تعا اشرب شاي مكتب السيد المحقق يكتظ بعشرات المتهمين ، الجو خانق ورائحة عرقهم و التبغ الذى يفوح من افواههم لا تطاق ، بينما حبات العرق تتصبب من جبين المحقق وقد شمر عن ساعديه وبدت على وجهه علامات الضيق والتعب ، تداخلت اصوات الموجودين مابين معترض واخر يبكى بمسكنة وهو يقسم انه برئ ، التفت اليهم فجأة و اخذ يصرخ فى وجوههم كى يلزموا الصمت ثم إلتفت الى الحاجب قائلا : دخل يابنى المتهم اللى بعده. فتح باب المكتب واذا بحمار يتمخطر داخل حجرة السيد المحقق. كان المشهد اصعب من ان تحتمله اعصاب الرجل المرهق. التفت الى الحاجب وهو يصرخ : ايه دا يا بنى وفين المتهم ؟ الله يخرب بيوتكم عالصبح. الحاجب يضرب تعظيم سلام للمحقق وهو يقول : هو دا المتهم يافندم. يتميز المحقق غيظا وهو بتمتم فى سره : اهو دا اللى كان ناقصنى ، ثم يلتفت الى الباشكاتب قائلا: افتح يابنى المحضر. ينظر الى الحمار طويلا وهو يتأمله ثم ينفخ قائلا : اسمك وسنك وعنوانك. الحمار : هاء هاء هاااااااااء المحقق يلتفت لأحد أمناء الشرطة بجواره : اندهلى يابنى على أى عربجى من اى داهية عشان يترجملنا. لحظات ويعود الأمين ومعه العربجى وقد تلبسه الفزع والخوف. العربجى : تحت أمرك يا سعادة الباشا. المحقق ترجملنا يابنى النهيق بتاع الحمار. يتنفس المترجم بإرتياح ثم يستمع الى الحمار و يقول : اسمه حمبوزو .... سكنه فى زريبة التوهان ... سنه تسع سنين. ينظر المحقق الى الحمار بإستهتار قائلا : عيل يعنى........ ينهق الحمار بشدة. المترجم : بيقول لحضرتك هو انت فاكرنى بنى آدم زيكم !! الحمار منا وهو عمره تسع سنين بيبقى متجوز و مخلف جحشين تلاتة. يرد أحد المتهمين بحقد : تسع سنين متجوز ومخلف ياقادر وأنا عمرى تسعة وتلاتين سنة وممسوك فى قضية تحرش عشان مش عارف اتجوز!! المحقق موجها كلامه للمتهم : اخرس خالص ، انت فاكر نفسك حمار !!! ثم يقوم من مكانه و يسلط ضوء كشاف الاضاءة على وجه الحمار ثم يدور حوله و يقف امام وجهه فجأة قائلا: انت موجه ليك تهمة الشروع فى هجرة غير شرعية واثارة البلبلة والفوضى فى ربوع البلاد ، دخلت إزاى المطار؟ و بتشتغل لحساب مين ؟ وكنت مسافر فين ؟ نهق وقول بسرعة قطر ولا تركيا؟ الحمار يصاب بهياج وينهق فى رعب بالغ ، بينما يقول العربجى : بيقول حتكهربونى ولا إيه يا باشا؟ يضحك الامين و الباشكاتب بشدة بينما يرد المحقق بغضب : نكهرب مين يابنى ؟ دا حتة حمار. ينظر المتهمون الى الحمار بحسد بالغ ، بينما يستمر الحمار فى الاعتراض فيقول المترجم : بيقول : ببقى حتقلعوا الحمارة بتاعتى البردعة وتجيبوا حمار يتحرش بيها ، وبيقولك ياباشا أنا غلبان صحيح بس حمار أوى لمؤاخذة. المحقق بنفاد صبر : واضح انك بتتفرج على أفلام عربى كتير يا حمبوزو ، يابنى مفيش الكلام دا ، و رد على أد السؤال بدل ما أعلقك فى السقف من ديلك. الحمار لا ينطق ، ينظر المحقق الى العربجى قائلا : ماله دا ؟ فيرد العربجى : حرن يا باشا ، فيرد المحقق : خليه يتكلم بالذوق بدل ما اتصرف معاه بطريقتى... يرد العربجى : يا باشا انت فاكره بنى ادم ؟ الحمار ما دام حرن يبقى مفيش فايدة يلتفت المحقق الى الحاجب قائلا : هاتله يابنى شوية تبن وعصير برسيم ... مش عارف انا اصطبحت بوش مين النهاردة؟ العربجى مقاطعا : بيقول لحضرتك خللى السكر مع نفسه. ينظر المتهمون الى الحمار و يكادون أن يسخطوه فأرا بأبصارهم الشاخصة إليه بغل واضح. انتهى الحمار من طعامه ثم بدأ يتحدث : يا بيه احنا طول عمرنا عايشين فى الزريبة دى جحشا عن حمار ، بس الحالة بقت كرب ، تصور حضرتك ان فيه ناس متشردة بقت تيجى تنام معانا فى الزريبة فى وسط جحوشى الصغيرين ، والحمارة بتاعتى لمؤاخذة مش واخدة راحتها فى الزريبة خالص، دا غير ان جحش من ولاد اخويا اختفى وبعد ما دورنا عليه لقيناه متعلق فى محل كبابجى ، يرضى مين دا يا باشا ؟ المحقق يسأله بقلق وقد وضع يده على بطنه وهو يكاد ان يتقيأ : الكبابجى اسمه ايه يابنى طمنى ، هو فاتح فى الهرم ؟ الحمار : لا يا باشا ، يرد المحقق بإرتياح : يا سيدى بلاش تدق كدة خلى جلدك تخين ، ما إحنا ولادنا بيتخطفوا و بتتسرق أعضاؤهم برضه. الحمار بإعتراض : معلش يا باشا بس إنتو مش حمير. المحقق يطأطئ راسه فى أسى على ويقول مؤمنا على كلام الحمار : عندك حق ، اتفضل كمل. الحمار : انا يا باشا كنت مستحمل وراضى، لكن ما بقتش قادر عالشغل ، انا باشتغل فى ظروف غير حميرية بالمرة ،سواقين التكاتك والميكروباصات بيمشوا زى المجانين فى الشوارع ... الشغلانة لمت يا بيه ، حولوا حياتنا لجحيم ، خلاص بقيت اخرج الصبح مش عارف حاقدر ارجع بالليل لجحوشى ولا لأ ؟ يكاد المحقق ان يبكى وهو يقول : آه والله صح ، كمل كلامك. بس لقيت قطة جارتنا قعدت تلعب فى راس حمارتى و توزها عالهجرة وفى الآخر هربت عالمطار وركبت الطيارة وشفنا حفاوة استقبالها فى بلاد برة فقلت اطلع اجرب حظى واعمل قرشين ينفعوا الجحوش لما يكبروا ، يبقى انا كدة غلطت يا باشا؟ وقبل ان ينطق المحقق ، يدخل الحاجب ويهمس فى أذنه فيرد قائلا : دخلها فورا. فإذا بسيدة رائعة الجمال والاناقة تحمل ملامحا اوروبية تتقدم نحو المحقق قائلة : انا إلين ريتشارد ، جاية من لجنة هقوق هيوان أشان اهضر تحكيك مع همبوزو. هنا كاد المتهمون أن ينتحروا فى اماكنهم وقبل ان ينطق السيد المحقق دق جرس الهاتف ، فرد المحقق بإرتباك : أوامرك معالى الباشا ، حاضر يا باشا ، سعادتك تؤمر يا فندم. التفت الأمين الى السيد المحقق بعد ان اغلق الخط وقد لاحظ الانزعاج الذى علا وجهه وهو يجفف عرقه بعصبية واضحة وسأله : خير يا باشا؟ رد المحقق فى ذهول : نشطاء الفيسبوك وتويتر و انستجرام عاملين صفحات "كلنا الحمار حمبوزو" "ولست وحدك يا حمبوزو" وسيدات الروتارى والليوينز عاملين ندوة بعنوان: خلى بالك من حمبوزو!!! ثم نظر الى الكاتب قائلا : سجل عندك يا بنى : يخلى سبيل المتهم بضمان محل زريبته ، مالك يا بنى ما تكتب ، انت رايح فين يا حضباشكاتب؟ يا بنى فيه ايه ما ترد عليا. الباشكاتب وهو يخطو بعجلة خلف الحمار الذى إتجه بدوره صوب الباب : أنا مستقيل يا فندم ورايح أعيش مع حمبوزو. من العدد المطبوع من العدد المطبوع