افتتح وزير الثقافة الدكتور عماد أبو غازي والدكتور الفنان صلاح المليجي رئيس قطاع الفنون التشكيلية والأستاذ محمد دياب رئيس الإدارة المركزية لمراكز الفنون صالون الشباب الثاني والعشرين «التغيير» وذلك بقاعة قصر الفنون بدار الأوبرا وقاعة الباب بمتحف الفن المصري الحديث وقاعات مركز محمود مختار الثقافي. مع بداية ظهور أجيال جديدة من الفنانين الشباب بدأ الصالون الأول في سبتمبر عام1989 ومنذ ذلك اليوم أصبحت مسابقة" صالون الشباب " تتبوأ مكانة مهمة علي خريطة الحركة التشكيلية المصرية وعلي الصعيد الثقافي بوجه عام ويصبح الصالون من أهم القنوات التي يتواصل من خلالها الفنان بالجمهور والنقاد والإعلام وتكتشف فيه المواهب لتشجيعها عن طريق الجوائز التي أصبحت هدفا للشباب ومحاولة لتحقيق جزء من أحلامهم البسيطة المرهون تحقيقها بعدالة السلطة المستحيلة ، وأيضاً لعرض الأفكار الجديدة التي تتماس مع الفنون المعاصرة في العالم وبالإضافة للجوائز المقدمة من قطاع الفنون التشكيلية هناك جائزتين بإسم شهيدي ثورة 25 يناير الفنان أحمد بسيوني والفنان زياد بكير وقد ساهمت عدة شركات مصرية في عدد من الجوائز المالية وجوائز الاقتناء في صالون هذا العام لتشجيع ودعم شباب الفنانين . وتمثل الدورة الثانية والعشرين للصالون هذا العام بداية حقيقية للتغيير فالثورة ليست مجرد شعارات في ميدان التحرير ولكنها تعني التغيير الشامل والجذري للحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهذا يعني تغييراً ثقافياً في المقام الأول وهو مايسمي ب " الثورة الثقافية" . وفي الثورة الثقافية يلعب الإبداع الفني دور البطولة لأن الفن ذاته هوأعلي درجات الاحتجاج علي القبح والتخلف والدمامة ، وليس غريباً إذن أن يكون"التغيير"هو عنوان صالون الشباب هذا العام . ولأن مسار الفن يرتبط بمسار الوطن ارتباطاً عضوياً فلم يتخلي الفن عن الوطن ، ولا يخلي الوطن عن الفن وقد شهد التاريخ اعتقالاً لفنانين بسبب أعمالهم التي عبروا من خلالها عن مشاعرهم الاحتجاجية ضد الظلم والقهر، ونذكر منهم علي سبيل المثال الفنان عبد الهادي الجزار ولوحة" المجاعة " ولوحة" حفر قناة السويس " والمثال محمد حسين هجرس وتمثاله الشهير "سيزيف 70 " والذي أبدعه في فترة اعتقاله السياسي في الواحات ليعبر عن الصمود والجلد في مواجهة الظلم . وكان النصب التذكاري " نهضة مصر" للمثال الشهير محمود مختار والذي تم إنجازه بالاكتتاب الشعبي أثناء ثورة 1919 يمثل أعظم نموذج لوطنية المصريين وحبهم لمصر وأخشي أن يتحول هذا التمثال الي مسخ علي أيدي أعداء النهضة أصحاب التيارات الظلامية الذين تناسوا أن " المبدع" و "المصور" هي من أسماء الله الحسني . وعندما نسترجع الذاكرة لصالون الشباب العام الماضي 2010 نستطيع التيقن علي الفور أنه كان نواة" التغيير" أو بذرة لصالون هذا العام ونري ذلك بوضوح في لوحة الفنان كريم القريطي والتي يتصدرها الكرسي والرجل بزيه العسكري لتفصح في صمت عن حالة لرفض الحكم العسكري وقد تصدر مشهد الكرسي اعمال سبعة فنانين في صالون هذا العام 2011ومن أعمال الصالون الماضي عمل الفنان كيفن هاني ثابت في مجال الكمبيوتر جرافيك يعبر في سخرية عن اللوحات المعدنية الجديدة للسيارات بأرقامها وحروفها الغامضة والتي لانفقه منها شيئاً وكأنه يجب علينا عدم محاولة الفهم والرضا بهذا المصير . والفنان أحمد الشاعر وعمله المجهز في الفراغ والفيديو آرت حين تعرض لبعض الكلمات التي مللنا من سماعها مثل البطالة ،الإسكان ، النسل ، الزيادة السكانية ، القومي ، التعمير ، الخطة ، الدعم وكل شيء أصبح لاشيء .والفنان أحمد عبد المنعم في مجال التصوير والنافذة المغلقة ومفهوم العجز ويشارك هذا العام بنفس الفكرة ولكن في مجال التجهيز في الفراغ نري الشاب خلف ثلاث نوافذ من وراء الزجاج المغلق يبدو في أوضاع الحيرة والانتظار والتعجب ويظهر نصفه الأسفل حيث النافذة معلقة في الفراغ بلا جدار ، وشيماء صبحي والتي تتناول في أعمالها حرية المرأة فقد شاركت في صالون 2010 في مجالين هما الرسم والتصوير الذي عبرت فيه عن مفهوم ازدواجية الجسد والعقل فمساحة اللوحة تتصدرها فتاة ترتدي النقاب تشف أو تتداخل معها فتاة أخري مرسومة عارية وهي تصلي في وضعية الركوع مع الاشارة الي مواضع الأنثي .وهالة أبو شادي وعمل كمبيوتر جرافيك تعبر فيه عن مشكلة العنوسة في خمسة أعمال رأسية بنفس المساحة يتصدر كل لوحة صورة لفتاة مسلمة ويبدو ذلك من مظهرها الخارجي الذي اتخذ عدة أشكال مختلفة الواحدة مرة بالحجاب العادي ومرة بالحجاب الكامل ومرة بالنقاب ومرة بنصف حجاب ومكتوب تحت كل صورة مواصفات كل منهن ونعود لصالون هذا العام 2011 " التغيير" حيث يجتمع الكم سواء من حيث المجال وعدد الفنانين والأعمال والكيف الذي ينمو تجاه الفكرة والمضمون ليتحد مع الشكل واللون والخط علي صعيد الأحداث الراهنة لأصعب مرحلة يشهدها التاريخ المصري يقتلع فيها جذور ماضي مؤلم لنضع مكانها نواة لمستقبل مشرق لكن السؤال يطرح نفسه من سيضع هذه النواة ؟ وفي ساحة مدخل القصر يعرض الفنان هاني غبريال تماثيل نحتية أمام كل منها آنيتين من الفخار بأحدهما طعام من الحبوب والأخري بها ماء ويذكرنا هذا العمل بلوحة الفنان عبد الهادي الجزار " المجاعة" . ويعرض أحمد جعفري في مجال لتجهيز في الفراغ "صحيفة الحالة الجنائية" أو الفيش والتشبيه علي الحائط وأمامه صندوق الاقتراع المغلق ليسخر من سلبية المجتمع وهذا العمل يذكرني بعمل أحمد محسن منصور الذي عرضه في صالون 2010 ومن الشباب الذي تبدو سمة التطور في أعمالهم عن العام الماضي أحمد بدير الحائز علي جائزة الصالون ونورة سيف الله حسنين الحاصلة أيضا علي الجائزة . ومن الوجوه الصاعدة الفنانة ولاء متولي وفكرتها قد تبدو غامضة للبعض بسبب انقراضها وهي الجرة التي يأوي بها الحمام نراها مهجورة في ثلاثة أعمال متصلة لثلاث جرر محلقة في الفراغ . والفنانة شيرين عبد الجواد وتميز أعمالها من حيث احتفاظها بالهوية المصرية وانتمائها لجذور المنشأ في المنيا . وهند الفلافلي ومفهوم الحركة والثبات في الشكل بالقلم الرصاص والألوان وقد اختلف البعض في تصنيف العمل كرسم أو تصوير ونظراً لأننا نعيش في عباءة العولمة والمفاهيم المعاصرة فمازال البعض من المشاهدين يبحثون عن تصنيف للعمل بجوار اسم الفنان وكتالوج الصالون هذا العام رغم مستواه الجيد إلا أنه اكتفي بكتابة اسم الفنان تحت صورة كل عمل دون الإشارة إلي المجال خاصة أنه تم إخراجه دون تتبع كل تخصص علي حدة كما كان في الأعوام السابقة وطبع بواسطة التسلسل الأبجدي لأسماء الفنانين المشاركين . وتنطوي معظم أعمال الصالون علي الشكل الحماسي فالعنصر الإنساني يتصدر المشهد وإن اختفي في البعض الآخر وبالرغم من تميز صالون 2011 الذي يمثل أرفع درجة من درجات التعاطف الوجداني ليمثل أسمي صورة من صور الروح الاجتماعية التي تذوب فيها الحياة الفردية فإن الشيء المحزن حقا أن يتم تأجيل الورش و الندوات المقامة ضمن فعاليات الصالون نظرا للظروف المؤسفة التي نمر بها فلا جمهور ولافنانين الكل في ميدان التحرير.