(المواطن المصري الذي استسلم لسلطان النوم يوم 24 يناير 2011 ، و استيقظ منذ قليل لن يشعر بأي غربه في مجتمعه رغم كام الأحداث التي مرت بها البلاد في تلك الفترة) ثمة خطوط تتشابه عدة بين المشهد السياسي الراهن وبين ذلك الذي ساد في أواخر العام 2010، حين استُبعِدت معظم المعارضة من الانتخابات، و كانت هذه الانتخابات فاسدة وعنيفة، ما فاقم من غضب الرأي العام من نظام مبارك. مما أدي إلي المشهد المتصاعد في يناير 2011 , و إنسحاب مبارك ظاهرياً من الحكم , و إنتخابات تعددية فاز فيها الاسلاميين ، لا لشيء إلا لإنتظار الجماهير منهم أن يأتوا بشيء جديد لإصلاح ما أفسده السابقين عليهم ، و بفوز محمد مرسي الإخواني إنقلب المشهد المصري , من الظهور العلني للإسلاميين إلي وضع كل الإسلاميين في سلة الأتهام من سرقة الثورة و فشل الأمال و الطموحات التي كان يحلم بها شباب يناير , وصولاً إلي المشهد المزيف لما يسمي بثورة 30 يونيو 2013 ، و إعتقال مرسي و كبار الجماعة و صعود السيسي إلي دفة الحكم , ليعود المشهد المصري علي ما كان عليه في 2010 . من حكم الجيش و مسانده بطانه من رجال الأعمال , و التهميش المتعمد لباقي فئات الشعب . تغيّر المشهد المصري بشكل جذري: من التعدّدية النشطة والحيوية غداة ثورة يناير 2011، إلى استبعاد أو تهميش التنظميات الإسلامية والليبرالية في العام 2015، و الآن أحتلت الفئات المرتبطة بالجيش أو بنظام حسني مبارك السابق مركز الصدارة في المسرح السياسي، وطفت على سطح الأحداث مجدداً التنافسات في معسكرهم. وبالتالي، الصراع السياسي عاد بين فئات كلها في النهاية محسوبة علي النظام القائم أي مثلا إن أي برلمان سيُنتخَب في مثل هذه الظروف سيكون موالياً للنظام الحاكم و لن يقوم بعمله الدستوري المُناط به. • أبرز ما في المشهد المصري الآن الخلافات بين الجيش ورجال الأعمال، وبين الجيش وأجهزة الأمن الأخرى، واضحة للعيان على غرار تلك التي كانت موجودة في الفترة الأخيرة من حقبة مبارك. • إجراء الانتخابات من دون تعدّدية حقيقية، قد يُنتج برلماناً يتكوّن من أفراد لايسعون سوى إلى المكاسب الاقتصادية الشخصية. مثل هذه الهيئة التشريعية ستكون صعبة على الإدارة وغير قادرة على فرض الضوابط المنصوص عليها في الدستور على الهيئة التنفيذية، والتي أعطت دوراً أكثر حيوية نسبياً للبرلمان من حقبة مبارك. أو إذا ما استمرت في الواقع الفجوة في الحياة البرلمانية، فإن هذا لن يسفر سوى عن مفاقمة شعور المصريين بديمومة الخلل السياسي. أي مواطن سيجد أن السياسات المحيطة بالانتخابات البرلمانية التي قد تُجرى في وقت ما في هذا العام 2015، مألوفة: مرشحون فرديون موالون للحكومة يتنافسون بضراوة مع بعضهم البعض، فيما أحزاب المعارضة مهمشة في الغالب ومنخرطة في المقاطعة، وعلى العكس الأحزاب الإسلامية التي هيمنت على الانتخابات الأولى بعد إطاحة حسني مبارك، باتت الآن خارج المشهد. كما أن العديد من الشبان البارزين أو القادة الثوريين باتوا نزلاء سجون أو في المنفى. وأحزاب المعارضة اليسارية التي تشكّلت بعد العام 2011 لها حظّ أقل في حصد مقاعد مما كان عليه الأمر قبل سنوات خمس، بسبب النظام الانتخابي الجديد الذي يقاطعه العديد منهم. وفي هذه الأثناء الشخصيات الغير مؤدلجة سياساً عادت إلى دائرة الضوء. بيد أن السياسات الراهنة في مصر لم تَعُد تماماً إلى مسيرتها المباركية. الاختلاف الأساسي هنا هو أنه لايوجد حزب سياسي مرتبط بالرئيس، السيسي،. فقد تم حلّ الحزب الوطني الديمقراطي التابع لمبارك بعد وقت قصير من ثورة يناير 2011، و الواضح إن السيسي أنه ليس لديه، على الأقل الآن، خطط لاغتنام فرصة تصاعد المشاعر الوطنية والموالية للجيش التي رافقت إطاحة الرئيس محمد مرسي في العام 2013 لتشكيل حزب أو حركة سياسية. بيد أن افتقاده إلى الاهتمام، أو حتى ازدراءه السياسات المدنية، أدّى إلى خلق بيئة فوضوية داخل المعسكر المناؤي للإسلاميين ، حيث يتنافس ويتصارع مختلف الأفراد على المناصب، من دون توجيه مركّز من فوق. مصر الآن من دون برلمان كامل منذ يونيو 2012، وليس من الواضح كلياً بعد متى سيتخلّى السيسي عن السلطات التشريعية للبرلمان الجديد.