الفصل الخامس في التاكسي.. أنور السادات وجهاز لاسلكي أمريكي! روميل يستعد للهجوم في الصحراء الغربية وصل الجاسوسان "جون ابلر" أو حسين جعفر وزميله مونكاستر إلى القاهرة، عن طريق الصحراء مرورا بأسيوط. التقي "ابلر" في أول ليلة بالراقصة حكمت فهمى، وكان الاثنان قد التقيا من قبل في ملهى بفيينا، وصارح "ابلر" حكمت فهمى بحقيقة شخصيته ومهمة التجسس المكلف بها. وبدون تردد توافق حكمت فهمى على مساعدة الجاسوس الألمانى، فهى تكره الإنجليز منذ طفولتها وتتمنى أن يرحلوا عن مصر، وتسهل له استئجار عوامة على شاطىء النيل في الزمالك، بجوار عوامتها، وعوامة أخرى يسكنها ميجور بريطانى يعمل في مخابرات الحلفاء. وبسرعة يتعرف "ابلر" إلى جاره الميجور البريطانى، ثم يدعوه عدة مرات لتناول الويسكى معه في عوامته، ويخرج معه للعب الجولف في نوادى القاهرة!. ولم يكن الميجور البريطانى يخطر على باله أبدا أن هذا الشاب المصرى الوسيم حسين جعفر، هو نفسه الجاسوس الألمانى "ابلر" وأن رفيقه الأمريكى "مونكاستر" جاسوس أيضا وأن الاثنين من أخطر جواسيس روميل!.
في كل ليلة كان "ابلر" و"مونكاستر" يجلسان إلى جهاز اللاسلكى يحاولان الاتصال بزميليهما "آبيل" و"ويبر" والذي كانت مهمتهما استقبال رسائل إلى سوسين في الصحراء، دون أن يعرف أت البريطانيين قبضوا عليهما،وأنهما في سجن المخابرات البريطانية في القاهرة، والتي كانت تحاول عبثا انتزاع المعلومات منهما. وبدأ "ابلر" يشعر باليأس، وحاول تغيير الموجة التي كان يرسل عبرها اشاراته، لكنه أبدا لم يتلق أي رد، كان هناك صمت رهيب، وحاول "ابلر" الاتصال بقاعدة ألمانية في أثينا، لكن منظمة التجسس الألمانية "أبويهر" كانت قد علمت بخبر القبض على " آبيل" و"وبير" ولهذا فضلت عدم الرد على أشارات "ابلر" اللاسلكية إلى حين. واقتنع "ابلر" بأن جهاز اللاسلكى قد تعطل تماما، وأن صلته بقيادته الألمانية قد انقطعت! ودق باب العوامة، وفتح "ابلر" ليجد حكمت فهمى أمامه وهى تبتسم، فدعاها للدخول وجلس معها، يروى لها حكاية جهاز الإرسال الذي تعطل، والذي بدونه لن يفلح أبدا في إرسال معلوماته إلى ثعلب الصحراء روميل، واستمعت حكمت فهمى إلى "ابلر" في اهتمام، وبدأت تفكر في وسيلة لإنقاذ الموقف، والعثور على شخص موثوق به يصلح جهاز الإرسال للجاسوس الألمانى، ولم تكن هي المرة الأولى التي تعمل فيها حكمت لحساب الألمان، كانت قبل أن تلتقى "بابلر" تتصل بهم، عن طريق أحد موظفى السفارة السويدية في القاهرة. وكان البريطانيون يراقبون حكمت فهمى، وكانوا يحاولون معرفة تحركاتها واتصالاتها، لكنها كانت شخصية ذكية للغاية وغريبة للغاية، وكانت تحركاتها تربك البريطانيين الذين يراقبونها، فقد كانت تخرج من الكباريه، لتدخل أحد المساجد، وكانت تخرج من غرفة ضابط بريطانى، لتقابل ضابطا مصريا ثائرا أقسم أن يلقى بالإنجليز إلى البحر! وكانت شعلة من النشاط، والجمال والسحر! قالت حكمت "لابلر": ولا يهمك، سوف أبحث عن شخص يمكنه إصلاح جهاز اللاسلكى، شخص يكره الانجليز مثلى، ومثلكم ! كانت مصر في تلك الفترة من الأربعينات تعيش على صفيح ساخن ! وكانت تختلف في اتجاهاتها وميولها، لكنها كلها تتفق على محاربة الإنجليز وضرورة خروجهم من البلاد وتحقيق الاستقلال لمصر، وكانت هذه التنظيمات السرية تضم العديد من الشباب المصرى المثقف، وكان أحد هؤلاء الشباب يدعى عبد الغنى سعيد،وكان أحد أقارب عبد الغنى متزوجا من سيدة ذات أصل ألمانى. وذات يوم اتصل بهذه السيدة صديق نمساوى لها، يدعى "هوارد" وكان يعمل دبلوماسيا ألمانيا في السفارة الألمانية قبل الحرب، وبعد أن اندلعت الحرب العالمية الثانية، بقى مع عدد ضئيل من العاملين في السفارة. ليعمل في السفارة السويسرية لرعاية مصالح الألمان في القاهرة، وطلب الصديق النمساوى من السيدة الألمانية أن تساعده في البحث عن شخص يستطيع إصلاح جهاز معطل، ولجأت هذه السيدة إلى قريبها عبد الغنى سعيد تسأله، بصفته شابا مصريا وطنيا تعلم أنه يكره الإنجليز!.