دقت منظمة اليونسكومنذ عدة سنوات ناقوس الخطر عندما وضعت منطقة أبومينا الاثرية بالاسكندرية علي القائمة الحمراء الخاصة بالتراث الاثري المهددة بالضياع نظرا للتدهور الشديد في حالتها. ومما يذكر أن لجنة التراث العالمي باليونسكوكانت قد قررت إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي عام 1979 واعتبارها من أهم الأماكن التاريخية بمصر، لكن بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية أسفل المنطقة وتعرض آثارها لخطر الانهيار، وإلي جانب التعديات التي احاطت بالمنطقة لزم وضعها علي القائمة الحمراء. لذلك قام المجلس الأعلي للآثار بتنفيذ مشروع ضخم لتخفيض منسوب المياه الجوفية اسفل المنطقة، وهوما اشادت به منظمة اليونسكوفي زيارتها الاخيرة للموقع وبذلك أصبحت آثار أبومينا في طريقها للخروج من القائمة الحمراء مع انتهاء مشروع درء الخطورة لبعض العناصر المعمارية الاثرية للدير ومنطقة الحجيج والانتهاء من بناء السور الواقي للمنطقة الاثرية من أي تعديات . خروجها من القائمة الحمراء يوضح اللواء علي هلال رئيس قطاع المشروعات بالمجلس الأعلي للآثار أن منطقة آثار مارمينا من أهم المناطق الاثرية الموجودة بالاسكندرية بل في مصر كلها ففيها دير مارمينا العجائبي الذي ارتبط بمعجزاته لذلك يتوافد عليه كثير من الزوار، وقد حصل هذا الدير علي اهتمام خاص من قبل المجلس الاعلي للاثار نظراً لأهميته التاريخية والاثرية وكان يأمل قطاع المشروعات تنفيذ ثلاثة مشروعات لانقاذ الدير بداية من مشروع لخفض المياه الجوفية، ومشروع لدرء الخطورة، ومشروع لانشاء سور حول المنطقة الاثرية، فقد تعرض هذا الدير لخطر شديد نتيجة ارتفاع منسوب المياه الجوفية اسفله حتي ان قبر مارمينا الموجود أسفل الدير تعرض للغرق نتيجة هذه المياه وكان من الصعب الوصول إليه لذلك تم عمل دراسات لتقليل هذه المياه فقد تم تنفيذ مشروع بتكلفة 55 مليون جنيه وقد انتهي هذا المشروع بالكامل ولأول مرة منذ زمن يقرب من 25 عاما يمكن زيارة ودخول قبر مارمينا بعد تخفيض المياه وبعد ذلك كان هناك ضرورة لتنفيذ مشروع لدرء الخطورة عن الدير وترميمه بالاضافة إلي انشاء سور بالتعاون مع الدير حول المنطقة الاثرية واستطيع أن اقول ان منطقة آثار ابومينا الان تخلصت من كل المخاوف والاخطار التي كانت تهددها وهي في طريقها للخروج من القائمة الحمراء للآثار المعرضة للخطر لليونسكوبانتهاء مشروع ترميم ودرء الخطورة لأطلال المدينة الاثرية منتصف 2012 بتكلفة تصل إلي 11.5 مليون جنيه . ترميم وتطوير توضح د.مرفت ثابت مدير عام مكتب رئيس قطاع المشروعات بالمجلس الأعلي للآثار بانه من أجل تطوير منطقة أبومينا الاثرية تم تنفيذ عدد من المشروعات أولا مشروع خفض المياه الجوفية للمنطقة الاثرية بمسطح 290 فدانا وقد تم الانتهاء من هذا المشروع بالكامل من خلال ثلاث مراحل" مرحلة الاعمال المدنية، مرحلة الاعمال الميكانيكية، مرحلة الاعمال الكهربائية "، وتم اسناد مشروع التشغيل والصيانة للشركة المنفذة وتدريب عدد من الفنيين لتشغيل المشروع ، ثانيا ينفذ الان مشروع لاقامة سور حول المنطقة الاثرية وحرمها بطول 8.5 كم، أما المشروع الاخير فهومشروع لدرء الخطورة والترميم المتكامل للمنطقة الاثرية فبعد الانتهاء من تخفيض منسوب المياه الجوفية كانت هناك ضرورة لهذا المشروع وقد تم تسليم المشروع بعد عمل الدراسات والابحاث إلي الشركة المنفذة التي بدأت في تنفيذه منذ بداية عام 2010 علي ان ينتهي منتصف عام 2012، وتوضح د. مرفت بان اليونسكواشاد في زيارته الاخيرة بما تم من انجازات للمحافظة علي المنطقة ولكنه أكد علي ضرورة الإبقاء علي منطقة أبومينا علي قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر حتي يتم تطبيق نظام إدارة المياه وخطط الإدارة والحفاظ بالكامل والعمل بصورة مرضية لمدة ثلاث سنوات وطالب بتحديد موعد انتهاء تشغيل المشروع التجريبي لمشروع خفض المياه الجوفية وقد تم تحديده في يناير 2011 لانتهاء التشغيل التجريبي للنظام بالكامل ، هذا إلي جانب ضرورة تحديد الاعمال التي سيتم خلال مشروع درء الخطورة والتي تم تحديدها في " الكشف عن الجدران الأثرية وتدعيم بعضها طبقا للحاجة، رصد الميول للجدران والأكتاف وتحديد الاتزان الإنشائي للمباني، الرفع المساحي والتوثيق المعماري للمنطقة بالكامل شاملة منطقة البازيلكا ومنطقة الحجيج وبقايا الجدران والاساسات التي قد تظهر أثناء التدعيم، التوثيق المعماري والفوتوغرافي للقطع الاثرية الموجودة بالمنطقة والمفكوكة من بعض العناصر بالمنطقة، إعادة توظيف بعض الاحجار المفكوكة بالمنطقة التي يمكن استخدامها، الترميم وتزرير الشروخ الموجودة بالجدران وتدعيم الأساسات المتدهورة بعد الكشف عنها، معالجة الاحجار المتآكلة، عزل الحوائط وحمايتها من مياه الأمطار وذلك للحوائط الظاهرة، ترميم القبوات الطوب وتدعيم المفكك منها "وتضيف بان التقرير طالب ايضا بإجراء مسح شامل لكل الموقع المدرجة وتوسيع نطاق المسح الجيوفيزيائي تدريجيا ليشمل الموقع بأكمله، بما في ذلك المنطقة العازلة وأن يبدأ العمل في خطة الحفاظ بمشورة خبراء متخصصين وبرامج للرصد المنتظم والصيانة المقررة مشددة علي ضرورة إنشاء مجموعة إدارية بالاشتراك مع المجلس الأعلي للآثار ومجتمع مارمينا وجهاز استشاري يضم المهتمين في شكل ممثلين من مختلف أصحاب المصالح المحتمل تدخلهم وإنشاء هيكل أكاديمي استشاري لتحليل البيانات التاريخية والأرشيفية الموجودة لصياغة مشروع بحثي لازم للترجمة متضمن التنقيب والترميم وإعادة البناء، وبالفعل بدأت الخطوات الإجرائية لإتمام عملية المسح الجيوفيزيقي والمسح الطبوغرافي لكامل المساحة الاثرية "بمساحة ألف فدان " وبداية مشروع متكامل لترميم عاجل للمنطقة بأكملها ويجهز المجلس الان لتنفيذ مشروع بحثي عن المنطقة . من هومارمينا؟ يقول الراهب تداوس آفا مينا سكرتير الأنبا كيرلس آفا مينا رئيس دير مارمينا بالإسكندرية: يعد مارمينا من أشهر الشهداء المصريين، ولد سنة 286 م ببلدة نقيوس مركز منوف محافظة المنوفية، بعد وفاة والده الذي كان حاكما لاقليم مريوط تولي بعده والي كان يحبه مثل ابنه فعينه نائباً عنه في قيادة جميع الجنود التي تحت ولايته سنة 300 م وهوفي سن 15 سنة ، بعد ذلك أمر الامبراطور دقلديانوس باضطهاد المسيحيين في كل المملكة فلما سمع القديس ذلك الكلام تخلي عن منصبه ووزع كل أمواله علي الفقراء والمساكين ثم ذهب بعدها الي البرية من سنة 303 م الي 308م حتي استشهاده بعد تعرضه لكل أنواع العذابات الي أن نال إكليل الشهادة سنة 309 م وقد تميز جسد مارمينا بالعديد من العجائب والمعجزات جعلته يشكل أهمية كبيرة وبركة هائلة مما جعل الناس آنذاك يطلبون من البابا أثناسيوس الرسولي " قائد القوة العسكرية التي عملت علي حماية اقليم مريوط من غارات البربر" بناء كنيسة كبيرة للقديس مارمينا فشيدت الكنيسة وكانت غاية في الجمال وزينت بالرخام الثمين الذي كان يلمع كالذهب وأقيم أسفله سرداب ليوضع فيه رفات القديس وكانت تجري آيات وعجائب ومعجزات في هذه الكنيسة وكانت تتوافد عليها كثير من الزوار وقد بنيت الكنيسة علي أربع مراحل، المرحلة الأولي عبارة عن مبني صغير مستطيل ، المرحلة الثانية أحيط بمبني صغير من الطوب اللبن به فتحات للدخول من ثلاثة جوانب وقد هدم لإقامة مبني آخر حل محله، المرحلة الثالثة حل محل المبنيين السابقين بناء جديد علي شكل بازيليكا له صحن ورواقان والهيكل مقسم إلي ثلاثة أقسام وله حنية شرقية (حضن الأب) ، المرحلة الرابعة حل مبني آخر عوضا عن البازيليكا وكان علي شكل تتراكونش متصل بمدخل الكنيسة الكبري وقد هدمت في القرن السابع، المرحلة الخامسة حيث أصبحت الكنيسة مستطيلة وعبارة عن خمسة أروقة، أما القبر فيوضح الراهب تداوس انه في البداية شيد فوق الأرض وهوعبارة عن بناء له أربعة أعمدة ثم نقل إلي قبر تحت الأرض به سليمان احدهما للنزول وآخر للخروج وصنعت الحوائط من حجر منحوت مغطي بطبقة من البياض كانت عليها ألواح الرخام وكانت حجرة القبر لها سقف علي شكل قبو أربعة أعمدة، ويوضح الراهب تداوس أنه بعد مرور عدة سنوات توجه البابا ثاؤفيلوس بالاحتفال بعيد الشهيد مارمينا فرأي ما يعانيه الزائرون من المشقة بسبب الزحام حيث ضاقت الكنيسة فأمر ببناء كنيسة فسيحة 385 م علي اسم السيدة العذراء مريم وسميت البازيليكا الكبري تتكون من" حضن الأب - جناح مستعرض - صحن الكنيسة ".وهي مبنية علي 56 عمودا علي شكل صليب ، اما حضن الأب فعرضه 10.70م وعمقه5.90م ويغطيه نصف قبة .، أما الجناح المستعرض يقع في شرق الكنيسة بين حضن الأب وصحن الكنيسة بطول 50 م20م ويقع المذبح الرئيسي في منتصف الجناح المستعرض مقابل منتصف صحن الكنيسة وقواعد الأربعة أعمدة التي كانت تحمل القبة فوق المذبح مازالت موجودة هناك في مكانها حتي الآن وبالنسبة لصحن الكنيسة :طوله 40م وعرضه 26م يتكون من 3 أجنحة يفصل بينها صفان من الأعمدة الجزء الأوسط بين الأعمدة 14م المدينة الرخامية وعن بناء المدينة يقول الراهب تداوس انه في عهد الملك زينون سنة (474م-491م) بنيت مدينة حول كنيسة الشهيد العظيم مارمينا وتعد الفترة ما بين القرن الخامس والسابع بمثابة العصر الذهبي لزوار كنيسة ومدينة القديس مارمينا العجايبي ولكن في سنة (833م)قرر الخليفة المعتصم ان يبني عاصمته الجديدة فأرسل مندوبين إلي البلاد البعيدة ليجمعوا الأعمدة الرخامية من أقدم البناءات الثمينة فأرسل إلي مصر شخص اسمه اليعازر نزع الأعمدة الرخامية من كنائس كثيرة بالاسكندرية فتهدمت ونزع الرخام الملون بكنيسة الشهيد مارمينا بمريوط ولما سمع البابا بوثاب الأول البطريرك 52 حزن حزنا عظيما واهتم بسرعة إصلاحها حيث احضر ألواحا منقوشة وخصصها مكان التي نزعت ثم بعد ذلك في عهد البابا شنودة الأول البطريرك 53قامت مجموعة من الاعراب وفرضوا سلطانهم علي كثير من البلاد واستولوا علي ممتلكات كنيسة القديس العظيم مارمينا وتعرضت المنطقة للهدم والتدمير ولغارات البدوفهجرت تماما ثم حطم محمد علي باشا البقية من المباني سنه (1805م-1848م)ثم بعد ذلك قام برامكي بك محافظ الصحراء الغربية عندما عاين اطلال المدينة لم يشأ ان يترك ماتبقي من رخام بل انتزعه واستخدمه في بناء مدينة أبوصير القبلية (برج العرب حاليا)، وعاد النظر للمدينة مرة أخري بعد ان بدأ العالم الالماني كاوفمان بالحفريات في هذه المنطقة واكتشف بعض المعالم وذلك في المدة من سنة 1905الي سنة 1907 وبعد اكتشافها قام بنقل مائة صندوق من الحجم الكبير إلي بلدة مملوءة تحفا بديعة وتيجان الأعمدة الرخامية وأشياء كثيرة ولا تزال موجودة في متحف فرانكفورت بألمانيا الغربية وتحركت متاحف العالم لاستيلاء علي هذه الآثار ولكن كاوفمان استولي علي اغلبها، ثم قام بعض الباحثين الألمان بتكليف من المعهد الالماني للآثار بمعاونة المتحف القبطي بعمل حفريات جديدة ودقيقة نقلت بعض الآثار إلي المتحف القبطي بالقاهرة واليوناني الروماني بالإسكندرية وفي السنوات الاخيرة قام المعهد الالماني للآثار بالقاهرة ببعض الاكتشافات بالمنطقة برئاسة عالم الآثار الدكتور / بيتر جرسمان وإشراف هيئة الآثار المصرية آثار المنطقة يوضح الراهب تداوس انه يوجد عدد من الكنائس بالمنطقة الاثرية، الكنيسة الشمالية والتي تم اكتشافها (1906-1907)علي يد كاوفمان وهي تبعد حوالي 750م عن القبر في اتجاه الشمال وقد أطلق عليها كاوفمان اسم كنيسة المدافن لاعتقاده أن الأجزاء الملحقة بها كانت حجرات دفن ومبناها مثير جدا علي الطراز البازيليكي ذات ثلاث صحون وطولها 50م بها ردهة أمامية ملحق بها كنائس صغيرة ومعمودية قائمة بذاتها وكان يحمل سقف صحن الكنيسة الأساسي أربعة أعمدة في الأركان و18عموداً بطول صحن الكنيسة كان قطعاً من الفسيفساء الرخامي لها اشكال هندسية والأبواب والحوائط تحمل زخارف عريضة من الجبس وبجانبها تطعيمات رخامية ضخمة، ويوجد أيضا الكنيسة الشرقية والتي اكتشفت عام 1969م أطلق عليها اسم الكنيسة الشرقية لأنها تقع شرق المركز الرئيسي للمنطقة (القبر)تبعد عنه بمسافة حوالي ميل (106كم)وهي علي شكل أربعة انصاف دوائر تتراكونش ولا مثيل لها سوي الكنيسة التي تقع فوق القبر، في المرحلة الرابعة صحن الكنيسة الأوسط عبارة عن مربع تحدد أركانه أربعة أعمدة لها قطاع علي شكل صليب والحوائط الخارجية التي علي شكل أنصاف دوائر بداخل كل منها صف أعمدة علي شكل نصف دائرة لها نفس المركز والحائط النصف دائري الشرقي يمثل الشرقية وامامه بقايا الاعمدة التي كانت تحمل القبة التي تغطي المذبح وتوجد في شرق البناء الكنسي بها المعمودية والمدخل الغربي للكنيسة به بابان يمتد امامها فناء مربع والمساكن الملحقة بالكنيسة وبعض معاصر الزيت ومخازن النبيذ ومجموعة من المنازل الصغيرة، والكنيسة الشمالية الصغري :تم الكشف عنها خلال موسم حفريات هيئة الآثار المصرية عام 1987-1988م وهي تقع شمال شرق الكنيسة الشمالية علي بعد حوالي 150م منها يوجد أسفلها مقبرة من الجهة الشرقية، صحن الكنيسة عبارة عن صالة مستطيلة وفي الحائط الشرقي توجد حنية نصف دائرية والتي تعرف طقسيا بحضن الأب أوالشرقية وأخيرا الكنيسة الغربية الصغري : هذا المبني أيضا اكتشف عام 1987-1988م خلال حفريات هيئة الآثار المصرية ويقع في القسم الغربي من المدينة بالقرب من البوابة التي اكتشفت حديثا ويوجد في وسط المبني فناء علي شكل مستطيل غير منتظم تحيط به عدة حجرات ومرافق وتتكون من قسمين " القسم الغربي عبارة عن حجرة بها مقاعد علي كل من الحائط الغربي والحائط الشمالي وهذا يعني انه كانت تعمل كاستراحة ويعتبر صالة مدخل الكنيسة، القسم الذي يليه شرقا هوصحن الكنيسة، يفصل هذين القسمين حائط ذو فتحة عريضة يتوسطها عمودان وأسفل صالة المدخل توجد مقبرة تحوي حجرتي دفن، وفي عام 1979م قررت لجنة اليونسكوإدراج هذا المكان ضمن قائمة التراث العالمي وبذلك أصبح واحداً من أهم الأماكن التاريخية، ونظرا لأهمية المنطقة وذلك لوجود مجموعة من التلال الاثرية توصي اللجنة باستكمال اعمال الحفائر بالأماكن المتاحة حاليا.