إن امتلاك مصر لعدد كبير من الآثار والتي لا حصر لها علي كل شبر من أرضها يفرض عليها دائما البحث عن أفضل الطرق لحماية تراثها ضد أي مخاطر تتعرض لها سواء طبيعية أوبشرية. وليست عملية الحفاظ علي التراث المصري بالشيء الحديث علينا بل بدأ منذ عصر الفراعنة أنفسهم فنري مثلا الامير خع ام واس ابن الملك رمسيس الثاني كان له دور كبير في الاعتناء بتراث الأجداد والحفاظ عليه وترميم ما يحتاج من ترميم وذلك للحفاظ عليه ليكون شاهداً علي العصر للأجيال المتتالية. كان التراث المصري مستباحا علي مر العصور للسرقة والنهب ولكن تشهد الفترة الحالية العديد من الجهود المبذولة الملموسة للمحافظة علي التراث سواء كان بتعديل قانون الآثار أوترميم وصيانة الآثار وتطوير المواقع الاثرية بل وامتد الاهتمام علي المستوي الدولي بنشر الوعي الاثري علي مستوي العالم من خلال تبادل ثقافي بين مصر وبلاد العالم وتنتمي هذه الاختصاصات لإدارة شئون المنظمات الدولية للتراث الثقافي بالمجلس الأعلي للآثار والتي تولي إدارتها د. الحسين عبد البصير بقرار من الامين العام للمجلس الاعلي للآثار د. زاهي حواس.. وللتعرف علي دور هذه الادارة الحالي والمستقبلي في المحافظة علي التراث المصري علي المستوي المحلي والدولي كان لنا هذا الحوار مع د. الحسين عبد البصير. يتردد كثيراً اسم إدارة شئون المنظمات الدولية للتراث الثقافي ولكن ما دورها الحقيقي للحفاظ علي الآثار؟ -تقوم إدارة شئون المنظمات الدولية للتراث الثقافي بتفعيل ومتابعة التعاون العلمي بين المجلس الأعلي للآثار وبين المعاهد العلمية الأجنبية بمصر والخارج وإعداد دورات تدريبية للآثريين والعاملين بالآثار علي أحدث الطرق العلمية للمحافظة علي الآثار، وحضور الاجتماعات والمقابلات اللازمة وإعداد التقارير العلمية في هذا الشأن ، وتقوم أيضاً بعمل كتيبات باللغة العربية عن المعابد والمواقع الأثرية توضع عند مداخل المناطق الأثرية والمعابد لتساعد علي نشر الوعي الثقافي والأثري وتكون دليلاً للزائر يرشده ويساعده للوصول إلي ما يريد. وتشارك الإدارة في مراجعة أعمال الجرافيك والبطاقات الإرشادية الخاصة بتعريف القطع الأثرية في المتاحف وقد قمنا مؤخرا بإعداد البطاقات الارشادية لمتحف الفن الاسلامي بباب الخلق كما تشرف الإدارة علي برامج التدريب الخاصة بالمتاحف والمناطق الأثرية، كما أن الإدارة مسئولة عن الرد ومتابعة كل المكاتبات بين وزارة الخارجية والسفارات والمجلس وقطاع العلاقات الثقافية الخارجية بوزارة الثقافة واللجنة الوطنية المصرية للتربية والعلوم والثقافة، وتتابع الإدارة الموضوعات المعروضة علي اللجنة الدائمة والخاصة بالحفاظ علي التراث وحماية المواقع الأثرية بتكليف مباشر من الأمين العام ، وتتعاون الإدارة وتنسق بين المجلس الأعلي للآثار وبين المنظمات الدولية في هذا الشأن . ما المنظمات الدولية الأكثر أهمية في مجال المحافظة علي التراث وتسعي الادارة دائماً بالمحافظة علي التعاون معها؟ - تسعي إدارة شئون المنظمات الدولية للتراث الثقافي دائما بالاتصال بكل المنظمات الدولية وعلي رأسها منظمة UNESCO الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة" والتي تلعب دوراً كبيرا في المحافظة علي التراث علي مستوي دول العالم ويعتبر من أهم اعمالها إصدارها اتفاقية خاصة لحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي منذ عام 1972،وكذلك منظمة ICOMOS "المجلس الدولي للمعالم الأثرية والمواقع"، ومنظمة ICCROM " وغيرها من المنظمات والإدارات بالتعاون مع وزارة الخارجية والسفارات الأجنبية في مصر. ما الفائدة التي تعود علي الآثار بعد تسجيلها في قائمة التراث العالمي التي اصدرتها منظمة اليونسكو ؟ - بعد اصدار اليونسكو لاتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي أصبح برعاية اليونسكو الآن ما يقارب من 754 موقعًا تتصف بقيمة عالمية ممتازة تقع في 129 بلدًا، منها 682 موقعًا ثقافيا، و149 موقعًا طبيعيا، و23 موقعًا ثقافيا وطبيعيا في آن واحد، وتعتبر هذه المعاهدة التي وقعها 178 بلدًا واحدة من المعاهدات الدولية التي انضم إليها أكبر عدد من الدول، وتتعهد الدول المنضمة لهذه المعاهدة ومنها مصر طبعا بالحفاظ علي مواقع لائحة التراث العالمي وكذلك علي التراث المهم علي مستوي البلد أوالمنطقة، لاسيما بوضع الإطار القانوني من أجل ذلك ،وتضم لجنة التراث العالمي ممثلين عن 21 دولة ينتخبون لمدة ستة أعوام، وتجدد الجمعية للدول الموقعة علي المعاهدة،ثلث الأعضاء مرة كل عامين. وفي كل سنة تضيف اللجنة مواقع جديدة علي اللائحة وتقترح الدول الأعضاء أسماء المواقع وتدرس أهميتها هيئتان استشاريتان (المجلس الدولي للآثار والمواقع بالنسبة للمواقع الأثرية، والاتحاد الدولي للطبيعة بالنسبة للمواقع الطبيعية) ويؤخذ رأي المركز الدولي للدراسات من أجل الحفاظ علي الأملاك الثقافية وترميمها، كما يساهم في تكوين وإعداد المختصين. ما أهم المشروعات الاثرية التي يتم تنفيذها حاليا مع منظمة اليونسكو ؟ - مشروع إنشاء المتحف القومي للحضارة المصرية يعتبرمن أكثر المشروعات أهمية التي تقوم بها الوزارة في الوقت الحالي بالتعاون مع منظمة اليونسكو والذي من المقرر أن ينتهي منه العام القادم حسب تصريحات السيد وزير الثقافة فاروق حسني فيذكر أنه في عام 1978 أعلنت الحكومة المصرية اعتزامها بناء متحفين بالتعاون مع منظمة اليونسكو وهما متحف النوبة بأسوان ليضم مجموعة من الآثار النوبية التي عثر عليها أثناء حفريات الحملة العالمية لمنظمة اليونسكو لإنقاذ الآثار النوبية والتي امتدت من عام 1960 إلي 1980 والمتحف القومي للحضارة بالقاهرة، لذلك في عام 1982 قامت منظمة اليونسكو بإطلاق حملة عالمية لتأسيس المتحفين وبناء عليه تم تشكيل لجنة من الخبراء العالميين من 15 دولة أعضاء بمنظمة اليونسكو بالإضافة إلي الهيئات التي تهتم بمجالات المصريات وعلم تخطيط المتاحف والعمارة كالمجلس الدولي للمتاحف والمجلس العالمي للمتاحف والمواقع الأثرية والمركز الدولي للدراسات المتعلقة بحفظ وترميم الممتلكات الثقافية والاتحاد العالمي لمعماريي المسطحات الخضراء ، ومن المشروعات المهمة أيضا مشروع درء الخطورة عن منطقة أبومينا الاثرية بالاسكندرية والتي في طريقها الان للخروج من القائمة الحمراء للمواقع المهددة بالخطر. ما أهم الأعمال التي تقوم بها الإدارة حاليا للمحافظة علي التراث ؟ - قامت الإدارة بالعديد من الأعمال مؤخرا ومن أهمها عقد الاجتماع الأول لمشروع قرية القرنة الجديدة- حسن فتحي بالأقصر والذي يهدف إلي أن تتحول القرية إلي مجموعة فعالة متكاملة العناصر للحفاظ علي التراث الحضاري الخاص بالصناعات الحرفية ؛ إذ هدفت قرية حسن فتحي في الأساس إلي توطين الأيدي الحرفية الماهرة للحفاظ علي هذه الحرف ومنعها من الاندثار. ولذلك سيتم مشروع تطوير قرية حسن فتحي حيث يتم استكمال العمل في المسح الميداني وإجراء توثيق كامل للقرية منذ بداية إنشائها عام 1948 وإلي الآن والانتهاء من أعمال المخطط العام الذي تم الاتفاق عليه في إطار اجتماع اللجنة العلمية بالمؤتمر. بالإضافة إلي ترميم البيوت الشاغرة حالياً لتكون نموذجاً لباقي القرية حيث سيتم ترميم الخان والمسجد ومنزل حسن فتحي وهذا المشروع يمثل خطوة رائعة للحفاظ علي عمارة حسن فتحي وتراثه واستمرارية رؤيته المعمارية المتميزة. في مجال العلاقات الدولية لاسترداد الآثار التي خرجت من مصر بطريقة غير شرعية ما الدور الذي تلعبه الادارة في هذا المجال؟ - من أهم الأحداث التي حدثت مؤخرا في هذا المجال اتفاقية استرداد الآثار مع دولة الصين التي عقدت يوم الثلاثاء الموافق 12/10/2010 ، وقد تم استضافة الجانب الصيني والجانب المصري برئاسة الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار، وتهدف هذه الاتفاقية إلي حماية واسترداد الممتلكات الثقافية المسروقة التي خرجت من موطنها الأصلي بطرق غير مشروعة، وتتميز هذه الاتفاقية بأنها تنص صراحة علي تحريم ومنع تصدير أو الاتجار أو نقل الممتلكات الثقافية بطريقة غير مشروعة أوالممتلكات الثقافية المسروقة (طبقاً لاتفاقية اليونسكو 1970) والتي تشمل القطع التي صنفها الطرفان ممتلكات ثقافية وفقاً للقوانين المحلية في كل من البلدين، كما انه هناك العديد من الاتفاقيات مع العديد من الدول كروسيا واسبانيا وايرلندا وقبرص وسويسرا والتي اعادت إلينا مؤخرا 5 آلاف قطعة أثرية ولندن التي اعادت 25 ألف قطعة آثرية لعصور ما قبل التاريخ من متحف بتري وبالاضافة لاتفاقيات مع فرلندا وكرواتيا وكوسوفو من أجل استرداد الآثار المصرية من هناك وعودتها للمتاحف المصرية والتي يبلغ عددها الآن أكثر من 50 متحفاً.