هذه الفترة التي لم تشبع الاناجيل المقدسة والتي يعترف بها المسيحيون والكنائس في العالم ( حياة المسيح حسب متي وحسب مرقس وحسب لوقا وحسب يوحنا ) ظمأهم عن هذه الفترة المجهولة تماما، فارادوا ان يكتبوا عن هذه الفترة لملء الفراغ من هنا ظهرت الكتابات الغنوسية التي منها (انجيل البداية ليعقوب وانجيل الطفولة لتوما وانجيل شبيه متي وقصة يوسف النجار وانجيل نيقوديموس وغيرها ) وقد قام الدكتور ابراهيم سالم الطرزي بترجمتها عن كتاب ابو كريفا العهد الجديد لمونتاجو رودس جيمس والذي نشرته جامعة اوكسفورد عام 1953، وقال عن اناجيل الميلاد والطفولة المخفية ان هذه النصوص كانت مؤلفات ادبية شائعة عند المتدينين لعدة قرون وقد حاولت هذه القصص ان تسد فراغا ترك في قصص الميلاد في الاناجيل المعترف بها، وبمناسبة عيد الميلاد المجيد نقدم هنا بعض الافكار عن هذه الكتابات التراثية ونصوصا منها إنجيل البداية نسب هذا الكتاب للقديس يعقوب - ابن خالة السيد المسيح - وقد اهتم بسرد بعض القصص عن طفولة المسيح كما اهتم بتعظيم العذراء مريم وتقديم قصة حياتها ايضا وعن حبلها من الروح القدس وانزعاج خطيبها يوسف النجار يدور الاصحاح ال13 فيقول ( فلما كانت مريم في شهر ها السادس فهوذا يوسف عائدا من عند مبانيه وداخلا منزله اكتشف انها حبلي بطفل فلطم وجهه وألقي بنفسه علي الارض علي كيس ملابس وبكي بمرارة قائلا باي وجه أنظر الي الرب إلهي وماهي الصلاة التي اقدمها لهذه البتول لاني استلمتها عذراء من هيكل الرب ولم احافظ عليها من الذي خدعني وصنع الشر في منزلي ودنس العذراء الم تتكرر قصة ادم في لانه كما كان ادم في ساعة تسبحته المرتلة فاتت الحية ووجدت حواء وحدها فخدعتها هكذا حدث لي ايضا فنهض يوسف ودعا مريم وقال لها انت التي ربيت في قدس الاقداس وتلقيت طعام من يد ملاك لماذا فعلت هذا ونسيت الرب إلهك فبكت بمرارة قائلة اني بريئة ولم اعرف رجلا فقال لها يوسف فمن اين حينئذ ذلك الذي في رحمك فقالت حي هو الرب انني لا اعرف من اين كان لي ) ويظل يوسف في خوف وقلق حتي ظهر له ملاك واخبره ان مريم حبلي من الروح القدس .ويروي انجيل البداية تفاصيل دقيقة لليلة الميلاد التي بدأت بتخشب الطبيعة اثناء بحث يوسف عن قابلة تساعد مريم في الولادة فجاء بالاصحاح ال18 وانا يوسف كنت سائرا ولم اكن اسير وتفرست في السماء فرأيت السماء متعجبة وتفرست في قبة السماء فرأيتها ساكنة وطيور الهواء بدون حركة وتفرست في الارض ورأيت طبقا موضوعا وعمالا منحنون وايديهم في الطبق والذين كانوا ياكلون لا ياكلوا والناهضون لا ينهضوا والذين يتناولون اي شيء في فمهم لا يتناولون شيئا لكن وجوه الكل تتطلع الي اعلي ورأيت الاغنام تساق ولا تتقدم والراعي يرفع يده ليضربهم لكن يده ظلت عالية وتفرست في مجري النهر فرايت فم الاطفال ثابت علي الماء ولا يشربون فجميع الاشياء في لحظة تندفع عن مجرها . فحص البكارة ويستطرد يوسف في وصفه حتي يجد القابلة التي تسأله ومن هي التي تلد في الكهف فقال لها امرأة مخطوبة لي فقالت هل هي ليست زوجتك فقال لها انها مريم التي ربيت في هيكل الرب وحصلت عليها بالقرعة زوجة لي ومع ذلك فهي ليست زوجتي لكنها حبلي من الروح القدس فقالت له هل هذا حقيقي فقال لها يوسف تعالي وانظري فانطلقت القابلة معه ووقفا عند مكان الكهف - في الاناجيل المقدسة ولدت العذراء المسيح في مزود بقر لا كهف- وهناك وجدا سحابة لامعة تظلل الكهف وفي الحال اختفت السحابة من علي الكهف ولمع نور عظيم في الكهف حتي ان العيون لم تتحمله وبعد مدة قصيرة تضاءل النور تدريجيا حتي ظهر الطفل فذهب واخذ ثدي امه مريم فصاحت القابلة وقالت هذا يوم عظيم لي لانني رأيت منظرا غريبا وانطلقت القابلة من الكهف فقابلتها سالومي فقالت لها سالومي ان لدي منظرا غريبا لأرويه لك عذراء ولدت شيئا لاتسمح به طبيعتها فقالت سالومي كما يحيا الرب الهي ان لم اغرز اصبعي وافحص الاجزاء فلن أومن ان عذراء ولدت .فدخلت القابلة وقالت لمريم اظهري نفسك لانه ليس جدلا صغيرا الذي نشب حولك فأدخلت سالومي اصبعها وصرخت قائلة الويل لي لظلمي وعدم ايماني لاني جربت الاله الحي فهوذا يداي تسقطان كانما احترقتا بالنار واخذت تصلي حتي ظهر لها ملاك وطلب منها ان تحمل الطفل لكي تبرأ من آلامها هذه هي تفاصيل ليلة الميلاد كما سجلتها المخيلة الشعبية في انجيل البداية، وهي تفاصيل ليس لها علاقة بقصة الميلاد في الاناجيل المقدسة وتكشف عن محاولة تقديم البرهان الشعبي علي الطهارة من خلال فحص البكارة الامر الذي كان متداولا في الشرق وفي قري مصر وقد عبر عن هذه العملية الكاتب القصصي الكبير يوسف ادريس في قصته ( حادثة شرف ) إنجيل الطفولة لتوما وهو تجميع لعدد من المخطوطات التي تعرف ببايديكا اي احداث الطفولة وهو مكتوب باللغة القبطية واكتشف في نجع حمادي ونشر في مجلة الصنداي تايمز البريطانية عام 1959وهو منسوب لواحد من تلاميذ السيد المسيح وهو توما الذي كان يعرف بالشكاك والذي لا يؤمن الا بالرؤية و يحتوي الكتاب علي مجموعة من الحكايات الاسطورية عن طفولة السيد المسيح والتي لم يرد لها اي ذكر في الاناجيل المقدسة من ذلك انه لما كان عمر هذا الطفل يسوع خمسة اعوام كان يلعب في رقاق جدول جبلي فجمع المياه المنسابة الي برك ثم جعلهم رائقين في الحال وبكلمة واحدة جعلهم يطيعونه وعن لعبه بالطين جاءت هذه القصة فلما صنع من الطين الطري اثني عشر عصفورا في يوم السبت وكان هناك ايضا العديد من الاطفال الاخرون يلعبون معه فلما رأي احد اليهود ما يفعله يسوع انه يلعب في يوم السبت المقدس ذهب للتو وقال ليوسف هوذا ابنك عند جدول المياه واخذ طينا وصنع منه اثني عشر عصفورا فدنس السبت فأتي يوسف للمكان ونظر وصاح به قائلا لماذا تفعل في السبت ما لايحل لك ان تفعله فصفق يسوع بيديه وصاح في العصافير وقال لهم انطلقوا بعيدا فطارت العصافير وانطلقت بعيدة صائحة . الذي يغضبه يموت وجاء بهذا الكتاب الشعبي عن طفولة يسوع المسيح انه كان يلعب عندما جاء ابن حنان الكاتب فاخذ غصنا من الصفصاف وفرق به الماء الذي جمعه يسوع فلما راي يسوع ما فعل غضب وقال له ايها الشرير ما الذي فعلته لك البرك والمياه هوذا منذ الان تجف كالشجرة ولاتنتج اوراقا او جذورا او ثمارا وفي الحال جف الصبي تماما .بعد ذلك كان سائرا خلال القرية فجري صبيا ضده وضرب كتفه فغضب يسوع وقال لن تعود في الطريق الذي أتيته وفي الحال وقع ميتا فالبعض الذين رأوا ما حدث قالوا من اين ولد هذا الصبي لان كل كلمة له تتم فعلا وهذه القصص لاتتوافق ابدا مع حنو المسيح ولطفه فلم تذكر الاناجيل المقدسة انه أمات احدا بل احيا الموتي ومعذبوه والمسيئون اليه كان يصلي من اجلهم ورفض استخدام العنف بشكل مطلق بل طالب بمحبة الاعداء ولكن هذا الكتاب يقدم طفولة يسوع بصورة قد ترضي العامة والمخيلة الشعبية من خلال تلك القصص المخيفة عن غضبه والغريب ان نفس هذا الكتاب يقدم معجزات اخري حول أنه كان يقيم الموتي ومن قصص المعجزات التي جاءت بالكتاب المنسوب لتوما ان الطفل يعقوب عقرت افعي يده فلما كان في عذاب أليم وشارف علي الموت اقترب يسوع ونفخ علي العضة فاختفي الالم مباشرة بل وانفجرت الافعي المتوحشة في الحال وبعد هذا فإن رضيع احد الجيران مرض ومات فبكت امه بشدة فسمع يسوع ان مناحة عظيمة واضطرابا قد حدث فجري مسرعا فوجد الطفل ميتا ولمس صدره وقال اني اقول لك ياصبي لاتمت بل عش وكن مع امك وفي الحال انتبه وضحك فقال لامه خذيه وارضيعه وتذكريني فلما راي ذلك الحشد الذي كان واقفا بالجوار تعجبوا وقالوا حقا هذا الصبي إله او ملاك من الله لان كل كلمة منه حقيقية فغادرهم يسوع من هناك لاعبا مع الاطفال الاخرين .وهكذا تمضي تلك الاناجيل في قصص مصنوعة محاولة ملء الفراغ بحكايات عن لعب الطفل يسوع ومعجزاته دون عمق او فائدة فقط حكايات عن فترة مجهولة