انتابتنى لحظات دهشة عندما أعاد العالم الدكتور أحمد زويل إنتاج حلمه الأثير من جديد أثناء محاضرته الشيقة بمكتبة الإسكندرية الأسبوع الماضى، فقد ذكّر الحضور مرة أخرى بحلم إنشاء جامعة للعلوم والتكنولوجيا فى مصر، وأشاع جواً من التفاؤل معلناً وبثقة أن المستقبل قادم لا محالة وأن مجيئه- أى المستقبل- أقرب مما نظن. تساءلت وأنا أتابع المحاضرة «ماذا حدث وما الجديد حتى يعلن الدكتور زويل تمسكه بالأمل والحلم فى تحقيق مشروع مبادرته من أجل جامعة العلوم والتكنولوجيا بعد أن تجاهلته الدولة رغم حماسها له فى البداية، هل هو حلم ليلة من ليالى صيف الإسكندريةالمدينة المحببة لصاحب نوبل، التى شهدت إرهاصات نبوغه وتفوقه فى كلية العلوم فجرفه الحنين وأطلق العنان لأحلامه من جديد؟» هل تخلص الدكتور زويل من الإحباط، الذى سيطر عليه بعد أن جاء إلى مصر حاملاً جائزة نوبل ومشروع المستقبل من أجل وطنه وعرضه على أعلى مستوى سياسى وهو الرئيس مبارك شخصياً، الذى تحمس له وصدرت تعليمات رئاسية بالبدء فى تنفيذ المشروع، الذى كان من المفترض أن يأتى معه بنخبة من العلماء الحاصلين على جائزة نوبل فى العالم للتدريس مجاناً فى الجامعة الحلم، ثم أجهض المشروع واستيقظ الدكتور زويل من حلمه على إحباط وتجاهل واتهامات بمآرب أخرى من وراء مشروعه وبسعيه لطموح سياسى لا حدود له متخذاً من جامعة العلوم والتكنولوجيا سبيلاً لتحقيقه. كان من المفترض وقتها الاحتفاء بمشروع الرجل والبدء فى تنفيذه وفقاً للتعليمات الرئاسية إلا أن أيادى خفية ونفوساً مريضة حشدت جهودها لعرقلته ووأده فى سراديب البيروقراطية والتفسيرات الشخصية للذهنية الحاكمة، ونجحت الجهود بامتياز، وفتر الحماس الذى دب فى أوصال الجميع رئاسة وحكومة دون امتلاك الشجاعة لإبداء الأسباب وراء إجهاض المشروع، الذى التقطته قطر وفتحت أمامه خزائنها، كما رحبت به دول خليجية أخرى لتنفيذ أفكاره وأحلامه على أراضيها طالما أن أراضى وطنه لم تستوعب حلمه وضاق به أنصاف المواهب وعبدة السلطة ذرعاً وتمكنوا من تطفيشه مع حلمه الذى قضّ مضاجعهم وتحسسوا معه مقاعد مناصبهم. فلماذا الآن يا دكتور زويل تجدد الحلم المجهض وتستعيد الأمل الواهن فى تحقيق مشروعك غير المرغوب فيه؟ ألم تردعك سهام الحرب المسمومة ضدك واتهام سيادة الدكتور أحمد نظيف، رئيس الحكومة،- لا فض فوه- بأنك لم تقم بتوفير التمويل اللازم للمشروع كما وعدت! وأظنك أيضا يا دكتور زويل لم تنتبه للدكتور نظيف- أعانه الله على حل مشكلة الصرف الصحى- عندما قال إن خطط حكومته العلمية- واخد بالك- تتجاوز مشروعك يعنى جامعة العلوم والتكنولوجيا لا تتناسب ومستوى الخطط الاستراتيجية المهلبية العلمية العظمى لحكومة الدكتور نظيف التى لا يعلم عنها أحد شيئاً. وإذا كان الأمر كذلك وإذا كان لدى الحكومة خطة علمية عظيمة ومهولة، فلتفصح عنها حتى نصدقها فى خبر مشروع الدكتور زويل وأنه «مش من مستواها العلمى». وأعود لسؤال الدكتور زويل «ما سر الإصرار على الحلم من جديد وفى هذا الوقت بالذات، وهل هذا الإصرار له علاقة باختيارك ضمن طاقم العلماء المستشارين للرئيس أوباما للتخطيط للمستقبل العلمى للولايات المتحدة الأمريكية؟ أم أنها مجرد أحلام صيفية تداعبها نسمات ليل الإسكندرية؟ أم أن القضية تتعلق بطبيعتك المتفائلة وإيمانك الحقيقى بالمستقبل وبأنك لو بطلت تحلم تموت.