اختتم مجلس الأمن الدولى جلسة طارئة فجر أمس، خصصت لمناقشة العنف فى قطاع غزة ومشروع قرار عربى يطالب بوقف فورى لإطلاق النار بين إسرائيل والنشطاء الفلسطينيين، دون إجراء اقتراع. وقال دبلوماسيون إن مفاوضات ستجرى خلال ساعات حول المشروع الذى وصفه مندوبون غربيون بأنه «غير متوازن» ويركز بشكل شبه كامل على أعمال إسرائيل، فيما استبعدت دوائر دبلوماسية غربية بالأممالمتحدة، موافقة مجلس الأمن على مشروع القرار العربى. ويدعو المشروع الذى قدمته ليبيا - العضو العربى الوحيد فى مجلس الأمن - إلى «وقف فورى لإطلاق النار، وإلى احترامه بشكل كامل من الجانبين». ويطالب أيضاً بحماية للمدنيين الفلسطينيين وفتح المعابر الحدودية إلى غزة واستعادة التهدئة بالكامل. ويدين المشروع الاستخدام «المفرط وغير المتناسب والعشوائى للقوة من جانب إسرائيل»، لكنه يذكر فقط الهجمات الصاروخية التى يشنها نشطاء فلسطينيون على إسرائيل، فى إشارة غامضة إلى «تدهور الوضع فى جنوب إسرائيل». واعتبر دبلوماسى بالبعثة الأمريكيةبالأممالمتحدة أن مشروع القرار يعبر عن وجهة نظر منحازة للجانب الفلسطينى، ويصادر حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، وأكد الدبلوماسى الأمريكى، الذى تحدث لعدد محدود من الصحفيين عقب انتهاء الجلسة أن الأعضاء الدائمين بالمجلس - وليس واشنطن فقط - لا يمكنهم قبول مشروع القرار بصيغته الحالية، مشيراً إلى ضرورة إجراء تعديلات هيكلية عليه. وقال دبلوماسى آخر بالبعثة البريطانية إن المجموعة العربية قدمت مسودة قرار «عاطفى للغاية وأحادى النظرة للأحداث وهو ما لا يمكن قبوله»، واستبعد الدبلوماسى البريطانى طرح مشروع القرار - حتى بعد تعديله - للتصويت، وقال إن ما يهم المجتمع الدولى حالياً هو توصيل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وتسهيل وصول المعونات الغذائية والدوائية إلى هناك. وبينما قال السفير البريطانى جون سويرز إنه يعتقد أن قرارا متوازناً ستتاح له «فرصة جيدة لدعمه» فى مجلس الأمن، اعتبرت السفيرة الإسرائيلية جابرييلا شاليف والسفير الأمريكى زلماى خليل زاد أن أفضل نهج هو التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين لإنهاء القتال ثم تكريسه فى قرار بدلاً من أن يحاول المجلس فرض وقف لإطلاق النار. ومن ناحيته، أعلن السفير ماجد عبدالفتاح مندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة، عقب الجلسة أن المجلس طرح مشروع القرار لبحثه على مستوى الخبراء ويتوقع أن يتم ذلك خلال ساعات، وأبدى استعداد المجموعة العربية لتعديل مشروع القرار على نحو لا يخل بعناصره الأساسية من وقف إطلاق النار وفتح المعابر، وتوفير حماية دولية لسكان غزة، حتى يتحقق توافق الآراء لاعتماده فى أقرب وقت ممكن. كان عبدالفتاح أكد فى كلمة مصر أمام الجلسة أن الهجوم الإسرائيلى العسكرى السافر والمتواصل على أبناء الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة يمثل تهديداً للسلم والأمن فى منطقة الشرق الأوسط، وللعالم أجمع. وأضاف أن عمليات القتل المتعمد للأبرياء والاستخدام العشوائى للقوة العسكرية المفرطة من جانب إسرائيل يتطلب من مجلس الأمن تكثيف تعامله مع الموضوع من خلال التدخل الفورى وفقاً لصلاحياته بموجب الميثاق، لضمان تحقيق وقف إطلاق نار كامل يتم احترامه. وحذر من أن عدم استجابة إسرائيل لنداءات ومطالب مجلس الأمن المتكررة فى مواجهة الوضع المتفجر الخطير بقطاع غزة سيزيد من توتر الوضع فى الأراضى الفلسطينية المحتلة وفى البلدان العربية جميعها على نحو يعقد من فرص التوصل للسلام. وطالب عبدالفتاح مجلس الأمن بفرض احترام إرادته الجماعية، وتنفيذ سلطة القانون الدولى والإنسانى، بما يعيد لمجلس الأمن الهيبة والمصداقية اللازمة فى التعامل مع هذا العدوان على نحو يتفادى المعايير المزدوجة والتسييس والانتقائية، موضحاً أن التهدئة ليست هدفاً فى حد ذاتها، وإنما وسيلة لتهيئة الأجواء لعملية سلام حقيقية توقفت، وفقد الشعب الفلسطينى والشعوب العربية كل أمل فيها. ومن جهته، أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون «الإفراط فى استخدام القوة» من قبل إسرائيل خلال عملياتها العسكرية المتواصلة فى قطاع غزة، وذكر كى مون، فى كلمته خلال الجلسة، بهدف إقامة دولتين إسرائيلية وفلسطينية تعيشان جنباً إلى جنب فى سلام.