مخاض متعسر، وولادة أشد عسرة، لحمل طال.. وطال انتظاره سنوات عدة، أطول حمل فى التاريخ، أوشك أن يرى وليده النور ويخرج إلى الحياة، واقعاً ملموساً كاد اشتياقنا لرؤيته أن يعصف بالبقية الباقية من بصيص الأمل الذى ينبعث هنيهة.. ويخبو هنيهات.. إنه حلم الجيل الرابع لتكنولوجيا الهاتف المحمول الذى بث الأمل فيه ويتولى الإشراف على تمام نضجه وتحققه المهندس ياسر القاضى وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. عشرات العهود الوعود الزائفة تم الحنث بها، هدفت فقط للمماطلة وكسب الوقت وتسويف المشروع حتى وصلنا إلى قاع الترتيب الدولي فى تطبيق واستخدام تكنولوجيات الجيل الرابع دون سبب مقنع أو استراتيجية واضحة، فقط "مصالح شخصية" للجميع .. إلا من رحم ربى. كانت مصر من أوائل الدول التى وطنت خدمات المحمول فى العام 1996واستثمرت فيها، حتى إنها فتحت سوق الاتصالات المحمولة لشركتين متنافستين منعاً للاحتكار وزيادة فى التنافس لصالح العملاء فى الجودة والخدمات والأسعار، وظلت فكرة المشغل الثالث تترنح فى أذهان الخبراء والقادة حتى نضجت وتم تفعيلها مع بدايات 2007 داعمة للخزانة العامة بما يقرب من 17 مليار جنيه. منذ ذلك الوقت سال لعاب الكثيرين لطرح المزيد من الرخص بغية الحصول على تمويل مماثل لقيمة رخصة المحمول الثالثة دون التفكير فى تأثير ذلك على السوق أو الاستثمار فى القطاع، وبالفعل فكر وزراء فى طرح رخصة ثانية للهاتف الثابت، إلا أن هذه الفكرة وئدت فى مهدها، حيث أثبتت الدراسات عدم جدواها.. ومن هنا كان التوجه للجيل الثالث والرابع. اختلف القاضى عن قرنائه فى إستراتيجية التفكير، فجاءت خطته لطرح تقنيات الجيل الرابع ذات عدة أوجه ومحاور، فجاءت مصاحبة للتطور والتوسع الذى يشهده القطاع على نطاق المناطق التكنولوجية وما يمثله ذلك من أطروحات استثمارية هائلة، وكذلك نتائج الدراسات التى نصحت بأن هذا التوقيت هو الأنسب والذي يتوقع أن يحقق أعلى ربحية وعائد للخزانة العامة، ومواكباً للتطور التكنولوجي الإقليمي والشرق أوسطى، إضافة إلى التوقيت المناسب الذى تلي حالة الإستقرار المعنوي الذى وصلت إليه مؤسسات القطاع، والتطور البشرى فى ميول الإستخدام التكنولوجي المصري، والحرص على متابعة كل جديد فى التقنية خاصة التابعة للمحمول فى ظل تنامي شريحة الشباب المستخدم له. النظرة المستقبلية للوزير الشاب تتخطى حدود الاستفادة المباشرة لسوق الاتصالات المحمولة والإنترنت من طرح تقنيات الجيل الرابع، وتحدث عن إمكانيات التصنيع لأجهزة المحمول التى تدعم هذه التقنيات وما يتبع ذلك من حراك غير مشهود على محاور عدة، وتوفير للنقدي الأجنبي، وإحداث السيولة الاقتصادية المرجوة فى السوق، ولذلك اختار الوزير التوقيت الأكثر تناسباً مع هذا الطرح، وخطا الخطوات الأولى اللازمة، ولم يتبق سوى اللمسات النهائية تحقيقاً لوعوده بطرح رخصة الجيل الرابع خلال شهر.. وأصبح الحلم حقيقة، وما هي إلا أيام حتى تداعب سرعات الجيل الرابع هواتف المستخدمين المصريين. لا سقف للحرية لا سقف للحرية