قالت صحيفة «المونيتور» الأمريكية، إن وتيرة دخول العملات الأجنبية «مجهولة المصدر» إلى تركيا ارتفعت بشكل كبير، على مدى ال12 عاماً الماضية، أي خلال حكم حزب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، «العدالة والتنمية»، للبلاد، مضيفة أنه لا أحد يعلم من أين تأتي هذه الأموال. وأشارت الصحيفة، في تقرير نشرته الأربعاء، إلى أن هذه الأموال، التي بلغت قيمتها نحو 36 مليار دولار، يتم تسجيلها في ميزانية المدفوعات في البنك المركزي التركي تحت بند «صافي الخطأ والعجز». وأضافت الصحيفة أن كل الاقتصاديين في تركيا يعرفون أنه من المستحيل إخفاء هذه المبالغ الكبيرة، ورأت أن تدفقها، من مصادر غير معروفة، يرتبط بشكل وثيق مع التغيرات السياسية في البلاد خلال ال12 عاماً الماضية، فضلاً عن التطورات الإقليمية. ولفتت الصحيفة إلى أن الوكيل السابق بوزارة المالية التركية، مافي إجليميز، أعد جدولاً مفصلاً يوضح أن الطفرة التي حدثت في الأموال الغامضة القادمة لتركيا كانت بعد فوز حزب «العدالة والتنمية» في الانتخابات الأولى في نوفمبر 2002، حيث دخل نحو 758 مليون دولار للبلاد عقب الانتخابات، وفي عام 2003 دخل حوالي 4.489 مليار دولار، وتابعت: «تدفق هذه الأموال أكسب الحزب زخماً سياسياً في عام 2007، وخاصة حين تولى رئاسة البلاد أيضاً، ما أدى إلى الثقة في أنه سيحكم لفترة طويلة مقبلة». وذكر التقرير أنه على الرغم من أن قيمة الأموال الواردة إلى تركيا في 2007، بلغت نحو 517 مليون دولار، فإنها زادت 6 أضعاف لتصل إلى 3 مليارات دولار في عام 2008، وفي 2011 وصل المبلغ إلى 9.4 مليار دولار، مسجلاً رقماً قياسياً جديداً. ومضت الصحيفة تقول إنه «خلال ال 11 عامًا التي سبقت حكم (العدالة والتنمية)، كانت هذه الأموال الغامضة تتدفق في اتجاه آخر، فبين عامي 1992 و2002، خرج 3.5 مليار دولار من مصادر غير معروفة من تركيا، ولكن حدث انعكاس كلي في مسار هذه الأموال في ظل حكم الحزب الإسلامي». وأشارت الصحيفة إلى أنه بين عامي 2003 و2013، دخل 29.3 مليار دولار إلى تركيا، فضلاً عن 6.4 مليار دولار أخرى، من مصادر غير معروفة، في النصف الأول من عام 2014، ليكون مجموع الأموال، غير المعروف مصدرها، التي دخلت تركيا 36 مليار دولار حتى الآن، ومن المتوقع أن يرتفع إلى أكثر من 40 مليار دولار بحلول نهاية هذا العام. وتساءلت الصحيفة عما إذا كان من الممكن أن يتم تصنيف مثل هذا المبلغ الضخم بأنه «خطأ محاسبة» وتغطية الأمر بأنه «صافي الخطأ والعجز». ونقلت عن مسؤولين المالية التركية السابقين، فائق أوزترك وماهفي إجليميز، مطالبتهما البنك المركزي بالكشف عن مصدر هذه الأموال، وتحذيرهما من أنها ستولد العديد من تكهنات والمخاطر لبعض الوزراء. وأكد أوزترك، الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس حزب «الشعب» المعارض، أنه في الأشهر الستة الأولى من هذا العام، دخل نحو 8.8 مليار دولار لتركيا، من مصادر غير معروفة، بينما خرج 2.6 مليار دولار من تركيا لمصادر غير معروفة أيضاً، ما يعني أنه في النصف الأول من العام كان هناك دخل صافٍ قدره 6.4 مليار دولار، وهو «أمر غير عادي ويحتاج إلى توضيح». وتابع: «من أين تأتي هذه الأموال؟، يجب الكشف عن مصدرها، وقد قدمت استجوابات لوزير الاقتصاد ولكن لم يتم الرد على من قبله أو من قبل البنك المركزي». ومضى يقول إنه «حينما يدخل البلاد 13.5 مليار دولار، من مصادر غير معروفة، في سنة واحدة، من يوليو 2013 وحتى يونيو 2014، فهذا يجعل جدية وكفاءة مؤسساتنا محل سؤال، ولذا يجب على الدولة أن تعطي تفسيراً مرضياً لهذه الظاهرة، التي سيؤدي السكوت عنها إلى إشعال التكهنات». ورأى أوزترك أن «مصدر هذه الأموال هي إيران وبعض دول الخليج وسوريا»، قائلاً إنه يجب على الدولة أن تأخذ الأمر على محمل الجد. ومن جانبه، أكد المحلل السياسي، مصطفى شاهين، المعروف بقربه من حزب «العدالة والتنمية»، أن هذه الأموال هي سر تجنب تركيا الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008، متوقعاً أن «يكون مصدرها قطر ودول إسلامية أخرى تودع أموالها في أنقرة بسبب ثقتهم في الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وحزبه». فيما يرى الكاتب التركي، ناكي بكر، إن هذه الأموال الضخمة تأتي من دول الشرق الأوسط، مما يجعل تركيا أحد أهم المعابر في حركة الأموال السوداء. واختتمت الصحيفة تقريرها قائلة إن «البنك المركزي التركي بات أمامه خياران إما أنه يعطي شرحاً مفصلاً لوقف التكهنات، أو أنه سيستمر في إخفاء الحقائق». اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة
