لم يكن أحد يتوقع أن تصبح الفنانة الكوميدية زينات صدقى صاحبة «براءة اختراع البحث عن عريس»، بعيدا عن الأساليب التقليدية، لتسبق عصرها فى الفيلم الشهير «عريس مراتى»، الذى طلبت فيه الزواج عبر إعلان فى إحدى الصحف بمواصفات محددة فى العريس، كاشفة فى الوقت نفسه عن مواصفاتها. وبينما رأى الكثيرون آنذاك أن الفكرة الهزلية للفيلم تعد دربا من الخيال، وأنه لا يمكن لفتاة أن تقوم فى يوم من الأيام بمثل هذا الإعلان، إلا أن الأمر اختلف خلال السنوات القليلة الماضية بعد انتشار ما يعرف ب«مواقع الزواج» على شبكة الإنترنت، التى تعتبر انعكاساً لانتشار العنوسة فى المجتمع المصرى. وتشير إحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء إلى أن عدد «العزاب» والعوانس وصل - طبقا لتعداد 2006 – إلى حوالى 13.3 مليون، حيث يصل عدد الذكور العزاب إلى 7.6 مليون بنسبة 33.6٪، مقابل 5.7 مليون عانس بنسبة 24.2٪. وعندما تتصفح الإنترنت ستجد أعداد مواقع ومنتديات البحث عن عريس أو زوجة لا تنتهى، مثل «قران» «Qiran.com»، و«بنت الحلال» «beutelhalal.maktoob.com»، و«زوجتى» «zawgaty.com»، وجروب «خليها تعنس»، و«أنا عايز أتجوز»، ومدونة «يوميات عانس حقود»، و«أنا عايزة أتجوز»، وغيرها. ويمكنك أن تجد يومياً آلاف الإعلانات من طالبى وطالبات الزواج من على الإنترنت، فوفقا للتقديرات المتاحة عبر المواقع المتخصصة فى التعارف الاجتماعى، فإن أعضاء موقع «قران» يبلغون نحو 2 مليون زائر، و«بنت الحلال» 900 ألف، و«نصيب» 265 ألفاً، و«زوجتى» نحو 350 ألف زائر، ويتراوح عمر الغالبية منهم بين ال 20 وال30 عاما. وللبحث عن شريك أو شريكة الحياة ستجد لكل فرد على المواقع المختلفة حساباً خاصاً به يحتوى على المعلومات والمواصفات الشخصية لكل فرد وستجد أنك مطالب بشراء كروت شحن مدفوعة مقدماً حتى تستطيع التواصل مع الآخرين، سواء إرسال رسائل أو مشاهدة الصور. وحين تطلب كروت الدفع ستصلك إلى باب بيتك، وتختلف أسعارها من موقع إلى آخر - على حسب عدد الأعضاء - فمثلا سعر الكارت الخاص بموقع «قران» - حاصل على موافقة من المفتى - 120 جنيها، وهو صالح لمدة شهر واحد فقط. أشرف أبوالفتوح، المسؤول عن الرد على استفسارات أعضاء موقع «قران»، قال إن الرجال يستحوذون على 71% من عضوية الموقع، باعتبارهم الأكثر ميلا للتعارف على النساء، تبعاً للطبيعة البشرية، رافضا وصف مثل هذه المواقع بأنها «مجرد منتديات للهو»، وإنما تحتوى – مثلما يضيف - على الصادق والكاذب، تماما مثلما يحدث فى الواقع بين الناس. أما موقع «نصيب» فلا يقتصر دوره على التعارف من أجل الزواج فقط، وإنما للتعارف بين الناس بشكل عام، سواء للصداقة أو الزواج. ولم تقتصر فكرة التعارف من أجل الزواج على المواقع المتخصصة، وإنما تعدت لتأسس «جروبات» للتعارف الاجتماعى على موقع التواصل الشهير «فيس بوك». ومن أكثر هذه «الجروبات» لفتا للانتباه جروب «خليها تعنس»، الذى يهدف إلى طرح أفكار جدية لتيسير الزواج بين الشباب. ويقول محمد شاكر، مؤسس الجروب، إن اسم الجروب يحمل تحذيرا من تفاقم مشكلة العنوسة فى المجتمع للمغالاة فى متطلبات الزواج. ويضيف أن الجروب نجح بشكل لافت فى جذب الأعضاء، وتلقى العديد من الاقتراحات، منها تأسيس صندوق يتلقى تبرعات الأشخاص لمساعدة الشباب على الزواج، أو إقامة حفلات زفاف جماعية. ورغم انتشار مثل هذه المواقع والمجموعات على الإنترنت، إلا أن الفكرة لاتزال تواجه بالكثير من الحذر. وترفض هويدا مدحت، أم لفتاتين وربة منزل، مثل هذه الطريقة فى الزواج، معتبرة أن الزواج من عدمه لم يعد مشكلة مثلما كان الحال فى الماضى، فالفتاة الآن – من وجهة نظرها - تستطيع الخروج للعمل والسفر ويكون عدم زواجها أحياناً عاملا مساعدا فى نجاحها بالحياة العملية. غير أن عادل عبدالستار، أب لشابين، يعارض الفكرة السابقة، ويرى أن التعارف من خلال الإنترنت لا يعد مشكلة كما الماضى، فهو – من وجهة نظره - طريقة تساير روح العصر يستطيع الناس التعارف من خلالها. وتقول «سارة»، إحدى المترددات على مواقع الزواج، إنها لا ترى شيئا خطأ فى التعارف على الشخص المراد الزواج به عبر الإنترنت، خاصة أن ظروف العمل ومتطلباته فى الكثير من الأماكن فى مصر لم تترك للفرد فرصة للذهاب إلى النادى أو أماكن التنزه أو زيارة الأقارب للتعارف كما كان فى الماضى. وتساءلت: «ما ذنب الفتاة التى لم تتعرف على شاب أثناء فترة الجامعة أو عبر الوسط الذى تعيش فيه ؟».
