احتار العلماء فى تعريف الإنسان بميزة ينفرد بها عن باقى الكائنات الحية! فقالوا إنه كائن حى ناطق، فوجدوا أن كائنات حية أخرى تنطق وبوضوح شديد، وعلى رأسها طائر يدعى MINA BIRD الذى وصل ثمنه إلى خمسين ألفاً من الجنيهات المصرية، وذلك لندرته ووضوح كلماته! ثم وضع العلماء تعريفاً آخر للإنسان.. ألا وهو: كائن حى عاقل، ولكنهم وجدوا أن كائنات حية أخرى تعقل.. لأن العقل هو الربط بين الأحداث والأشياء، وعلى رأس هذه الكائنات.. الشمبانزى، أورانج أوتان والغوريلا! وأخيراً.. وجد العلماء أن الميزة الوحيدة التى ينفرد بها الإنسان.. هى التاريخ! فأصبح تعريف الإنسان أنه كائن حى ذو تاريخ! والتاريخ هو وعاء التجارب الإنسانية، وهو المنصة التى ننطلق منها للمستقبل، وليس الأريكة التى نسترخى بها على الماضى! ماذا لو فقد إنسان تاريخه الشخصى؟ الإجابة: إنه مرض الزاهايمر والعياذ بالله! إن الخراف ليس لها تاريخ.. لهذا تُذبح! ولو كانت تعرف.. لهربت قبل أعياد الضحية! لو أن هتلر قرأ تاريخ نابليون بونابرت.. وكيف هُزمَ فى روسيا لما زج بقواته وقضى على جيوشه فى الاتحاد السوفيتى! هل كان الشاعر الأفريقى سيمونيدس مغالياً حين قال: هزمناهم.. ليس حين غزوناهم! بل حين أنسيناهم تاريخهم وحضارتهم!! هل كان فرانسيس باكون بعيد النظر حين اشترط لنهضة أوروبا ثلاثة شروط؟! (أ) أن يكون لأوروبا تاريخ. (ب) ثورة صناعية. (ج) فصل الدين عن الدولة. ولأن أوروبا ليس لها تاريخ.. فقد أخذت التاريخ اليونانى الرومانى والذى هو قائم على التاريخ المصرى. كنت فى الهايد بارك فى لندن.. فإذ برجل بريطانى يفخر ببلاده كأول برلمان 1642م (أوليفر كرومويل) وأول تعقيم (ليستر)، وأول مضاد حيوى (فلمنج بنسلين).. فانبرى له رجل أسود. يقول: أرجو أن تتوقف عن التفاخر لأننى هو الذى أعطاك الحضارة! فتحداه البريطانى أن يبرهن على ادعائه، فقال الأسود: أنتم أنجلوساكسون أخذتم حضارتكم عن الرومان، والرومان عن اليونان، واليونان عن مصر القديمة، ومصر فى شمال أفريقيا.. وأفريقيا قارتى لأننى من نيجيريا! إذن أنا هو الذى أعطاك الحضارة.. فأرجو أن تكف عن التفاخر! صفق البريطانى له.. كما صفقنا جميعاً..! إن اختراعات البشرية تعد بالآلاف ولكن أعظمها جميعاً.. اختراع الورق من نبات البردى، ومن اسمه PAPYRUS.. جاءت كلمة PAPER الإنجليزية، وكلمة PAPIER الفرنسية، هذا الاختراع الذى حفظ للإنسان صراعاته وإنجازاته خلال مسيرته الحضارية الطويلة.. وهذا هو التاريخ. إن الجامعات فى الخارج بكلياتها المختلفة.. حتى العملية منها كالطب، الصيدلة، العلوم، لابد فيها من دراسة التاريخ.. خصوصا تاريخ مصر القديمة.. أو فجر الضمير (جيمس هنرى برستد) وقد آن الأوان لمدارسنا وجامعاتنا أن تهتم بالتاريخ.. تاريخ مصر.. تاريخ شعب.. قال عنه الشاعر: نحن شعب حكم الدنيا وساد ونما والدهر فى المهد وليد