وزير الزراعة: 9 مليارات دولار حصيلة الصادرات الزراعية خلال 2023    وزير الإسكان العماني يلتقى هشام طلعت مصطفى    عاجل - ارتفاع عدد الشهداء في مجزرة النصيرات وسط قطاع غزة.. ماذا يحدث الآن؟    عاجل.. أحمد الشيخ يكشف حقيقة هجومه على حسام حسن    إبراهيم حسن: التصريحات المنسوبة ل حسام غير صحيحة    "فلكيًا وبشكل رسمي".. موعد وقفة عرفات وإجازة عيد الأضحى المبارك في مصر 2024    «الصورة أبلغ من ألف كلمة».. لوحات فنية وثقت القضية الفلسطينية    فيديو.. وزير الزراعة: أسعار الدواجن والبيض معقولة    الحماية القانونية والجنائية للأشخاص "ذوي الهمم"    "يأس".. واشنطن تعلق على تغيير وزير الدفاع الروسي    الحرس الوطني التونسي يحبط 11 عملية اجتياز للحدود البحرية    ضابط استخبارات أمريكي يعلن استقالته احتجاجا على دعم بلاده لإسرائيل    نتنياهو: ما يقرب من نصف القتلى في حرب غزة هم مقاتلي حماس    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية منذ نشأته يتعرض لحملة من الأكاذيب    رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية: نقوم باختبار البرامج الدراسية التي يحتاجها سوق العمل    برشلونة يهزم سوسيداد ويُعزز موقعه في وصافة الدوري الإسباني    موعد مباريات اليوم الثلاثاء 14 مايو 2024| إنفوجراف    "حمدي فتحي شارك".. الوكرة يودع الكأس أمام السد    بالفيديو.. هدف غريب لأستون فيلا أمام ليفربول    "قمة إنجليزية ودوري مصري".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    أطفال مستشفى المقاطعة المركزى يستغيثون برئيس الوزراء باستثناء المستشفى من انقطاع الكهرباء    حريق في جراج بمحرم بك في الإسكندرية.. والحماية المدنية تخمده    عاجل - شبورة وأتربة.. حالة طقس اليوم الثلاثاء 14 مايو    فرنسا: الادعاء يطالب بتوقيع عقوبات بالسجن في حادث سكة حديد مميت عام 2015    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد تحذر من طقس الثلاثاء    وصل ل50 جنيهًا.. نقيب الفلاحين يكشف أسباب ارتفاع أسعار التفاح البلدي    لطفي لبيب يتحدث عن موقف أحمد عز معه في مسرحية "علاء الدين"    فريدة سيف النصر تنفي عدم التزامها.. وتؤكد تواجدها لآخر يوم تصوير بمسلسل العتاولة    منال سلامة في "الجيم" ونجلاء بدر ب"الجونة".. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حدث بالفن| حمو بيكا يهاجم الصحفيين وأسباب فشل الصلح بين شيرين و"روتانا"    القضية الفلسطينية.. حضور لافت وثقته السينما العربية    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    شقيقة ضحية سائق أوبر بمدينة نصر تكشف تفاصيل محاولة اغتصابها    اللجنة المشكلة بقرار محافظ الغربية تواصل حملاتها التفتيشية اليومية لضبط الأسعار بالأسواق    أستون فيلا ضد ليفربول.. تعادل أصحاب الملعب بهدفين فى 3 دقائق.. فيديو    مستشار وزير الزراعة: إضافة 2 مليون فدان في 10 سنوات إعجاز على مستوى الدول    دبلوماسي سابق: إسرائيل وضعت بايدن في مأزق.. وترامب انتهازي بلا مبادئ    خبراء بحرينيين: القمة العربية استثنائية ومصر تحقق نقلة نوعية فى تاريخ القضية الفلسطينية    ارتفاع أسعار النفط في ختام تعاملات اليوم لهذه الأسباب    إبراهيم عيسى: الدولة بأكملها تتفق على حياة سعيدة للمواطن    خريطة تلاوات القرآن المجود اليوم الثلاثاء بإذاعة القرآن الكريم    طارق الشناوي يرد على بلاغ أشرف زكي: 3 بطولات لروجينا كثير.. ومش موجودة في الشارع    إصابة شخصين في حادث تصادم بالمنيا    عاجل: مناظرة نارية مرتقبة بين عبدالله رشدي وإسلام البحيري.. موعدها على قناة MBC مصر (فيديو)    «غرفة الدواء»: أزمة النواقص ستنتهي خلال أسبوعين.. والمصانع تعمل بكامل طاقتها    رئيس لجنة الدواء ب"الصيادلة": 200 مليار دولار قيمة المستحضرات المزورة عالميا    احذروا ملح الطعام..فيه سم قاتل    فطائر المقلاة الاقتصادية.. أصنعيها بمكونات سهلة وبسيطة بالمنزل    40 صورة ترصد الحشد الكبير لمؤتمر اتحاد القبائل العربية    حجازي: فلسفة التعليم المجتمعي إحدى العوامل التي تعمل على سد منابع الأمية    «التعليم» تلوح ب «كارت» العقوبات لردع المخالفين    ما الفرق بين الحج والعمرة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يدعو آل البيت لمن يزورهم؟.. الإفتاء تُجيب    سيارات بايك الصينية تعود إلى مصر عبر بوابة وكيل جديد    المفتي للحجاج: ادعو لمصر وأولياء أمر البلاد ليعم الخير    وزيرة التضامن تشارك في أعمال المنتدى الدولي لريادة الأعمال ومبادرة العيش باستقلالية بالبحرين    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    هيئة التنمية الصناعية تستعرض مع وفد البنك الدولى موقف تطور الأعمال بالمناطق الصناعية بقنا وسوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الآثار الدراماتيكية لصدمة انهيار أكبر وأهم مكتبة في العالم

صدمتان عنيفتان هزتا عالم النشر الغربي خلال شهري يوليو وأغسطس 2010، ويتوقع المراقبون أن يكون لهما آثار دراماتيكية مباشرة وخطيرة علي مستقبل النشر الورقي في الغرب في شكله الورقي التقليدي الحالي علي الأقل. كتبنا هذا التقرير بناء علي تقارير ومقالات عديدة في مطبوعات غربية مرموقة (إيكونوميست، جارديان، نيويورك تايمز، و"ديلي فاينانس دوت كوم")
انهيار مكتبة بارنز آند نوبل
أما الصدمة الأولي والأهم فكانت قرار مجلس إدارة شركة "بارنز آند نوبل" في 3 أغسطس 2010 (وهي الشركة التي تملك أكبر وأهم مكتبة في العالم بنفس الاسم) بضرورة "تقييم بدائل استراتيجية". ولكن ماذا يعني هذا القرار القصير "تقييم بدائل استراتيجية" الذي يتكون من ثلاث كلمات فقط؟ بحسب الإيكونوميست، وكما ورد أيضا في موقع الشركة علي النت بكل صراحة ووضوح، فإن هذا القرار يعني أن أهم وأشهر مكتبة تستعمل المباني لبيع الكتب الورقية في العالم أصبحت معروضة للبيع.
وذكر بيان للشركة علي موقعها في النت ان "مجلس الإدارة يعتزم تقييم البدائل الاستراتيجية، وذلك بهدف زيادة قيمة أسهمها في البورصة، والتي يري المجلس حاليا أنها أقل من قيمتها الحقيقية بكثير". وجاء هذا القرار من المجلس علي أساس هبوط سعر سهم بارنز أند نوبل بنسبة 32% خلال هذا العام فقط حيث نزل دون مستوي 12 دولاراً للسهم بعد ذروة بلغت 45 دولاراً قبل سنوات قليلة.
وبحسب بيان الشركة، سوف يشرف علي عملية تقييم البدائل الاستراتيجية هذه "لجنة خاصة" تتكون من أربعة مديرين مستقلين هم: جورج جونيور كامبل ، ووليام ديلار ، ومارغريت موناكو، وباتريشيا هيغنز ، والتي ستشغل منصب رئيس اللجنة الخاصة. وستقيم اللجنة الخاصة جميع البدائل لزيادة قيمة السهم وستوصي بمسار العمل المطلوب لمجلس إدارة الشركة بالكامل بهدف تحقيق أعلي قيمة للسهم. وقد اختارت اللجنة الخاصة مؤسسة "لازارد" لتكون بمثابة المستشار المالي ومؤسسة "موريس" لتكون بمثابة المستشار القانوني.
وجاء في بيان الشركة المنهارة: "بصفتها أكبر مكتبة في العالم، تمتلك "بارنز أند نوبل" علامة تجارية مميزة في تسويق الكتب ومزايا تنافسية فريدة من نوعها مما سيمكن الشركة من النجاح مع مرور الوقت في سوق سريعة التغير. لقد استنتج المجلس أن مراجعة البدائل الاستراتيجية هي الخطوة التالية المناسبة لتحقيق الاستفادة الكاملة من الفرص "الرقمية" المتاحة لنا وخلق فوائد ملموسة للمساهمين ، والعملاء ، والموظفين". وينبغي ملاحظة إشارة بيان الشركة ل"الفرص الرقمية" المتاحة (أي بعبارة أخري الكتاب الإلكتروني) حيث سيرد لاحقا دوره في هذه القضية الشائكة. تاريخ تاريخ موجز للمكتبة
تعتبر مكتبة "بارنز آند نوبل" أكبر وأشهر مكتبة لبيع الكتب في الولايات المتحدة وفي العالم. وحتي أكتوبر 2009، بلغ عدد فروعها في المدن الأمريكية 777 فرعا مدنيا في الولايات المتحدة بالإضافة إلي 640 فرعا جامعيا داخل الجامعات والكليات الأمريكية، ليكون المجموع الكلي لفروعها 1400 فرع تقريبا. تأسست عام 1873 عندما قام تشارلز بارنز بافتتاح "دار بارنز" للنشر في مدينة ويتون في ولاية إلينويز الأمريكية. وبعد هبوط أرباح "دار بارنز" للنشر وركود عملها، طلب تشارلز بارنز عام 1917 من ابنه ويليام المقيم في نيويورك افتتاح مكتبة في نيويورك ليواصلا العمل في نفس المهنة ولكن كبائعي كتب وليس كناشرين. وبالفعل، قام ويليام بالمشاركة مع صديقه جي كليفورد نوبل بتأسيس مكتبة في نيويورك باسم مكتبة "بارنز آند نوبل". وواصلت المكتبة عملها في مقرها الوحيد بنيويورك حتي أوشكت علي الإفلاس عام 1971 عندما اشتراها المستثمر الملياردير ليونارد ريغيو الذي أشرف علي تطويرها وتوسيعها لتصبح حاليا أكبر وأهم مكتبة في الولايات المتحدة والعالم، ثم حولها من ملكية خاصة إلي شركة مساهمة يرأس مجلس إدارتها السيد ريغيو بنفسه لشدة شغفه بالكتب. وفي عام 1974 وبفكرة من ريغيو، أصبحت "بارنز آند نوبل" أول مكتبة في العالم تعلن عن الكتب في التليفزيون. وبعد عام أصبحت أول مكتبة أمريكية تقدم تخفيضاً 40% علي الكتب التي في قائمة صحيفة نيويورك تايمز للبست سيلر، وكانت تلك فكرة وبدعة مبتكرة وغير مسبوقة حيث لم يكن تقديم خصم علي الكتب شيئا مألوفا في أمريكا. وفي عقدي السبعينات والثمانينات من القرن العشرين توسعت عملياتها بصورة ضخمة بحيث أصبح لها فروع في معظم المدن الأمريكية. كما كانت الرائدة في بيع الكتب بواسطة كاتالوغ وإرسال الكتب المطلوبة عبر البريد. وفي عام 1987، اشترت سلسلة مكتبات "دالتون" الضخمة التي تملك 797 فرعا معظمها داخل المولات التجارية لتصبح بذلك "بارنز أند نوبل" أكبر بائع للكتب في أمريكا وقضت بذلك علي مئات المكتبات الصغيرة حيث تسببت في إفلاسها. وفي عام 1997 تم إنشاء موقع مكتبة "بارنز أند نوبل دوت كوم" لبيع الكتب عبر النت الذي يحتوي حاليا علي أكثر من مليون عنوان في محاولة يائسة لمنافسة خصمها الشرس "أمازون دوت كوم" الذي يهيمن حاليا بقوة علي سوق بيع الكتب. وواصل ريغيو تطوير وتوسيع المكتبة ونجح في إقامة شراكات مثمرة ومبتكرة لترويج الكتب مع مؤسسات ناجحة مثل مقاهي "ستاربكس" الشهيرة. وهكذا أصبحت "بارنز آند نوبل" المكان المفضل لجلوس أثرياء الطبقة الوسطي والمثقفين ومدمني القراءة لرشف الكابتشينو، ومداعبة "لاب توب" مشبوك بالنت مجانا.
يوجد شخصان مهتمان بشراء بارنز آند نوبل حاليا. فمن جهة، هناك ليونارد ريغيو، رجل الأعمال المستثمر الذي اشتري مكتبة تقليدية قديمة وشبه مفلسة في نيويورك ثم حولها إلي عملاق عالمي لا منافس له لبيع الكتب. وفي رحلته تلك ابتدع عدة أفكار ناجحة لبيع الكتب زادت من شعبية المكتبة وإقبال الناس عليها.
وعلي الرغم من أنه لم يعد المسئول عن إدارة العمليات اليومية حيث تنازل طوعا عن رئاسة الشركة مكتفيا برئاسة مجلس إدارتها فقط. فإن السيد ريغيو لا يزال أكبر مساهم في شركة "بارنز آند نوبل" حيث يملك تقريبا 30% من الأسهم. وأعلن بعد قرار مجلس الإدارة السالف ذكره أنه سيقود علي الأرجح تكتلا لرجال أعمال يعشقون هذه المكتبة لتقديم عطاء لشراء وإنقاذ الشركة من الانهيار.
منافس المستر ريغيو الرئيس، وقد يكون هناك عدة منافسين، هو المستثمر الملياردير "رون بيركل" ، الذي يعشق تجارة التجزئة والذي يملك تقريبا 19% من أسهم "بارنز آند نوبل" والذي يخوض حرباً بالوكالة عن مجموعة من حملة الأسهم الساخطين علي إدارة ريغيو لمجلس إدارة شركة "بارنز آند نوبل" . والسيد بيركل شخصية لها نفوذ كبير حيث يعتبر صديقاً شخصياً حميماً لبيل كلينتون لدرجة تقديم طائرته الخاصة لخدمة صديقه الرئيس السابق مجانا. ورغم كون السيد بيركل يوصف بأنه لطيف وودود مع معارفه، إلا أنه عنيف جدا وشرس في شئون المال والأعمال حيث صار ينتقد علانية بشدة وعنف مجلس إدارة "بارنز آند نوبل" الحالي ويتهمه بأنه سبب انهيار أسهمها في البورصة لتركه منافسه "أمازون دوت كوم" يستولي علي سوق بيع الكتب بسهولة وبدون خطة مدروسة للمقاومة تقريبا. ويدعي بيركل أن عنده رغبة جارفة لإنقاذ "بارنز آند نوبل" لكي يحافظ علي تراثها كما نقل عنه. ومع ذلك ، وضعت "بارنز أند نوبل" في قرارها عبارة قانونية تمنع - بشكل غير مباشر - بيركل من الاستيلاء عليها وتعطي الأفضلية لريغيو. ولذلك تحدي السيد بيركل هذا القرار في المحكمة، وصدور الحكم بات وشيكا وسيكون لصالحه علي الأرجح. كما انه يحاول أيضا ترتيب انتخاب ثلاثة من مناصريه إلي مجلس إدارة "بارنز آند نوبل" في الاجتماع القادم للجمعية العمومية نيابة عن مجموعة من حملة الأسهم الساخطين ليطيح بالسيد ريغيو من رئاسة المجلس ويحل مكانه أحد مناصريه.
منافسة الامازون
وتعزو الإيكونوميست هبوط سعر سهم بارنز آند نوبل إلي المنافسة الشرسة من خصمها الرئيس مكتبة "أمازون دوت كوم". ولفهم هذه المنافسة بطريقة عملية بحثنا عن أرقام تمثل عمليات الشركتين في عام 2009 حسب المعلومات المنشورة. وستكون أرقام (بارنز آند نوبل) بين قوسين:
- مجمل الدخل:24.5 مليار دولار لأمازون (5.12 مليار دولار لبارنز أند نوبل).
- صافي الدخل: 908 ملايين دولار (76 مليون دولار).
- قيمة الأصول أو الموجودات: 14 مليار دولار (3 مليارات دولار)
- عدد الموظفين: 26,000 موظف (40,000 موظف)
وهكذا وباختصار، فإن عدد موظفي أمازون أقل ب 35% من موظفي "بارنز آند نوبل" ولكن مبيعاتها تبلغ خمسة أضعاف مبيعات "بارنز آند نوبل"، كما أن أرباح أمازون تبلغ تقريبا 12 ضعف أرباح "بارنز آند نوبل" !!! وتعتقد الإيكونوميست أن أحد أهم أسباب قرار بيع "بارنز أند نوبل" هو أنه سيكون من الأسهل عمل إعادة هيكلة شاملة وقاسية للشركة بهدف الدخول في رهان مستقبلي كبير علي تجارة الكتب الإلكترونية التي توجد إرهاصات حاليا تشير بقوة علي أنها ستهزم وتقضي علي الكتب الورقية في المستقبل القريب، في الغرب علي الأقل. فاستثمار قادم ضخم في نفس مسار الشركة الحالي لا يتسق مع هاجس قصير المدي لرفع قيمة السهم في البورصة.
وتشير إيكونوميست إلي أنه بالرغم من إطلاق "بارنز آند نوبل" العام الماضي جهازها الخاص لقراءة الكتب الإلكترونية "ذا نوك" The Nook لمنافسة جهاز "كيندل" الناجح الذي استحدثته "امازون دوت كوم" ومنافسة جهاز "سونيريدر" وأيضا لمنافسة جهاز "أبل آي باد" الجديد، فإن علي " بارنز آند نوبل" أن تكافح بقوة للاحتفاظ بموقعها فيما يبدو من المؤكد أنه سيكون سوق الكتاب الجديد في المستقبل.
وتؤكد إيكونوميست بأن صناعة النشر الورقية التقليدية تمر في "مرحلة انتقالية" بها تذبذب وتغير وتقلب نحو مستقبل مختلف ومثير تماما. وتؤكد المجلة بأن مكتبة "بارنز آند نوبل" تملك علامة تجارية محترمة وذات قبول عظيم، ولكن ذلك لا يشكل ضمانة للمواصلة والنجاة في مثل هذا الوضع الانتقالي المتقلب والمخيف لعالم النشر. وتضيف إيكونوميست بأن المكتبات التقليدية داخل مباني الطوب والاسمنت بدأت تصبح بشكل متسارع موضة قديمة علي وشك الانقراض باستثناء اعتبارها أماكن ترفيه لتناول القهوة بهدوء وربما عمل حفلة توقيع علي كتاب.
مهما كانت شخصية الذي سيمتلك "بارنز آند نوبل"، فإنه سيواجه مهمة صعبة للغاية: التكيف بشجاعة وبثمن باهظ مع عالم نشر جديد، أو إحالة "بارنز آند نوبل" إلي المتحف لتحفظ هناك كأثر تاريخي.
حجم المشكلة
وتساءلت صحيفة لوس أنجليس تايمز بحسرة: " إذا كانت بارنز آند نوبل في مشكلة وأسهمها تواصل الهبوط، فما حجم المشكلة بالضبط؟ وهل صارت حقا أكبر مكتبة تقليدية في العالم ذات مبني من طوب وأسمنت مهددة بالإفلاس؟ وهل يعني أنها ستغلق بعض فروعها قريبا؟ لا شك أن الكثير من أصحاب المكتبات الصغيرة سيفرحون لخبر انهيار "بارنز آند نوبل" التي احتكرت بيع الكتب بصورة مزعجة لهم، ولكنها فرحة ستكون لها عواقب وخيمة علي صناعة الكتاب الورقي الذي نعشقه جميعا!!"
كان انهيار مكتبة بارنز آند نوبل هو الصدمة العنيفة الأولي لعالم النشر الغربي. أما الصدمة العنيفة الثانية فكانت قيام وكالة "أندرو وايلي" الأدبية المرموقة في يوليو 2010 والتي تمثل أكثر من 700 من أبرز المؤلفين أو ورثة المؤلفين في العالم بإقامة "شراكة إلكترونية" حصرية مع " أمازون دوت كوم" للنشر الإلكتروني تحت مسمي "طبعة أوديسي" Odyssey Editions لبعض عملائها من الكتاب المرموقين أو ورثتهم "متخطية" بصورة متعمدة العرف المعمول به في عالم النشر وهو أن تصدر نسخة ورقية فاخرة (هارد كوفر) للأعمال الجديدة وتليها طبعة شعبية (بيبرباك) ثم يأتي في المرحلة الثالثة الكتاب الإلكتروني. ونتج عن تخطي مرحلة النشر الورقي عبر دور النشر التقليدية صدمة عنيفة ونوبة هلع لكبار الناشرين الغربيين بصورة - تقول الإيكونوميست- أنها أكثر رعبا من أحدث رواية لستيفن كينغ ملك روايات الرعب الأمريكي. وتم بالفعل تدشين وعرض أول 20 كتاباً إلكترونياً من "طبعة أوديسي" بينهما للبيع في نهاية يوليو 2010. وشملت "طبعة أوديسي" ما يعرف بالكلاسيكيات المعاصرة (مثل: "لوليتا" نابوكوف ، و"خوف وكراهية في لاس فيغاس" لهنتر ثومبسون، ورباعية أبدايك "رابيت") ومن المعروف أن وكالة أندرو وايلي الأدبية تعتبر من أهم الوكالات الأدبية في العالم وتحمل اسم مؤسسها الشاعر المغمور (ويقال الفاشل) أندرو وايلي الذي أسسها عام 1980 في نيويورك ثم افتتح فرعا مهما لها في لندن عام 1996. وتمثل الوكالة حاليا 700 مؤلف عالمي مرموق أو ورثتهم مثل: الكاتب الأمريكي الشهير الراحل جون أبدايك، والأمريكي فيليب روث، وورثة الروسي الراحل فلاديمير نابوكوف، وورثة الأديب الأرجنتيني الراحل خورخي لويس بورخيس، والهندي/البريطاني سلمان رشدي وانضم للقائمة مؤخرا علاء الأسواني. وقد اكتسب السيد أندرو وايلي شهرة كبيرة كوكيل أدبي عندما ساند معنويا الروائي سلمان رشدي بقوة بعد فتوي إهدار دمه.
أمازون كيندل هو جهاز صغير الحجم ونظام حاسوبي لقراءة الكتب الإلكترونية وغيرها من الوسائط الرقمية وأيضا لاستعمال النت. صدر الجهاز الأول في الولايات المتحدة في 19 نوفمبر 2007 وتلاه عدة إصدارات أكثر تطورا لقراءة الكتاب والمطبوعات الإلكترونية. ويتم تنزيل المحتوي الإلكتروني عبر شبكة لاسلكية خاصة تُدعي: "أمازون ويسبرنت" وهي مجانية أي بدون اشتراك. سعر الكتاب أو المحتوي الإلكتروني يعتمد علي حجم الملف (بايت) ولا يزيد - بحسب بعض التقارير - عن 10% من قيمة الكتاب الورقي الفاخر (هارد كوفر) وهنا تكمن المشكلة للكتاب الورقي. توفر هذه الأجهزة أيضا حرية الوصول إلي شبكة الإنترنت واستعمال الإيميل. يتراوح سعر الكيندل بين 300-400 دولار.
وفور الإعلان عن الشراكة بين وايلي وأمازن، صدرت بيانات شجب عنيفة من كبار الناشرين مثل "راندوم هاوس" الأمريكية و"ماكميلان" البريطانية. "راندوم هاوس" التي تأسست عام 1925 تعتبر أكبر ناشر في العالم للكتاب الورقي التقليدي. وبلغ مجمل دخلها في السنة المالية الماضية تقريبا 2 مليار يورو، وتمتلك أكثر من 60 دار نشر فرعية في أمريكا وبريطانيا واستراليا ونيوزيلاندا وآسيا. والمعروف أن "راندوم هاوس" تملك حقوق النشر الورقي للعديد من المؤلفين الذين تمثلهم وكالة وايلي وبعضهم صدرت بالفعل لهم "طبعة أوديسي" السالف ذكرها. وأرسلت راندوم هاوس رسالة إنذار واحتجاج غاضبة إلي أمازون تتحدي حقها القانوني في نشر وبيع تلك الأعمال التي قالت إنها لا تزال تحكمها تعاقدات حية (نشطة) للنشر الورقي مع راندوم هاوس. وأضافت راندوم هاوس مهددة لوكالة "أندرو وايلي": إن مجموعتها "لن تدخل في اتفاقيات نشر باللغة الإنجليزية علي مستوي العالم بأجمعه مع "وكالة أندرو وايلي" الأدبية حتي إيجاد حل مرض للوضع الحالي" وأشارت إلي أن قرار الوكالة بيع كتب إلكترونية حصريا لأمازون لعناوين لاتزال تحت تعاقدات سارية المفعول للنشر الورقي مع راندوم هاوس يقوض التزاماتها طويلة الأجل واستثماراتها مع مؤلفيها، وتجعل الوكالة منافساً مباشراً لها. وصرح المتحدث باسم راندوم هاوس بأن القرار يسري علي الكتب المستقبلية ولا يمس الصفقات التي تم توقيعها ولم تصدر بعد. واعترف المتحدث بوجود مخاطرة كبري لراندوم هاوس في ذلك القرار ولكنه جادل بأن المخاطرة ستكون أكبر علي الوكالة وزبائنها الذين قد يخسرون منفذا مربحا لنشر أعمالهم مثل راندوم هاوس. وأكد المتحدث بأن القرار لم يكن سهلا مطلقا ولكنه صدر بعد أن تم الإجماع عليه من الإدارة العليا للشركة الأم ورؤساء جميع الدور التابعة لها في امريكا وبريطانيا وكندا وغيرها من البلدان.
قرار شبه انتحاري
وأكدت الغارديان اللندنية ان قرار راندوم هاوس مقاطعة القائمة البارزة والمرموقة لعملاء وكالة وايلي بدا كأنه قرار "شبه انتحاري" لأن راندوم هاوس استشعرت خطورة الأمر وأخذت علي عاتقها حماية عملية النشر الورقية التقليدية نيابة عن جميع الناشرين التقليديين في العالم لأنها أكبر دار نشر ورقي في العالم. وأضافت الغارديان أن راندوم هاوس اضطرت لأخذ هذا القرار الصعب "فورا" بدون حتي الاجتماع مع "وكالة أندرو رايلي" أو "أمازون دوت كوم" نظرا لخطورة هذه السابقة في عالم النشر التي قد تقضي قريبا علي الكتاب الورقي وتحيله إلي المتحف.
ولمعرفة خطورة هذه القضية ينبغي أن نشير إلي أن "أمازون دوت كوم" تباهت مؤخرا وافتخرت في عدة بيانات صحفية بأنها صارت تبيع علي موقعها في النت كمية كتب إلكترونية أكثر كثيرا من الكتب الورقية المعتادة!! وأكدت بفخر أنها تخطت "مليون" كتاب إلكتروني لكاتب واحد هو السويدي الراحل ستيغ لارسون مؤلف الروايات البوليسية الشهير. وهذا رقم قياسي فلكي في النشر الإلكتروني.
وأضافت أمازون بفخر أرعب الناشرين أنها في النصف الأول من عام 2010 باعت 180 كتاباً إلكترونياً (يقرأ علي جهاز "كيندل") مقابل كل 100 كتاب ورقي تقليدي من الطبعة الفاخرة ذات الغلاف الصلب (هارد كوفر). كما باعت أيضا 180 كتاب كيندل مقابل كل 100 كتاب من الطبعة الشعبية ذات الغلاف اللين (بيبر باك).
وتشير الغارديان أن جوهر القضية القانوني هو حول من يملك حقوق النشر الرقمي (الإلكتروني) للعناوين الكلاسيكية القديمة أي التي سبق نشرها ورقيا. فالناشرون التقليديون يجادلون أن حقوق النشر الإلكترونية تعود لهم لكونهم يملكون حقوق النشر الورقية. ولكن يرد ويجادل كل من المؤلفين والوكالات الأدبية -بحق- بأنه إذا لم يكن هناك نص صريح في العقد علي هذا الأمر (أي كون الحقوق الرقيمة تعود للناشر الورقي)، فإن حقوق النشر الرقمي تبقي أو تصبح تلقائيا للمؤلف (وبالتالي للوكالات الأدبية لأنها هي الوسيط الذي ينوب عن المؤلفين في مراجعة وتسويق الكتب وتوقيع العقود في الغرب).
وهناك قضية أخري فرعية حول نسبة عوائد المؤلفين عن الكتب الإلكترونية. حتي الآن لم يعلق أي من المؤلفين الذين صدرت لهم "طبعة أوديسي" علي الجدل. ولكن السيدة سوزان شيفر الذي صدر لوالدها جون شيفر كتاب في "طبعة أوديسي" علقت قائلة: "لو كان أبي علي قيد الحياة، لتمزق وبكي من الألم لنهاية الكتاب الورقي، لقد كان يحب دار "كنوبف" ودار "راندوم هاوس" بجنون، ولكنني شخصيا بصورة عامة أؤيد كل رأي وجهد يزيد من عوائد المؤلفين".
وتضيف الغارديان أنه نتج عن هذه المشكلة جدل طريف بين بعض المؤلفين البعيدين عن "طبعة أوديسي" حيث انتهزوا الفرصة ليطالبوا بعوائد مستقبلية أكثر علي الكتب الإلكترونية حددها البعض بضعف العائد المعتاد علي الكتاب الورقي الذي يقدر ب 25% وذلك بزعمهم لأن الكتب الإلكترونية أقل تكلفة كثيرا في الإنتاج والتخزين والتوزيع من الكتب الورقية.
وصرح جون سارجنت رئيس "دار ماكميلان" البريطانية العريقة في فرع نيويورك للغارديان قائلا: " لقد فزعت من هذه الشراكة لطبعة أوديسي لأنها تقوي كثيرا اللاعب المنافس الرئيس (أي أمازون) وتخلق عدم توازن في سوق الكتاب". وأضاف: " إنها صفقة استثنائية سيئة للمؤلفين والناشرين وبائعي الكتب وكل من يؤمن بوجوب توفر الكتب للقراء علي أوسع نطاق. إنها صفقة تعطي أمازون أفضلية رغم أنها بالفعل هي التي تملك الحصة الأكبر في السوق حاليا".
الغارديان حولت الاتصال بالسيد أندرو وايلي للتعليق علي الاتهامات وليجيب علي التساؤلات ولكنه لم يجب، ولكنه أخبر نيويورك تايمز ببرود: إنه فوجئ بردود الفعل العنيفة من راندوم هاوس وماكميلان والتي لم يتوقعها، وأكد أنه لم يقرر كيفية الرد حتي الآن. وأضاف: "أنا مثلهم أعشق الكتب الورقية ولكنني بالفعل اشتريت جهاز كيندل أيضا واستعملته لمدة ساعة فقط ثم وضعته في الخزانة ولم أستعمله ثانية!!! سوف أفكر جيدا في تحذير "راندوم هاوس" لأنه خطير علينا وعلي عملائنا، وسوف نعمل بجد لحل هذه القضية بأسرع وقت.
كاتب ومترجم سعودي
من مدينة الخبر
حمد بن عبدالعزيز العيسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.