أعتبر أن مصر مسؤولة نسبياً عما يجرى فى سوريا. ذلك أن مصر مع صعود الإخوان كان مقررا لها أن تتبنى سياسة قائمة على «الهوية الإسلامية السنية» تحديدا فى مواجهة «إيران الإسلامية الشيعية». كتبت فى سبتمبر 2012 مقالا بعنوان «محاصرة إيران» ثم فى مايو 2013 مقالا آخر بعنوان «تطويق إيران». مجمل المقالات يرجع بنا لعام 2001 ومحاور الشر لدى جورج بوش: «العراق، إيران، كوريا الشمالية». تلك كانت أطروحات سياسية خارجية واقعية للغاية. العراق باتت كما باتت. إيران كان مقررا أن يأتى عليها الدور. بل إن كل المناوشات المتداولة إخباريا الآن عن بوادر «تهديد الصين لجيرانها» فى المحيط الأطلسى، قد ينبئ بحرب وكالة جديدة فى كوريا الشمالية، ثالث «محاور الشر». رجوعا إلى إيران، كان المطروح فى ظل الإخوان- الذين فشلوا للأسف فى أن يتحولوا فعلا إلى حزب الحرية والعدالة، وألا يظلوا يتصرفون كجماعة حصرية كما فعلوا، ولكن أيا كان- أن تستمد مصر «مكانتها الاستراتيجية» من خلال تعاونها فى جبهة تتكون ضد إيران أضلاعها هى: الولاياتالمتحدة، إسرائيل، بلدان الخليج العربى خاصة قطر، مصر فى ظل محمد مرسى، وأخيرا تركيا خاصة بعد إقامة علاقات ودية مع إسرائيل فى أعقاب اعتذار الأخيرة عن حادث السفينة مرمرة بوساطة الرئيس الأمريكى ووزير خارجيته. كتبت فيما قبل: «تلك الدول كان المفترض أن تشكل تحالفا ما ضد إيران. ماذا عن سوريا؟ سوريا ما هى إلا الفضاء الذى تُحارب وتحارب فيه إيران حربها بالوكالة Proxy war». ما بعد 30 يونيو، مصر انسحبت من هذا «التحالف» والتفتت للمرتزقة الذين كان يجرى تعبئتهم فى سيناء، بهدف إرسالهم ل«الجهاد السنى» فى سوريا أولاً، و«الجهاد ضد الدولة المصرية داخليا» ثانيا. ما ترتب على هذا الانسحاب المصرى من هذا التحالف هو تفتيت الوحدة الإقليمية ضد إيران، ما نتج عنه التقارب الأمريكى- الإيرانى الحالى نفسه. قطر تحفظت وبدأت تتوجه للاستثمار الإعلامى والاقتصادى فى الولاياتالمتحدة نفسها لربط مصالحها بمصالح الولاياتالمتحدة مباشرة دون الاعتماد على «الدور الإقليمى» . إذن الجميع يتأقلم لعلاقة جديدة مع إيران ليس بالضرورة جوهرها «الحرب على إيران»، كما كان حال «الحرب على العراق». أين سوريا؟ سوريا الأرض الفضاء التى تمت عليها كل هذه المناوشات والمطاحنات، المواجهات والمواءمات. 100 ألف قتيل، 2 مليون لاجئ، كلمة «حرب أهلية»، 3 أعوام من الحزن، برد قارس، شح فى الوقود يجمد الناس فى ديارهم، دعارة مستترة وغير مستترة للنساء، وأسوأ استغلال لهن فى بلداننا «العربية الإسلامية الأصيلة»: «أتزوج ابنتكم (الحلوة البيضة) وأخليكوا تسكنوا فى الشقة». [email protected]