اثارت قصيدة للأديب الألماني جونتر جراس، الحائز على جائزة نوبل للآداب،ضجة سياسية وإعلامية حادة وأشعلت "نارا" قد لاتنطفئ قريبا ، بعدانتقد فيها سياسة إسرائيل مما دفع اليهود الي اتهامه ب"معاداة السامية" وحملت القصيدة، عنوان" ما ينبغي أن يقال" و نشرت في صحيفة "زوددويتشه تسايتونج" الألمانية وفي صحيفتي لاريبوبليكا الإيطالية ونيويورك تايمز الأمريكية أمس الأربعاء (04 أبريل / نيسان)،وجاء فيها :أن "إسرائيل، القوة النووية، تهدد السلام الدولي الهش بطبيعته". لكنه وفي نفس القصيدة يقول في مقطع آخر :"أنا متضامن مع دولة إسرائيل، وأريد أن أبقى كذلك". كما انتقد جراس أيضا سياسة بلاده ألمانيا، "بتخطيطها لتوريد غواصات إلى إسرائيل". وطالب الأديب الألماني بأن تسمح الحكومتان الإسرائيلية والإيرانية بقيام سلطة دولية بأعمال رقابة غير مقيدة ودائمة على الإمكانات النووية الإسرائيلية والمنشآت النووية الإيرانية. كما قام جراس بنقد ذاتي، عندما كرّر في مقاطع من قصيدته السؤال التالي: "لماذا سأظل صامتا؟". وهذه ليست هي المرة الأولى التي يُسلّط فيها الضوء على المواقف السياسية للكاتب الألماني الحائز على جائزة نوبل سنة 1999. وقد أثارت القصيدة ردود فعل رافضة لمحتوى القصيدة، حيث كتب الصحفي والكاتب الألماني هنريك مارسين برودر في صحيفة" دي فيلت" الألمانية أمس الأربعاء منتقدا قصيدة جونتر جراس، قائلا: "إنه نموذج لشكل مثقف من أشكال معاداة السامية." وتابع برودر: "لقد كان ل"جراس"دائما مشاكل مع اليهود، لكنه لم يعبر عنه من قبل بمثل هذا الشكل الواضح كما ورد في هذه القصيدة". من جهته، انتقد روبريشت بولنز، رئيس الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني (البوندستاج)، قصيدة جراس بحدة وقال "القصيدة لا تروقني". وأضاف في تصريح لصحيفة ميتلدويتشه تسايتونجفي عدد اليومالخميس: "جونتر جراس هو كاتب كبير بلا شك لكن عندما يتحدث عن السياسة، فإنه يواجه صعوبات كبرى ويحيد عن طريق الصواب. وهذه المرة فقد أخطأ خطأً كبيرا"." وأكد بولنز بالقول: "تحميل إسرائيل المسؤولية بشكل أحادي هو أمر خاطئ. البلد الذي يثير قلقلنا هو إيران وقصيدته (جراس) تصرف النظر عن ذلك"، موضحا أن جراس "قد خلط بين السبب والنتيجة، لقد قلب الأمور رأسا على عقب." وفي أول رد فعل للمجلس المركزي لليهود في ألمانيا على قصيدة جراس، صرح رئيس المجلس ديتر جراومان: "إنه نص عدائيوغير مسئول وهو تحريف للحقائق. ليست إسرائيل هي من تهدد السلام وإنما إيران. " لكن هناك أيضا موقف مؤيد لجراس، على سبيل المثال موقف يوهانو شتراسر، رئيس مركز(بين) القلم الألماني. الذي يحذر بشدة كما جراس من تصدير الأسلحة لإسرائيل، التي تلمح حكومتها باحتمال شن حرب ضد ايران" وقد أثار جراس جدلا واسعا وواجه انتقادات حادة عام 2006 عندما اعترف بشكل مفاجئ في سيرة ذاتية، بأنه انضم في نهاية الحرب العالمية الثانية إلى سلاح "إس إس" النازي الذي كان منوطا به حراسة المعتقلات إلى جانب خوض أعمال قتالية. وكان جراس آنذاك في السابعة عشر من عمره. وواجه جراس بعد هذه الاعترافات اتهامات بافتقاد النزاهة الأخلاقية، إذ أنه حرص على مدار عقود على إخفاء انتمائه إلى سلاح "إس إس" النازي في الوقت الذي كان يوجه فيه انتقادات علنية لآخرين لهم ماض نازي. وقد دخل جونتر جراس ميادين السياسة في بداية الستينات حيث تعرف على المستشار الألماني السابق فيللي براندت عندما كان رئيسا لبلدية برلين. وشارك بشكل فاعل بدعم الحملة الانتخابية للحزب الاشتراكي الديمقراطي في 1965، 1969 عام 1972. ولم يتردد يوما في إعلان تعاطفه الكامل مع الاشتراكيين الديمقراطيين، لكنه لم يكن عضوا رسميا في الحزب إلا في عامي 1982/83 فقط. تجدر الإشارة إلى أن الأديب الألماني جونتر جراس قد ولد في 16 أكتوبر/ تشرين ثاني 1927 في مدينة دانتسيجالتي اقتطعت من ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية وضمت إلى بولندا وأصبحت تدعى حينئذ ب "جدانسيك". حصل جراس في عام 1999 على جائزة نوبل للآداب عن دوره في إثراء الأدب العالمي وخصوصا في ثلاثيته الشهيرة "ثلاثية داينتسيج"، بالإضافة إلى جوائز محلية كثيرة منها جائزة كارل فون أوسيتسكي عام 1967 وجائزة الأدب من قبل مجمع بافاريا للعلوم والفنون عام 1994. وفي عام 2005 حصل على شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة برلين الحرة.