150 جنيهًا متوسط أسعار بيض شم النسيم اليوم الاثنين.. وهذه قيمة الدواجن    عاجل.. 16 شهيدا من عائلتين في غارات إسرائيلية على رفح    مجدي عبد الغني: الدوري المصري سينتهي منتصف أغسطس    محمد عبده يعلن إصابته بمرض السرطان    البابا تواضروس : التحدي الكبير لكل الأسر المصرية هو كيفية مواجهة الشر والانتصار عليه    أقباط الأقصر يحتفلون بعيد القيامة المجيد على كورنيش النيل (فيديو)    الجرام يتجاوز ال3500 جنيه.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم في الصاغة بعد الارتفاع    بعد ارتفاعها.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 6 مايو 2024 في المصانع والأسواق    تزامنا مع شم النسيم.. افتتاح ميدان "سينما ريكس" بالمنشية عقب تطويره    تخفيضات على التذاكر وشهادات المعاش بالدولار.. "الهجرة" تعلن مفاجأة سارة للمصريين بالخارج    شهداء بينهم أطفال في قصف للاحتلال على رفح    قادة الدول الإسلامية يدعون العالم لوقف الإبادة ضد الفلسطينيين    مئات ملايين الدولارات.. واشنطن تزيد ميزانية حماية المعابد اليهودية    ما المحذوفات التي أقرتها التعليم لطلاب الثانوية في مادتي التاريخ والجغرافيا؟    رضا عبد العال ينتقد جوزيه جوميز بعد خسارة الزمالك أمام سموحة    خالد مرتجي: مريم متولي لن تعود للأهلي نهائياً    مدحت شلبي يكشف تطورات جديدة في أزمة افشة مع كولر في الأهلي    ضبط طن دقيق وتحرير 61 محضرًا تموينيا لمحال ومخابز مخالفة بالإسماعيلية    من بلد واحدة.. أسماء مصابي حادث سيارة عمال اليومية بالصف    "كانت محملة عمال يومية".. انقلاب سيارة ربع نقل بالصف والحصيلة 13 مصاباً    برنامج مكثف لقوافل الدعوة المشتركة بين الأزهر والأوقاف والإفتاء في محافظات الجمهورية    فتحي عبدالوهاب يكشف عن إصابته في مسلسل «المداح»    الجمهور يغني أغنية "عمري معاك" مع أنغام خلال حفلها بدبي (صور)    وسيم السيسي: الأدلة العلمية لا تدعم رواية انشقاق البحر الأحمر للنبي موسى    هل يجوز تعدد النية فى الصلاة؟.. أمين الفتوى يُجيب -(فيديو)    أمير عزمي: خسارة الزمالك أمام سموحة تصيب اللاعبين بالإحباط.. وجوميز السبب    عاجل - انفجار ضخم يهز مخيم نور شمس شمال الضفة الغربية.. ماذا يحدث في فلسطين الآن؟    بعد عملية نوعية للقسام .. نزيف نتنياهو في "نستاريم" هل يعيد حساباته باجتياح رفح؟    يمن الحماقي ل قصواء الخلالي: مشروع رأس الحكمة قبلة حياة للاقتصاد المصري    كشف ملابسات العثور على جثة مجهولة الهوية بمصرف فى القناطر الخيرية    نقابة أطباء القاهرة: تسجيل 1582 مستشفى خاص ومركز طبي وعيادة بالقاهرة خلال عام    تصل ل9 أيام متواصلة.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى 2024 في مصر للقطاعين العام والخاص    أستاذ اقتصاد ل قصواء الخلالي: تصنيف «فيتش» بشأن مصر له دور في تدفق الاستثمار    الأوقاف: تعليمات بعدم وضع اي صندوق تبرع بالمساجد دون علم الوزارة    أشرف أبو الهول ل«الشاهد»: مصر تكلفت 500 مليون دولار في إعمار غزة عام 2021    طاقم حكام مباراة بيراميدز وفيوتشر في الدوري    مصطفى عمار: «السرب» عمل فني ضخم يتناول عملية للقوات الجوية    بيج ياسمين: عندى ارتخاء فى صمامات القلب ونفسي أموت وأنا بتمرن    حظك اليوم برج الحوت الاثنين 6-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    رئيس البنك الأهلي: متمسكون باستمرار طارق مصطفى.. وإيقاف المستحقات لنهاية الموسم    الإفتاء: احترام خصوصيات الناس واجب شرعي وأخلاقي    تؤدي إلى الفشل الكلوي وارتفاع ضغط الدم.. الصحة تحذر من تناول الأسماك المملحة    عضو «المصرية للحساسية»: «الملانة» ترفع المناعة وتقلل من السرطانات    تعزيز صحة الأطفال من خلال تناول الفواكه.. فوائد غذائية لنموهم وتطورهم    إنفوجراف.. نصائح مهمة من نقابة الأطباء البيطريين عند شراء وتناول الفسيخ والرنجة    أسباب تسوس الأسنان وكيفية الوقاية منها    لفتة طيبة.. طلاب هندسة أسوان يطورون مسجد الكلية بدلا من حفل التخرج    المدينة الشبابية ببورسعيد تستضيف معسكر منتخب مصر الشابات لكرة اليد مواليد 2004    سعرها صادم.. ريا أبي راشد بإطلالة جريئة في أحدث ظهور    بإمكانيات خارقة حتدهشك تسريبات حول هاتف OnePlus Nord CE 4 Lite    إصابة 10 أشخاص في غارة جوية روسية على خاركيف شرق أوكرانيا    وزيرة الهجرة: 1.9 مليار دولار عوائد مبادرة سيارات المصريين بالخارج    إغلاق مناجم ذهب في النيجر بعد نفوق عشرات الحيوانات جراء مخلفات آبار تعدين    أمطار خفيفة على المدن الساحلية بالبحيرة    نائب سيناء: مدينة السيسي «ستكون صاعدة وواعدة» وستشهد مشاريع ضخمة    أمينة الفتوى: لا مانع شرعيا فى الاعتراف بالحب بين الولد والبنت    "العطاء بلا مقابل".. أمينة الفتوى تحدد صفات الحب الصادق بين الزوجين    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترحيب وترقب وحذر إقليمي وعالمي مع تولي أول رئيس منتخب في مصر
نشر في القاهرة يوم 03 - 07 - 2012

ترحيب وترقب وحذر إقليمي وعالمي مع تولي أول رئيس منتخب في مصر وتساؤلات حول مصير شرعية نظام يوليو 1952 أخيرا، أصبح للمصريين رئيسهم المدني «غير العسكري» المنتخب انتخابا مباشرا وديمقراطيا، معبرا عن إرادة الشعب المصري حتي ولو كان الرئيس الفائز جاء ممثلا في الأساس لأحد التيارات السياسية، غير أنه من غير الممكن تجاهل قوة وحجم هذا التيار السياسي وأجندته السياسية ذات الأصل المرجعي الإسلامي.كذلك، يحسب للمصريين وللحركة السياسية في مصر عموما قدرتها علي إدارة عملية انتخابية، تمت تحت مراقبة العديد من تنظيمات المجتمع المدني المصري، والإشراف القضائي واسع النطاق، وتحت سمع وبصر العديد من عيون المراقبة الدولية، حتي أن الانتخابات الرئاسية المصرية حظيت بإشادة دولية معتبرة، وتأكيدات واضحة علي تمتعها بقدر كبير من "النزاهة"، ما يجعلها بحق " نقطة تحول " في تاريخ الانتخابات المصرية، وبينما يتساءل البعض عن مدي استمرار شرعية نظام يوليو 1952، فإن قوي ودوائر سياسية تعتبر نجاح تجربة انتخابات الرئاسة "الانتصار الأول" الحقيقي الذي تحققه ثورة 25 يناير، والذي يمكن البناء عليه وصولا إلي الدولة الديمقراطية المصرية الحديثة. وتقدر دوائر عربية وعالمية نجاح تجربة انتخابات الرئاسة المصرية، كنموذج عربي غير مسبوق،تطرحه مصر " الثورة " كنقطة تحول في مسيرتها الديمقراطية، انطلاقا من خصوصية حضارتها العريقة، ومثال يدرك الحكام العرب مغزاه جيدا، ما يعني استمرار أسس بناء الدولة المصرية الحديثة، ودليلا قاطعا علي مقدرة الشعب المصري علي تتويج ثورته التي بهرت العالم باختيار رئيس جديد يدشن عهدا جديدا يقطع نهائيا مع الحكم الاستبدادي البائد. مرسي " رئيسا " بمجرد إعلان اللجنة العليا للانتخابات عن فوز المرشح الدكتور محمد مرسي بمنصب رئيس الدولة، أعلنت جماعة الإخوان المسلمين أن عضوية الدكتور محمد مرسي الرئيس المنتخب لجمهورية مصر العربية في جماعة الإخوان المسلمين قد انتهت، وذلك، وفاء للعهد الذي قطعه علي نفسه قبل الانتخابات، وبأن الدكتور مرسي أصبح رئيسا لكل المصريين، فيما وصف بأنه رسالة "تطمين" سريعة لجميع الأطراف من جانب جماعة الإخوان، ومحاولة لتبريد الأجواء الساخنة في الساحة المصرية . والحقيقة، أن هذه القضية كانت أول ما شغل جميع الأطراف علي الساحة السياسية بمجرد التأكد من فوز "المرشح الإخواني" في انتخابات الرئاسة، وكون الرئيس المصري الأول المنتخب والمدني، بعد ثورة يناير جاء أساسا من صفوف جماعة الإخوان المسلمين، التي كانت برمتها، حتي وقت ليس ببعيد، جماعة محظورة قانونا.وبإثارة قضية العلاقة المستقبلية المتوقعة بين الدكتور محمد مرسي وحزب الحرية والعدالة، وجماعة الإخوان المسلمين، فقد أصبح مطلوبا علي نطاق واسع أن تقبل الجماعة " الفصل " بين ماهو دعوي، و ما هو حزبي سياسي، خاصة وأن القيادات التقليدية في الجماعة ماتزال تؤكد علي قناعاتها القديمة رافضة هذا الفصل، بالرغم من وجود نماذج عربية قامت بتحقيق هذا الفصل بنجاح ملحوظ كما في النموذج المغربي.ومن هنا فإنه لا مبالغة في القول بأن تحديد العلاقة بين "الرئيس المنتخب" الدكتور محمد مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين، وأيضا، تحديد " الشكل القانوني " لجماعة الإخوان المسلمين مستقبلا، يتوقف عليه مدي النجاح الذي يحققه الدكتور محمد مرسي في التفاهم مع القوي السياسية والفاعلين السياسيين، ومدي إمكانية توجهه بخطاب سياسي عام لجموع المصريين معبرا عن هموم ومشاغل الجماعة الوطنية المصرية ككل، وليس فقط "الأجندة الإسلامية" لجماعة الإخوان المسلمين. وبنظرة أكثر واقعية، فإنه بالنظر إلي خصوصية اللحظة السياسية الراهنة في مصر، وكون الرئيس المنتخب يأتي أساسا في ظل وجود المجلس العسكري الحاكم والذي يتمتع بسلطات كبيرة، فإن عملية "تسلم وتسليم السلطة" تظل مثيرة للكثير من الغموض والخلط، ما يعني أن الرئيس المنتخب سيظل لفترة غير محددة واقعا تحت تأثير مباشر أو غير مباشر لنفوذ المجلس العسكري، فضلا عن نفوذ بعض قيادات الجماعة الإخوانية، بالإضافة إلي الظروف السياسية بكل ما تنطوي عليه من تعقيدات شائكة، وكذلك تأثير المخاطر والتهديدات التي تواجه الأمن القومي المصري في المرحلة الراهنة.وبمزيد من الواقعية، فليس من المتصور تصديق وقوع " فصل تام " في وقت سريع بين الدكتور محمد مرسي والجماعة التي ارتبط بها فكريا وسياسيا، وحتي في حالة محاولة تحقيق هذا الفصل بجدية، فإنه لن يكون قطعا في وقت قريب، فجماعة الإخوان المسلمين ستظل لفترة غير قصيرة بمثابة "الحبل السري" الذي يؤثر ويوجه وقد يدعم أو يغير من توجهات الرئيس المنتخب. أيضا من المهام الثقيلة التي ستواجه الرئيس محمد مرسي مهمة نسج علاقة مستقبلية سلسة جوهرها "الثقة" و"المصداقية" مع المواطنين المصريين بمختلف أطيافهم السياسية، وخاصة ممن لم ينتخبوه ومن يتخوفون من رئيس إخواني وخاصة من أقباط مصر، وكذلك القوي والتيارات الفاعلة علي الساحة السياسية، وبحيث يكون الهدف هو الوصول بهذه العلاقة إلي مستوي مناسب من "المشاعر الجيدة" بين رئيس وشعبه، خاصة وأن للشعب المصري خصيصة تتمثل في تبجيله لمنصب الرئاسة، واعتباره الرئيس بمثابة المسئول الأعلي عن مصير كل ما يتعلق بالشعب وحياته ومستقبل أبنائه، وليس من المتصور أن الفترة القصيرة منذ ثورة يناير 2011 قد غيرت جذريا من هذه الثقافة المصرية المتجذرة، لذلك ستكون مهمة الرئيس الجديد لمصر، القادم من صفوف الإخوان صعبة نسبيا في تحقيق "كيمياء القبول الشخصي والسياسي" مع الكثيرين، خاصة وأن جماعة الإخوان المسلمين في الآونة الأخيرة كانت قد خسرت الكثير من مصداقيتها، بعد أن تقلبت مابين المجلس العسكري تارة، والثوار تارة أخري، والتحالفات المؤقتة مع القوي السياسية تارة ثالثة، حتي ولو كانت الجماعة قد عادت إلي الشارع المصري مؤخرا بعد الحصار الذي فرض عليها، وحاولت الانفتاح مجددا علي فرقاء النضال السياسي. وأخيرا، فإن الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي لن تكون مهمته سهلة علي الإطلاق، كونه سيخضع لعملية مراقبة ومتابعة ومحاسبة شعبية مباشرة وغير مباشرة، فهو الرئيس الذي دفعت به الأقدار بعد سقوط "ديكتاتورية مبارك البشعة" ليبدأ معه الشعب المصري عهدا جديدا يرفع فيه المصريون مطالبهم بحياة حرة كريمة وديمقراطية بغير أي تنازل عن كرامتهم وطموحاتهم المشروعة، ولعله مما يشير إلي روح التحفز المصري تجاه الرئيس الجديد أنه بعد ساعات من إعلان نتيجة الانتخابات، تم تدشين موقع إليكتروني للبدء في توثيق ومراقبة أداء الرئيس، وما يتم إنجازه من برنامجه الانتخابي في أول مائة يوم من توليه الرئاسة، تمهيدا لمحاسبته أولا بأول. الظرف السياسي يأتي الدكتور محمد مرسي رئيسا مدنيا منتخبا لمصر في ظل ظرف سياسي معقد ومتشابك ومترع بالعديد من المشاكل والمعوقات البسيطة والكبيرة والمعقدة، ويكفي مثلا أن مسألة حلف اليمين الدستورية كانت مثار مشكلة رئيسية، بعد حل مجلس الشعب، في الوقت الذي رأي فيه مسئولون إخوانيون أن الرئيس يجب أن يؤدي اليمين الدستورية أمام المجلس لأنه لايزال موجودا بالنسبة إليهم، بينما الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري مؤخرا ينص علي آداء الرئيس لليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا، وهو ما رفضه الإخوان لأنهم يرفضون الإعلان الدستوري أصلا ويعتصمون في التحرير من أجل إلغائه، وبعد جدل وأخذ ورد، أعلن قياديون إخوانيون أن " موقف الجماعة من الإعلان الدستوري المكمل غير ملزم للرئيس المنتخب محمد مرسي".ولكن زيادة في اختلاط المشهد السياسي فقد كشف مصدر إخواني أن معلومات ترددت حول اتفاق خيرت الشاطر مع المجلس العسكري علي إمكانية تشكيل الإخوان لحكومة ائتلافية، بعيدا عن الوزارات السيادية، كما اتفق الجانبان الإخوان والعسكر علي الإبقاء علي ثلثي مقاعد مجلس الشعب، علي أن يتم إجراء الانتخابات علي الثلث الأخير، الذي أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما في 15 يونيو ببطلان النصوص المنظمة لانتخاب أعضائه، وفي سياق المشهد المختلط، أكدت مصادر المحكمة الدستورية العليا أن أحكام المحكمة بصفة عامة أيا ما كانت درجتها ولو محكمة جزئية في مركز صغير متي كانت نهائية فإنها واجبة النفاذ .. وأن الامتناع عن تنفيذ حل مجلس الشعب "جريمة"، وفي مساء 29 يونيو، في ميدان التحرير، أقسم الرئيس محمد مرسي اليمين أمام عشرات الآلاف من المصريين، وذلك قبيل توجهه لأداء اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا رسميا في اليوم التالي. وما يهمنا الإشارة إليه بوجه عام، أن الأرض ليست ممهدة علي الإطلاق أمام " الرئيس المدني المنتخب " بل ملغمة بكل أسباب الشقاق والخلاف إلي حد الإشعال، فقبل أيام من جولة الإعادة في انتخابات الرئاسة، كانت الأحكام القضائية التي صدرت بحق الرئيس المخلوع حسني مبارك ونظامه وأولاده، والتي فجرت غضبا عارما أدي لنزول الناس إلي الشوارع لعدم رضاهم عن هذه الأحكام التي لم يروا فيها "حسابا عادلا" للجرائم التي ارتكبت، وأعقب ذلك القرار بحل مجلس الشعب «بعد أن تغني النظام الحاكم بأنه الابن الشرعي الأول للثورة وبداية انجازاتها» ليستعيد المجلس العسكري السلطة التشريعية في يده مجددا« المادة 56 مكرر»، وقرار المجلس العسكري بتشكيل "مجلس الدفاع الوطني"، و قرار الضبطية القضائية لضباط الجيش ورجال المخابرات الحربية «والذي اعتبرته غالبية الأوساط الشعبية والقوي السياسية مجرد عودة مقنعة لحالة الطوارئ» ولقد اعتبرت القوي السياسية والشعبية أن أهم الإجراءات الاستثنائية هو إصدار المجلس العسكري في 17 يونيو الإعلان الدستوري المكمل، والذي وصف بأنه ينقل مصر إلي مرحلة مباشرة من "وصاية الحكم العسكري". ووفقا للإعلان الدستوري المكمل لا يعتبر رئيس الجمهورية القائد الأعلي للقوات المسلحة، وليس له أن يقر أي أمر من شئون القوات المسلحة «حسب المادة 53 مكرر» إلي حين إقرار الدستور الجديد، وأعطي المجلس العسكري لنفسه حق الفيتو فيما يتعلق بإعلان الحرب «المادة 53 مكرر 1» مما وصف بأنه وصاية علي رئيس الدولة، وكذلك فيما يتعلق بطلب الرئيس تدخل القوات المسلحة في حالة الاضطرابات« المادة 53 مكرر 2»، ومنحت المادة «60 مكرر» المجلس العسكري سلطة إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية المنوط بها كتابة الدستور الجديد، وذلك إذا وقع ما يحول دون استكمال الجمعية لعملها، بما يعني أن المجلس العسكري الحاكم هو الذي يتولي الإشراف علي عملية صياغة الدستور الجديد عن طريق لجنة يعينها بمعرفته« ودون أن يتم تحديد أية معايير محددة»، ثم استحدثت المادة «60 مكرر 1» وضعا جديدا يتمثل في «حق رئيس الجمهورية أو رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة أو رئيس مجلس الوزراء أو المجلس الأعلي للقضاء أو خمسة أعضاء الجمعية التأسيسية» في الاعتراض علي أي نص في مشروع الدستور، ما يعني حق أي من هؤلاء في التدخل في عمل الجمعية التأسيسية التي من المفترض أنها« تمارس عملها بحرية ودون وصاية إلا من الشعب، ومن خلال الاستفتاء»، وفي حالة اعتراض أي من هؤلاء علي نص ما في مشروع الدستور، وإصرار الجمعية التأسيسية عليه، يحال الأمر إلي المحكمة الدستورية العليا لتفصل فيه. وفي المحصلة، يمكن القول إن المشهد السياسي برمته مع مجئ الرئيس المدني المنتخب« القادم من صفوف الإخوان المسلمين» يجسد موقف "التربص والتحفز" بين الرئيس والمجلس العسكري، فأمام المصريين والعالم، يأتي الرئيس مجردا تقريبا من صلاحياته، ويظل المجلس العسكري ممسكا بزمام الأمور، هذا، فضلا عن التكهنات التي ثارت لدي البعض بأن يكون وصول محمد مرسي إلي منصب الرئاسة من عناصر "تحسين" العلاقة بين العسكر والإخوان مستقبلا، حتي أن البعض ألمح إلي أن الأمر كله أصلا لا يعدو أن يكون« اتفاق تفاهم بين العسكريين والإخوان»، وأنه جري الاتفاق علي "تقاسم للسلطة" بحيث يحتفظ الرئيس بحقه في تعيين رئيس ومجلس الوزراء وسلطات داخلية واسعة، مقابل احتفاظ العسكريين بشئون الجيش والسياسة الخارجية، وأنه مهما كان الأمر فإن تولي رئيس إخواني رئاسة الجمهورية في مصر هو« انتصار غير مسبوق للجماعة التي تسعي إلي السلطة منذ 84 عاما»، ما يقرب الإخوان من حلم بناء "الديمقراطية الإسلامية". وهنا يبدو التساؤل، إذا كانت
فكرة " الصفقة " صحيحة، فهل خرجت الأطراف السياسية الأخري تماما من المشهد؟ وهل تم التفاهم من وراء ظهر القوي الثورية والليبراليين والعلمانيين المدافعين عن المبادئ الديمقراطية؟ لقد تعهد قادة الإخوان بعدم الدخول في أية مفاوضات مع العسكر من دون مشاركة القوي الأخري من خلال ما أطلق عليه "الجبهة الوطنية"، واستطرادا في طرح التساؤلات، من سيكون "الحكم" لاحقا فيما إذا اصطدم الإخوان والعسكر مجددا؟ وهل سيكون هذا الحكم هو الشارع المصري وضغط الجماهير؟ وفي أي اتجاه يكون ذلك؟ التحديات الكبري 1- «التحدي السياسي» بعد وصول الدكتور محمد مرسي إلي منصب الرئاسة في مصر، فإن السؤال الذي فرض نفسه داخليا وخارجيا هو: ما هو شكل الدولة المصرية في المرحلة القادمة؟ وهل ستكون مصر دولة مدنية ديمقراطية حديثة؟أم سيتم التمهيد لتحويلها إلي نموذج الدولة الدينية أو بالتعبير الإخواني "دولة مدنية بمرجعية إسلامية" ؟. ومن المعروف أنه منذ انخراط الدكتور مرسي في معركة انتخابات الرئاسة فقد أعلن عن برنامجه الانتخابي، ومن أهم ما قاله إنه يعتزم تطبيق الشريعة الإسلامية« وهي قضية ستواجه جدلا كبيرا في المسألة الدستورية»، كذلك من آرائه بناء نظام سياسي قوي، وإعادة هيكلة الدولة المصرية "العميقة" وتحويلها من دولة مهيمنة إلي دولة مؤسسات، لها صلاحيات محددة تحترمها ولا تتجاوزها، أيضا من ملامح الرؤية التي طرحها في سياق الحملة الانتخابية أكد الدكتور محمد مرسي العمل علي بناء دولة ديمقراطية حقيقية وطنية دستورية حديثة في مصر، تعبر عن إرادة الناس، والعمل علي إصلاح ما أفسده الطغاة، وبمشاركة كل طاقات المخلصين من أبناء الأمة في كافة المجالات، ويتصل بذلك المشكلة الأمنية. وبوجه عام يمكن الاستنتاج بأن أهم التحديات السياسية في مرحلة رئاسة الدكتور مرسي لمصر تتمثل في: 1- مدي الحفاظ علي مدنية الدولة المصرية، وإجراء الإصلاحات السياسية بما يناسب بناء دولة ديمقراطية دستورية حديثة. 2- مدي تطبيق مبدأ "المشاركة السياسية" والتفاعل والتعاون مع جميع القوي السياسية، بدون استبعاد أو محاولة الاستئثار بالمناصب الكبري في الدولة. 3- مدي النجاح في استعادة الأمن للشارع المصري، وهي المشكلة التي تتعلق بإعادة تطهير وهيكلة "وزارة الداخلية" والتخلص من العناصر التي شاركت في ممارسة القهر ضد المصريين «ما يدخل الرئيس في تعامل مباشر مع وزارة الداخلية». 4- مدي النجاح في تطمين أقباط مصر، واتخاذ مايلزم من الإجراءات التي تحقق مبدأ المواطنة المصرية. 2- « التحدي الاقتصادي والاجتماعي» يمكن القول بدون مبالغة إن التحدي الاقتصادي والاجتماعي الذي يواجه الرئيس الجديد يمثل " قنبلة موقوتة " يتوقف عليها نجاحه أو فشله في تولي هذا المنصب الكبير.فمصر تعاني من عجز في الميزانية يصل إلي 147 مليار جنيه، كما ارتفعت نسبة التضخم ارتفاعا جنونيا وبلغ في شهر مارس 9 .9 %، وفي شهر مايو 8.6%، ويضاف إلي سوق العمل سنويا ما بين 700 800 ألفا من الأيدي العاملة الجديدة، ويصل عدد العاطلين عن العمل إلي ما يقترب من 12 مليون عاطل، هذا فضلا عن المشكلات التقليدية للصحة والتعليم والأمية والإسكان والفقر والعشوائيات، ووفقا لبرنامج الرئيس فإن المشكلة الاقتصادية هي الأولي بالرعاية، وهو يري أن "الإنسان المصري هو أساس التنمية وهو المستهدف بها، ولابد من انتشاله من الفقر وتدني الخدمات الصحية والتعليمية" ويؤكد مرسي إيمانه بأن كرامة الإنسان وحريته مرهونة بمدي حصوله علي معيشة كريمة تحرره من قيد الاستغلال والفاقة، ولا شك أن تحقيق التقدم في التنمية يتوقف علي تفعيل آليات حقيقية لاستئصال الفساد المستشري في العديد من المؤسسات، وإعمال مبادئ الشفافية والمحاسبة في جميع التعاملات. 3- « تحدي العلاقة مع المجلس العسكري ومؤسسات الدولة» في الخطاب الأول للرئيس مرسي توجه بالشكر للجيش المصري ومؤسسة القضاء علي دورهم في إنجاح انتخابات الرئاسة وإدارة العمل وصولا بمصر إلي بر الأمان، كما أن المشير طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة توجه بالتهنئة إلي الرئيس الجديد، ومع ذلك يبقي مستقبل العلاقة بين مرسي والمؤسسة العسكرية رهنا بالكثير من التكهنات حول مدي الالتزام بما تم "التوافق" عليه بين الطرفين، خاصة وأن المرحلة القادمة ستشهد معارك كثيرة منها: معركة الجمعية التأسيسية «وما إذا كان سيتم الاعتداد بالجمعية الحالية أم سيقوم العسكري بإعداد جمعية أخري لوضع الدستور»، ومعركة إعداد الدستور الجديد نفسها، ومعركة البرلمان الجديد «فيما إذا أصر العسكري علي رفض استمرار ثلثي مجلس الشعب المنحل كما يطالب الإخوان»، وهناك أيضا المعركة التي تتعلق باحتمال اجراء انتخابات رئاسة جديدة بعد إعداد الدستور الجديد والاستفتاء عليه.وهنا لابد من الاعتراف بأن العلاقة بين الرئيس مرسي والمؤسسة العسكرية ستمر بمنعطفات كثيرة، مع استمرار تأثير عناصر من النظام القديم والتي لا تزال تسيطر علي المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية والقضائية.وبالرغم من الكثير من المواقف الغامضة، والملابسات المتداخلة، والمواقف الشائكة، فلا مناص من الاعتراف بأن المؤسسة العسكرية، والمؤسسة القضائية تظلان عماد الدولة، ويمثل تماسك هاتين المؤسستين "العصب الرئيسي" لاستمرار حماية وصيانة كيان الدولة المصرية. الرئيس .. والعالم يقول كاتب أمريكي «ربما يبدو الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي منذ الوهلة الأولي مثل "كابوس"» فيما يتعلق بالمصالح الأمريكية في المنطقة، ولكن الكاتب نفسه يعود ويقول "إن المسئولين الأمريكيين يعبرون عن تفاؤلهم غير الصريح بإقامة علاقات عمل قوية مع السياسي المخضرم المنتمي إلي جماعة الإخوان المسلمين".والحقيقة أن هذه المقولة تحديدا تلخص الموقف العالمي من وصول المرشح الإخواني لمنصب رئاسة الدولة في مصر، فهو موقف مختلط بين الترحيب الحذر، والترقب والتفاؤل، وأيضا "الانتظار القلق"، وإجراء الحسابات الدقيقة حول ما يمكن أن تأتي به الأيام المقبلة. فالولايات المتحدة تتوقع وربما تعتزم نسج علاقات قوية مع مصر في ظل رئاسة الرئيس مرسي، ويؤكد مسئولون أمريكيون أنه ليس ثمة مخاطر تهدد " المصالح المشتركة " بين مصر والولايات المتحدة، وأن الرئيس الجديد سيقدر ذلك تماما، خاصة وأن مصر ستكون في حاجة ماسة للقروض والاستثمارات ومليارات الدولارات في المرحلة القادمة لإقالة الاقتصاد المصري من عثرته واستعادة عافيته بعد ما يشهده من تدهور، وتشير دوائر أمريكية إلي أن الرئيس مرسي، الحاصل علي الدكتوراة من جامعة ساوث كاليفورنيا الأمريكية في السبعينيات، يؤكد أنه لن يوجه مصر إلي " توجه ديني متشدد " ويفضل علي ذلك " النهج التعايشي ".وفي المقابل فإن دوائر أمريكية أخري تبدي قلقها إزاء تطور العلاقة بين الإخوان والعسكريين عموما، فالعنصر المهم بالنسبة للغربيين هو الخطر الذي يترتب علي استمرار سيطرة المؤسسة العسكرية علي الشأن السياسي، وتشير الكاتبة والباحثة مارينا أوتاوي من مؤسسة كارنيجي الأمريكية للأبحاث إلي التشابه بين ما يجري في مصر حاليا، وما حدث في تركيا في عام 1997 عندما استخدمت مؤسسة كمال أتاتورك القديمة وهي الدولة العميقة التي تضمنت الجيش وكبار رجال الدولة البيروقراطيين والمحاكم قرارا للمحكمة لإلغاء نص انتخابي للحزب الإسلامي الذي كان يرأسه أربكان، وقاوم الإسلاميون، ونظموا صفوفهم، وهم يتولون السلطة حاليا بسياسات معتدلة، ويعملون جديا علي إبعاد الجيش عن السياسة.وتضيف مارينا أوتاوي أنه لو كانت مصر محظوظة فقد تمر بهذا السيناريو، بعيدا عن العنف. في الوقت نفسه، تركز دوائر أمريكية علي التطورات السياسية في مصر، من حيث مدلولها بالنسبة للتطور الديمقراطي، فالكاتب الفرنسي الأمريكي هارولد هيمان ينتقد توقيت حل مجلس الشعب، ماجعله يتصور أن المجلس العسكري قد هدف من ذلك إلي تمهيد الطريق لأحمد شفيق، وبالتالي تعود الأمور إلي نقطة الصفر، وهو يركز عموما علي أن حل مجلس الشعب مثل "صدمة" للغربيين، وفي هذا السياق هناك آراء مؤكدة أن العناصر التي تحكم العلاقات المصرية الأمريكية في المرحلة القادمة تتوقف علي مدي احترام السلطات لحقوق الأقليات المسيحية في مصر، وحقوق المرأة، وحماية حقوق الإنسان. أما الطرف الذي شعر بأكبر قدر من القلق والصدمة إزاء فوز الرئيس محمد مرسي بالرئاسة فهو إسرائيل، حيث تؤكد الأنباء حالة الارتباك في أوساط الحكومة الإسرائيلية فور سماع النبأ، وقد استعادت وسائل الإعلام الإسرائيلية مقولاتها عن فداحة الخسارة التي ترتبت علي خلع "حليفها الأبدي" حسني مبارك، وتحذيراتها من "الشتاء الإسلامي"، وقالت صحيفة معاريف "القلق أصبح واقعا، جماعة الإخوان المسلمين استولت علي مصر"، وتهكم البعض بمقولة "شرق أوسط جديد"، وقالت يديعوت أحرونوت "الرئاسة في مصر ترتدي لأول مرة لونا إسلاميا"، ووصل التشاؤم لدي البعض إلي مداه ليقول "إنه المسمار الأخير في نعش السلام". وبالرغم من تأكيد الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في أول خطاب له أنه سيحترم الاتفاقات والمعاهدات الدولية بين مصر والعالم، فيما وصف بأنه رسالة طمأنة للعالم الخارجي، فإن مجرد وصول الرئيس الإخواني لمنصب الرئاسة، دفع الكثيرين للتفكير بعمق وقلق وخاصة بالنسبة لتل أبيب التي تعتبر معاهدة "كامب ديفيد" مع مصر ركيزة للسلام، وأهم مكاسبها الاستراتيجية، وكرد فعل مباشر، فقد أعلن اسرائيل حسون من نواب حزب كاديما الوسطي أنه يتوقع دخول العلاقات بين مصر وإسرائيل طورا من الجمود، ثم أضاف، أن الاستنتاج الفوري الذي يمكن استخلاصه من نتيجة الانتخابات المصرية هو أن دولة إسرائيل والسلطة الفلسطينية لهما مصلحة مشتركة في بناء تحالف إقليمي سريعا. وهنا، لابد من ملاحظة اتخاذ إسرائيل قرارا بنشر أنظمة رادار علي طول الحدود المصرية تحت ذريعة الكشف والتحذير من أية هجمات صاروخية، وذلك وسط مخاوف من قيام جماعات مسلحة من منطقة سيناء بشن هجمات صاروخية ضد إسرائيل، ويعلق المحلل السياسي هارولد هيمان بأن إسرائيل لن تجرؤ علي التقدم باتجاه سيناء المصرية« قيد أنملة» ولكنها تريد توصيل رسالة، أنها يمكن أن تهاجم عناصر إرهابية، حتي ولو داخل الأراضي المصرية، ثم تعود مجددا إلي حدودها، ويستنتج هارولد هيمان بأن ما يجري في مصر عموما ليس في مصلحة إسرائيل، ولكنه يستبعد تماما فرضية أي حرب قريبة، لأنه لا أحد يريد الدخول حاليا في مغامرة غير محسوبة. وبالقطع، تثير عواصم ودوائر عديدة تساؤلات فيما يمكن أن يكون عليه مستقبل العلاقات المصرية مع منطقة الخليج، ومع السعودية تحديدا، ودولة قطر، علي حسب اتجاهات هذه الدول تجاه جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك مستقبل العلاقات مع إيران، والحساسيات المقترنة بذلك، غير أن الاتجاه الغالب حتي الآن علي الأقل أنه ليس ثمة تغييرات فارقة في الخطوط العريضة للسياسة الخارجية المصرية في وقت سريع، وأن تكييف هذه العلاقات في المستقبل القريب سيخضع لقاعدة مشتركة تتمثل في "النهج البراجماتي" وتفضيل المصالح والرؤية العملية علي أية اعتبارات أيديولوجية.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.