم الدستور والقانون. ووصف عفيفى هذه «الحجة» الرئاسية بأنها غير مقبولة دستوريا، ولكن تم التعامل معها بترحيل صلاحيات الرئيس لرئيس الوزراء باستثناء حل المجلسين وتعديل الدستور، وبالتالى فإن الجهتين الوحيدتين اللتين تملكان الحق فى تعديل الدستور، وفقا للمادة 189، هما رئيس الجمهورية أو ثلث أعضاء مجلس الشعب. ورأى الدكتور عبدالمنعم المشاط، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنه ليست هناك علاقة بين تكليف الرئيس للدكتور نظيف بتولى مهامه، ومسألة وجود نائب لرئيس الجمهورية. وقال المشاط: «تفويض الرئيس أمر وجوبى نص عليه الدستور من قبيل المسؤولية الدستورية لرئيس الجمهورية حتى لا يحدث فراغ دستورى، فى حين أن تعيين نائب للرئيس أمر اختيارى وجائز وليس إجبارياً». وأضاف أستاذ العلوم السياسية أنه لا يمكن مطالبة رئيس الجمهورية بضرورة تعيين نائب، فالدستور لا يلزمه بذلك، وإنما هو أمر اختيارى يعود له فى ظل الدستور القائم، موضحا أن الإعلان الرسمى فى وسائل الإعلام عن إجراء الرئيس عملية جراحية لأول مرة «خطوة إيجابية» لتحقيق الشفافية. وأرجع المشاط الإعلان الرسمى للرئيس عن تفويض رئيس وزرائه بدلا عنه إلى أن الرئيس فى حالة خضوعه للتخدير أثناء العملية يكون فاقداً لأهلية اتخاذ أى قرارات، وبالتالى، دستوريا، لابد من وجود شخص آخر غيره يتخذ قرارات بدلا منه حتى لا يحدث فراغ دستورى فى الدولة.