تعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ملحمة من البطولة والفداء قادها الشرفاء من أبناء مصر وجاد الشباب فيها بكل ما يملك من الجهد والمال والروح من أجل عهد جديد تعيشه مصرنا الحبيبة من الحرية والبناء والتقدم . وذات يوم كنت أغسل حزمة من الجرجير دون أن أفك رباطها فوجدت أعوادها الداخلية لا تزال ملوثة لم تصل إليها المياه بعد لتطهرها وتنظفها إذ أن النظافة تكون ظاهرية ولم تتوغل إلى الأعماق لتشمل كل عود على حده . ولكي تكتمل هذه الثورة العظيمة يجب علينا أن نغتسل جميعا ونتطهر ولا يكون ذلك إلا بطهارة القلوب وحسن النية والتصميم على العمل ومواصلة العطاء . إن هذه الثورة الشماء تتطلب منا جميعا أن نقف بكل حزم لمظاهر الفساد الذي نما وترعرع أمام أعيننا وبين أيدينا في المصالح والمؤسسات والجمعيات والمجالس وكذلك في الشوارع والحارات وحتى البيوت ! في ظل نظام صم أذنيه واعمي عينيه عن كل بناء حقيقي منظم ليلقي بنا جميعا إلي التهلكة فإذا به يلقي بنفسه فيها. الكثير منا كان يرى الفساد بأم عينيه ولا يتكلم والساكت عن الحق شيطان اخرس ولكن بحكم العادة نما شيطان أخرس الناس وأبعدهم عن فهم حقائق الأمور بكل السبل . فالغلاء كان ينمو بين أيدينا فلا نتكلم ولا نقاطع بل نتكالب ونقبل ونشتري فنشجع وهناك من أصحاب الطوابين من يستلم الدقيق المدعم وهو قوت البسطاء من الباب الأمامي ليبيعه من الباب الخلفي في السوق السوداء و كان يحدث ذلك بينما يموت الناس أمامها للحصول علي قوت يومهم من الرغيف المدعوم . وكلنا نتحدث عن مافيا الدروس الخصوصية وخطرها على ميزانية الأسر ومع ذلك هناك من يتعامل معها . وهناك العشرات من الموضوعات التي تخص شراء الوظائف والذمم والمحسوبيات وكلها لا تحقق العدل في المجتمع بل ترسخ السخط وعدم الإنتماء إن المطالبة بحوار مجتمعي شفاف يناقش كل هذه الأمور للوقوف عل أسبابها ومحاوله حل طلاسمها أمر لابد منه في ظل ثورة حقيقية تطهرنا من القلب لنبدأ طريقنا الصحيح بين الأمم .