الكثير من الأقاويل تدور هذه الفترة بعد موافقة مجلس الشيوخ الأمريكى على عزل الرئيس دونالد ترامب بتهمة سوء استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونجرس، بقرار مرر بأغلبية 230 صوتًا مقابل رفض 197، وجاء التصويت على خلفية التحقيقات فيما يعرف بالمسألة الأوكرانية. وفى نوفمبر الماضى، نشرت «الصباح» تقريرًا مطولًا عن خطة ترامب للإفلات من هذا القرار بعد تأكده من حتمية صدورة، بالإضافة إلى تاريخ رؤساء سابقين مع نفس القرار، ومع تجدد الحديث حول إمكانية عزل ترامب، فالإجراءات على أرض الواقع تقتضى العمل بنصوص القانون الأمريكى، وتنص الفقرة الثانية من المادة الأولى من الدستور الأمريكى على أن مجلس النواب «يختار رئيسه والمسئولين الآخرين، وتكون لهذا المجلس وحده سلطة اتهام المسئولين»، هذه الفقرة هى النقطة التى ينطلق منها مجلس النواب الأمريكى تجاه محاولة عزل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، تلك الخطوات التى سببت الكثير من ردود الأفعال على مستوى القوى العظمى العالمية وغيرها من القوى، نظرًا للدور الرئيسى الذى تلعبه الولاياتالمتحدة فى العالم. حلم «ترامب» بإعادة انتخابه بات مهددًا بقوة، ففى التحليل المطول الذى نشرته شبكة «سى إن إن» قيل إن ترامب كان المتسبب فى توضيح الضرر الذى يحدث للاستقرار العالمى عندما تتخلى الولاياتالمتحدة عن دورها المستمر منذ عقود كضامنة له، ويضع نفسه ضمن العوامل التى تتسبب فى ذلك الاضطراب العالمى، بعدما أحدثت سياسياته عن عمد عدد من المشكلات على الصعيدين الاقتصادى والسياسى فى العديد من دول العالم. وتتبعت الشبكة عدد من تلك المشكلات التى أرجعتها لسياسات ترامب ومنها حالة عدم الاستقرار التى تشهدها الأسواق العالمية بسبب الحرب التجارية التى أشعلها ترامب بين الولاياتالمتحدة والصين، وحدث على إثرها ركود عالمى جديد، بالإضافة إلى سباق التسلح الذى أشعله من جديد بعد الجهود التى بذلها قادة العالم للحد من التسلح الذى تأسس فى فترة ما بعد الحرب الباردة. ومن جانبه، أجرى تلفزيون فوكس نيوز الأمريكى استطلاع للرأى حول نسبة الرضا عن أداء ترامب، وجاءت النتائج بزيادة قدرت ب 5% فى معدل عدم الموافقة على أداء ترامب عن الشهر الماضى قبل أن تتزايد الشهر التالى. وأبدى 43 % من الذين تم استطلاع آرائهم موافقتهم على أداء الرئيس الأمريكى حينها، بنسبة أقل من نظيرتها التى أجريت فى الشهر الماضى ووصلت إلى 46%. لم يكتف ترامب بما يواجهه من مشكلات أدت إلى تراجع نسبة الرضى عن أدائه، لكن رئيسة مجلس النواب الأمريكى الديمقراطية نانسى بيلوسى واجهته بفتح تحقيق رسمى حول ما سمى إعلاميًا ب«فضيحة أوكرانيا»، قد تؤدى إلى عزله من منصبه فى حال ثبت انتهاكه للدستور والسعى للحصول على خدمات دولة أجنبية لإيذاء خصومه. فى حين يحقق المجلس فى طلب ترامب مساعدة أوكرانيا لتشويه سمعة جو بايدن نائب الرئيس السابق والمرشح الأوفر حظا بين الديمقراطيين فى انتخابات2020، هذا الطلب الذى جاء خلال مكالمة نشرتها وسائل إعلام أمريكية وفيها يطلب ترامب من نظيره الأوكرانى زيلينسكى الضغط على جو بايدن، من خلال فتح تحقيق مع نجله، بشأن استثماراته فى أوكرانيا. وهو ما دفع بيلوسى للتقدم بطلب للجان النيابية الست التى تجرى أصلًا تحقيقات بشأن الرئيس الجمهورى أن تضع نفسها فى إطار هذا الإجراء، وهو ما يعنى أنه فى حال وجود أدلة كافية فسيكون بإمكانهم توجيه لائحة اتهام إلى ترامب ومن ثم طرحها فى جلسة عامة للتصويت عليها من قبل مجلس النواب مجتمعًا. الفقرة الثانية من المادة الأولى التى يرتكز عليها خصوم ترامب فى طلبهم للتحقيق معه وعزله تستوجب يجب أن يبدأ عزل من مجلس النواب، الذى يجب عليه أن يدفع إحدى لجانه لتمثيله، وهى عادة ما تكون اللجنة القضائية، للتحقيق فى الشخص المعنى. إذا وجدت اللجنة أمر ما، فهنا يمكنها إعادة مواد العزل للمجلس ككل، الذى يصوت بأغلبية بسيطة. وهنا ما يخيف ترامب فالديمقراطيين يسيطرون على مجلس النواب الآن، وهو ما يمكنهم بسهولة تحقيق ذلك، وبذلك تكون الخطوة الأولى اكتملت. عملية عزل رئيس الولاياتالمتحدة ليست بتلك السهولة، فالفقرة الثالثة من المادة الثانية للدستور تنص على إرسال القضية برمتها إلى مجلس الشيوخ، وذلك من خلال النص الدستورى الذى يقول: «لمجلس الشيوخ وحده سلطة إجراء محاكمة فى جميع تهم المسئولين. وعندما ينعقد مجلس الشيوخ لذلك الغرض، يقسم جميع أعضائه باليمين أو بالإقرار. وعندما تتم محاكمة رئيس الولاياتالمتحدة، يرأس رئيس القضاة الجلسات: ولا يجوز إدانة أى شخص بدون موافقة ثلثى الأعضاء الحاضرين». ويتضمن الجزء الخاص بمجلس الشيوخ فى عملية العزل محاكمة يكون فيها النواب مدّعون عامّون بينما يكون مجلس الشيوخ أعضاء بهيئة المحلفين. ويجب أن يصوّت ثلثيهم بالإدانة، وبالأرقام فعملية العزل عبر مجلس الشيوخ تستلزم يجب أن يكون عددهم 67 سناتورًا على أقل تقدير، وبالأعداد الحالية فيجب على 20 سناتورًا جمهوريًا أن يصوت لإدانة ترامب، وهو أمر مستبعد بعض الشىء، ومع افتراض أن كل الديمقراطيين سيصوتون بعزله، وهو ما يتكرر للمرة الثالثة فهذه الإجراءات تمت مع رئيسين أمريكيين سابقين، وهما أندرو جونسون وبيل كلينتون، لكن القول الفصل كان لمجلس الشيوخ الذى صوت ضد عزلهما.