أسبوع أمريكى حافل بمقولات لترامب، يقول رجال القانون الأمريكيون إنها فى ذاتها تستوجب عزله. فترامب بدأ الأسبوع بتصريح قال فيه إنه يسعى للوصول لهوية الشخص الذى قام بالإبلاغ عن المحادثة التليفونية التى أجراها الرئيس مع نظيره الأوكرانى وطلب فيها منه البحث عما يدين منافسه الديمقراطى، جوزيف بايدن، فى معركة الرئاسة. وهى القصة التى بموجبها تم فتح إجراءات العزل رسميًا، لكن المُبلغ عن أى عمل غير قانونى يقترفه مسؤول سياسى، متى اتبع سلك المسار المؤسسى الذى يحدده القانون، فإنه يتمتع بحماية وفق القانون نفسه. وترامب لم يقل ذلك فقط وإنما اتهم ذلك الشخص بالتجسس، ملمحًا إلى ضرورة معاقبته وفق قوانين التجسس، الأمر الذى استدعى إدانة فورية من ديمقراطيين بل وجمهوريين أعضاء بالكونجرس، لأنه فى ذاته مخالف للقانون. وبينما يواجه ترامب العزل لأنه طلب من أوكرانيا مساعدته لكشف ما يدين منافسه جوزيف بايدن، إذا به يطلب علنا من الصين فعل الشىء نفسه!. وقد تبين أيضًا أن ترامب قد أمر مرؤوسيه بكهربة الجدار العازل بين الولاياتالمتحدة والمكسيك لمنع المهاجرين من دخول الولاياتالمتحدة، فضلًا عن بناء خنادق على طول الجدار يملأونها بالثعابين وغيرها من الزواحف الخطيرة لتكون بمثابة فخ قاتل لأولئك المهاجرين. وهو ما أشار بعض القانونيين الأمريكيين إلى أنه يخالف قوانين البلاد ويستوجب العزل، غير أن الأخطر من ذلك هو أن ترامب هدّد بحرب أهلية إذا ما تم عزله عبر استخدام حسابه على تويتر لإعادة نشر تصريحات لأحد رجال الدين المتطرفين تدعو لمثل تلك الحرب الأهلية. وهو ما يقول رجال القانون إنه أخطر من كل ما تقدم ويستوجب عزل الرئيس فورًا، لأنه يهدد النسيج الاجتماعى الأمريكى، خصوصًا أن هناك من أنصار ترامب من هم على استعداد لدعمه بكل الطرق. وتلك ليست المرة الأولى التى يستخدم فيها ترامب التهديد بحرب أهلية حال هزيمته فى الانتخابات، كما يصف محاولات عزله بمحاولات «للانقلاب». ومما يزيد من خطورة تلك التصريحات أن المجتمع الأمريكى مدجج بالسلاح، حيث يمتلك المواطنون العاديون أكثر من 300 مليون قطعة سلاح، هى المسؤولة عن جرائم القتل الجماعى المتكررة بالولاياتالمتحدة. وذلك التصريح نفسه يمثل خطورة أكبر، لأنه يتزامن مع مسعى ترامب الواضح لتوريط من حوله معه فى فضيحة أوكرانيا، من فى ذلك نائبه مايك بنس الذى يصبح، إذا ما تم عزل ترامب فعلًا، هو الرئيس حتى يأتى موعد الانتخابات القادمة، الأمر الذى قد يعنى عزل الاثنين معًا فى أتون عنف شامل يعترى البلاد. وهو ما يعرض أمريكا لأزمة استثنائية فى مسار التاريخ السياسى الأمريكى. صحيح أن الدستور الأمريكى قد حدد صراحة من يتولى الرئاسة حال غياب الرئيس ونائبه معًا إلا أن مثل ذلك السيناريو من شأنه أن يزلزل ليس فقط مؤسسات الحكم وإنما المجتمع الأمريكى نفسه، ويؤدى لشلل كامل لمجريات السياسة الداخلية والخارجية والعسكرية الأمريكية، ويطرح عواقب وخيمة تمثل فى ذاتها هزة عالمية كبرى سياسية واقتصادية. والرئيس الأمريكى الذى لا يتوقف عن إطلاق تصريحات من ذلك النوع يدفع بأمريكا دفعًا نحو ذلك السيناريو العنيف والمخيف معًا.
