والثورة جاء المؤتمر السادس لأتيليه الإسكندرية «مستقبل الثقافة وثقافة المستقبل» مستلهما ثورة 25 يناير وقد حمل شعار «كايروس» وهي كلمة لاتينية بتعبير أ. د. محمد رفيق خليل رئيس المؤتمر وعميد مثقفي الثغر: تعني اللحظة المناسبة والفرصة المواتية والتي لا ينبغي ألا تفوت وإن ضاعت لا تعود. هذا علي اعتبار أن ثورة مصر 2011 تمثل لحظة فارقة.. وقد حدثت عبر الإنترنت خلال مواقع التواصل الاجتماعي من الفيس بوك والتويتر.. مع التليفون المحمول مستقبل ثورة الاتصالات. كما يقول الأديب محمد السيد عيد: هذا المؤتمر يؤكد علي أن المجتمع المصري بخير ومهموم بوطنه بعد الثورة وما يحدث حاليا من بعض الجراح، وفي نفس الوقت يؤكد علي روح المبادرة الأهلية من أتيليه الإسكندرية خاصة أنه بعد انطلاق 25 يناير لاحظنا التركيز الإعلامي علي الماضي وما يتعلق برموز الفساد.. إلا أنني أتصور أن الثورة عمل مستقبلي ومن هنا تتأكد من خلال الثقافة التي تشكل عقل الأمة. وحدة الفنون افتتح المؤتمر بكلمات للدكتور رفيق خليل والدكتور أشرف رضا رئيس قطاع الفنون التشكيلية والأستاذ رجب سعد السيد مقرر المؤتمر والفنانة ريم حسن الأمين العام.. حول المعني الحقيقي لتمثل مستقبل الثقافة بعد الثورة.. وقد امتدت الأوراق علي مدي يومين حول: استراتيجية الثقافة في المرحلة المقبلة والثورة والأدب وسينما المستقبل وثقافة المواطنة والديمقراطية والترجمة جسرنا إلي ثقافة عالم يتغير كل يوم. وكانت أوراق الفن التشكيلي وشهاداته حول الثورة والفن والمستقبل قد تنوعت بما يشكل تصورا لمعني الفن ومعني اللحظة المواتية وفي ورقة استجابات الفن التشكيلي.. رؤي مستقبلية.. يقول الفنان عادل السيوي: ظل الفن المصري مفتقدا لروح المغامرة بجدية.. خاصة تحت حكم استبدادي مع الاحتلال الأجنبي والحكم العسكري فيما بعد.. وكانت تجارب الحداثة تتم في إطار ليبرالي محدود، وعندما انطلقت ثورة مصر وجاءت اللحظة المواتية.. أدي هذا إلي اتساع مساحة الحرية.. وقاد إلي الانتباه والتركيز في الشأن العام كما اتسعت الآفاق إلي هذا التطلع العالمي لمصر وغير المسبوق.. ولأول مرة تمارس السياسة بشكل ديمقراطي حقيقي.. وهذا بالطبع سيكون له انعكاس أكيد علي الفن بما يؤكد فكرة الحداثة في الإبداع بدون حدود أو قيود. أما الفنان صبري أبوعجيلة فيشير إلي أن الثقافة تلعب الدور الأساسي في بلورة رؤي المجتمع وقيمه الإيجابية وأيضا صياغة خطاب يعبر عن رؤي الثورة في المستقبل.. وهنا ننبه إلي مضمون التعليم وإعمال العقل وليس النقل والاعتراف بالتعددية الثقافية والمراهنة علي العلم وكشوفاته مع التأكيد علي وحدة الفنون. وقد تناول الفنان عزالدين نجيب في «بناء المستقبل مشروع ثقافي» ما يؤكد أن قيام ثورة 25 يناير بنيت في الأساس علي تغيير ثقافي هائل في أذهان الأجيال الشابة والتي طالما نظرنا إلي أبنائها نظرة الاستهانة واتهمناهم بضحالة الفكر وسطحية الثقافة وعدم الشعور بالانتماء والمسئولية تجاه الوطن. ويري نجيب أن للتعليم في المستقبل دورا محوريا في نجاح مشروع النهضة بكل جوانبه ويبدأ ببناء العقلية النقدية للأجيال وإشباع الحاجة إلي الفن والأدب وتنمية الحس الابتكاري والجمالي. ثورة فنية تشكيلية يقول الفنان عصمت داوستاشي من المؤكد أن ثقافة الصورة هي التي أصبحت متاحة بشكل كبير بفضل تقنيات الديجيتال والنت وقد فجرت الثورة المواهب عند شباب مصر.. وسيتألق جيل جديد له رؤيته وأدواته الصادقة النابعة من روح تلك الثورة.. خاصة وقد تعددت المفردات الفنية بحيث جعلت الثورة ذات طابع تشكيلي. وفي المستقبل أتوقع أن يكون للإبداع الفني في كل مجالاته دور أساسي في صياغة مستقبل هذا البلد، أما السفير يسري القويضي فيشير إلي أن الفن تأثر بالسياسة والعكس بالعكس في أساليب تتماشي مع الأساليب الحداثية العالمية وذلك بظهور الفن التلقائي خلال ثورة الشعب المصري في يناير 2011 بميدان التحرير بما يبشر بمرحلة جديدة في الحركة الفنية. استراتيجية وزارة الثقافة بتواضع شديد كعادته جلس الدكتور عماد أبوغازي في الصف الثالث يتابع إحدي جلسات المؤتمر، وفي ورقة البحث قدم رؤي للمستقبل تجسد استراتيجية وزارة الثقافة والتي تقوم علي ديمقراطية العمل الثقافي في مصر حيث تحقق العدالة الاجتماعية في توزيع الخدمة الثقافية بعيدا عن المركزية، وأيضا حماية حرية الإبداع والتعبير في المرحلة المقبلة وديمقراطية الإدارة الثقافية. أشار إلي أن وزارة الثقافة في الأساس للشعب تفتح كل ساحاتها لأي مواطن من أجل إخراج الطاقات الإبداعية بكل الصور.. هذا من خلال التعاون مع المجتمع المدني. كما تهدف وزارة الثقافة في المرحلة المقبلة لتحقيق الدولة المدنية القائمة علي الديمقراطية وتعدد الثقافات. أيضا هناك تصور مطروح لإعادة هيكلة التوجه الخارجي وذلك من أجل التعاون الثقافي مع القارة الأفريقية والدول العربية والنطاق اليورومتوسطي. وقد أكد علي استمرار الفعاليات الفنية مثل بينالي القاهرة وبينالي الإسكندرية وخارج المركزية مثل لقاء النحت في أسوان ولقاء الأقصر الدولي للتصوير. شهادة في المؤتمر قدم الفنان عبدالله دوستاشي أحد شباب 25 يناير شهادته موثقة بالصور الضوئية التي جسدت اللحظات الحاسمة في الثورة وافتتح معرضه الذي جمع بين التسجيل والتعبير من اللقطات الفريدة التي تألقت بنبض الفن.. ما بين اللقطات المقربة «الكلوز» وبين البانورامية المتسعة. تحية إلي أسرة أتيليه الإسكندرية علي تلك المبادرة الثقافية التي رسمت ملامح مستقبل الثقافة وثقافة المستقبل. أتيليه الإسكندرية تأسس أتيليه الإسكندرية عام 1932 حين فكر الرائد محمد ناجي ومعه مجموعة من الفنانين الأجانب من بينهم جود فري ثورن وسباستي وريتشارد في تكوين مرسم يرعي الفن ويحتضن إبداعات الفنانين.. مع استضافة فنان من خارج القطر لتأكيد فكرة الاحتكاك الثقافي.. وتكونت جماعة الأتيليه من اتحاد الفنانين والكتاب وكان مكانه بشارع صفية زغلول «سينما متروالان» ثم انتقل إلي مقره حاليا بفيللا أنيقة ذات طابع أثري بشارع فيكتور باسيلي ويضم عددا من المراسم الخاصة بالفنانين مع قاعة عرض وقاعة محاضرات.. وهو يقدم العديد من الأنشطة الثقافية والإبداعية علي مدار العام.