أثار إصدار المجلس العسكرى مرسوم قانون "إفساد الحياة السياسية" فى مصر حالة الجدل فى الأوساط القانونية حول كيفية تفعيله، وهل سيتم تطبيقه من خلال استبعاد اللجنة العليا للانتخابات أعضاء الحزب الوطنى المنحل من الانتخابات البرلمانية بشكل مباشر دون الانتظار لحكم محكمة الاستئناف؟ أم سيسمح لهم بالترشح فى الانتخابات على أن يتم إسقاط عضوية من يثبت عليه تهمة إفساد الحياة السياسية وعزله من الوظائف العامة؟ وتباينت آراء خبراء القانون حول إمكانية الاستبعاد المباشر لفلول "الوطني" من القوائم الانتخابية، أو الانتظار لتحقيقات النيابة العامة وحكم محكمة الاستئناف التي يستحيل أن تتم خلال الأيام المتبقية على انتخابات مجلسى الشعب المقرر إجراؤها بداية من الأسبوع المقبل وبالتالى فإن الأرجح أن يتم السماح للفلول بخوض الانتخابات مع فتح باب البلاغات ضدهم والبدء فى التحقيق فيها من قبل النيابة العامة. وفي هذا الإطار يوضح المستشار إبراهيم درويش -الفقيه الدستورى- أنه بمجرد إصدار قانون بشأن إفساد الحياة السياسية، يتعين على اللجنة العليا للانتخابات باستبعاد مرشحى الحزب الوطنى المنحل من كشوف الانتخابات البرلمانية المقبلة تطبيقًا للقانون، سواء كانوا مرشحين عن أحزاب سياسية أو على المقاعد الفردية. وأضاف، أنه من حق النيابة العامة التحقيق مع أعضاء الحزب المنحل فى أى جرائم ارتكبت من قبلهم وإدانتهم فيها، مشيرًا إلى أن اللجنة العليا للانتخابات لن تنتظر إثبات تهم إفساد الحياة السياسية عليهم. في المقابل أكد الدكتور عاطف البنا -أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة- أن إقرار قانون إفساد الحياة السياسية لا يعنى استبعاد أعضاء الحزب الوطنى المنحل من خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، حيث نص القانون على توجيه بلاغات إلى النيابة العامة فيما يخص الجرائم التى ارتكبها أعضاء الحزب فى حق الشعب المصرى من إفساد للحياة السياسية، وتقوم النيابة بالتحقيق والإطلاع على أوراق القضية ومن ثم تحويلها إلى المحكمة لإصدار حكمها. وأشار البنا إلى أنه لضيق الوقت المتبقى على إجراء الانتخابات البرلمانية سيتم السماح لأعضاء الحزب الوطنى المنحل من الترشح فى الانتخابات، وبمجرد إصدار حكم ضد أحد الأعضاء سيتم إسقاط عضويته من البرلمان واستبعاده من الوظائف العامة مع منعه من الترشح للانتخابات البرلمانية لمدة خمس سنوات. وحول إمكانية اصطدام القانون بالقاعدة الدستورية التى تنص على عدم تطبيق أى قانون جديد على الجرائم التى ارتكبت قبل إقراره، واستغلال أعضاء الحزب المنحل لهذه الثغرة للعودة مرة أخرى للحياة السياسية، قال البنا إن القانون ليس به أى ثغرات، حيث إنه مجرد تعديل لقانون الغدر المطبق من الخمسينيات وليس قانون جديد وبالتالى يجوز تطبيقه بأثر رجعى. ومن جانبه، قال ممدوح إسماعيل -محامى الجماعات الاسلامية- إن إصدر المجلس العسكرى مرسومًا بقانون بشأن إفساد الحياة السياسية والعزل السياسى لأعضاء الحزب الوطنى يهدف إلى إرباك الحياة السياسية فى مصر، حيث تعتبر هذه الخطوة متأخرة جدًا، لافتًا إلى أن اللجنة العليا للانتخابات ستقوم بحذف أسماء أعضاء الحزب الوطنى السابقين من كشوف المرشحين لانتخابات مجلس الشعب بشكل مباشر تطبيقًا للقانون. وأضاف إسماعيل، أن إقرار قانون العزل السياسى فى هذا التوقيت من شأنه فتح باب الجدل القانونى بعد فتح باب الطعون مرة أخرى، مشيرًا إلى أنه لا توجد أى ثغرة فى القانون تمكن أعضاء الحزب الوطنى المنحل من إلغائه أو العودة إلى الانتخابات البرلمانية مرة أخرى.